من المعروف أن الليتورجيا أعظم شيء في الأرثوذكسية . كنيستنا كنيسة ليتورجية بالدرجة الأولى والمؤمنون يتعلقون بالليتورجيا بالدرجة الأولى.
ولكن هذا الكنز يبقى بين أيدينا مجهولاً. الكثيرون “يحبون” الليتورجيا ولكنهم لا يعرفون ما هي بالضبط . ليست الليتورجيا ميولاً عاطفية ذاتية بل حقيقة موضوعية . يجب أن لا ننظر إليها بمنظارنا الشخصي بل أن ندركها كما هي وندخل إليها كما هي.
فما هي حقيقة الليتورجيا، حقيقة اجتماعنا في الكنيسة أيام الآحاد والأعياد؟ هي باختصار أننا:
أ- نجتمع لنؤلف الكنيسة، لنؤلف جسد المسيح (يوحنا ١١:٥٢ ). ليست الكنيسة شيئاً خيالياً: الكنيسة المنظورة هي نحن، هي جماعة المؤمنين . كان المؤمنون في زمن الاضطهادات يعرّضون حياتهم للخطر ويجتمعون في الكهوف والمغاور ليؤلفوا الكنيسة … المؤمن لا يحضر إلى الكنيسة للصلاة الفردية بل للاندماج مع الجماعة، لتأليف الجماعة، ليكون عضواً في الجسد . وحضوره إنما هو العمل الليتورجي الأول . وعدم حضوره هو بمثابة انفصال عن الجسد.
ب- نجتمع لنعلن “حقيقة المسيح : أن ابن الله تجسد وتألم وقبر وقام من بين الأموات : فعبادتنا هي بالضبط إعلان هذه الحقيقة . نحن نجتمع في الكنيسة لنعترف ونجاهر بهذه الحقيقة “إيمانياً”. طقسنا الأرثوذكسي كله حقائق إيمانية ولاهوتية : ليس اللاهوت للعلماء فقط بل لجميع المؤمنين . كان الموعوظون قديماً يستعدون للمعمودية (أي لاعتناق الإيمان ) بدراسة الخدم الليتورجية . ثم بعد عمادهم كان حضورهم الخدم كتجديد دائم لاعترافهم وإيمانهم..
ج – نجتمع لندخل عالم الله : لنخرج من ا لزمان الفاسد زمان السقوط والخطيئة، وندخل الزمان المقدس، المفتدى، الزمان المنفتح على الأبدية.
الليتورجيا تدخل الأبدية في الزمان دون إلغائه . المسيح بتجسده لم يلغ الزمان . إنما فتحه فقط بعد إن كان مغلقاً. يسوع خضع للزمان في حياته على الأرض صار زمنياً لنصير نحن أبديين . وليس تذكر حياة المسيح في الليتورجيا مجرد ذكريات بل استحضار حياة المسيح الحاضرة أبدً ا. هو اشتراك في العالم الإلهي بواسطة المسيح الإله بواسطة كلامه وجسده ودم الكريمين وكل تدبير الفداء.
الليتورجيا هي السماء على الأرض حقاً
عن نشرة مطرانية اللاذقية
الأحد 27-6-204