Facebook
Twitter
Télégramme
WhatsApp
PDF
☦︎
☦︎

” ..وصُلِبَ عَنّا عَلَى عَهْدِ بِيلاطُس اَلْبُنْطِى وتَأَلّمَ وقُبِرَ وَقَامَ مِنْ بَيْن الأمْوَاتِ في اَلْيَوْمِ اَلثَالِثِ كَمَا هُوَّ في اَلْكُتُبِ. وَصَعَدَ إِِلَى اَلسَمَوَاتِ وَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ اَلآبِ. وَأَيْضاً يَأْتِى في مَجْدِهِ لِيَدِينَ اَلأحْيَاءَ واَلأمْوَاتِ. الذي لَيْسَ لِمُلْكِهِ إِنْقِضَاء.”

1. الصلب

إن الفداء إمتداد وتكملة لعمل التجسّد. هذا الفداء الذي بلغ بالصليب قمته يمكن أن يُنظر إليه من ثلاث وجهات نظر:

  • بالصليب حطم المسيح حواجز أنانيتنا.
  • بالصليب أخذ المسيح على ذاته خطيئتنا.
  • بالصليب انتصر المسيح على الألم والموت بدخوله فيهما.

* بالصليب حطم المسيح حواجز أنانيتنا :

بالتجسّد أصبح الله حاضراً في الإنسان ليجدّده ويشفيه ويشركه في حياته الإلهية. ولكن بقى أن يُزال الحاجز الذي أقامته الخطيئة في صميم الإنسان بينه وبين خالقه. هذا الحاجز هو كما رأينا إنغلاق الإنسان وإنطواؤه على نفسه دون الله، هو عبادة الأنا التي حكمت على الإنسان بعزلة مميتة. كان ينبغي إذاً تحطيم هذا الحاجز لتتدفق في الإنسان حياة الله، لأن الإنسان الممتلئ من ذاته لم يعد لله مكان فيه. لذلك عندما اتخذ ابن الله طبيعة الإنسان، داوى أنانيتها بالانفتاح الكامل والعطاء الكامل اللذين حققهما في إنسانيته.

فإنه طيلة حياته علي الأرض، لم يرد أن يتمتع بالمجد الإلهي الذي كان كامنا فيه. فإنه : [ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ اَلنَّاسِ ] [ فيليبي 2: 7 ].أخلى ذاته من التمتع بالمجد الإلهي وقبل طوعا بوضع “العبد”. فضّل العطاء على التمتع، ومع أن كل شيء كان في متناول يده، أراد أن يبذل لا أن يأخذ: [ كَمَا أَنَّ اِبْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ ] [ متى 20: 28 ]. إنه : [ اَلْمَسِيحَ أَيْضاً لَمْ يُرْضِ نَفْسَهُ بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: تَعْيِيرَاتُ مُعَيِّرِيكَ وَقَعَتْ عَلَيَّ ] [ رومية 15: 3 ]. ولكن حياته كلها كانت قربانا لله الآب وللبشر الذين صار أخا لهم. فقد وُلد فقيراً في مذود البهائم وتشرّد عند إضطهاد هيرودس له، وعاش معظم حياته عاملاً مجهولاً: [ أَلَيْسَ هَذَا هُوَ اَلنَّجَّارَ اِبْنَ مَرْيَمَ ] [ مرقس 6 : 3 ]. وطاف يبشّر فيما [ لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ ] [ متى 8: 20 ]. ورفض أن يصنع آية في السماء ليبهر بها البشر [ وَجَاءَ إِلَيْهِ اَلْفَرِّيسِيُّونَ وَاَلصَّدُّوقِيُّونَ لِيُجَرِّبُوهُ فَسَأَلُوهُ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً مِنَ اَلسَّمَاءِ.. جِيلٌ شِرِّيرٌ فَاسِقٌ يَلْتَمِسُ آيَةً وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ اَلنَّبِيِّ ] [ متى 16: 1، 4 ]. ولكنه كان يصنع العجائب رأفة بالمعذبين و[ َأَحْضَرُوا إِلَيْهِ جَمِيعَ اَلسُّقَمَاءِ الْمُصَابِينَ بِأَمْرَاضٍ وَأَوْجَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ وَالْمَجَانِينَ وَالْمَصْرُوعِينَ وَالْمَفْلُوجِينَ فَشَفَاهُمْ ] [ متى 4 : 23 ]. وقد احتمل عدم إيمان الكثيرين، حتى أقاربه الذين كانوا ينعتونه بالجنون وتلاميذه الذين لم يفهموا رسالته حق الفهم والذين تركوه كلهم وفرّوا حين تسليمه، وباعه أحدهم وأنكره آخر. وصبر على كل إهانات وشتائم وإضطهادات أعدائه الذين كانوا ينعتونه [ فَقَالَ اَلْيَهُودُ : أَلَسْنَا نَقُولُ حَسَناً إِنَّكَ سَامِرِيٌّ وَبِكَ شَيْطَانٌ؟ ] [ يوحنا 8: 48 ]. ولم يرد أن ينتقم منهم بل إنتهر يعقوب ويوحنا عندما طلبا إنزال نار من السماء لإحراق قرية رفضت أن تستقبله: [ وَحِينَ تَمَّتِ اَلأَيَّامُ لاِرْتِفَاعِهِ ثَبَّتَ وَجْهَهُ لِيَنْطَلِقَ إِلَى أُورُشَلِيمَ. وَأَرْسَلَ أَمَامَ وَجْهِهِ رُسُلاً فَذَهَبُوا وَدَخَلُوا قَرْيَةً لِلسَّامِرِيِّينَ حَتَّى يُعِدُّوا لَهُ. فَلَمْ يَقْبَلُوهُ لأَنَّ وَجْهَهُ كَانَ مُتَّجِهاً نَحْوَ أُورُشَلِيمَ. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ تِلْمِيذَاهُ يَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا قَالاَ: { يَا رَبُّ أَتُرِيدُ أَنْ نَقُولَ أَنْ تَنْزِلَ نَارٌ مِنَ اَلسَّمَاءِ فَتُفْنِيَهُمْ كَمَا فَعَلَ إِيلِيَّا أَيْضاً؟ } فَالْتَفَتَ وَاِنْتَهَرَهُمَا وَقَالَ: { لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ مِنْ أَيِّ رُوحٍ أَنْتُمَا! لأَنَّ اِبْنَ اَلإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُهْلِكَ أَنْفُسَ اَلنَّاسِ بَلْ لِيُخَلِّصَ }. فَمَضَوْا إِلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى ] [ لوقا 9: 51 – 59 ]. وزجر بطرس عندما أراد أن يدافع عنه بالسيف: [ رُدَّ سَيْفَكَ إِلَى مَكَانِهِ. لأَنَّ كُلَّ اَلَّذِينَ يَأْخُذُونَ اَلسَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ ] [ متى 26: 52 ]. وصلّى من أجل قاتليه: [ يَاأَبَتَاهُ اِغْفِرْ لَهُمْ لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ ] [ لوقا 23: 34 ]. وأراد، وهو المعلّم والسيّد، أن يكون وسط تلاميذه كالخادم: [ لأَنْ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ؟ أَلَّذِي يَتَّكِئُ أَمِ اَلَّذِي يَخْدِمُ؟ أَلَيْسَ اَلَّذِي يَتَّكِئُ؟ وَلَكِنِّي أَنَا بَيْنَكُمْ كَالَّذِي يَخْدِمُ ] [ لوقا 22: 27 ]. وأن يغسل أرجلهم: [ قَامَ عَنِ الْعَشَاءِ وَخَلَعَ ثِيَابَهُ وَأَخَذَ مِنْشَفَةً وَاتَّزَرَ بِهَا ثُمَّ صَبَّ مَاءً فِي مِغْسَلٍ وَاِبْتَدَأَ يَغْسِلُ أَرْجُلَ التّلاَمِيذِ وَيَمْسَحُهَا بِالْمِنْشَفَةِ اَلَّتِي كَانَ مُتَّزِراً بِهَا ] [ يوحنا 13: 4، 5 ].

هذا العطاء الذي به أراد المسيح أن يستأصل أنانيتنا، بلغ ذروته في الصليب. كان في وسع المسيح أن لا يموت بالنظر لللاهوت الكامن فيه. ولكنه ذهب في تخليه عن ” الأنا” إلى أقصى الحدود، باذلاً ذاته للموت. وهكذا قدّم حياته على الصليب قربان محبة للآب، وتعبيراً عن تخلّيه التام عن مشيئته الذاتية، كما قال بنفسه في بستان جسيمانى: [ يَا أَبَتَاهُ إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ اَلْكَأْسُ وَلَكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ.. يَا أَبَتَاهُ إِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَعْبُرَ عَنِّي هَذِهِ اَلْكَأْسُ إِلاَّ أَنْ أَشْرَبَهَا فَلْتَكُنْ مَشِيئَتُكَ ] [ متى 26: 39، 42 ]. وكما ورد عن لسانه في الرسالة للعبرانيين، مخاطباً الآب: [ ذَبِيحَةً وَقُرْبَاناً لَمْ تُرِدْ، وَلَكِنْ هَيَّأْتَ لِي جَسَداً. بِمُحْرَقَاتٍ وَذَبَائِحَ لِلْخَطِيَّةِ لَمْ تُسَرَّ. ثُمَّ قُلْتُ: هَئَنَذَا أَجِيءُ. فِي دَرْجِ الْكِتَابِ مَكْتُوبٌ عَنِّي، لأَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا أَللهُ ] [ عبرانيين 10: 5 – 7 ].

هكذا تمرّد آدم، وأطاع المسيح. تكبّر آدم، فتواضع المسيح. اكتفي آدم بذاته، فتخلّى المسيح عن ذاته: [ وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى اَلْمَوْتَ مَوْتَ اَلصَّلِيبِ ] [ فيليبى 2: 8 ]. وهكذا بإنسانيته المبذولة، المعطاة، أعطى البشرية الدواء الشفي لداء الأنانية الذي فصلها عن الله.

* بالصليب أخذ المسيح على ذاته خطيئتنا :

ومن وجهة نظر أخرى، نرى أن الرب يسوع المسيح، لكى ينقذنا من الخطيئة التي أصبحنا نئن تحت وطأتها، شاء أن يأخذها على نفسه، لا أن يأخذها هي بلّ أن يحتمل في ذاته نتائجها المريعة حباً بنا. إن المحب يود لو أنه يستطيع أن يأخذ على نفسه مرض المحبوب ليخلصه من وطأته. ولكن ما لا يستطيع أن يفعله الحب البشرى، استطاع أن الرب يسوع المسيح أن يتممه إذ أنه، لأجل محبته لنا، أخذ على نفسه مرضنا لينقذنا منه: [ لَكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا0 وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَاباً ‏مَضْرُوباً مِنَ اَلْلَّهِ وَمَذْلُولا ] [ أشعياء 53: 4 ]. و [ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ: هُوَ أَخَذَ أَسْقَامَنَا وَحَمَلَ أَمْرَاضَنَا ] [ متى 8: 17 ].

فإنه وهو البريء من كل خطيئة، أخذ على نفسه كل الشقاء الذي جرّته الخطيئة على الجنس البشري: [ نَبَتَ قُدَّامَهُ كَفَرْخٍ وَكَعِرْقٍ مِنْ أَرْضٍ يَابِسَةٍ لاَ صُورَةَ لَهُ وَلاَ جَمَالَ ‏فَنَنْظُرَ إِلَيْهِ وَلاَ مَنْظَرَ فَنَشْتَهِيهِ. وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا0 تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا ‏عَلَيْهِ وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا ] [ أشعياء 53: 2، 5 ]. وكانه متروك من الله نفسه: [ إِلَهِي إِلَهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟ ] [ متى 27: 46 ]، حاصلاً في ظلمة وحزن مميتين: [ نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدّاً حَتَّى اَلْمَوْتِ ] [ متى 26: 38 ].

هكذا تجسّمت في المسيح – وهو لم يعرف خطيئة – كل مأساة خطيئة البشر: [ كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ ‏جَمِيعِنَا ] [ أشعياء 53: 6 ]. وكأنه صار هو “خطيئة” على حد تعبير الرسول بولس: [ لأَنَّهُ جَعَلَ اَلَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا ] [ 2 كورونثوس 5: 21 ].

وهكذا فإن يسوع المسيح على الصليب ظهر لله الآب مجسماً في جسده الجريح، الممزّق، المختنق، وفي نفسه المنسحقة، بشاعة كل خطيئة البشر التي أخذها على نفسه فصار شفيعا للخطأة أجمعين عندما وحد ذاته معهم: [ لِذَلِكَ أَقْسِمُ لَهُ بَيْنَ اَلأَعِزَّاءِ وَمَعَ اَلْعُظَمَاءِ يَقْسِمُ غَنِيمَةً مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ ‏سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ ‏وَشَفَعَ فِي اَلْمُذْنِبِينَ ] [ أشعياء 53: 12 ]. ذلك أن الآب لم يعد ينظر إلى الخطأة إلا من خلال هذه الصورة، صورة ابنه الوحيد الحبيب المصلوب الذي جعل نفسه كواحد منهم. وبهذا المعنى يتابع الرسول بولس: [ لأَنَّهُ جَعَلَ اَلَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اَلْلَّهِ فِيهِ ] [2 كورونثوس 5: 21 ]. أى أن الله تصالح مع البشر الخطأة وغفر خطاياهم وبرّرهم وضمهم إليه من خلال شخص الابن الوحيد الحبيب الذي وحّد ذاته معهم.

هكذا كان الحمل الذي كان يُذبح في الهيكل صباحا ومساءً تكفيراً عن خطايا الشعب رمزاً وإشارة إلى المسيح الذي قال عنه يوحنا المعمدان: [ هُوَذَا حَمَلُ اللَّهِ اَلَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ ] [ يوحنا 1: 29 ].

* بالصليب انتصر المسيح على الألم والموت بدخوله فيهما:

وهناك أخيراً، معنى ثالث بالغ الأهمية يتجلّى في الصليب. لقد دخل البشر بالخطيئة في مملكة الموت ( وبلغة الكتاب والآباء تُدعى ” الجحيم” ). وساد عليهم الحزن والألم والضعف والفناء. لقد أصبحوا كمن اُغلَّق عليهم في سجن مظلم رهيب. لقد كان بإمكان الله أن يحرّرهم من الخارج، بكلمة منه فقط، بإرادته الفائقة. ولكن محبته دفعته أن يشارك البشر أولاً مصيرهم لكى يوحّد ذاته معهم. المحبة تدفع المحبّ إلى مشاركة المحبوب في آلامه. هكذا محبة الله “الجنونية” للإنسان، كما نعتها كاباسيلاس، لم تدفعه إلى إجتياز الهوة الفاصلة بين الخالق والمخلوق وحسب – وهذا هو التجسّد – بل إلى مشاركته أيضاً في جحيم بؤسه.

فالإله بتجسّده: [ فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضاً كَذَلِكَ فِيهِمَ. ] [ عبرانيين 2: 14 ]. شاء أن يصير شبيها في كلّ شيء بالبشر الذين إتخذهم إخوة له: [ مِنْ ثَمَّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْبِهَ إِخْوَتَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لِكَيْ يَكُونَ رَحِيماً، وَرَئِيسَ كَهَنَةٍ أَمِيناً فِي مَا لِلَّهِ حَتَّى يُكَفِّرَ خَطَايَا الشَّعْبِ ] [ عبرانيين 2: 17 ]. أن يشاركهم أيضاً بكلّ ما تعرّض له هذا اللحم والدم، من جرّاء الخطيئة، من حزن وضيق وآلام وموت. هكذا إكتمل التجسّد ودخل ابن الله إلى صميم الطبيعة الإنسانية، مختبراً إياها بكلّ شقائه، حتى يشعر الإنسان في حزنه وبؤسه، في آلامه الجسدية والمعنوية، في نزاعه وموته، إنه محبوب، وأن الله نفسه شاركه في ذلك كلّه. لقد جعل الله نفسه طريح الألم لكى لا يشعر الإنسان أنه يعانيه وحده بلّ برفقة الإله المتجسّد الذي عاش آلام الإنسان في نفسه وجسده، بمعيّة ذاك الذي كُتب عنه: [ لأَنَّهُ فِي مَا هُوَ قَدْ تَأَلَّمَ مُجَرَّباً يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ الْمُجَرَّبِينَ ] [ عبرانيين 2: 18 ].

هكذا دخل يسوع المسيح، حباً بالإنسان، مملكة الموت التي كان غريباً عنها إطلاقاً، ليس فقط من حيث إلوهيته التي هي ينبوع الحياة، بلّ من حيث إنسانيته أيضاً. فإنسانية يسوع المسيح لم تعرف الخطيئة البتة ولذلك فقد كانت بالكليّه غريبة عن مملكة الموت، ذلك الموت الذي إنجرف إليه الإنسان بالخطيئة. مملكة الموت هي مملكة الشيطان الذي قتل الناس بالخطيئة، ولم يكن للشيطان شيء في إنسانية يسوع المسيح البريئة من كل عيب، ولذا قال يسوع لتلاميذه قبل تسليمه بقليل: [ لأَنَّ رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ ( أي الشيطان الذي تسلّط على العالم بالخطيئة ) يَأْتِي ( أي أن يسوع سوف يدخل بالموت إلى مملكته ) وَلَيْسَ لَهُ فِيَّ شَيْءٌ ] [ يوحنا 14: 30 ]. في تلك المملكة التي كان غريباً عنها بالكلّية، مملكة الموت والشيطان الذي له [ سُلْطَان اَلْمَوْتِ ] [ عبرانيين 2: 14 ]. دخل يسوع حباً بالإنسان سجين ذلك العالم الرهيب.

ولكن مملكة الموت لم يكن بوسعها أن تضبط سيد الحياة والقدّوس البريء من الخط. لذا كان دخول يسوع فيها مقدمة لتحطيمها وتحرير الإنسان منها. هكذا لما شاركنا الرب في الآلام والموت أعتقنا من الموت والآلام، ولمّا أسلم ذاته لذلك العالم الرهيب الذي أوجدته الخطيئة ضرب قوى الخطيئة الكامنة فينا ضربة قاضية. عندما طرح نفسه في ظلمتنا، أضاءها بنوره، وعندما شاركنا في موتنا أعطانا حياته. هكذا تحققت نبؤة أشعياء التي ردّدها الإنجيل مطبقا إيّاها على يسوع: [ اَلْجَالِسُونَ فِي أَرْضِ ظِلاَلِ اَلْمَوْتِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُورٌ ] [ أشعياء 9 : 2 ]. و[ الشَّعْبُ الْجَالِسُ فِي ظُلْمَةٍ أَبْصَرَ نُوراً عَظِيماً وَالْجَالِسُونَ فِي كُورَةِ الْمَوْتِ وَظِلاَلِهِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُورٌ ] [ متى 4: 16 ]. هذا ما عبّرت عنه الرسالة إلى العبرانيين: [ فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضاً كَذَلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ ] [ عبرانيين 2: 14 ].

* أسئلة

  1. كيف كان الصليب واسطة لتحطيم حواجز الأنانية التي تفصل الإنسان عن الله؟ أليست قيمة الصليب هي في البذل الكامل الذي يعبر عنه؟ (أنظر متى 26: 25، فيليبي 2: 28، عبرانيين 10: 5-7).
  2. ألم يكن بإمكان المسيح أن يتمتع بالمجد الإلهي الكامن فيه؟ هل قبل بهذا التمتمع أم اتبع طريق “أفراغ الذات”؟ (أنظر فيليبي 2: 6 و7 ورومية 15: 3). بيِّن أنه اتبع هذه الطريق في كل مراحل حياته (أنظر على سبيل المثال مرقس 6: 3 ومتى 8: 20 ويوحنا 8: 48 ولوقا 22: 27 ويوحنا 13: 4 و5 ويوحنا 18: 11…).
  3. ألا يشاء المحب أن يأخذ على نفسه مرض المحبوب ليخلصه من وطأته؟ ألم يفعل المسيح ذلك بالنسبة لنا، نحن البشر الخطأة؟ (أنظر أشعياء 53: 4 و6 ومتى 8: 17). كيف تم ذلك على الصليب؟ ألم يكن المسيح عند ذاك -وهو لم يعرف خطيئة- مجسماً في ذاته كل مأساة الخطيئة (أنظر أشعياء 53 ومتى 27: 46)؟
  4. ألم يصبح المسيح هكذا شفيعاً للخطأة؟ (أنظر أشعياء 53: 12 و2كورنثوس 5: 21). أليس ذلك لأن الله لم يعد ينظر إلى الخطأة إلا من خلال ابنه المصلوب الذي وحّد نفسه معهم؟ كيف تفهم على ضوء ذلك عبارة يوحنا المعمدان عن يسوع الواردة في يوحنا 1: 29؟
  5. لقد دخل الإنسان بالخطيئة مملكة الشقاء والموت. ألم يكن يسوع غريباً عن هذه المملكة؟ لماذا قبل إذاً أن يدخل فيها بالصليب؟ ألا يدفع الحب إلى مشاركة المحبوب في آلامه؟ ألم يكن دخول يسوع مملكة الموت قضاء مبرماً عليها؟ (أنظر عبرانيين 2: 11-18 وأشعياء 9: 2 ومتى 4: 16).

* ملحق :

1 – القديس مكسيموس المعترف هو أحد كبار معلمى الكنيسة، عاش راهباً في القرن السابع ودافع عن استقامة الرأي بكتاباته بجرأة دفعت الأمبراطور البيزنطي الذي كان يرعى بدعة المشيئة الواحدة أن يأمر بقطع يده ولسانه، فلقب هكذا بالمعترف، لأنه تألم من أجل الإيمان. في المقطع الذي نثبته فيما يلي، يصف القديس مكسيموس، مستخدماً صوراً رمزية، كيف أنقذنا المسيح من عبودية الشيطان بدخوله في مملكته بالموت.

” لقد عَلّق السيد جسده الإنساني كطعم بصنارة ألوهيته، كأنه يريد بذلك أن يجتذب الشيطان. وبالفعل هذا التنين العقلي، النهم إلى جسد الإنسان فغر فاه حول هذا الطعم، حاسباً إيّاه، من جرّاء طبيعته الإنسانية، سهل المنال. وهكذا علق بصنارة الألوهة. بعد ذلك أرغمه جسد الكلمة المقدّس أن يلفظ كلياً الطبيعة الإنسانية التي كان سبق فابتلعها. وهكذا فالذي كان قد أغوى الإنسان مؤملاً إيّاه بالتأليه وابتلعه على هذا المنوال، أُجْتذِبَ بدوره بجسد الإنسان ذاته وأُرْغِم على لفظ ما كان قد ابتلعه. هكذا تجلّت القدرة الإلهية بشكل ساطع: فقد انتصرت على قوة الغالب مستخدمة بمثابة سلاح ضعف الطبيعة المغلوبة. منذ ذلك الحين أصبح الله الظافر بطبيعته الإنسانية وليس الشيطان بوعده الإنسان بالطبيعة الإلهية”.

2 – يسوع المسيح، ابن الله الوحيد، وحّد ذاته مع البشر العصاة إذ احتمل بالصليب كل لعنة الخطيئة، و”أحصي مع الأثمة”. لذلك أصبح للبشر الخطاة الدالة أن ينادوا الآب ” أبانا” من خلال الابن الوحيد الذي صار واحداً منهم. هذا ما عبّر عنه الشاعر باغي Charles Péguy بالسطور التالية:

  • ” أبانا الذي في السموات، لقد علمهم ابني هذه الصلاة…
  • ” أبانا الذي في السموات، لقد كان يعرف ماذا يصنع، في ذلك اليوم، ابني الذي كان يحبهم بهذا المقدار.
  • ” الذي عاش بينهم، الذي كان واحداً مثلهم.
  • ” الذي كان يسير مثلهم، ويتكلّم مثلهم، ويعيش مثلهم.
  • ” الذي كان يتألم.
  • الذي تألم مثلهم، الذي مات مثلهم…
  • ” ابنى الذي أحبهم بهذا المقدار، الذي يحبهم أبدياً في السماء.
  • ” أبانا الذي في السموات، تلك الثلاث وألأربع كلمات…
  • ” تلك الكلمات التي تسير أمام كل صلاة كما تسير يدا المتوسّل أمام وجهه.
  • ” كما أن يديّ المتوسّل المضمومتين تتقدّمان أمام وجهه و دموع وجهه.
  • ” هذا ما أخبرهم ابني عنه، لقد سلم إليهم ابني.
  • ” سرّ الدينونة نفسها.
  • ” والآن هكذا يبدون لي، هكذا أراهم.
  • ” هكذا أنا مرغم أن أراهم.
  • ” كما أن أثر سفينة جميلة لا يزال يتسع حتى يتلاشى.
  • ” ولكنه يبدأ برأس، وهو رأس السفينة ذاته.
  • ” هكذا موكب الخطأة الهائل لا يزال يتسع حتى يتلاشى.
  • ” ولكنه يبدأ برأس، وهذا الرأس يأتي إليّ، متجهاً نحوي.
  • ” يبدأ برأس هو رأس السفينة ذاته.
  • ” والسفينة هي ابني نفسه، حاملاً كل خطتايا العالم.
  • ” ورأس السفينة هو يدا ابني المضمومتان.
  • ” وأمام نظرة غضبى وأمام عدالتي.
  • ” اختفوا كلهم وراءه…
  • ” أبانا الذي في السموات، لقد اخترع ذلك.
  • ” لقد كان معهم، لقد كان مثلهم، لقد كان واحداً منهم.
  • ” أبانا، كمثل رجل يلقى معطفا كبيراً على كتفيه.
  • ” ارتدى، متجها نحوي.
  • ” معطف خطايا العالم..”.

Charles Péguy: Le Mystère des Saints Innocents

2 – القيامة

القيامة إنفجار قوة الفداء المحيية. ويمكننا لجلاء معانيها أن نتأملها من وجهتى النظر التاليتين:

* القيامة فيض الحياة الإلهية في إنسانية يسوع المنفتحة إلى الله بعطاء كامل :

إن الرب يسوع بالصليب بلغ قمّة التخلّي عن إرادته الذاتية وقدّم ذاته بكلّيته إلى الله الآب. تقدمة محبة كاملة وعطاء لا تحفظ فيه. هكذا أصبحت إنسانية يسوع منفتحة كل الانفتاح على الله الآب في شركة حب كاملة معه، لذا تدفقت فيها الحياة الإلهية كلها وتحولت بالمجد الإلهي. لقد كان مجد الألوهة بالطبع حالاً في المسيح منذ تجسّده، إذ لم يزل إلها بعد أن إتّخذ جسدنا، إلا أن هذا المجد كان مستتراً، محجوباً وراء الطبيعة البشرية التي إتّخذها ابن الله بحدودها وشقائه. لذا جاع المسيح وعطش وبكى وتألّم. لقد كانت الألوهة مستقرة في قلب كيانه ولكنه كان يبدو في الظاهر إنسانا كبقية الناس. ولكن عندما اكتمل عطاء يسوع المصلوب إجتاح المجد الإلهي الكامن فيه والمحتجب وراء طبيعته الإنسانية هذا الناسوت كله وملأه بقوة الله وحياته وجماله.

عند الفجر تكون الشمس أولاً متخفية وراء الأفق، يتراءى نورها خفيفً، ناعمً، لا يُبهر الأنظار، ثمّ ينفجر النهار ويغمر النور الكون كله ويضفي على الأشياء كلها بهاءاً ساطع. هكذا ألوهة الرب يسوع المسيح المستمدّة أزلياً من الله الآب فاضت بالصليب في ناسوته المنفتح كلياً إلى الآب، فتمجّد هذا الناسوت وانتصر على الموت.

لقد كانت حادثة التجلّى (أنظر مثلاً متى 17: 1 – 9 ولوقا 9: 28 – 36) مقدمة وصورة للقيامة كما يتّضح من توصية يسوع بعد الحادثة (أنظر مثلاً متى 17: 9). فعلى جبل التجلّي فاض نور الألوهة المستقرّ في الرب يسوع المسيح، في جسده، فتغيّر منظره وصار وجهه مضيئاً كالشمس وثيابه بيضاء كالثلج، لامعة كالنور. وقد حدث هذا التحوّل عندما كان موسى وإيليا، اللذان ظهر، يتحدّثان مع يسوع: “عن خروجه (أي عن موته) الذي كان مزمعاً أن يتممه في أورشليم” (لوقا 9:31). لقد تجلّى يسوع عندما كان يتحدّث عن موته، وفي ذلك إشارة إلى أن إنسانية يسوع كانت سوف تتمجّد بالموت.

تلك العلاقة الوثيقة بين الصليب وتمجيد يسوع، قد أوضحها الكتاب المقدّس في مواضع مختلفة. ففي إنجيل يوحنا نرى يسوع يقول لتلاميذه قبل آلامه بفترة وجيزة: [ وَأَمَّا يَسُوعُ فَأَجَابَهُمَا: قَدْ أَتَتِ اَلسَّاعَةُ لِيَتَمَجَّدَ اِبْنُ الإِنْسَانِ ] [ يوحنا 12: 23 ]. وأضاف موضحا كيف يتم التمجيد:[ اَلْحَقَّ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ اَلْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلَكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ] [ يوحنا 12: 24 ]. تمجيد يسوع هذا، إذاً، في موته. كذلك في الصلاة التي تفوّه بها يسوع قبل خروجه مع تلاميذه إلى بستان جسيماني حيث أسلم ذاته، قال: [ أَيُّهَا الآبُ قَدْ أَتَتِ اَلسَّاعَةُ. مَجِّدِ اِبْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ اِبْنُكَ أَيْضاً ] [ يوحنا 17: 1 ]. ” الساعة” التي أتت هي ساعة الصليب والموت كما يتضح من مكان آخر: [ فَطَلَبُوا أَنْ يُمْسِكُوهُ وَلَمْ يُلْقِ أَحَدٌ يَداً عَلَيْهِ لأَنَّ سَاعَتَهُ لَمْ تَكُنْ قَدْ جَاءَتْ بَعْدُ ] [ يوحنا 7: 30 ]. ” أتت الساعة، فمجد ابنك” يعني، إذً، أن ساعة الموت كانت بالنسبة للرب يسوع المسيح هي ساعة المجد.

الصليب، إذً، كان يحمل كلّ طاقة القيامة: لقد دخل يسوع المجد ( الذي له منذ الأزل وهو في حضن الآب ) عندما قبل بإجتياز الموت ولم يبق بعد ذلك إلا أن يظهر هذا المجد بنهوضه من بين الأموات. بالصليب، إذً، تحققت القيامة، لذلك فقد كانت آلة العار هذه بالنسبة ليسوع عرش المجد والظفر. لذا، شبهها الرسول بولس بتلك المركبة التي يقف عليها قادة روما الظافرون ويدخلون بها إلى المدينة جارين وراءهم رؤساء الأعداء مقيدين. هكذا إعتلى المسيح الصليب كمركبة ظفر وربط بها الأرواح الشريرة مقيّدة ذليلة: [ إِذْ مَحَا الصَّكَّ الَّذِي عَلَيْنَا فِي الْفَرَائِضِ، الَّذِي كَانَ ضِدّاً لَنَا، وَقَدْ رَفَعَهُ مِنَ الْوَسَطِ مُسَمِّراً إيَّاهُ بِالصَّلِيبِ، إِذْ جَرَّدَ الرِّيَاسَاتِ وَالسَّلاَطِينَ أشْهَرَهُمْ جِهَاراً، ظَافِراً بِهِمْ فِيه] [ كولوسى 2: 14، 15 ]. لذا نرى الفن البيزنطي يرسم أحياناً المصلوب متوجاً. وللسبب عينه كان المسيحيون قديماً في آسيا الصغرى، تبعاً لتقليد أخذوه عن يوحنا الحبيب، يعيّدون للقيامة يوم الجمعة العظيمة، وفي أيامنا هذه، عندما تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية بحزن وخشوع في سحر الجمعة العظيمة بذكرى الصلب منشدة ذاك النشيد المؤث: “اليوم عُلِّقَ على خشبة الذي عَلَّقَ الأرض على المياه…”، تهتف في آخره: “نسجد لآلامك أيها المسيح، فأرنا قيامتك المجيدة”، مظهرة هكذا أنه حينما بلغت الظلمة أشدها بموت المسيح، انفجر النور في صميمها ولم يبقَ لنا إلا انتظار ظهوره في صباح الفصح. كذلك  في خدمة “جناز المسيح”، التي يُحتفل بها بتذكار دفن المسيح، تنشد مع المراثي ترانيم القيامة.

* القيامة تفجير لمملكة الموت بدخول سيد الحياة فيها:

ومن جهة أخرى فقد رأينا أن الرب يسوع المسيح دخل في مملكة الموت ( وبعبارة أخرى في الجحيم ) لكى يشارك الإنسان بؤسه وشقاؤه. ولكن الموت لم يكن بإمكانه أن يضبط من هو بلاهوته سيد الحياة ومصدرها. لذلك فقد كان دخول المسيح في الموت حكماً مبرماً على الموت بالزوال. والموت نتيجة الخطيئة، ثمرتها السامة، لذا تحطيم مملكة الموت يعني أيضاً تقويض سلطة الخطيئة. لقد دخل الرب يسوع المسيح بموته في السجن الذي كنّا مقيّدين، مستعبدين، نئن تحت نير الشر والبؤس والموت، فدكّ هذا السجن الرهيب وحطمه من أساسه. فأطلق الموت يسوع وأطلق معه البشرية جمعاء التي وحد يسوع ذاته بها. لذا تنشد الكنيسة معبّرة عن الخلاص بصورة شعرية: ” أيها الرب، أيها الرب، أن أبواب الموت قد انفتحت لك من الخوف، ولما أبصرك بوابو الجحيم ارتعدو، لأنك حطمت أبوابه النحاسية وسحقت أقفاله الحديدية وأنقذتنا من ظلمة الموت وإدلهمامه وقطعت قيودنا”. وأيضاً: “جمع الملائكة انذهل متحيراً لمشاهدتهم إياك محسوباً بين الأموات أيها المخلص وساحقاً قدرة الموت ومنهضاً آدم معك ومعتقاً إيّانا من الجحيم كافة”.

هكذا تحققت بقيامة المسيح النبوة التي كان قد تفوّه بها هوشع النبى: [ مِنْ يَدِ الْهَاوِيَةِ أَفْدِيهِمْ. مِنَ الْمَوْتِ أُخَلِّصُهُمْ. أَيْنَ أَوْبَاؤُكَ يَا مَوْتُ؟ ‏أَيْنَ شَوْكَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟ تَخْتَفِي النَّدَامَةُ عَنْ عَيْنَيَّ ] [ هوشع 13: 14 ]. تلك النبوة ردّد الرسول بولس صداها بعدما تحققت بالمسيح منشداً بنشوة الظفر الذي جعلنا يسوع مساهمين فيه: [ وَمَتَى لَبِسَ هَذَا الْفَاسِدُ عَدَمَ فَسَادٍ وَلَبِسَ هَذَا الْمَائِتُ عَدَمَ مَوْتٍ فَحِينَئِذٍ تَصِيرُ الْكَلِمَةُ الْمَكْتُوبَةُ: { ابْتُلِعَ الْمَوْتُ إِلَى غَلَبَةٍ }. أَيْنَ شَوْكَتُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ غَلَبَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟ ] [ 1 كورونثوس 15: 54، 55 ]. وأضاف: [ أَمَّا شَوْكَةُ الْمَوْتِ فَهِيَ الْخَطِيَّةُ وَقُوَّةُ الْخَطِيَّةِ هِيَ النَّامُوسُ. وَلَكِنْ شُكْراً لِلَّهِ الَّذِي يُعْطِينَا الْغَلَبَةَ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. ][ 1 كورونثوس 15: 56، 57 ].  معلناً أن إنتصار المسيح على الموت هو في الآن نفسه إبادة للخطيئة فينا، تلك الخطيئة التي تُنتِج الموت.

هكذا صار المسيح القائم من بين الأموات محرّر الإنسانية الحقيقي الأوحد لأنه لم يكتف بمعالجة بعض مظاهر مأساة الإنسان لكنه جابه المأساة في أعماقها وأصولها وجعل فينا طاقة تجاوزها. إنه جابه قوى الموت الكامنة في الإنسان ( أي قوى التفكك التي مزّقت الإنسان نفساً وجسماً ) ومن ورائها تلك القوة الرهيبة التي استخدمتها لاستعباد الإنسان أعني بها قوة الشيطان. لقد جابه يسوع الشيطان في عقر داره، إذا صحّ التعبير، وضع نفسه بين براثنه ليحطمه ويخلّص منه البشر. دخل إلى مملكته المظلمة ليقيّده ويُبطل قوته. وقد علّمْنا الرب يسوع نفسه هذه الحقيقة بمثل عندما قال: [ حِينَمَا يَحْفَظُ اَلْقَوِيُّ دَارَهُ مُتَسَلِّحاً تَكُونُ أَمْوَالُهُ فِي أَمَانٍ. وَلَكِنْ مَتَى جَاءَ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ فَإِنَّهُ يَغْلِبُهُ وَيَنْزِعُ سِلاَحَهُ اَلْكَامِلَ اَلَّذِي اِتَّكَلَ عَلَيْهِ وَيُوَزِّعُ غَنَائِمَهُ] [ لوقا 11: 21. 22 ].

هكذا انتصر المسيح على الموت لما إجتاز ظلمته، لقد “وطئ الموت بالموت” كما تنشد الكنيسة. لقد فتح باب النور والحياة بيديه الداميتين. ولكنه أحرز هذا الظفر من أجلنا نحن، ليجعلنا مساهمين فيه: نحن ظافرون إذاً على قدر إتحادنا بالمسيح الظافر. نعم، إننا لا نزال نخطئ ونتألّم ونموت، ولكن طاقة الحياة الظافرة قد زُرِعَتْ في أعماقنا. من يمرّ على حقل بعد أن زُرعت فيه البذور يخاله جامدً، ميتً، ولكن الحياة كامنة في أعماقه تتحفز للوثوب وسوف تنتصب بعد فترة تحت السماء سنابل ذهبية تتماوج في النور. عندما كان يسوع موضوعاً في القبر، كان يبدو ميتا كبقية الموتى ولكن الحياة كلها كامنة في هذا الجسد الساكن، كقنبلة مؤقتة كان لابد لها أن تفجّر الموت وتدحْرج حجر الضريح. هكذ، فالمتحدون بيسوع يحملون في أجسادهم المائتة ونفوسهم التي لم تتحرّر بعد كلياً من ضعفه، طاقة قيامة ربهم التي سوف تحوّلهم في اليوم الأخير على صورة السيد الناهض من بين الأموات. [ لأَنَّ هَذَا الْفَاسِدَ لاَ بُدَّ أَنْ يَلْبَسَ عَدَمَ فَسَادٍ وَهَذَا الْمَائِتَ يَلْبَسُ عَدَمَ مَوْتٍ ] [ 1 كورونثوس 15: 53 ]. وقد كتب الرسول يوحنا بهذا المعنى، مظهراً كيف أننا في آن حاصلون على التجدّد ومنتظرون إعلانه الكامل فينا: [ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، نَحْنُ الآنَ أَوْلاَدُ اللهِ. وَلاَ نَعْلَمُ حَتَّى الآنَ مَاذَا سَنَكُونُ، لَكِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّهُ مَتَى أُظْهِرَ الْمَسِيحُ، سَنَكُونُ مِثْلَهُ، لأَنَّنَا سَنَرَاهُ عِنْدَئِذٍ كَمَا هُوَ! ] [ 1 يوحنا 3: 2 ].

بالقيامة تحقق الخلاص الذي شاء الرب أن يتممه بتجسّده وصلبه. القيامة، إذاً، علامة نجاح خطة الله لإنقاذ الإنسان. إنها برهان خلاصنا. ولذلك، فهي الركيزة الأساسية للبشارة المسيحية. فقد كان الرسل قبل كل شيء شهوداً لقيامة الرب يسوع المسيح: [ فَيَنْبَغِي أَنَّ اَلرِّجَالَ اَلَّذِينَ اِجْتَمَعُوا مَعَنَا كُلَّ اَلزَّمَانِ اَلَّذِي فِيهِ دَخَلَ ‏إِلَيْنَا اَلرَّبُّ يَسُوعُ وَخَرَجَ. مُنْذُ مَعْمُودِيَّةِ يُوحَنَّا إِلَى اَلْيَوْمِ اَلَّذِي ‏اِرْتَفَعَ فِيهِ عَنَّا يَصِيرُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ شَاهِداً مَعَنَا بِقِيَامَتِهِ‏ ] [ أعمال الرسل 1: 21، 22 ]. وكتب الرسول بولس إلى أهل كورونثوس: [ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضاً إِيمَانُكُمْ ] [ 1 كورونثوس 15: 14 ]. القيامة قلب الإيمان المسيحي والحياة الروحية. إنها أيضا محور الترتيب الطقسي، فكل يوم أحد تذكار للقيامة، وكل قدّاس إلهي هو إستمرار له، والصوم الكبير إستعداد للفصح، والفصح “عيد الأعياد وموسم المواسم” كما تسميه الطقوس، و”قلب الأرثوذكسية” كما دعاه اللاهوتي الأرثوذكسي المعاصر الأب بولغاكوف، فيه تنشد الكنيسة متهللة بفرح يفوق الأرض: “اليوم يوم القيامة، فسبيلنا أن نتهلل أيها الشعوب، لأن الفصح هو فصح الرب، وذلك لأن المسيح إلهنا قد أجازنا (كلمة فصح معناها: اجتياز، عبور) من الموت إلى الحياة ومن الأرض إلى السماء، نحن المنشدين لنه نشيد النصر والظفر” (قانون سحر الفصح).

* أسئلة:

  1. إذا كان الموت قد نتج عن إنغلاق الإنسان على ذاته دون الله، فكيف كانت قيامة المسيح مرتبطة بإنفتاحه الكلي بالصليب إلى الآب؟
  2. ألم تكن حادثة التجلي (إقرأها في متى 17: 1-9 ولوقا 9: 28-36) مقدمة وصورة للقيامة؟ (أنظر متى 17: ). كيف يظهر ذلك؟ ألا يظهر ارتباط بين هذه الحادثة وموت المسيح؟ (أنظر لوقا 9: 31). إلى ما يشير هذا الإرتباط؟
  3. تمجيد يسوع، وإن أُعلن بعد الصليب بنهوض السيد من بين الأموت، إلا أنه تم بالصليب الذي صار بالنسبة ليسوع مرادفاً للمجد. كيف يظهر هذا الترادف في الإنجيل (أنظر يوحنا 12: 23 و24، ويوحنا 17: 1) وفي طقوس أسبوع الآلام (تأمل مثلاً في ترتيمة: “اليوم عُلِّقَ على خشبة…”) وفي حدمة “جناز المسيح”؟
  4. إذا كان رب الحياة قد دخل طوعاً بموته إلى مملكة الموت، فهل كان بإمكان تلك المملكة أن تضبطه؟ (أنظر هوشع 13: 4 و1كورنثوس 15: 54 و55). ماذا نتج إذاً عن دخوله فيها بالنسبة له ولنا؟
  5. تحطيم الموت ألا يعني أيضاً تحطيم قوى الخطيئة التي هي أصل الموت؟ (أنظر 1كورثنوس 15: 56 و57).
  6. ألا يعني أيضاً القضاء على قدرة الشيطان الذي كان يستعبدنا بالخطيئة والموت؟ (أنظر لوقا 11: 21 و22).
  7. هل ظفر يسوع من أجل نفسه أم من أجلنا؟ كيف التوفيق بين كوننا مساهمين في ظفره وكوننا لا نزال نشقى ونخطئ ونموت؟ (تأمل في وضع المسيح عندما كان طريح القبر وفكّر، على سبيل الصورة، بحقل طُمرت فيه البذور).
  8. ماهي القيامة بالنسبة للإيمان المسيحي؟ (أنظر أعمال الرسل 1: 21 و22 و1كور 15: 14). ما هي أهميتها في الترتيب الطقسي؟

* ملحق – عظة للقدّيس يوحنا ذهبى الفم بمناسبة أحد الفصح المجيد:

من كان حسن العبادة ومحباً لله فليتمتع بحسن هذا الموسم البهيج. من كان عبداً شكوراً فليدخل إلى فرح ربه مسروراً. من تعب صائماً فليأخذ الآن أجرته ديناراً. من عمل من الساعة الأولى فلينل اليوم حقه بعدل. من قدِم بعد الساعة الثالثة فليعيّد شاكراً. من وفي بعد الساعة السادسة فلا يشك فإنه لا يخسر شيئاً. من تأخّر إلى الساعة التسعة فليتقدّم غير مرتاب. من وصل الساعة الحادية عشرة فلا يخف الإبطاء فإن السيد كريم جوّاد، يقبل الأخير مثل الأول، ويربح العامل من الساعة الحادية عشرة مثل العامل من الساعة الأولى. يرحم الأخير ويرضى الأول. يعطي ذاك ويهب هذا. يقبل الأعمال ويسر بالنية. يُكرم الفعل ويمدح العزم. فإدخلوا إذاً كلكم إلى فرح ربكم. أيها الأولون والأخيرون خذوا أجوركم. أيها الأغنياء والفقراء أطربوا معا فرحين. أمسكتم وتوانيتم أكرموا هذا النهار. صمتم ولم تصوموا أفرحوا اليوم. المائدة ملآنة فتمتعوا كلكم. العجل سمين وافٍ فلا يخرجن أحداً جائعا. تمتعوا كلكم بوليمة الإيمان. تمتعوا كلكم بوليمة الصلاح. لا ينوحنّ أحد عَن فقر فإن المملكة العامة قد ظهرت. لا يندبنّ أحد على إثم فإن الصفح قد بزغ من القبر. لا يخف أحد الموت فإن موت المخلص قد حرّرنا. فإنه قد أخمد الموت حين قبض الموت عليه، وسبى الجحيم بنزوله إليه. مرمره لما ذاق جسده. هذا ما سبق أشعياء ونادى به قائلاً: تمرمر لما إلتقاك أسفل. تمرمر لأنه بطل. تمرمر لأنه هُزئ به. تمرمر لأنه قد أميت. تمرمر لأنه قد أبيد. تمرمر لأنه قد رُبط. تناول جسداً فصادف إله. تناول أرضاً فألفاها سماءاً. تناول ما نظر، فسقط من حيث لم ينظر. أين شوكتك ياموت؟. أين غلبتك يا جحيم؟. قام المسيح وأنت صرعت. قام المسيح والشياطين تساقطت. قام المسيح والملائكة جذلو. قام المسيح والحياة انبعثت. قام المسيح ولا أحد ميت في القبر. قام المسيح من الأموات فصار باكورة الراقدين. فله كلّ المجد والعزّة إلى دهر الداهرين. آمين.

3 – إشتراكنا في صليب الرب وقيامته

* إن ما فعله الرب بإجتيازه الموت الذي قاده إلى القيامة، إنما فعله من أجلنا.

ذلك أن الإنسان كان عليه، كي يُخلّص من شقائه وتفككه،أن يقبل بالتخلّي عن تعبده للأنا، فيلاقي الله من جديد وينعم بحياته. ولكن الإنسان الساقط لم يعد قادراً على هذا التخلّي لأن في ممارسته شعوراً بالإنسلاخ والفراغ وضياع الذات. وبعبارة أخرى، إذا شاء الإنسان أن يعرض عن إتخاذ الأنا محوراً لكل شيء، شعر وكأنه يموت، كأن حياته تفلت منه. لذا يتمسّك الإنسان بأنانيته مخافة من الموت. ولكنه بذلك يبقى بعيداً عن الله، ينبوع الحياة، وبالتالي يبقى أسير الموت (بمعناه العام، أي بمعنى التفكك الكياني الذي ليس الموت الجسدي سوى مظهر من مظاهره). إذً، الإنسان يبقى أسير الموت بداعي خوفه من الموت. تلك هي المفارقة الكبرى التي هي في صميم مأساة الإنسان والتي يمكن لكلّ واحد منا أن يختبره.

فلنتساءل: لماذا نخطئ، فنجعل حاجزاً بين الله وبيننا؟. الجواب العميق عن هذا السؤال هو أننا نخطئ مخافة من الموت. لماذا يسرق الإنسان؟. لأنه مثلاً يخاف من الحرمان، والحرمان نوع من الموت. لماذا يكذب؟ لأنه مثلاً يخاف من العقاب، والعقاب نوع من الموت. لماذا يزني؟ لأنه في كثير من الأحيان يخاف من العزلة، والعزلة نوع من الموت. لماذا يتباهى؟. لأنه يخاف أن لا يعجب به الناس، أن يهملوه، وإهمال الناس له نوع من الموت. مجمل الكلام أننا نستعبد أنفسنا للخطيئة، وبالتالي للموت، الذي هو على حدّ تعبير الرسول بولس: [ أَجْرُ اَلْخَطِيْئَةِ ] [ رومية 6: 32 ]. (لأن الخطيئة تفصل عن الله مصدر الحياة)، بسبب خوفنا من الموت. هذا ما عبّر عنه الكتاب المقدّس في الرسالة إلى العبرانيين بقوله: [ وَيُعْتِقَ أُولَئِكَ الَّذِينَ خَوْفاً مِنَ الْمَوْتِ كَانُوا جَمِيعاً كُلَّ حَيَاتِهِمْ تَحْتَ الْعُبُودِيَّةِ ] [ عبرانيين 2: 15 ].

ولنا نموذج لذلك في علاقتنا البشرية. كل إنسان يحلم بأن يعيش صداقة كاملة وحباً كاملاً، لأن قلبه يتوق إلى شركة إنسانية كهذه يروى بها عطشه إلى حياة كاملة. ولكن الصداقة الكاملة والحب الكامل أمران يسعى إليهما الإنسان دون أن يتمكّن من إدراكهما كلياً. إنه في أحسن الإحتمالات يقترب من تحقيقهما ولكنه، حتى في هذه الحال، يبقى على شيء كثير من العطش والعزلة. إن إتحاده بمن يحب لا يمكن أن يكون كامل. لماذا؟ لأن إتحاد الإنسان بمن يحبه لا يتم إلا إذا قبل الإنسان بأن لا يكون أناه محوراً لوجوده، بأن يتخلّى عن تملّك ذاته، بعبارة أخرى إذا قبل الإنسان بأن يمر بخبرة الموت. ولكن الإنسان في وضعه الساقط، وأن قبل جزئياً بتلك الخبرة، لا يستطيع أن يقبلها كلياً وفي الصميم. أنه يخاف الموت ولذا يبقى أسير العزلة وبالتالي أسير الموت.

* يسوع المسيح وحده تمم بناسوته ما لم يكن بوسع أى إنسان أن يتممه.

الإنسان يسوع المسيح استطاع وحده أن يتخلّى بالحقيقة عن تملّك ذاته، وبعبارة أخرى استطاع وحده أن يقبل الموت بالكلية وفي الصميم. ولذ، استطاع وحده أن يلج بإنسانيته إلى مجد الله.لقد كان رئيس الكهنة عند اليهود يدخل مرة في السنة إلى قدس الأقداس ( الذي كان يمثل السماء ) حاملاً دم الذبائح. الرسالة إلى العبرانيين تقول لنا أن ذلك كان رمزاً للمسيح الذي كان في الآن نفسه الكاهن والذبيحة، وقد دخل بدمه المسفوك إلى مجد الله: [ وَأَمَّا الْمَسِيحُ، وَهُوَ قَدْ جَاءَ رَئِيسَ كَهَنَةٍ لِلْخَيْرَاتِ الْعَتِيدَةِ، فَبِالْمَسْكَنِ الأَعْظَمِ وَالأَكْمَلِ، غَيْرِ الْمَصْنُوعِ بِيَدٍ، أَيِ الَّذِي لَيْسَ مِنْ هَذِهِ الْخَلِيقَةِ. وَلَيْسَ بِدَمِ تُيُوسٍ وَعُجُولٍ، بَلْ بِدَمِ نَفْسِهِ، دَخَلَ مَرَّةً وَاحِدَةً إِلَى الأَقْدَاسِ، فَوَجَدَ فِدَاءً أَبَدِيّاً ] [ عبرانيين 9: 11، 12 ]. هذا الدخول إلى مجد الله إنما ظهر بالقيامة.

* ولكن يسوع المسيح قد أتمّ هذا العطاء الكامل لا من أجل نفسه بلّ بالنيابة عن البشر أجمعين.

عندما قبل الموت كلياً إنما قبله كممثل عن البشر الذين لا يستطيعون هم قبوله. هذا ما عبّر عنه الرسول بولس بقوله: [ لأَنَّ مَحَبَّةَ اَلْمَسِيحِ تَحْصُرُنَا. إِذْ نَحْنُ نَحْسِبُ هَذَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ وَاحِدٌ قَدْ مَاتَ لأَجْلِ اَلْجَمِيعِ. فَالْجَمِيعُ إِذاً مَاتُوا ] [ 2 كورونثوس 5: 14 ]. عطاؤنا ناقص لا يمكن أن نبلغ به إلى الله، إنه مشوب بالأنانية المستحكمة فينا بسبب خوفنا من الموت.  ولكننا نستطيع أن نلج إلى الله من خلال عطاء يسوع المسيح الكامل. يسوع، بما أنه قربان كامل لله، يشفع بضعفنا وعجزنا ويقرّبنا من الله، كأننا طيور مكسورة الأجنحة يحملها نسر قوي ويحلّق بها إلى أقصى الفضاء: [ لأَنَّهُ كَانَ يَلِيقُ بِنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ مِثْلُ هَذَا، قُدُّوسٌ بِلاَ شَرٍّ وَلاَ دَنَسٍ، قَدِ انْفَصَلَ عَنِ الْخُطَاةِ وَصَارَ أَعْلَى مِنَ السَّمَاوَاتِ ] [ عبرانين 7: 25 ]. بذبيحة الرب يسوع إذاً، تلك الذبيحة التي تبلغ وحدها السماوات، ننال القيامة التي هي تدفق الحياة الإلهية في كياننا المتفكك، المائت.

* ولكن الفداء لا يفعل فينا بشكل سحري.

الله لا يُخلّص الإنسان بالاستقلال عن إرادة الإنسان لأنه يحترم حريته. لذا لا ينال القيامة من يرفض الإشتراك في صليب المسيح، أي من لا يقبل أن يدخل في طريق الموت عن الذات سلكها يسوع حتى النهاية. لقد علّمنا الرب صراحة أنه لا يسعنا الإشتراك معه في الحياة الإلهية ( أي في قيامته ) إن لم نسلك في أثره طريق الموت:

[ إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا ] [ متى 16: 24، 25 ]. وقد علّمنا الرسول بولس أن إشتراكنا في الصليب ضروري إذا شئنا أن نكون منتمين إلى المسيح وبالتالي أبناء القيامة: [ وَلَكِنَّ اَلَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا اَلْجَسَدَ ( أى الخطيئة، أى عبادة الذات ) مَعَ اَلأَهْوَاءِ وَاَلشَّهَوَاتِ ] [ غلاطية 5: 24 ]. و[ فَإِنْ كُنَّا قَدْ مُتْنَا مَعَ اَلْمَسِيحِ نُؤْمِنُ أَنَّنَا سَنَحْيَا أَيْضاً مَعَهُ ] [ رومية 6: 8 ]. و[ حَامِلِينَ فِي الْجَسَدِ كُلَّ حِينٍ إِمَاتَةَ الرَّبِّ يَسُوعَ، لِكَيْ تُظْهَرَ حَيَاةُ يَسُوعَ أَيْضاً فِي جَسَدِنَا ] [ 2 كورونثوس 4: 10 ]. و[ لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهاً بِمَوْتِهِ، لَعَلِّي أَبْلُغُ إِلَى قِيَامَةِ اَلأَمْوَاتِ ] [ فيليبى 3: 10، 11 ].

* إننا في وضعنا الساقط لا نستطيع بالطبع أن نقدّم ذواتنا بالكلية، ولكن المطلوب منا أن نجتهد في هذا السبيل.

أن ننوى بصدق السير في طريق نكران الذات وراء المعلم. تلك هي التوبة في الأساس. إنها سير في طريق إسلام الذات لله. وهذا السير يدوم الحياة كلها لأن عطاءنا يبقى ناقصا ما حيين. لذا فالكنيسة ليست كنيسة الصديقين بلّ كنيسة التائبين أي العائدين من عبادة ذواتهم إلى عبادة ربهم. ولنا في هذا السير دافعان يشددان عزمنا:

أ. محبة المسيح لنا:

لقد تجلّت محبة المسيح لنا بشكل باهر في بذله ذاته من أجلنا. وقد قال هو عن نفسه: [ لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ ] [ يوحنا 15: 13 ]. وأيضا: [ أَمَّا أَنَا فَإِنِّي الرَّاعِي الصَّالِحُ وَأَعْرِفُ خَاصَّتِي وَخَاصَّتِي تَعْرِفُنِي، كَمَا أَنَّ الآبَ يَعْرِفُنِي وَأَنَا أَعْرِفُ الآبَ. وَأَنَا أَضَعُ نَفْسِي عَنِ اَلْخِرَافِ ] [ يوحنا 10: 14، 15 ]. هذا الحب المبذول يثير حبنا ويدفعنا إلى أن نحيا فيما بعد لا لذواتنا بل للذى مات عنّا حباً. بهذا المعنى كتب بولس الرسول: [ لأَنَّ مَحَبَّةَ اَلْمَسِيحِ تَحْصُرُنَا. إِذْ نَحْنُ نَحْسِبُ هَذَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ وَاحِدٌ قَدْ مَاتَ لأَجْلِ اَلْجَمِيعِ. فَالْجَمِيعُ إِذاً مَاتُوا. وَهُوَ مَاتَ لأَجْلِ اَلْجَمِيعِ كَيْ يَعِيشَ اَلأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لاَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لِلَّذِي مَاتَ لأَجْلِهِمْ وَقَام ] [ 2 كورونثوس 5: 14، 15 ]. وفي مكان آخر كتب: [ مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي ] [ غلاطية 2: 20 ]. أي أنني أسلّم ذاتي ( هذا هو المعنى العميق للإيمان ) لذلك الذي أسلَم ذاته لأجلي. هكذا فالحب الذي تثيره فينا محبة المسيح المبذولة لنا حتى الموت يساعدنا على التغلّب على الخوف من الموت، ذلك الخوف الذي يحول دون تقدمة ذواتنا. هذا ما تنشده الكنيسة عن الشهداء: { لأن المحبة قد غلبت الطبيعة ( أى مخافة الموت المتأصلة في طبيعتنا ) وجعلت العاشق أن يتّحد بواسطة الموت بالمعشوق } ( خدمة عيد القديس جورجيوس ).

ب. ثقتنا بانتصار المسيح على الموت:

ومن جهة أخرى فإن حدّة الخوف من الموت تخف فينا لمعرفتنا أن المسيح قهره بمروره فيه. فيما كان يتحدّث عن قيامة السيد، هتف الرسول بولس بلهجة الانتصار: “أين شوكتك ياموت؟” (1 كورونثوس 15: 55). ونحن إذا شئنا التخلّي عن أنانيتنا ومررنا من جراء ذلك في خبرة الموت يهدأ جزعنا لعلمنا أننا لسنا نجتاز هذه الخبرة وحدنا، بل بمعيّة ذاك الذي إجتاز الموت قبلنا وقهره: [ أَيْضاً إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ اَلْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرّاً لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي. عَصَاكَ وَعُكَّازُكَ هُمَا يُعَزِّيَانِنِي ] [ مزمور 23: 4 ].

* إننا نتمرّس، إذاً، على تقدمة ذواتنا مدفوعين بالحب الذي تثيره فينا محبّة الرب لنا وبثقتنا بانتصاره على الموت. ولكن الرب أيضاً يعين ضعفنا.

ذلك أننا إذا قبلنا أن نشترك في صليبه، فإن تقدمتنا هذه، وإن كانت لا تزال ناقصة، مشوبة بالأنانية، تبلغ إلى الله محمولة على أجنحة تقدمته هو، كما رأينا. وبعبارة أخرى فإن قبولنا الإشتراك في صليب المسيح يجعلنا مشتركين في قيامته أيضاً، أي في الحياة الإلهية التي إحتاجت إنسانيته المقرّبة إلى الله. وإذا تدفقت الحياة الإلهية فينا، أصبحنا أكثر قدرة على المحبّة والعطاء. تلك هي النعمة الإلهية التي تجدّدنا باستمرار بفعل صليب الرب وقيامته.

* هذا ما يجرى خاصة عند إقتبالنا الأسرار الإلهية.

فعند إقامة سر الشكر مثلاً، في القدّاس الإلهي، يأتي المؤمنون إلى الله بتوبتهم ( أي بعزمهم على إسلام ذواتهم لله ) ولكن هذه التقدمة لا تبلغ إلى الله إلا لكونها تندمج في التقدمة الكاملة الوحيدة، تقدمة المسيح المصلوب التي يشكّل كل قداس إمتداداً له. إستحالة الخبز والخمر ( اللذين يمثلان تقدمة البشر ) إلى جسد ودم المسيح معناها أن المسيح إتخذ توبة البشر الناقصة ودمجها بتقدمته هو ليوصلها إلى الآب. هكذا يبلغ المؤمنون بالمسيح إلى الله وينالون بتناول القرابين الحياة الإلهية فيصيرون مشاركي القيامة التي تجدّدهم وتؤهلهم لأن يكونوا بدورهم قرابين.

* هكذا بالتوبة التي هي عملية تستمر العمر كلّه – لأن طاعتنا لله ناقصة ما حيينا –

وبالأسرار، نشترك أكثر بصليب المسيح وقيامته. بالتوبة والأسرار يتصور المسيح أكثر فأكثر فينا على حدّ تعبير الرسول، أي نصبح أكر فأكثر مساهمين في انفتاحه التام للآب وفي تدفّق الحياة الإلهية فيه. وهكذا شيئاً فشيئاً نصبح على حد تعبير الرسول: “أمواتاً للخطيئة” (رومية 6: 11). وشيئاً فشيئاً نستطيع أن نتبنى قول الرسول:  “أني قد صلبت مع المسيح، فلست أنا حياً بعد بل المسيح يحيا فيّ” (غلاطية 2: 19، 20).

أسئلة:

  1. هل بإمكان الإنسان لو ترك نفسه، أن يتخلى عن عبادة الأنا ليعيد الاتصال بالله ويستعيد الحياة الإلهية؟ ما الذي يحول بينه وبين هذا التخلي؟
  2. أليست إذاً التقدمة الوحيدة الكاملة التي تبلغ وحدها إلى الله هي تقدمة المسيح؟ (أنظر عبرانيين 10: 5 و7 و9: 11 و12).
  3. ولكن هل تمم المسيح العطاء من أجله هو أم بالنيابة عن البشر أجمعين؟ (أنظر كورنثوس 5: 14).
  4. ألا يعني ذلك أن تقدمتنا الناقصة تبلغ إلى الله محمولة على جناحي تقدمة المسيح الكاملة؟ (أنظر عبرانيين 7: 25).
  5. ولكن هل يمكننا أن نستفيد من الفداء إن لم نكن مزمعين على الاشتراك في تقدمة المسيح؟ (أنظر متى 16: 24 و 25، غلاطية 5: 24، 2 كورنثوس 4: 10 و11 ورومية 6: 8).
  6. أليست التوبة (وهي تعني في العربية: عودة) إذاً هي في الاساس هذا السير في طريق تسليم الذت لله مع المسيح؟ هل ينتهي هذا السير طالما نحن على قيد الحياة؟
  7. كيف تدفعنا محبة المسيح الذي بذل ذاته لأجلنا (أنظر يوحنا 15: 13، يوحنا 10: 14 و15) إلى السير في هذا الطريق؟ (أنظر 2 كورنثوس 5: 14 و15 وغلاطية 2: 20).
  8. في طريق نكران الذات، الذي فيه شيء من خبرة الموت، ألا تشدد ثقتنا بإنتصار المسيح على الموت عزائمنا؟ (أنظر مزمور 22: 4 و 1كورنثوس 15: 55).
  9. إذا كانت التوبة تفتح لنا باب القيامة لأنها تشركنا بصليب المسيح، أليس صحيحاً من جهة أخرى أن قوة القيامة إذ تسربت إلينا تجعل توبتنا أكمل؟
  10. أليست الأسرار -التي لا تفعل فينا إلا بالتوبة- إشتراكاً في صليب المسيح وقيامته؟ كيف يتم ذلك في المعمودية؟ (انظر رومية 6: 3-11). كيف يتم ذلك في سر الشكر؟

4 – الفداء ومحبة القريب

* محبة الفادي لنا تلهم محبتنا للناس:

محبة الفادي التي تجلّت في بذله ذاته عنّا هي بمثابة النار التي لا بدّ أن تُلْهب ما حولها. إنها حَرِيّة بأن تُضرم فينا بدورنا نار المحبة. لقد قال الرب بهذا المعنى: [ جِئْتُ لأُلْقِيَ نَاراً عَلَى اَلأَرْضِ فَمَاذَا أُرِيدُ لَوِ اِضْطَرَمَتْ؟ ] [ لوقا 12: 49 ]. الحب يستدعي الحب. لقد بيّن علم النفس الحديث أن الطفل يستمد من محبة والديه له المقدرة على أن يحب بدوره الناس، وبعبارة أخرى إن حب والديه له يوقظه إلى الحب، يفجّر فيه طاقة الحبّ. هكذا المحبة الفائقة التي أبداها الرب نحونا تنتزعنا من إكتفائيتنا لتلقى بنا بدورنا في مجازفة الحب. هذا الجواب الحي على محبّة السيّد يتّخذ، كما رأينا، شكل الحب لشخصه، ولكنه يتّخذ أيضاً شكل محبّة البشر. ذلك لأنه لا يسعنا، إذا كنّا مؤمنين، إلا أن نرى في كل إنسان، أيّاً كان: [ فَيَهْلِكَ بِسَبَبِ عِلْمِكَ اَلأَخُ اَلضَّعِيفُ اَلَّذِي مَاتَ اَلْمَسِيحُ مِنْ أَجْلِهِ ] [ 1كورونثوس 8: 11 ]. عند ذاك يصبح كل إنسان، في نظرنا، ذا قيمة لا تقدّر، قيمة الدم الإلهي الذي سكب من أجله.

* إن محبة الفادي لنا تعين نوعية محبيتنا للناس:

محبّة الفادي لا تُلْهِم محبتنا للناس وحَسْب، ولكنها أيضا تعين نوعيته. ذلك أنه ينبغي لنا أن نحبّ الناس بالمحبّة التي أحبهم بها المسيح. تلك هي وصية السيد في خطابه الوداعي: [ هَذِهِ هِيَ وَصِيَّتِي أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ ] [ يوحنا 15: 12 ]. هذا يعنى أنه ينبغي أن تكون لمحبتنا للناس الصفات التالية:

أ – مبنية على بذل الذات:

يُكْثر الناس من استعمال كلمة ” أحبّ”، ولكنها هيهات أن يكون الحب الذي يتحدّثون عنه في كثير من الأحيان هو الحب الأصيل الذي عاشه السيّد. ” أحب التفاح” يعني أننى أتلف التفاح من أجل لذتي. ” أحبّ” إنسانا يعنى في كثير من الأحيان، إذا شئت أن أواجه حقيقتي، أنني أريد تسخيره وإستغلاله لشهوتي ومصلحتي. أمّا المسيح فقد أحبّنا من أجل أنفسنا وعوض أن يُسَخّرنا له سَخّرَ نفسه لأجلنا. لقد إعتبر أن لنا من الأهمية ما يُبرّر سفك دمه الإلهي عنّا. فأتاح لنا هكذا أن نكتشف المحبّة الحقة التي تقوم على العطاء. ولذا نرى الرسل يحثونا على إقتفاء آثتار السيّد في محبتنا للناس، فقد قال الرسول يوحنا: [ وَمِقِيَاسُ الْمَحَبَّةِ هُوَ الْعَمَلُ الَّذِي قَامَ بِهِ الْمَسِيحُ إِذْ بَذَلَ حَيَاتَهُ لأَجْلِنَا. فَعَلَيْنَا نَحْنُ أَيْضاً أَنْ نَبْذُلَ حَيَاتَنَا لأَجْلِ إِخْوَتِنَا ] [ 1 يوحنا 3: 16 ]. “أن نبذل نفوسنا”: يسوع لم يعطِ فقط أشياء مما له، إنما أعطى ذاته للناس، طيلة حياته أولاً، التي كانت مسخّرة لخدمتهم، ثم في تقدمته الكبرى على الصليب. ما يُطلب منّا أن لا نكتفي نحن أيضاً بإعطاء بعض الوقت والمال للغير، بلّ أن يكون الغير شغلنا الشاغل وموضوع إهتمامنا الدائم. المطلوب أن لا نعود نحن مركز إهتمام ذواتنا بلّ أن يصبح الغير هم مركز الإهتمام، كما كتب الرسول بولس: [ فَيَجِبُ عَلَيْنَا نَحْنُ الأَقْوِيَاءَ أَنْ نَحْتَمِلَ أَضْعَافَ اَلضُّعَفَاءِ وَلاَ نُرْضِيَ أَنْفُسَنَا. فَلْيُرْضِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا قَرِيبَهُ لِلْخَيْرِ لأَجْلِ اَلْبُنْيَانِ. لأَنَّ اَلْمَسِيحَ أَيْضاً لَمْ يُرْضِ نَفْسَهُ بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: تَعْيِيرَاتُ مُعَيِّرِيكَ وَقَعَتْ عَلَيَّ ] [ رومية 15: 1 – 3 ].

B - Elle se manifeste par la participation :

Le Christ, en nous aimant, a partagé notre vie, notre douleur et notre mort. Notre amour aussi doit être partagé. La compassion peut exalter les autres, et ainsi blesser les gens et ajouter une nouvelle douleur et une nouvelle amertume à leur douleur. Mais la participation guérit les blessures car, grâce à elle, nous sommes avec la personne qui souffre et non au-dessus de elle. C'est pourquoi le livre commande : [Réjouissez-vous avec ceux qui se réjouissent et pleurez avec ceux qui pleurent] [Romains 12 : 15]. Et aussi : [Souvenez-vous de ceux qui sont enchaînés comme si vous étiez enchaînés avec eux, et de ceux qui sont maltraités comme si vous étiez aussi dans le corps] [Hébreux 13 :3]. L'Apôtre Paul a vécu l'amour jusqu'à participer profondément aux tragédies qu'il ressentait : [Qui est faible et je ne suis pas faible ? Qui trébuche, et je ne m'enflamme pas ? ] [2 Corinthiens 11:29].

C - Direction de la volonté et de l'action :

Mais cette participation ne vaut rien si elle ne dépasse pas le niveau de l’émotion. Nous pouvons apaiser notre conscience à peu de frais, en nous contentant de « ressentir » les gens. Mais nos sentiments n’ont pas beaucoup d’importance aux yeux de Dieu. Ce qui compte, c'est notre volonté. Le Christ ne s'est pas amusé avec des expressions lyriques d'amour, mais l'a plutôt vécu à travers la sueur et la lutte, et finalement en s'abandonnant à la mort. Par conséquent, l’important n’est pas que je « ressens » de l’affection envers les gens, mais plutôt que j’oriente réellement ma volonté vers leur service. C'est ce que l'apôtre Jean nous a enseigné lorsqu'il a dit : [Ô petits enfants, notre amour ne doit pas être simplement un semblant de paroles et de langage, mais plutôt un véritable amour pratique] [1 Jean 3 : 1-8].

D - Gratuit, inconditionnel :

Dieu a été l’initiateur de l’amour, car le Dieu incarné s’est donné pour nous indépendamment de notre hostilité à son égard, indépendamment de notre rejet de lui. Il nous a aimés librement, inconditionnellement, pour aucune autre raison que son amour libre. C’est ce dont nous a parlé l’apôtre Paul lorsqu’il a dit : [Car, alors que nous étions encore faibles, au temps fixé, Christ est mort pour les impies. Car il est difficile de mourir pour un juste. Peut-être que pour le bien, quelqu’un oserait aussi mourir. Mais Dieu démontre son amour pour nous en ce sens que, alors que nous étions encore pécheurs, Christ est mort pour nous. ] [Romains 5:6-8]. Dans le même sens, l’apôtre Jean a écrit : [Et en cela nous voyons le véritable amour, non pas notre amour pour Dieu, mais son amour pour nous. Par amour, il a envoyé son Fils pour expier nos péchés (1 Jean 4 : 10). Ainsi, notre amour pour les autres devrait être aussi libre que l’amour de Jésus pour nous. Nous devons les aimer, quelles que soient leurs caractéristiques, quelle que soit leur harmonie ou disharmonie avec nous, quels que soient leurs relations avec nous et leur comportement à notre égard : [Et si vous aimez ceux qui vous aiment, quel crédit avez-vous ? Car les pécheurs aiment aussi ceux qui les aiment. Et si vous faites du bien à ceux qui vous font du bien, quel crédit avez-vous ? Car les pécheurs font aussi la même chose. Et si vous prêtez à ceux dont vous espérez recevoir en retour, de quel crédit disposez-vous ? Car les pécheurs prêtent aussi aux pécheurs pour en recevoir en retour. Aimez plutôt vos ennemis, faites du bien et prêtez sans rien attendre, et votre récompense sera grande, et vous serez enfants du Très-Haut, car il est miséricordieux envers les autres. Reconnaissants et méchants] [Luc 6 : 32- 35].

Le chrétien est toujours l’initiateur de l’amour, tout comme le Christ est l’initiateur de l’amour envers nous. Nous lui étions étrangers, perdus dans les dédales du culte de soi, mais il est venu à nous – et continue de venir – et nous a rapprochés en nous submergeant de son amour abondant. C'est ainsi qu'il nous a appris qui est proche. Les Juifs croyaient que le prochain qu’ils étaient obligés d’aimer était celui qui partageait leur race et leur religion. Un jour, un enseignant de la loi demanda à Jésus : « Qui est mon prochain ? Il ne lui répondit pas directement, mais lui raconta plutôt une parabole - le Bon Samaritain - cet homme juif blessé par des voleurs entre Jérusalem et Jéricho et laissé à moitié mort. Puis un prêtre juif et un Lévite (c'est-à-dire les assistants des prêtres) passèrent. mais un Samaritain prit soin de lui, bien qu'il lui fût étranger par sa race et sa religion. Alors Jésus demanda au maître de la loi : « Lequel de ces trois considérez-vous comme un parent du celui qui est tombé parmi les voleurs ? Il répondit : « Celui qui lui a fait miséricorde. » Alors Jésus lui dit : « Va et fais de même » (voir Luc 10 :25-37). Ici, Jésus a fait exploser le commandement de l'amour qui existait dans l'Ancien Testament, en lui donnant de vastes dimensions et en le faisant transcender toutes les frontières. Nous avons appris que le parent n'est pas celui qui est mon parent, c'est-à-dire celui avec qui je suis lié par des liens de chair et de sang, des liens d'affection et d'intérêt, des liens d'une même opinion et d'une même communauté. Mon prochain est celui dont je me rapproche par mon amour pour lui. Un voisin est quelqu’un dont je me rapproche amoureux. Je deviens proche de chaque personne - et chaque personne devient mon parent - si je l'aime, même s'il n'y a aucun lien humain entre cette personne et moi. Plus encore, si une personne est mon ennemi, mon amour inconditionnel pour elle la rend proche, tout comme le Christ s'est rapproché de moi, et j'étais son ennemi, alors qu'il s'est livré pour moi.

E - S'adresse spécifiquement à ceux qui souffrent :

Cet amour du prochain doit inclure en particulier les êtres humains souffrants, qui en ont particulièrement besoin. Si nous aimons le Christ, alors nous pouvons voir dans tous les bourreaux de la terre son visage ensanglanté couronné d'épines, son corps déchiré, sa dignité piétinée par les hommes et son âme triste jusqu'à la mort. C'est parce que le Seigneur Lui-même a fait cette conformité entre les gens qui souffrent et Lui-même, ainsi Il a établi l'unité entre Lui et ceux qui ont faim, ceux qui ont soif, ceux qui sont nus, les étrangers, les malades et les prisonniers : [Car j'avais faim, et toi m'a donné à manger. J'avais soif et tu m'as donné à boire. J'étais un étranger et tu m'as accueilli. J'étais nu et tu m'as habillé. J'étais malade et tu m'as rendu visite. J'étais en prison et tu es venu vers moi] [Matthieu 25 :35, 36]. C'est ce que le Seigneur dira aux justes au dernier jour, ajoutant : [Puis le Roi répondra : En vérité, je vous le dis, comme vous l'avez fait à l'un de ces plus petits de mes frères, c'est à moi que vous l'avez fait. ] [Matthieu 25:40]. Ces petits sont les misérables et les faibles, qui sont en particulier les frères de Jésus, puisque le Seigneur n'a pas partagé avec les humains leurs gloires et leurs richesses, mais s'est plu plutôt à partager avec eux leur misère et leur pauvreté. Ceux qui souffrent sont une extension du Christ souffrant. C’est pourquoi un des pères spirituels disait : « Si vous voulez aujourd’hui toucher les blessures du Christ comme Thomas les a touchées, il vous suffit d’entrer en contact avec un misérable. »

Notre position envers les misérables ne peut donc en aucun cas être une position de supériorité et de faveur, mais plutôt une attitude de profond respect envers ceux qui, même s'ils ne le savent pas et même s'ils blasphèment, sont dans leur laideur un image de Celui qui a accepté de devenir : Il n’a ni forme ni beauté à regarder, ni apparence à désirer. Il a été méprisé et rejeté des hommes, un homme de douleur et familier avec la tristesse, et de qui nos visages sont cachés. Il a été méprisé, et nous ne l'avons pas estimé. " [Ésaïe 53 : 2, 3]. On raconte de saint Jean, qui fut patriarche d'Alexandrie au début du VIIe siècle et appelé « Jean le Miséricordieux », que lorsqu'il assuma sa responsabilité patriarcale, il demanda à ses assistants de lui préparer une liste des noms de ses « maîtrise." Lorsqu'ils lui demandèrent avec surprise, qui pouvaient bien être ces messieurs ? Il leur répondit qu'ils étaient les pauvres d'Alexandrie. C'est la position chrétienne authentique.

Mais l’amour pour les misérables et les démunis ne peut prendre le caractère d’une action individuelle seule, car elle serait alors incomplète. Notre amour chrétien pour les misérables nous appelle à rejeter tout ce qui perpétue leur désespoir et leur dénuement dans les systèmes économiques, politiques et sociaux. Cet amour nous appelle à lutter pour établir une société qui assure la justice et les conditions d’une vie décente aux malheureux de la terre. C'est ce qu'ont compris de nos jours un nombre croissant de chrétiens qui, aux quatre coins du monde, luttent pour la justice et la dignité humaine, motivés non seulement par des considérations humanitaires, mais aussi par leur conviction que toute injustice infligée à une personne est une poignardez le Christ en plein cœur : « Tout ce que vous avez fait à l’un de ces plus petits de mes frères, c’est à moi que vous l’avez fait. » … Tout ce que vous n’avez pas fait à l’un de ces plus petits de mes frères, vous ne me l’avez pas fait. .» Devant le sang qui coule des blessures des plus démunis de ce monde, les chrétiens ne peuvent s’empêcher de rappeler la célèbre phrase de Pascal : « Le Christ est en conflit jusqu’à la fin des temps, alors comment dormir ?

* De la résurrection du Christ nous tirons la capacité d'aimer notre prochain :

Mais l'amour du prochain, tel que nous l'avons défini, est cet amour inconditionnel qui se tourne vers l'autre pour lui-même et se sacrifie pour lui. Cet amour n'est pas en harmonie avec les exigences du « vieil homme » en nous, cet homme déchu, prisonnier de l'ego, qui se considère comme le centre de l'univers et ne regarde pas l'autre uniquement comme un moyen de satisfaire ses désirs et comme une barrière pour atteindre son objectif.

L'amour chrétien exige que nous imitions la morale de Dieu, et cela ne peut être réalisé pour nous que par notre participation à la résurrection du Christ, par laquelle nous devenons contributeurs à la vie de Dieu et donc à la morale de Dieu. L'amour chrétien est le fruit de la Résurrection à laquelle nous participons, comme nous l'avons vu, à travers la repentance et les sacrements. « Le vieil homme », qui se cache en chacun de nous tout au long de notre vie, n'a aucune capacité d'amour chrétien parce qu'il est loin de Dieu, dans la désintégration et la mort. Si la vie divine afflue dans notre être, elle crée en nous un nouvel être humain, restaurant l'image de son Créateur, et nous rend ainsi capables d'aimer notre prochain. C'est pourquoi l'apôtre Jean écrit aux chrétiens, leur disant que l'amour qui les unit est la preuve de leur sortie de la mort à la vie, c'est-à-dire la preuve de leur contribution à la résurrection du Christ : [Notre amour pour nos frères nous montre que nous sont passés de la mort à la vie. Celui qui n'aime pas ses frères demeure dans la mort (1 Jean 3 :14).

Le même Apôtre a également écrit : [Bien-aimés, aimons-nous les uns les autres : car l’amour vient de Dieu. Par conséquent, quiconque aime est né de Dieu et connaît Dieu (au sens biblique : c’est-à-dire uni à Dieu). Quant à celui qui n’aime pas, il n’a jamais connu Dieu car Dieu est amour ! ] [1 Jean 4:7, 8]. C'est pourquoi l'Église lie la Résurrection à l'amour pour les hommes, c'est pourquoi elle chante lors du service pascal : « Aujourd'hui, c'est le jour de la Résurrection... disons <يا إخوة> Nous pardonnons tout dans la résurrection à ceux qui nous haïssent », comme pour nous rappeler que notre participation à la résurrection est la source de notre amour pour les autres.

Mais si l'amour des frères est le fruit de notre participation à la résurrection, alors, en revanche, le pratiquer et s'efforcer de l'acquérir est un aspect essentiel de cet effort, l'effort de repentance, par lequel, comme nous l'avons vu , nous acceptons de participer à la croix du Seigneur et devenons participants à sa résurrection. L’effort pour s’abandonner au Seigneur est inséparable de l’effort pour aimer le prochain : [Et nous avons nous-mêmes expérimenté l’amour avec lequel Dieu nous a accordé et nous avons placé notre confiance en lui. Dieu est amour. Et quiconque demeure dans l’amour demeure en Dieu, et Dieu demeure en lui [1 Jean 4 :16]. En résumé, l’amour du prochain est à la fois le fruit de la résurrection et le chemin vers la résurrection.

C’est pourquoi le philosophe athée Sartre a écrit dans l’une de ses pièces la célèbre phrase : « L’enfer, c’est les autres ». On pense que le philosophe chrétien Gabriel Marcel assistait à cette pièce, et lorsque la phrase susmentionnée fut prononcée, l'un de ceux assis à côté de lui l'entendit marmonner : « Non ! Le paradis est pour les autres. Reconnaître l’autre comme une personne indépendante de nos caprices et de nos intérêts est important en soi. Autrement dit, le reconnaître comme un autre et non comme une simple extension de ma personnalité. Cette reconnaissance imposée par l’amour chrétien est bien « l’enfer ». pour le « vieil homme » en moi, un être humain, la luxure, prisonnier du culte de soi. C'est la mue et la mort. Mais avant de passer par cette mort, il participe à la croix du Christ et atteint Dieu par son ouverture aux autres, ainsi le « ciel » est atteint dans son cœur.

أسئلة:

Lisez Luc 10 :25-37 et Matthieu 25 :31-46.

  1. Comment l’amour du Rédempteur pour nous inspire-t-il notre amour pour les gens ? (Voir Luc 12 :49 et 1 Corinthiens 8 :11).
  2. Le Seigneur ne nous a-t-il pas demandé que la qualité de notre amour pour les autres soit la même que la qualité de son amour pour nous ? (Voir Jean 15 :12).
  3. Tout ce que les gens appellent « amour » est-il de l’amour au vrai sens du terme ? Cette phrase n'est-elle pas souvent cachée derrière un désir d'exploiter et d'exploiter les gens ? L’amour chrétien n’est-il pas radicalement différent d’un « amour » comme celui-ci ? (Voir 1 Jean 3 :16, Romains 15 :1-3).
  4. L'amour chrétien n'exige-t-il pas la participation des gens ? La participation ne nie-t-elle pas cette élévation qui déforme souvent la compassion ? (Voir Romains 12 :15, Hébreux 13 :3 et 2 Corinthiens 11 :29).
  5. L’amour chrétien peut-il n’être qu’une émotion ? (Voir 1 Jean 3 :18 et Luc 10 :34, 35).
  6. Le sacrifice du Christ pour nous était-il conditionné à notre position envers Dieu ? (Voir Romains 5 :6-8 et 1 Jean 4 :10). Cela ne signifie-t-il pas que notre amour pour les autres doit également être libre ? (Voir Luc 6 : 32-35).
  7. Cela n’entraîne-t-il pas une nouvelle conception de qui est proche ? Les Juifs croyaient que le parent qu’ils étaient obligés d’aimer était leur propre race et leur propre religion. Le Christ n'a-t-il pas renversé ce concept en racontant la parabole du Samaritain compatissant (Luc 10 :25-37) ? Quelle est la définition du relatif selon ce proverbe ? (Voir Luc 10 :36 et 37). Cela ne veut-il pas dire que l'amour n'a pas de limites ?
  8. Le Christ ne s'est-il pas uni à tous les bourreaux de la terre (voir Matthieu 25 :40) ? Qu’est-ce que cela signifie pour notre position à leur sujet ? Est-il possible qu’il y ait un certain degré d’élévation et de gentillesse dans cette position ? Notre amour pour ceux qui souffrent se limite-t-il à leur apporter une aide individuelle ? Cela ne nous impose-t-il pas une lutte sociale ?
  9. L’amour chrétien et les exigences du « vieil homme » en nous, c’est-à-dire en harmonie avec les exigences du culte de l’ego, sont-ils enracinés dans notre nature déchue ?
  10. Ne s’ensuit-il pas que l’amour est le résultat de notre renouveau par notre participation à la résurrection, qui nous insuffle une vie nouvelle et nous imprègne ainsi de la morale de Dieu ? (Voir Jean 3 :14 et 4 :7, 8).
  11. N’est-il pas vrai, en revanche, que pratiquer l’amour, en nous éloignant du culte de soi, est un chemin vers l’union avec Dieu, c’est-à-dire vers la résurrection ? (Voir Jean 4:16).

*Annexe:

1 – Il était Jean ChrysostomeLe patriarche de Constantinople (qui a dépouillé le patriarcat de toute manifestation de luxe, y a vécu dans la pauvreté et est mort en exil en 407 pour avoir réprimandé les rois) s'adresse avec audace aux riches de son temps, déclarant que leur négligence envers les pauvres au nom de leur luxe est une négligence du Christ lui-même, et parmi ses paroles :

  • « Dieu vous a donné un toit sans pluie, pas pour que vous le pariez d'or pendant que les pauvres meurent de faim. Il vous a donné des vêtements pour vous couvrir, non pour les porter luxueusement, pendant que le Christ nu meurt de froid. Il vous a donné une maison, non pas pour que vous y viviez seul, mais pour que vous en receviez d'autres, et la terre, non pas pour que vous dilapidiez ses ressources en esclaves, danseuses, acteurs, joueurs de flûte et de harpe, mais pour vous soulager. à ceux qui ont faim et soif.
  • « À quoi sert de décorer la table du Christ avec des ustensiles en or, si lui-même meurt de faim ? » Satisfaites-le d'abord lorsqu'il a faim. Plus tard, vous envisagerez d’embellir sa table avec des prières volontaires.
  • "Ne décorez pas les églises si c'est parce que vous négligez votre frère en détresse. Ce temple est plus majestueux que cela."
  • "Pendant que votre chien est rassasié, le Christ périt de faim."
  • « Vous respectez cet autel lorsque le corps du Christ y descend, mais vous le négligez et restez indifférent lorsque périt ce qui est le corps du Christ. »

2 – De nos jours, le même esprit anime encore les chrétiens désireux de comprendre l'Évangile dans sa profondeur. Ils voient le Christ dans les victimes des injustices politiques et sociales, même si les auteurs de ces injustices sont des « chrétiens » et que leurs victimes n'appartiennent pas à la foi chrétienne. En 1754, alors que les Marocains luttant pour l’indépendance de leur pays étaient torturés par la police française, le célèbre écrivain chrétien français disait : François Mauriac, prix Nobel de littérature, a donné une conférence à Paris devant deux ou trois mille personnes à l'occasion de la Semaine des penseurs catholiques, intitulée : « Imitons les bourreaux du Christ », dans laquelle il a dit avec douleur :

«Quelles que soient nos justifications et excuses, je dis qu'après dix-neuf siècles de christianisme, le Christ n'apparaît jamais, aux bourreaux d'aujourd'hui, dans le bourreau, et sa sainte face ne se révèle jamais face à l'Arabe sur lequel le commissaire de police se jette avec son poing. Ne trouvez-vous pas étrange qu'ils ne pensent jamais, surtout devant un de ces visages bruns aux traits élevés, à leur Dieu attaché à un pilier et livré aux soldats, qu'ils n'entendent pas, à travers les cris et les gémissements de leurs consciences, sa voix adorée disant : « C’est à moi que vous le ferez. » Cette voix qui retentira un jour, et alors il n'y aura plus de suppliants, et elle leur criera dessus et elle criera à nous tous qui avons accepté et peut-être soutenu ces choses : « J'étais ce jeune homme qui aimait son pays et "Je me suis battu pour son roi. J'étais ce frère que tu voulais forcer à trahir son frère." Comment cette grâce pourrait-elle ne jamais être accordée à l’un de ces bourreaux baptisés ? Comment se fait-il que les soldats de la division ne jettent pas parfois le fouet et ne s'agenouillent pas aux pieds de celui qu'ils fouettent ?

3 – Le cœur du christianisme est la croyance que le Fils de Dieu a volontairement pris en lui nos souffrances pour nous libérer de la souffrance. Le christianisme n’est pas, comme certains le disent, une religion qui appelle à la soumission à la douleur et à l’injustice. Le christianisme n'est pas une religion de souffrance, mais plutôt une religion de rédemption. La douleur n’a de valeur à nos yeux que si elle est acceptée, comme le Christ l’a reçue, par amour de Dieu et des autres. Le chrétien, s'il veut marcher sur le chemin de son Maître, doit être prêt à endurer la douleur et la mort pour libérer ceux qui souffrent, les opprimés et les esclaves. Il doit lutter jusqu'au sang pour la justice. C’est ce que le professeur a expliqué.Albert Lahham« Dans une conférence qu'il a donnée au symposium libanais dans le cadre de la série de conférences « Justice dans le christianisme et l'islam ». Ci-dessous, un extrait de celui-ci :

« Au milieu de l'aile dédiée au christianisme du Musée de l'Athéisme de la ville de Leningrad se dresse une grande statue du Christ souffrant sous le poids d'une lourde croix. Cette statue, vous dit le guide, est un symbole du christianisme, qui appelle les gens à porter la croix, à se soumettre à l'injustice, à accepter la douleur et à s'abandonner à la tyrannie, en attendant l'au-delà. Cette définition caricaturale du christianisme me rappelle ce que l'apôtre Paul a dit : [Car la parole de la croix est une folie pour ceux qui périssent, mais pour nous qui sommes sauvés, elle est une puissance de Dieu] [1 Corinthiens 1 : 18] . La croix n’est pas un signe d’humiliation, de léthargie et d’abandon. C’est plutôt le titre de l’amour divin et rédempteur. Solidarité absolue avec tous les peuples. Et la pleine participation de ceux qui souffrent de l’injustice et de la tyrannie. Et le risque audacieux de la mort pour tous les libérer. Parce que, comme le dit l'épître aux Hébreux : [Car puisque les enfants participent au sang et à la chair, lui aussi y a participé, afin que par la mort il fasse périr celui qui avait le pouvoir de la mort, c'est-à-dire le diable. , et il libère ceux qui, par peur de la mort, avaient tous été esclaves toute leur vie. [Hébreux 2] :14, 15].

Si le chrétien s'engage pour la cause de la justice politique dans sa société, c'est parce qu'il suit les traces de Celui qui s'est engagé dans notre misère et notre misère en assumant notre nature et en combattant avec nous, comme l'un de nous, la bataille de la mort et de la vie, et nous a ouvert par sa croix le chemin de la victoire et de l'espérance. Il a dit : [Mais je suis venu pour qu'ils aient la vie et qu'ils aient « Pour eux, c'est mieux » [Jean 10 : 10] ».
Albez Lahham : Justice politique dans le christianisme (Journal « Symposium Lectures » : vingtième année, Bulletin 11-12, 1966, p. 44).

4- Il ne s'agit pas seulement de théories, mais plutôt d'une réalité que les chrétiens qui ont voulu être fidèles au message de leur Seigneur ont vécu et vivent. Basile le Grand et Jean Chrysostome se sont battus avec audace pour la justice sociale, et Philippe, métropolite de Moscou, a été tué sur ordre du tsar russe Ivan le Redoutable parce qu'il lui reprochait sa tyrannie. De nos jours, un nombre croissant de chrétiens luttent, subissant parfois des insultes, l'emprisonnement et la mort, pour les enseignants du pays qui sont victimes de la tyrannie politique, ou sociale ou raciale.

5- Les positions chrétiennes témoignant du droit des opprimés à une vie digne se multiplient et s’intensifient à notre époque, et s’efforcent de « construire un monde nouveau dans lequel il n’y a ni oppresseurs ni opprimés, conformément au dessein de Dieu ». Aux quatre coins du monde, un nombre croissant de chrétiens sont confrontés à la persécution, à l’emprisonnement, à la torture et à la mort elle-même, en témoignage de l’amour du Christ et de sa contribution à son œuvre de libération. Mais l’Amérique latine est le lieu privilégié de ce témoignage, car c’est là que les actes des premiers martyrs sont réécrits, en lettres de sang et de lumière. Le nombre d'évêques, de prêtres, de moines et de religieuses qui ont été emprisonnés, torturés, assassinés ou enlevés, et dont les traces ont été perdues, en Amérique latine, entre 1968 et début 1978, a été estimé à huit cent cinquante (selon le journal mexicain UNO MAS, publié le 3 mars 1978). Parmi eux, Mgr Anerco Angelelli, archevêque de La Rioja en Argentine, qui, le 4 août 1976, fut victime d'un accident suspect que tout le monde croit être un assassinat camouflé, et Mgr Oscar Romero, archevêque du Salvador, qui a été publiquement assassiné le 24 mars 1980 alors qu'il célébrait la divine messe. Il convient de noter que cette persécution, qui n'épargne pas le clergé en Amérique latine (même au Salvador, elle a touché 25 pour cent d'entre eux), malgré le statut dont ils jouissent et la plupart des pays y adoptant un caractère chrétien, affecte également des milliers de laïcs qui , inspirés par leur foi, s'engagent pour la cause de la justice dans ce pays. .

Nous confirmons ci-après un extrait d'une lettre qu'il a adressée à ses amis, le 23 novembre 1975, depuis sa prison du nord de l'Argentine, par le Père Jacques Renevot, détenu pour son soutien aux paysans opprimés :

« Je voudrais d'abord vous dire que je suis très heureux parce que j'ai été jugé digne de souffrir de la controverse de l'Évangile de Jésus, car toutes les accusations dirigées contre moi sont fausses. Vous me connaissez et m'avez entendu, et vous savez très bien que je n'ai jamais prêché la violence ni le renversement du régime, mais que mes paroles ont toujours été un appel à la bonté, à la paix, à l'amour et au pardon. J'ai appelé à la lutte pour la justice, pour l'élimination de l'injustice parmi nous, mais je n'ai jamais appelé à un tel recours à la violence (…) Je crois que les chrétiens, aujourd'hui comme hier, doivent passer par l'épreuve et l'emprisonnement pour pouvoir témoigner de l'Évangile. Je crois qu'aujourd'hui je peux me considérer prisonnier à cause de l'Évangile (…) Je réfléchis beaucoup à l'exemple que nous a donné ce grand prisonnier à cause de l'Évangile, qu'est l'Apôtre Paul (…) Vous savez que je suis prisonnier en tant que disciple du Christ. J’espère que cela renforcera votre détermination et que vous pourrez annoncer le message évangélique sans crainte et avec plus de confiance. »

Voir:
Michel Duclercq : Cris et Combats de L'Église en Amérique Latine, Éd. Du Cerf, Paris. 1979.
Charles Antoine : Le Sang et L'Espoir. Ces Chrétiens D'Amérique Latine, Ed. Du Centurion, Paris, 1979.

5 - Ascension

* L'Ascension est le point culminant du processus de rédemption :

La gloire divine, comme nous l'avons vu, a envahi l'humanité de Jésus lorsqu'elle s'est livrée, de son plein gré, complètement sur la croix. Cette même gloire divine qui a ressuscité Jésus des morts était suffisante pour le monter au ciel, c'est-à-dire pour accorder à son humanité la pleine participation à la vie divine et la souveraineté divine sur tous les êtres. Ainsi la nature humaine de Jésus, lorsqu'elle atteignit la perfection par la croix, entra dans cette gloire divine dont sa nature divine avait joui de toute éternité. C'est à cela que faisait référence le Seigneur lorsqu'il s'adressait au Père avant d'aller à la Passion, en lui disant : [Et maintenant, Père, glorifie-moi devant toi de la gloire que j'avais auprès de toi avant que le monde existe.] [Jean 17:5]. Ainsi, la descente du Christ, par son choix, dans les profondeurs de la mort était pour lui un moyen d'atteindre le sommet de la gloire. C’est à cela que faisait allusion l’apôtre Paul lorsqu’il écrivit : [Celui qui est descendu est celui qui est aussi monté au-dessus de tous les cieux, pour remplir toutes choses] [Éphésiens 4 :10]. Lorsque le Fils de Dieu, par son extrême humilité, s'est éloigné le plus possible de son origine divine, alors, par cette humilité même, il a ramené son corps à cette origine divine. C'est ce que chantait l'Apôtre dans sa lettre aux Philippiens : [Celui qui était à l'image de Dieu ne considérait pas comme un vol d'être l'égal de Dieu. Mais il s'est dépouillé de lui-même, prenant la forme d'un serviteur et étant devenu semblable aux hommes. Et lorsqu’il apparut comme un homme, il s’humilia et devint obéissant jusqu’à la mort, même jusqu’à la mort sur la croix. C'est pourquoi Dieu l'a aussi hautement exalté et lui a donné le nom qui est au-dessus de tout nom, afin qu'au nom de Jésus tout genou fléchisse, de ceux qui sont au ciel, sur terre et sous la terre, et que toute langue confesse que Jésus-Christ est Seigneur, à la gloire de Dieu le Père [Philippiens 2 :6-11].

* C'est le ciel vers lequel Jésus est monté, et dont son ascension dans l'espace devant les disciples était une image et un symbole.

Un certain nombre de croyants confondent le ciel physique avec le « ciel » de Dieu. Ils croient que Dieu est un être résidant dans l’atmosphère de l’espace. Un certain nombre de non-croyants partagent cette pensée. Ainsi, l'astronaute Titov a déclaré que Dieu n'existe pas parce qu'il ne l'a pas trouvé lors de son voyage dans l'espace. Il s’agit d’une conception enfantine qui ne convient ni à l’esprit humain ni à la nature de Dieu. Dieu ne réside pas dans les sphères supérieures de l’espace extérieur. Il est un être qui n’est pas limité par le lieu et est présent partout avec sa connaissance, sa puissance, son amour et ses soins. L'homme, parce qu'il est un être sensuel et limité, ne peut exprimer Dieu que sous une forme sensuelle et imparfaite. Le ciel physique est plus haut que la terre, c’est pourquoi il a été considéré dans toutes les religions comme une image de la transcendance de Dieu. L’expression « ciel » elle-même est dérivée de « sama », qui signifie « tout ». Le ciel physique est un symbole de la transcendance de Dieu. C’est ce qu’exprime le prophète Isaïe lorsqu’il écrit : [Car mes pensées ne sont pas vos pensées, et vos voies ne sont pas non plus mes voies, dit l’Éternel. Car comme les cieux sont plus hauts que la terre, ainsi mes voies sont plus hautes que vos voies, et mes pensées sont plus hautes que vos pensées] [Ésaïe 55 : 8, 9]. L'ascension du Christ au ciel signifie donc la participation de son humanité à la transcendance de Dieu, à la vie de Dieu, à la gloire de Dieu, à la souveraineté de Dieu.

*Mais Jésus est monté au ciel pour emmener l'humanité avec lui :

L'inclination profonde de l'homme est d'atteindre le ciel, c'est-à-dire de participer à la vie divine. C’est le sens profond de son désir de pouvoir, de connaissance, de justice, d’amour, de bonheur et d’immortalité. Mais il aspire à atteindre le ciel par sa propre action. Les adeptes des religions païennes croyaient et croient encore que l'homme peut atteindre le monde de la divinité grâce aux rituels qu'il accomplit et aux austérités auxquelles il se consacre. Nous voyons également de nombreuses personnes dans notre monde moderne rêver de déifier l’humanité par des moyens purement humains, tels que les inventions scientifiques et les systèmes sociaux. À propos de ces positions, le christianisme déclare que l'homme ne peut pas, de sa propre initiative, se débarrasser de ses limites et parvenir à la divinisation, ni être radicalement libéré de la misère, du péché, de l'isolement et de la mort. Le Ciel ne s’immisce pas, mais descend vers nous comme un don gratuit. L'homme n'aurait pas pu atteindre Dieu si Dieu n'était pas descendu vers l'homme pour l'élever jusqu'à Lui. C'est ce que le Seigneur Jésus a exprimé lorsqu'il a dit à Nicodème : [Et personne n'est monté au ciel, si ce n'est celui qui est descendu du ciel, le Fils de l'homme, qui est au ciel] [Jean 3 : 13].

Le chemin vers le ciel, c'est-à-dire la vie divine, avec sa victoire finale sur le péché, la misère, l'isolement et la mort, nous a été ouvert par le Christ lorsqu'il est revenu corporellement à la gloire qu'il avait de toute éternité. Avec son ascension, il a inauguré notre ascension. Tel est le sens de sa prière au Père avant la Passion : [Ô Père, je désire que ceux que tu m'as donnés soient avec moi partout où je suis, afin qu'ils voient ma gloire que tu m'as donnée parce que tu m'as aimé. Mais la création du monde] [Jean 17 :24]. Avec l'ascension du Seigneur Jésus-Christ, notre déification a commencé : [Dieu, qui est riche en miséricorde, à cause de son grand amour avec lequel il nous a aimés, même si nous étions parfois morts dans nos péchés. Sur le Christ - par grâce tu as été sauvé et nous a ressuscités avec Lui et nous a fait asseoir avec Lui dans les lieux célestes en Jésus-Christ] [Éphésiens 2 :4-6].

* Par son ascension, Jésus nous a ouvert la voie du ciel :

C'est-à-dire la manière de participer à la vie divine. Nous devons encore emprunter cette voie. Mais notre chemin ne peut être que le chemin de Jésus. Le chemin de Jésus vers la résurrection puis vers l'ascension était le chemin de l'abandon généreux. Le chemin du renoncement dans une direction aimante envers Dieu et les hommes. Par conséquent, celui qui veut participer à l'ascension doit se détacher, avec un effort qui est tout le processus de la vie, de la jouissance égoïste des biens du monde, pour avancer, avec le Christ et avec le soutien de sa grâce, vers le haut, c'est-à-dire vers cette communion avec Dieu qui a été préparée pour nous. C'est ce que nous a enseigné l'apôtre Paul lorsqu'il écrivait aux Colossiens : [Si donc vous avez été ressuscités avec Christ, cherchez les choses d'en haut, là où est Christ, assis à la droite de Dieu. Pensez aux choses d’en haut, non à celles de la terre ; car vous êtes morts, et votre vie est cachée avec Christ en Dieu] [Colossiens 3 : 1-3].

* Ascensionner ne signifie pas échapper à la terre et à ses devoirs :

Mais la phrase de l’Apôtre : [Concentrez-vous sur les choses d’en haut, pas sur celles de la terre] ne signifie pas, comme certains le croient, que les chrétiens devraient négliger la terre, la laisser tranquille. Cette interprétation est bien sûr rejetée car elle nie l'amour du prochain, sans lequel, comme nous l'avons vu, on ne peut s'approcher de Dieu. L'amour pour les frères exige que nous soyons soucieux de leurs affaires, non seulement spirituelles, mais aussi terrestres (tout comme le Christ a rassasié les affamés et guéri les malades). C'est pourquoi nous nous occupons pour eux des affaires du monde (avec le travail, l'éducation et lutte sociale par exemple). La phrase du Messager signifie donc que nous devons nous détourner de la jouissance égoïste et vorace des richesses de la terre. Celui qui est préoccupé par cette jouissance s’éloigne de Dieu et des autres parce qu’il est immergé dans sa propre convoitise. Quant au chrétien qui combat l'égoïsme de la luxure, en partageant la Croix du Seigneur, il contribue à son ascension et, en accédant ainsi à la vie divine, il ne devient pas étranger aux hommes et à leurs préoccupations, mais très proche des hommes. eux à travers cet amour qui est en lui, dérivé de l'amour de Dieu pour ses créatures.

L'Ascension ne signifie pas échapper à la terre, à ses devoirs, à ses problèmes et à ses souffrances. Cette évasion, quelles que soient ses justifications, indique au contraire que nous ne sommes pas encore ascensionnés, que nous sommes encore prisonniers du « vieil homme » en nous dont le réconfort et le réconfort sont déifiés. L'Ascension, au contraire, est un engagement total envers toutes les questions humaines sur terre. C'est une présence pleine d'amour et de sacrifice. En effet, le ciel, comme nous l’avons dit précédemment, n’est pas au-dessus des nuages, mais il est, au cœur de notre être, une participation désormais à la vie de Dieu. Le Seigneur Jésus a dit : [Le royaume de Dieu est au milieu de vous] [Luc : 17 :21]. Le Royaume de Dieu est la vie divine, autrement dit le ciel. Par conséquent, le vrai chrétien monte au ciel sans quitter la terre, il vit sur terre comme une personne céleste, c'est-à-dire qu'il participe à la vie de Dieu jusqu'à ce qu'elle s'accomplisse en lui au dernier jour. C'est ce que le Seigneur Jésus a exprimé lorsqu'il a dit de ses disciples, s'adressant au Père : [Et je ne suis plus dans le monde, mais eux sont dans le monde, et je viens à vous. Ô Saint-Père, garde-les en ton nom. Ceux que vous m'avez donnés peuvent être un comme nous. Je leur ai donné tes paroles, et le monde les hait, parce qu'ils ne sont pas du monde, tout comme je ne suis pas du monde. Je ne te demande pas de me les ôter du monde, mais de les garder du monde. mal] [Jean 17 : 11, 14, 15]. Le croyant qui participe à l'ascension de son Seigneur est imprégné de la morale de Dieu : [La religion pure et sans souillure devant Dieu le Père est la suivante : prendre soin des orphelins et des veuves dans leur détresse et protéger son propre peuple. Son âme est sans tache. du monde] [Jacques 1:27]. Mais la vie divine qui lui est inhérente est dans son essence amour et don, elle ne peut donc que se déverser et germer autour d'elle, répandant la justice, la paix, la joie et la fraternité sur terre. Ainsi le royaume rayonne des croyants pour transformer la terre comme un peu de levain fait lever toute la pâte : [Le royaume des cieux est comme un levain qu'une femme prit et cacha dans trois mesures de farine fine jusqu'à ce que tout lève] [Matthieu 13] . : 33]. En ce sens, le Seigneur Jésus a appelé ses croyants : [le sel de la terre] [Matthieu 5 :13]. Le sel est différent de la nourriture, mais il est profondément mélangé à la nourriture pour la nourrir dans son ensemble. Ainsi, le croyant porte en lui la vie de Dieu qui transcende le monde, mais il la diffuse dans toutes les installations de l'existence terrestre, dans la vie familiale, professionnelle, sociale et politique. Son amour pour les gens et son désir de voir le royaume pleinement réalisé le poussent à peindre son image dans l'univers. C'est pourquoi il ne peut s'empêcher de lutter pour tous les droits et biens de la terre, pour la justice, la paix et la fraternité entre les êtres humains, pour la dignité de chaque être humain et le développement de sa personnalité, pour le retrait de la misère, de la douleur, de la maladie et du la mort.

*Mais le chrétien sait que sa transformation et la transformation de l'univers ne furent achevées qu'à la Seconde Venue à la fin des temps :

Avec l’ascension du Christ, la lumière de Dieu a été projetée au cœur du monde et la terre a commencé à se transformer en ciel, mais à la fin des temps : « le fleuve jaillira » (2 Pierre 1 : 19). Il renouvelle l'univers, de sorte que la terre devient le ciel, comme Dieu devient « tout en tous » (Corinthiens 15 :28). L’ascension du Seigneur est donc un prélude à sa seconde venue victorieuse, comme le montre clairement l’événement lui-même (voir Actes 1 : 1-11) :
[La première déclaration, Théophile, j'ai créé à propos de tout ce que Jésus a commencé à faire et à enseigner. Jusqu'au jour où il fut relevé, après avoir donné des instructions aux apôtres qu'il avait choisis par le Saint-Esprit. A qui il s'est également montré vivant avec de nombreuses preuves après avoir souffert, leur apparaissant pendant quarante jours et parlant des choses qui concernent le monde. Et pendant qu'il les rencontrait, il leur commanda de ne pas s'éloigner de Jérusalem, mais d'attendre la promesse du Père que vous avez entendue de moi, car Jean a baptisé d'eau. Mais vous ne serez pas beaucoup baptisés du Saint-Esprit. jours à partir de maintenant. Quant à ceux qui étaient rassemblés, ils lui demandèrent : « Seigneur, vas-tu en ce temps restaurer le royaume d’Israël ? } Alors il leur dit : {Ce n'est pas à vous de connaître les temps et les saisons que le Père a fixés de sa propre autorité. Mais vous recevrez une puissance lorsque le Saint-Esprit sera venu sur vous, et vous serez mes témoins à Jérusalem et dans toute la Judée et la Samarie et jusqu'aux extrémités de la terre. Et après avoir dit cela, il se leva pendant qu'ils regardaient, et une nuée le déroba à leurs yeux. Et tandis qu'ils levaient les yeux vers le ciel alors qu'il partait, voici, deux hommes vêtus de blanc se tenaient à côté d'eux. Et ils dirent : « Hommes Galiléens, pourquoi vous levez-vous et regardez-vous le ciel ? Ce Jésus, qui a été enlevé d'entre vous au ciel, viendra de la même manière que vous l'avez vu monter au ciel.
Par conséquent, le croyant attend ce nouvel univers : [Mais selon sa promesse, nous attendons de nouveaux cieux et une nouvelle terre, dans lesquels habitera la justice] [2 Pierre 3 :13]. Cet univers a été décrit par l'apôtre Jean dans le livre de l'Apocalypse, en disant : [J'ai vu la ville sainte, la nouvelle Jérusalem, descendre du ciel d'auprès de Dieu, préparée comme une épouse parée pour son mari. Et j’entendis une voix forte venant du ciel qui disait : « Voici, le tabernacle de Dieu est avec les hommes, et il habitera avec eux, et ils seront son peuple. » Et Dieu lui-même sera avec eux comme leur Dieu. Et Dieu essuiera toute larme de leurs yeux, et il n'y aura plus de mort, il n'y aura plus ni deuil, ni cri, ni cri. "Il n'y aura plus de douleur, car les choses anciennes ont disparu. Et celui qui était assis sur le trône dit : « Voici, je fais toutes choses nouvelles. » Et il m'a dit : « Écris, car ces paroles sont vraies et fidèles » [Apocalypse 21 :2-5].
Cette terre renouvelée dans laquelle le ciel de la présence complète de Dieu est devenu notre véritable demeure. En ce sens, cela a été mentionné dans l'épître aux Hébreux : [Car ici nous n'avons pas de ville durable, mais nous cherchons celle à venir] [Hébreux 13 :14]. Et dans l'Épître aux Philippiens : [Car notre vie est au ciel, d'où nous attendons aussi un Sauveur, qui est le Seigneur Jésus-Christ, qui transformera le corps d'humilité Pour que nous soyons conformes à l'image de Sa glorieuse corps, selon l’action de sa capacité à se soumettre toutes choses [Philippiens 3 :20, 21].

* Mais nous entrons désormais dans cet univers renouvelé, comme nous l'avons vu :

En ce sens, le Seigneur Jésus a dit : [Mais l’heure vient, et elle est déjà venue, où les vrais adorateurs adoreront le Père en esprit et en vérité, car le Père cherche de tels hommes pour l’adorer.] [Jean 4 : 2] 3]. Les travaux de rénovation seront achevés le dernier jour, mais ils ont déjà commencé. Nous devons désormais y entrer pour qu’elle se réalise pleinement en nous lors de la seconde venue du Seigneur. Le chrétien attend non seulement la venue du jour du Seigneur, mais il « hâte également sa venue », selon les paroles de l'apôtre Pierre (2 Pierre 3 : 12), ce qui signifie qu'il commence à le réaliser, par la grâce du Seigneur. , en lui et autour de lui, descendant sur la terre, selon les mots de l'écrivain Khalil Ramez Sarkis, « quelques jours de paradis ». Et dans sa lutte, parfois âpre, pour la vérité, le bien et la joie sur terre, il ressent une confiance sans précédent car il sait que ses efforts ne seront pas vains et que le mal et la mort seront vaincus une fois pour toutes par la grâce de Dieu qui s'est incarné, crucifié, ressuscité et monté au ciel pour libérer l'homme et le déifier.

أسئلة:

Lisez Actes 1:1-11.

  1. Que signifie l’ascension pour l’humanité du Christ ? (Voir Jean 17 : 5). N'est-il pas, en ce sens, une extension et un point culminant de la Résurrection et de tout le processus de rédemption ?
  2. Quelle est la relation entre le dépouillement accompli par Jésus et son ascension ? (Voir Philippiens 2 :6-10 et Éphésiens 4 :10).
  3. Le « ciel » vers lequel Jésus est monté désigne-t-il les sphères supérieures de l’espace ? (Voir Ésaïe 55 : 8-9).
  4. Une personne peut-elle, avec ses propres pouvoirs, monter jusqu’à ce « ciel » ? La pénétration des missiles dans l’espace parviendra-t-elle à un tel essor ? (Voir Jean 3:13).
  5. Notre rêve de monter au ciel ne s’est-il pas réalisé grâce au Christ Jésus ? (Voir Jean 17 :24, Jean 12 :26 et Éphésiens 2 :4-6.)
  6. Cela signifie-t-il que nous ne devrions pas nous soucier des affaires terrestres ? Le chrétien est-il obligé de quitter le monde ou de se protéger du mal du monde ? (Voir Jean 17 :11-15 et Jacques 1 :27). Si l'ascension est participation à la vie de Dieu, et si la vie de Dieu est une vie d'amour, cela ne signifie-t-il pas que le croyant ascensionné est devenu extrêmement proche des gens et qu'il s'intéresse extrêmement à toutes leurs affaires, y compris les affaires terrestres ? Quelles sont les paroles du Seigneur Jésus qui prouvent que le croyant vit désormais son ascension et que le monde monte avec lui ? (Voir Luc 17 :21, Matthieu 5 :13, Matthieu 13 :33).
  7. Quelle est la relation entre l’ascension du Christ et sa seconde venue ? Notre renouveau et le renouvellement de l’univers seront-ils complets avant cette venue ? (Voir 2 Pierre 3 :13, Philippiens 3 :20-21 et Apocalypse 21 :2-5). Cet univers renouvelé n'est-il pas notre véritable maison ? (Voir Philippiens 3 :20-21 et Hébreux 13 :14).
  8. Suffit-il d’attendre cet univers renouvelé ? (Voir 2 Pierre 3:12). Que signifie « hâter le jour de Dieu » ?

Annexe:

Le chrétien est un citoyen du ciel vers lequel le Christ est monté dans la chair, emmenant l'humanité avec lui. Mais il sait que le ciel n'est pas un endroit au-dessus des nuages, mais plutôt une vie divine placée en lui pour renouveler et changer la face de la terre et de l'histoire, hâtant ainsi le Jour du Seigneur où Dieu sera « tout en tous ». » « sur une nouvelle terre où habite la justice. » C’est ce que nous rappellent trois textes, que nous démontrons ci-dessous :

  1. Le premier texte est issu d’une conférence prononcée par le professeur Albert Lahham lors du colloque libanais intitulé « La justice politique dans le christianisme », dans laquelle il dit :
    • « Le chrétien sait très bien que l’utopie n’est pas de ce monde. C'est la Jérusalem céleste, la nouvelle terre, avec laquelle Dieu couronnera l'œuvre de sa création dans les derniers jours. Mais le chrétien croit aussi que cette nouvelle terre, le Royaume de Dieu, n'est pas seulement un événement au-delà que nous attendons dans prière, mais plutôt un événement qui est entré dans l'histoire humaine en Jésus-Christ et qui est toujours présent dans l'histoire et qui y agit comme force de résurrection, de renouveau et de transformation. « Si quelqu’un est en Christ, il est une nouvelle création. Les choses anciennes sont passées ; voici, toutes choses sont devenues nouvelles » (2 Corinthiens 5 : 17). C’est pourquoi le chrétien, devenu membre de cette nouvelle création en faisant l’expérience de la mort de la croix et de la puissance de la résurrection, est appelé à développer la société et à changer le visage de l’histoire. »
      (Extrait de la revue « Symposium Lectures », année 20, bulletins 11 et 12, 1966)
  2. Le deuxième texte est du philosophe français Emmanuel Monet, fondateur de la doctrine du personnalisme. Il y apparaît que l'espérance du ciel suscite la transformation de la terre car l'au-delà ne sera pas l'anéantissement de l'univers, mais plutôt l'aboutissement du renouveau que le Christ a initié en lui et auquel les chrétiens doivent désormais contribuer :
    • « …La véritable espérance chrétienne n’est pas une évasion. L'espoir de l'au-delà éveille directement la volonté d'organiser ce monde. Toutes les paraboles du livre, comme les vierges sages et les vierges folles, la parabole de l'invitée au mariage qui ne portait pas la robe de mariée, la parabole des talents, et bien d'autres proverbes également, se concentrent toutes sur ce sujet : Soit l’au-delà sera désormais présente parmi eux et à travers vous, soit elle ne le sera jamais. Vous vous souvenez qu'au moment où les apôtres, après avoir vu le Christ partir dans les nuées, levaient encore la tête avec étonnement vers le ciel, deux hommes en vêtements blancs s'approchèrent d'eux et leur dirent à cet effet : « Pourquoi tu restes ici le nez en l'air ? Celui qui est parti reviendra. Alors votre travail est à vos pieds. Ainsi, pour le chrétien qui attend l’au-delà, l’idée de la fin des temps n’est pas une idée d’anéantissement, mais une attente de continuation et d’achèvement.
      Emmanuel Mounier : La Petite Peur du XXe Siècle (1949), in Oeuvres, T. III, p. 346, Seuil, Paris, 1962
  3. Le troisième texte est du célèbre théologien protestant suisse Karl Barth. Il y apparaît que notre confiance dans le fait que les forces du mal et de la mort seront vaincues une fois pour toutes le Jour du Seigneur nous donne le courage nécessaire pour lutter pour construire un monde meilleur, car nous savons que nos efforts ne suffiront pas. être gaspillé et que l’histoire humaine a un sens :
    • « Si nous croyons que les événements et l’histoire ont un sens, et que nous croyons aussi au développement et à la révolution, à la réforme et au renouvellement de la société, à la possibilité d’une fraternité sur terre et sous le ciel, alors c’est parce que nous attendons quelque chose de mieux, je veux dire. le nouveau ciel et la nouvelle terre. Si nous nous consacrons, de toutes nos forces, à nos tâches quotidiennes, aussi petites soient-elles, et si nous travaillons sans relâche à construire un nouveau (pays), c'est parce que nous attendons la Nouvelle Jérusalem qui descend de Dieu. Si nous avons le courage, dans notre monde, de supporter les restrictions, les obstacles et les désavantages, et même si nous avons le courage de les détruire aussi, c'est parce que, que nous les supportions ou les détruisions, nous croyons au Dieu divin. plan qui nécessite de vaincre le dernier des ennemis et la plus forte des restrictions, c’est-à-dire la mort elle-même.
      Karl Barth

6- Le Christ Universel :

Veuillez le revoir à sa place dans le livre... le réseau

Facebook
Twitter
Télégramme
WhatsApp
PDF
fr_FRFrench
Retour en haut