عدد رعايا هذه بطريركية القدس قليل لا يتجاوز المئة والخمسين ألفاً. الكنيسة الأورشليمية هي أم الكنائس لأن منها انطلق الرسل القديسون إلى كل الأمم وبشروا المسكونة، مرقص (16: 15).
المدينة المقدسة والتي هي مسكن الله حسب القائل من داوود النبي فيها قام المجمع الرسولي سنة 52م، وفي عام 70 دمرها تيتوس ابن الامبراطور الروماني وأخرج منها المسيحيين واليهود وانتقلت الكنيسة إلى مدينة بيلا في شرقي الأردن إلى سنة 135م. وعلى أنقاضها بنى الإمبراطور اندريانوس مدينة اسماها إيلياكابيتولينا حسب إفسيفيوس (تاريخ الكنيسة 3،5، 2-3)
وبعد حين عادت الكنيسة من بيلا إلى إيلياكابيتولينا (أورشليم). وفي عام 190 في عهد القديس تاركيثوس انتهت المشكلة حول تحديد تاريخ عيد الفصح بمجمع محلي. وفي عهد القديس الأسقف أليكساندروس الذي استشهد عام 250م تأسست المدرسة اللاهوتية والمكتبة.
ودخلت الكنيسة في أورشليم في فترة ازدهار في عهد القديسان معادلي الرسل قسطنطين وهيلانة.
وفي عام 326م تم تأسيس أول الكنائس على الأماكن المقدسة بعد أن وجد الصليب الكريم في عهد القديس مكاريوس. ومن عوامل ازدهار الكنيسة في أورشليم في القرن الرابع مجيء الحجاج بأعداد كبيرة إليها.
من أبرز الأشخاص الذين زاروها في ذلك الوقت وكتبوا مذكراتهم إثيريا التي أعطتنا معلومات عن الحياة الليتورجية في العهد المقدس والقديس يرونوس و روفينوس اللذان عاشا فترة في مغارة بيت الميلاد وأولهما قام بترجمة الكتاب المقدس باللغة اللاتينية. وحصلت الكنيسة على معلومات هامة من خلال كتب مذكرات الحجاج حول ترتيب الصلوات (تيبيكون) والتعليم الديني (الكاتيشيزس) للقديس كيرللس ومن العناصر المهمة لازدهار الكنيسة الأورشليمية ظاهرة الحياة الرهبانية التي انتشرت من مصر إلى فلسطين والمتعلقة بالحياة الليتورجية.
ومن عهد تلاميذ القديس أنطونيوس إلياريون والبار خريتون الذين أسسوا دير الفران القريب من أورشليم وبنوا أديرة على جبل الزيتون والمدينة المقدسة وبيت لحم وفي برية الأردن كما يخبرنا القديس كيرللس الأورشليمي وأثيريا ومجموعة من الرهبان تخصصوا لخدمة القداديس في المقامات الجديدة وأطلق عليهم اسم مجموعة المهمين من المهمة التي أوكلت إليهم ولا يزالوا حتى الآن في أخوية حراس القبر المقدس. وفي المجمع المسكوني الرابع في عهد القديس يوفيناليوس أرتقت الكنيسة في أورشليم إلى بطريركية وضمت 60 أبرشية. وأخذ بطريرك أورشليم الدور الخامس بين الكنائس. وكان للكنيسة الأورشليمية دور الطليعة في الجهاد ضد الهراطقة بدعوة المجامع المحلية في أوقات متعددة لحفظ وحدة الكنيسة. وقد اشتركت العديد من الشخصيات بارزة في هذا الجهاد المقدس من الرهبان الناسكين في فلسطين ومنهم القديس أفثينيوس ومارتيريوس وسابا المتقدس وثيودوسيوس وغيرهم كثيرون. وقامت الأمبراطورية الرومية الشرقية (البيزنطينية) لحماية ومساعدة الأماكن المقدسة ومساعدة المسيحيين حتى القرن السابع ومنهم الأمبراطور يوستنيانوس حيث بنى كنيسة دخول السيدة بجانب هيكل سليمان المدمر سنة 543م، وبناء دير سينا وترميم الكثير من مقامات الأراضي المقدسة. والإمبراطور إيراكليوس استمر بنفس النهج بتأثره ضد الفرس الذين احتلوا القدس سنة 614م، وحرر المدينة المقدسة وأعاد الصليب الكريم والبطريرك زكريا في عام 629م، ورمم مع البطريرك موديثتوس المقامات التي دمرها الفرس.
وفي عام 637م سلم بطريرك المدينة المقدسة القديس سيفردنيوس مفاتيح المدينة المقدسة للخليفة عمر بن الخطاب مقابل الامتيازات المذكورة في الوثيقة العمرية على جبل الزيتون.
في فترة الحكم الإسلامي توقف ازدهار الكنيسة باستثناء عهد الخلفاء الأمويين والعباسيين وتعرض خلال هذه الفترة المسيحيين للضغط الشديد لتغيير دينهم وفرضت عليهم اللغة العربية التي أدت إلى ترجمة جميع الكتب الدينية للغة العربية وفي عهد عمر الثاني من (711 – 720) تعرضت الكنيسة للاضطهاد وفي عهد الخليفة حكيم (996 – 1020) أحرقت كنيسة القيامة بالنار مما أدى إلى تدميرها واستشهد البطريرك يوحنا الثاني سنة 966م. وبرغم كل هذه الصعوبات قامت أم الكنائس بالدفاع عن الأيقونات ضد المخربين وقام الآباء الروحيون بالدفاع عن الأيقونات بتأليف كتب ضد التعليم الهرطوقي المضاد للأيقونات كما هو القديس يوحنا الدمشقي و أخيه بالتبني كوزماس ومعلمهما كوزماس وميخائيل سنجيلوس والأخوان ثيودروس وثوفانس المكتوبَين.
البطريرك الحالي:
- ولد عام 1952 في جنوب اليونان في منطقة ميسينيا.
- وصل إلى القدس عام 1964 والتحق بالمدرسة البطريركية الأكليريكية بالقدس حيث أنهى دراسته فيها عام 1970.
- في 28/6/1970 رسم راهباً من غبطة البطريرك بنيدكتوس وفي 1/7/1970 ، رُسِم شماساً من نيافة المطران باسيليوس، ودخل في أخوية القبر المقدس. وكان البطريرك بنديكتوس هو الأب الروحي له.
في عام 1975 رُسِم كاهناً من قبل المطران ذيوذوروس (البطريرك السابق). - في عام 1975 وبقرار من المجمع المقدس (السينودوس). درس اللاهوت في جامعة أثينا وحاز إجازة اللاهوت بامتياز.
- عام 1978 أُعطِي لقب أرشمندريت، وبعد إنهائه الدراسة الأكاديمية في أثينا عُيّن كاتباً في مكتب السكرتير العام في البطريركية في القدس.
- عُيّن عضواً في لجنة تحرير مجلة البطريركية اللاهوتية “صهيون الجديدة” كما عُيّن أستاذاً في مدرسة البطريركية الأكليريكية الثانوية. ومن ثم مفتشاً عاماً للمدرسة.
- عام 1981 سافر الى العاصمة البريطانية لندن لمتابعة دراساته العليا، ودرس في جامعة دارهام موضوع “لاهوت الآباء”. ثم حصل على شهادة الماجيستير وكانت عن حياة الآباء “القديس كيرللس الاسكندري” و”القديس أغسطينوس”.
- عُيّن سكرتيراً في المحكمة الكنسية.
- عام 1986 عُيّن أمين سر المجمع المقدس، ومسؤولاً عن العلاقات الخارجية، ومدير مكتب الإعلام للبطريركية وعضواً في لجنة المدارس البطريركية.
- عام 1988 مثّل البطريركية في المكتب المركزي لمجلس الكنائس العالمي.
- مثّل البطريركية في كثير من المؤتمرات بين الكنائس في الأمور الروحية، وكذلك مثّل البطريركية في مؤتمرات غير دينية كثيرة.
- عام 1991 عُيّن رئيساً روحياً لكنيسة الروم الأرثوذكس في كفركنا حتى عام 1996. وأسس فيها جمعية نور المسيح.
- بعد 1996 أصبح أول وكيل في دولة قطر وممثل البطريركية، لتنظيم الطائفة ولوضع حجر الأساس لبناء كنيسة جديدة في الدوحة.
- عام 2001 عُيّن ممثلاً للبطريركية في موسكو حتى عام 2003.
- عام 2003 أُرسِل إلى دولة قطر للعمل من جديد لبناء الكنيسة، لا بل حصل على إقامة قانونية بموافقة دولة قطر.
- اشترك مع الوفد المرافق في القمة الإسلامية السابعة في الدوحة.
- عام 2004 عُيّن رئيساً لكنيسة القيامة.
- في 14/2/2005 شرقي 27/2 غربي، في أحد الابن الشاطر إنتخب رئيساً لأساقفة طابور، وتمت رسامته في كنيسة القيامة باحتفال مهيب.
- في يوم الاثنين 22/8/2005 تم انتخاب رئيس أساقفة جبل طابور وبإجماع أعضاء المجمع المقدس وأصبح البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلس الثالث. بطريرك المدينة المقدسة أورشليم. ومن الجدير بالذكر أن البطريرك الجديد هو رئيس جمعية نور المسيح التي رعاها بكل ما أوتي من فكر ليجسد تعاليم الآباء أمثال القديس يوحنا الذهبي الفم وباسيليوس الكبير وأثناسيوس وكيرللس ويوحنا الدمشقي وسائر الآباء، ومن خلال نقل تعاليم وحياة الآباء في نشرات وكتب جمعية نور المسيح. يقود أبناء الكنيسة الأرثوذكسية إلى معرفة التراث والانتماء التابع لهم.
كنيسة سيناء:
هي مثار الانتباه في العالم الأرثوذكسي، إذ هي مكونة من دير واحد هو دير القديسة كاترينا الواقع على سفح جبل موسى. ينتخب الرهبان رئيسهم ويرسمه البطريرك الأورشليمي أسقفاً عليهم. ومن المحزن أن نلاحظ أنه لا يوجد في الدير الآن سوى أقل من عشرين راهباً (عام 1960) وتقول الموسوعة العربية أنهم 100 راهب حالياً.
وفي عام 1996 تم في لندن تدشين مؤسسة القديسة كاترينا للحفاظ على دير القديسة كاترينا في سيناء والأيقونات والمخطوطات التي جُمعت فيه منذ تأسيسه اي منذ 1500 سنة. وتُعتبر مجموعة الكتب والمخطوطات في سيناء, الثانية في العالم من حيث الأهمية والكمية بعد مجموعة الفاتيكان. أما الأيقونات فيعود بعضها الى القرن السابع اي الى ما قبل حرب الأيقونات. حضر التدشين الامير شارلز الذي يرعى المؤسسة, ورئيس أساقفة كنتربري جورج كاري, والمطران دميانوس رئيس أساقفة سيناء ورئس الدير. تسعى المؤسسة لتوعية الرأي العام العالمي لضرورة الحفاظ على هذا التراث القيم, كما تسعى لجمع المال لترميم مباني الدير ومساعدة الرهبان العشرين المقيمين فيه. وقد اتصلت المؤسسة باحد اشهر معاهد الفنون في بريطانيا من اجل وضع برنامج المحافظة على الكتب والمخطوطات والايقونات آخذين بالاعتبار المناخ الصحراوي للمنطقة.
وفي عام 1997 أعلن المجمع المقدس الأورشليميّ تقديس 62 من الرهبان والشهداء من سيناء، بناء على اقتراح داميانوس رئيس أساقفة سيناء ورئيس دير القديسة كاترينا بعد دراسة موثّقة للمصادر المكتوبة عن سِيَر هؤلاء القديسين وموافقة رهبان الدير عليه. وتحدد عيدهم في اسبوع الفصح مع كل قديسي سيناء. وقد أسس الدير الأمبراطور يوستنيان في القرن السادس، واستمرت فيه الحياة الرهبانية منذ ذلك التاريخ. وتنسَّك فيه بعض الاخوة من الكرسي الانطاكي.