من أراد متحداً بالمسيح عليه أن يهتم اهتماماً صادقاً بنفسه، أن ينجذب بالمسيح وليس بالأشياء العالمية. عندما سمع الرسول بطرس دعوة المخلّص لم يهتم بالأمور الدنيوية. وكل مسيحي وان لم تكن له دعوة بطرس الخاصة، مدعو بالنعمة المستمرة التي تعطي للنفس بواسطة الأسرار ليحيا بالمسيح. يتكلم الرسول بولس عن هذه الدعوة قائلاً: “أرسل االله روح ابنه إلى قلوبكم صارخاً يا أبا الآب” (غلاطية 4: 6). يجب أن نعتبر كل الأشياء الأخرى في المرتبة الدنيا لنتمكن من أن نتبع المسيح. “ليس من المستحب أن نهمل كلام االله لنخدم الموائد” (أعمال 6: 2) لأنه ما قيمة الخيرات المادية الضرورية بالنسبة لخدمة االله؟ ثم أن من يخدم االله بصدق سيجد الخيرات المادية الضرورية، لان االله هو النبع والقائد لكل خير. “اطلبوا ملكوت االله وبره وكل شيء يزاد لكم” (متى 6: 33). إن االله الذي لا يكذب قد أعطانا هذا الوعد.
يتكلم المخلّص كثيراً بقصد حمايتنا من الاهتمامات الدنيوية ويقول بأنه لن يتركنا بل سيهتم بنا وبحياتنا. انه يشدد على هذه الحقيقة لأننا مشرفون على خسارة الأمور السامية لسبب اهتمامنا الدنيوي.
إذا كان الاهتمام الدنيوي خطراً فما قولك بالاهتمام المرفوق بالعذاب؟ إن هذه الحالة من النزاع الحياتي تقود الإنسان إلى منحدر الضلال. من ترك نفسه ليكون أُلعوبة بيد القدر والأهواء الحياتية يعاني دواراً وانهياراً نفسياً وتضعضعاً ولا يتردد عن فعل كل ما هو قبيح وخاطىء ويتوقف كل نشاط وإمكانية وعمل، ويصبح عبداً تحت أقدام الأهواء، وعندما توجد النفس في مثل هذه الحالة المحزنة تملؤها جراح الخطيئة فتنقاد إلى الموت الروحي، إلى الابتعاد الكلي عن االله. إلى أين يستطيع الحزن أن يقود الذي يغذيه الاهتمام بالأمور الدنيوية. “إن حزن هذا العالم يعمل من أجل الموت” (2كورنثوس 7: 10) فمن أراد أن يحيا الحياة الروحية عليه ألاّ يطرد الحزن فقط بل كل اهتمام وقلق، هذا العدو اللدود للحياة المسيحية. فعلى من يريد أن يحيا الحياة في المسيح أن يحصن نفسه ضد كل الاهتمامات الكافرة.