درجت العادة في كنيستنا أن تأتي الأم مع طفلها بعد مرور أربعين يوما على ولادته، ليدخل معها الى الكنيسة التي رتبت خدمة لقبولهما معاً في الاحتفال الشكري. يرافق هذا الطقس بعض الاشكالات: هل هو دخول للطفل الى الكنيسة أم هو دخول الأم اليها أم هو دخول لكليهما؟ وما هو مغزى الإدخال الى الكنيسة؟
في كتاب “مختصر الإفخولوجي” (كتاب الصلوات الذي يستعمله الكاهن في كل الخِدم) لا يبدو واضحاً من المقصود الأساسي بالدخول: ففي الخدمة صلاة مخصصة للأم بعد تعافيها من أتعاب الولادة تستعيد على أثرها المشاركة في الأسرار الكنسية وبخاصة سر الشكر. وفي الخدمة نفسها صلاة تتلى على رأس المولود الجديد، الذي، بحسب الصلاة، لم يقبل المعمودية بعد. وفي نهاية الخدمة إشارة الى ان ام الطفل تدخل الى الكنيسة دون طفلها إذا لم يكن قد تعمّد بعد، عندئذ يبقى الطفل عند باب الكنيسة ويعامل كالبالغ الموعوظ المقبلِ الى المعمودية. اما اذا كان الطفل معمّدا فيدخل مع امه، ويُدخله الكاهن الى الهيكل اذا كان ذكراً، اما اذا كان الطفل أنثى فيقف بها الكاهن امام الباب الملوكي ويتلو الصلاة.
يفسّر الأب شميمن هذا الالتباس بالقول في كتابه “بالماء والروح” انه كان يوجد في الأساس طقسان دُمجا في ما بعد: إدخال الأم والطفل الى الكنيسة قبل المعمودية، والإتيان بالطفل الى الكنيسة بعد المعمودية. ويقول ان الطقس الاَول هو الذي يجب ان يسمى إدخالاً الى الكنيسة، امّا الإتيان بالطفل المعمّد الى الكنيسة فهو ليس إدخالاً الى الكنيسة فالمعمودية هي إدخال الى الكنيسة في المعنى الأعمق والأكمل لهذا التعبير.
ارتأت الكنيسة ان تضع ترتيبا للأم المسيحية التي تريد ان تعود الى ممارسة الحياة الأسرارية من خلال المشاركة في سر الشكر، والأم مضطرة الى أن تأتي بالطفل الى الكنيسة حتى قبل اعتماده وهذا ما قبلته الكنيسة لارتباطه بما أسماه الأب شميمن “مفهوم الكنيسة للعائلة المسيحية”. أهمية هذا الترتيب تكمن في ان الكنيسة بسماحها إدخال الطفل غير المعتمد اليها قد شدّدت على دور العائلة المسيحية في تنشئة طفلها على الإيمان، فيكون هذا الإدخال بمثابة “بدء انضمامه الى الكنيسة”، حتى تحين ساعة معموديته. وهناك شرط لا بد منه ليصير إدخال الطفل الى الكنيسة ممكناً، ألا وهو أن يكون والداه مسيحيين، عائشين في وحدة بوصفهما عضوين في جسد المسيح. وتالياً، “الطفل الذي يخص عائلة مسيحية، يخص الكنيسة ايضاً، وهو طفلها الذي قدّم الى الله وعُهد به اليه”. هكذا، يغدو الطفل كالموعوظ فتضحي الكنيسة أمه وحياته، حتى قبل معموديته. إذا، تعميد الطفل في سن مبكرة وقبل بلوغه الأربعين يوماً هو الحل الأمثل.
لأجل هذا، يتلو الكاهن، بعد ان يضع يده على رأس الطفل، هذه الصلاة : “بارك ايها الرب الإله الضابط الكل ابو ربنا يسوع المسيح هذا الطفل المولود منها (من المرأة) وأنمِه وقدّسه وفهّمه وامنحه عقلاً رصيناً وذهناً ذكياً، لأنك انت الذي أخرجته من العدم الى الوجود وأريته النور الحسي، لكي يستحق النور العقلي أيضاً في الوقت الذي حددته وينضم الى عدد رعيتك المقدسة، بابنك الوحيد الذي انت مبارك معه ومع روحك الكلي قدسه الصالح والمحيي”. ثم يتلو الكاهن هذه الصلاة للأم طالباً الى الرب أن “اجعلها مستحقة لتناول جسد ودم مسيحك المكرّمين”. اما في الصلاة الأخيرة فيرد: “فأنت الآن ايها الرب الحافظ الأطفال، بارك هذا الطفل مع والديه وعرّابيه وأهله في الوقت الموافق لإعادة الولادة بالماء والروح”. هذا يعني ان عرّابَي الطفل كانا يحضران خدمة إدخال الطفل.
ترتبط هذه الخدمة بواقعة إدخال المسيح الى الهيكل بعد إتمامه الأربعين يوماً “كما هو مكتوب في ناموس الرب ان كل ذكر فاتح رحم يُدعى قدوسا للرب” (لوقا 2 :23). تقول الصلاة: ايها الرب إلهنا، يا من في تمام الأربعين يوماً قُدِّم وهو طفل الى الهيكل الناموسي من القديسة مريم التي لم تعرف زواجاً وحُمل على ذراعي سمعان الصديق، انت ايها السيد القادر على كل شيء بارك هذا الطفل … حتى اذا استحق المعمودية المقدسة نال حظ مختاريك في ملكوتك”. وليس من خاتمة أجمل من قول الأب شميمن مقارناً كل أمومة بأمومة مريم: “فالأم التي تقف عند مدخل الكنيسة، وهي تحمل الطفل بين يديها، وتستعد لتقديمه لله، تواجهها ام ثانية مع طفل ثان بين يديها … لذلك توحد الكنيسة في صلواتها هاتين الأمومتين، مالئة الأمومة البشرية بالفرح والكمال الفريدين لأمومة مريم الإلهية”.
О моем приходском вестнике
الاحد 29 كانون الثاني 1995