يتضح مما تقدم أن الذين يحيون حياة المسيح هم الذين تنقوا بالمعمودية واشتركوا بحياة المسيح. كيف يحدث ذلك؟ انه لأمر يفوق العقل البشري. إنها قوة الحياة المستقبلة وتهيئة لها، كما يقول الرسول بولس (عبرانيين 6: 5)، وكما أننا لا نستطيع أن نفهم وظيفة العين إلا بالنور ولا أن نفهم من هم في اليقظة إلا إذا كنا كذلك من الصعب أن نعرف من هنا طبيعة وكمال القوى الجديدة المخصصة لمساعدتنا في الوصول إلى الحياة المستقبلة لأننا نفتقد إلى نقطة المقارنة وإلى النور الخاص.
لاشك أننا أعضاء المسيح، وهنا يقوم فعل المعمودية، ولكن جمال الأعضاء وتناسقها هما من فعل الرأس، فلو فصلت الأعضاء عن الرأس لخسرت كل رونقها. إن رأس هذه الأعضاء لا يقع في الوقت الحاضر تحت أبصارنا، وسنراه في الحياة المستقبلة، عندئذ سترسل الأعضاء أنواراً باتحادها مع المسيح. يقول الرسول بولس “لأنكم قد متم وحياتكم محتجبة مع المسيح في االله. فإذا ظهر المسيح الذي هو حياتكم. تظهرون أنتم أيضاً عندئذ معه في المجد” (كور 3: 3-4) ويقول القديس يوحنا “لم يحدد بعد من نحن ولكن عندما يظهر المسيح سنجد أنفسنا مشابهين له” (يوحنا 31: 2).
لهذه الأسباب لا يمكن في الوقت الحاضر أن نفهم طبيعة الحياة. حتى ولا القديسون يـستطيعون ذلـك وأكثرهم بعجزه، وأنهم يعرفون رمزياً كما في مرآة ولا يستطيعون أن يعبروا بالكلام حتى عن الشيء الذي يعرفونه. إنهم يدركونه شعورياً ويعرفونه بقلوبهم النقية ولكنهم لا يستطيعون أن يجـدوا التعبيـر الخاص لهذه الحالة من المعرفة الإلهية.هذه الحالة تدخل في نطاق العجيبة التي شـاهدها بـولس فـي الفردوس عندما اختطف إلى السماء الثالثة (2 كورنثوس :12 4) وما يمكن أن يعرف ويقال عن هـذه الحياة لتخليصه من الطبائع الجديدة للمعمدين، والأعمال الفريدة التـي قـاموا بهـا، ومـن الفـضائل الطبيعـة التي تقلبت على الشرائع البشرية، والتي لا يمكننـا أن ننـسبها لا إلـى العلـم، ولا إلـى المجهودات الشخصية، ولا إلى السلالة ولا إلى أي شيء بشري آخر. أن روحهـم جابهـت بحمـاس شروراً تفوق الخيال. الجسد لم يطفئ رغبته ولكنه تحمل كل العذابات التي إرادتها النفس ومع أن قوة ىالنفس والاحتمال الجسدي ليسا بدون حدود فلا الجسد ولا الروح يستطيعان أن يقاوما بعض الـشرور.
لكن هناك شروراً في الجسد تتمكن النفس من التغلب عليها بما فيها من نعم. وفي هذه الحالـة تحلـق النفس وينحل عزم الجسد. أما أرواح أولئك المغبطين وأجسادهم فلا يقف شيء في سـبيلها. ضـحوا بكل شيء، تحملوا كل العذابات التي لا يمكن للخيال أن يتصورها ويخترعها، تألموا حـاملين آلامهـم بصبر، أو بالأحرى أنهم ما تحملوا وما تـألموا بل احتقروا الحياة لا حباً بمكافأة عظيمـة مـن اجـل أكثر سعادة ولم تدفعهم الشجاعة لتحمل كل هذا عن رضى. لم يـدفعهم لا العقـل ولا الإدراك. أنهـم ليسوا كالمرضى الذين يقبلون الكي أو يسلمون أنفسهم لمبضع الجراح مضطرين، أنهـم وهـذا هـو الجديد في هذه الحياة، أحبوا الجراح وكانوا يحترقون من الألم ويتوقون إلى الموت بـدون أيـة نيـة مسبقة. كان البعض يطلبون العذابات والموت والبعض الآخر يتحملون تقطيع الأوصال وكلما صادفوا عذاباً ازدادوا حماساً والبعض يطلبون الحياة محرومين من نعمة العيش. كانوا يحنـون إلـى المـوت حنين الجائع للقمة العيش. كان الجسد يحن إلى ذلك وكان يقدم معونته مكافحاً ضد مقوماته الخاصـة.
لم تكن القضية قضية شخص أو شخصين أو عشرين من المسيحيين، لم يكن العمـل عمـل شـخص وأشخاص بلغوا من العمر مبلغاً، بل جموع من المؤمنين لا حد له ومن مختلف الأعمار. هـؤلاء هـم الشهداء الذين يشرفون بحثنا بصورة خاصة. أنهم يعلنـون إيمـانهم بالمـسيح بـدون خـوف أمـام مضطهديهم. لا فرق أن كانوا من صف المؤمنين قبل الاضطهادات أو من الذين قبلـوا هـذه الحيـاة أثناءها. هؤلاء كانوا يعترفون باسمه ويطلبون الموت بصوت واحد نساء ورجالاً وشباباً وشابات مـن كل الصفوف والطبقات والأوضاع الاجتماعية ويحنون رقابهم للجلاد من اجل الحصول علـى شـيء كانوا يبصرونه أمام أعينهم.
لقد قلت “في كل الأوضاع الاجتماعية” وتستحق هذه الأوضاع الشرح وليست من الأمور التي يجوز إهمالها. من يقف في وجه الصراعات ويتحمل العذابات لا يمكن أن يكون رجلاً عادياً يحيا حياة تافهة. ومن كانت حياته رخوة واعتادها لا يقارن بمن يحيا بعرق الجبين. لا يمكن لابن القصر أن ينظر إلى الجلجلة كما ينظر إليها الجندي. كلاهما ينظر نظرة مختلفة أما الشهداء فلا شيء يقلص اندفاعهم. لا شيء يمنعهم من الوصول جميعاً إلى قمة الحكمة لأن الفضيلة الواحدة قد خلقتهم وكونتهم فوصلوا جميعاً إلى أسمى درجات الفضيلة. لقد خبروا الحياة فأحبوا الخير الأسمى أكثر مما هو مطلوب من الطبيعة. لم يفكروا بوجودهم وكل ذلك من أجل المسيح. لقد تغير الكثير من الرجال المنحلين خلقياً، ممثلين وغيرهم، بقبولهم لكلام خلاصنا فخلقوا من جديد والتزموا المنال الكامل عن رضى وعملوا على تغيير أقنعتهم.
حدث أن دخل إلى هذه الجوقة من الشهداء عدد من الأتباع غير المعمدين. لم تتمكن الكنيسة من تغطيسهم في مياه المعمودية فأعطاهم ختن الكنيسة المعمودية بنفسه. نزلت غيمة من السماء على الكثيرين منهم أو تفجرت الأرض مياهاً ليتمكن هؤلاء من إقتبال المعمودية، ولكن أكثرهم ولد بصورة غير منظورة لأنه إذا كان بعض أعضاء الكنيسة كبولس أو غيره يضرعون للمسيح فالأولى أن يكون رأس الكنيسة الذي يستجيب لتضرعات الأعضاء أن يكمل ما ينقص الأعضاء. لنعد إلى الموضوع. مِن سِقط القول أن نعتبر هذه الفضيلة التي أقدم الشهداء عليها بمثل هذه الشجاعة وركضوا بمثل هذه السرعة وانتهوا إلى مثل هذه النهاية الحسنة التي حملوها على عاتقهم بحماس، فضيلة نابعة من فوق. هذه الأفعال كلها من نتاج النعمة. كيف تستطيع المعمودية أن تنتج هذه الأفعال؟ كيف تجعل المعمودية البشر أهلاً لأعمال بطولية؟ من الواضح أن الذين قدموا مثل هذا المشهد الذي لا مثيل له هم الذين جرحوا بمحبة المسيح وتعذبت قلوبهم بالجهادات والتضحيات الحبية. ما هو مبدأ هذه المحبة وسببها؟ تحت أي تأثير صاروا جديرين بمثل هذا الحب؟ من نقل إليهم هذه الشعلة؟ هذا ما سنحاول شرحه.
المعرفة تولد الحب وهذا يولد تلك. لا يمكن أن ننقاد إلى محبة شيء قبل أن نعرفه ونعرف جماله. وبما أن هذه المعرفة تكون أحياناً كاملة وأحياناً ناقصة كذلك المحبة. وعندما نعرف معرفة تامة ما هو الجميل والصالح فأننا نحب هذا الشيء على قدر ما يستحق من معرفتنا. معرفة ناقصة تعني محبة ناقصة.
أن المعمودية تحمل إلى المستنيرين نوعاً من الإدراك لذلك أدرك المستنيرون االله بوضوح، رأوا جماله وإشعاعاته وانذهلوا به وذاقوه. أنهم عملياً اكتسبوا معرفة لا تحققها المعرفة العلمية.
هناك سبيلان للمعرفة، المعرفة بواسطة المعلم والمعرفة عن طريق الاختيار الذاتي. إن تعليم الآخرين لا يدنينا من الفوضى مهما قُدمت الأمثلة. بهذه الطريقة نتخيل الشيء ونتمثل به ولكنّا لا نلمسه بذاته ولا يمكن أن نجد بين الأشياء أمثلة كفيلة بجعل غرض إيماننا ملموساً مهما استعملنا من الأمثلة ومهما حاولنا، أما المعرفة بالخبرة الشخصية فإنها تقود إلى ما نريد فوراً وهكذا وفي مثل هذه الحالة ينطبع الغرض في النفس التواقة إليه ويوقظ انعكاسه الشوق المتبادل.
في الطريقة الأولى للمعرفة يتسلل شكل الشيء إلينا ولا نحوز من جراء ذلك إلا على فكرة مبهمة باهتة، ورغبتنا في هذا الشيء تقاس بالنسبة لما نملكه من معرفة عنه، ومحبتنا تكون على مستوى معرفتنا فإذا كانت ناقصة وكلما اكتملت المعرفة اكتملت المحبة مع العلم أن للأشياء تأثيرها على المعرفة وبالنتيجة على المحبة. فإذا كانت محبتنا ليسوع المسيح لا تثير فينا أية مبادرة جديدة وفائقة الطبيعة فإنها برهان على معرفتنا له بالواسطة. أمن الممكن أن نعرف من لا شبيه له بالواسطة، وليس في الكون ما يشبهه أو ما يمكنه أن يكون مثالاً له، وهو الذي لا شبه له في كل الكائنات؟ كيف نعرف جماله لنحبه محبة تتفق مع جماله؟
أولئك الذين شعروا نحوه بمحبة تفوق كل خيال، تفوق قوى الطبيعة، وأخذوا على عاتقهم تحقيق أفعال تفوق حد التصور، هؤلاء قد جرحهم الختن الإلهي شـخصياً. أراهم بشخـصه انعكـاس جمالـه. إن عمق الجرح وطوله يشهدان عن مضاء السهم، وحرارة الشوق تدل على موحيها.
أن سمو العهد الجديد على العهد العتيق يقوم على هذا الأساس. كان العهد العتيق مدرسة لتعليم البشر أما العهد الجديد فالمسيح هو الحاضر، المسيح هو الذي يهيئ النفوس ويشكلها بطريقة فائقة الوصف وذلك لأن البشر كانوا عاجزين عن الوصول إلى الهدف المنشود عن طريق التعليم والتثقيف. لو كانت المواعظ تكفي لما احتجنا إلى أعمال فائقة الطبيعة ولا إلى إله متجسد، مصلوب، ميت.
هذه الحقيقة تشع منذ بدء المسيحية عند آبائنا في الإيمان وفي أشخاص الرسل. لم يبرهن الرسل عن شيء خارق بالرغم من امتلاكهم لتعليم المخلص، بالرغم من سماعهم له بالذات، بالرغم من رؤيتهم للحوادث بأم أعينهم، بالرغم من كل الخيرات التي سكبها، بالرغم من آلامه وموته وقيامته وصعوده.
لم يبرهن الرسل عن شيء خارق فائق الطبيعة، شيء يسمو على الأعمال التي كانوا يفعلونها إلا بعد أن اعتمدوا، عندما قبلوا المعمودية، عندما انسكب الروح القدس في نفوسهم وصاروا رجالاً جديرين، تحركهم حياة جديدة، خلقوا داخلياً فأشعلوا شعلة المسيح في نفوسهم وفي الآخرين ومع أنهم كانوا بالقرب من الشمس، اشتركوا في حياته وكلامه فأنهم يفتقرون إلى الأشعة لأنهم لم يتعمدوا. وكمل االله القديسين بالطريقة نفسها فعرفوه وأحبوه واضطرموا لا بالكلام البسيط بل بفضيلة المعمودية وتكونوا وأخدوا هيئة المحبوب” الذي يقتلع قلباً من الحجارة ليعوض بقلب من لحم” (مزمور 11: 19)، والذي حفر” لا على ألواح حجرية بل على ألواح من لحم” (حزقيال 11: 19) ولا يحفر شريعته عليها فقط بل الواضع للشريعة ذاته. وقد أكّد هذه الحقائق عدد كبير من القديسين الذين لم يتمكنوا من معرفة الحق بالكلام ولا فهموه عن طريق العجائب ولا عن طريق قوة من أعلن عنه، بل صاروا قديسين كاملين بالمعمودية. فالمغبوط بورفيريوس الشاهد لكل البشارات والانتصارات والعجائب والمرسلين من أجل الإنجيل ولعصر كان فيه ناموس المسيح مسيطراً وصوت الرسل مسموعاً في أرجاء المسكونة حيث رفعت رايات الشهداء الذين قدموا حياتهم من أجل المسيح، يتابع بإصرار طريق ضلاله ويضع الكذب فوق الحقيقة ولكنه عندما اعتمد، ولم يعتمد عن إيمان بل هزءاً وسخرية ليضحك المتفرجين، تحول داخلياً. كانت مهنة بورفيريوس التهريج وقد تجسر وهو على المسرح أن يقلد العماد وعندما غطس في الماء واستدعى الثالوث القدوس آثار ضحك المتفرجين. أما ما حدث داخل بورفيريوس فلم يكن مشهداً من مشاهد المسرحية بل مشهداً من مشاهد الإيمان الخلاق. كان ولادة جديدة، السر بذاته، اكتسب المهرج روح شهيد، جسداً لا يرتجف كأنه خصص من قبل للفضيلة والجهاد. اكتسب لساناً لا يثير الضحك بل ثورة عاتية. انقلبت حياة المهرج وصار مطيعاً ومتفانياً كم أجل المسيح. مات وسط عذابات كثيرة والفرح يغمره. لم يخن المحبوب بكلمة واحدة تفلت من اللسان.
عرف القديس جلاسيوس المسيح فأحبه في الظروف نفسها. يظهر أنه تقدم إليه خصم فسمل عينيه وعندما رأى المضطهد وبهاءه أصيب بانجذاب نحو هذا الجمال الخارق فغير مشاعره وعدوانه وأفسح المجال للمحبة المسيحية. هذه المحبة تملك كل صفات العدوى لأن الذين يتخذون بالمسيح يحملون فعلياً إلى ما وراء حدود الطبيعـة “كثيـرون سيحملهم عجب رؤيتك” (اشعيا 32: 14).
أن ارداليون الشجاع تعمد النيل من المعمودية فبدلاً من أن يقدم فصلاً هزيلاً جعل مراسم العماد فصلاً أثار فيه هزء المتفرجين. كان أرداليون مهرجاًَ وقد مثّل معمودية فعلية وتحمل الآلام التي تحملها المخلص. واعتمد فعلياً ومثل شهادة الشهداء وقد علق بالفعل على خشبة بواسطة ممثلين. وبعد أن أنهى دوره الفعلي اعترف بإيمانه بالمسيح وشعر بالجراح وتحول فوراً، وصارت نفسه في وحدة مع كلامه وعواطفه في تناسق مع أعماله. لقد صار ما يجب أن يكونه، صار مسيحياً، هذه هي نتائج الجراح الصناعية واللسان المستعار. لقد انتهى بمحبة المسيح لأنه قال أنه يحب المسيح. حلّ الحب محلّ النار ودخل من الفم إلى القلب. الخير حسب المألوف يغمر القلب بغزارة ومن خير القلب يفيض اللسان لقد حدث مع ارداليون العكس انسكب الشلال من لسانه ففاض قلبه بالحب.
يا لقوة المسيح التي لا توصف. لقد احتل المسيح ارداليون. احتله بدون أن يحسن إليه، بدون أن يلوح بالإكليل، بدون أن يجذبه بمغريات الآمال العذاب. استولى عليه والصقه به منذ اللحظة التي رآه فيها شبيهاً له في الجراحات والعذابات. لقد جعله يقبل بحقائق كانت تثير فيه الحقد والكراهية. اقتلعه من عاداته المزمنة وأعاده إلى مشاعره فصار أفضل أتباعه بعد أن كان أكثر الناس انحرافاً وانحلالاً. (أهناك ما هو أحقر من مهرج؟ أهناك ما هو احكم من شهيد؟) وأي علاقة بين الاثنين؟
ما هو المنطق الطبيعي حتى تولد الجراحات والعذابات المحبة؟ كيف تحول الوثني إلى رجل مسيحي عن طريق مسلك يبعد ولا يقرب إلى المسيحية لوعورة مسلكها. أيمكن أن توحي المسيحية عذابات قاسية، أيمكن أن ترد عدواً ومضطهداً يكره المسيحية كرهاً شديداً وتجعله صديقاً وتلميذاً؟
من الواضح أن الكلام لم يكن له أي تأثير. كان كل ذلك من فعل المعمودية. لاشك أن ارداليون كان قد سمع بإعلان البشارة الخلاصية وكان شاهداً للعجائب لأن عدداً كبيراً من الشهداء كانوا قد استشهدوا من اجل إيمانهم وكان ارداليون قد عرف ذلك. استمر ارداليون في غوايته وبقي عدواً للنور حتى اعتمد، أي حتى قبوله لجراحات المسيح وجهره بالإيمان الحقيقي. هذا هو من فعل المعمودية، والمعمودية هي التشبه بالمسيح والشهادة له أمام بيلاطس والثبات في وجه الصليب والموت. ومن هذه الناحية نستطيع أن نتشبه بالمسيح عن طريق هذه الصور والأسرار وإعلان إيماننا به ساعة الخطر.كثيرون هم الذين فتشوا خلال العصور عن الدواء للشرور البشرية ولكن موت المسيح وحده رد لنا الحياة والصحة، لذلك إذا أردنا أن نولد هذه الولادة الجديدة وأن نعيش من هذه الحياة المغبطة ونتهيأ لاستعادة الصحة فما علينا إلا أن نتناول هذا الدواء المقدم لنا من المسيح، وعلى قدر ما يستطيع الإنسان أن يقدم شهادة عن إيمانه ويقبل الآلام ويذوق الموت. هذه فضيلة الشريعة الجديدة وهكذا يولد الإنسان كاملاً ويصل إلى الحكمة الخارقة. هكذا يولد المسيحي وينهمك بالأعمال الكاملة ويبقى ثابتاً في إيمانه مخلصاً له راضياً به ينظم عادته لا بقوة الإقناع ولا بلجام الناموس ولكن بقوة االله ناقلاً بإيمانه وفضيلته صورته الإلهية “لأن الملكوت يكافيء الأعمال لا الكلام” (1كورنثوس 4: 20)”وعقيدة الصلب للمختارين قوة إلهية” (1كورنثوس 1: 18).