يحتاج المؤمن ليتابع الصلوات والخدم الليتورجية في الكنيسة الارثوذكسية الى كتب طقسية عدّة، يتعلق بعضها ببعض المواسم والاعياد، ويستعمل البعض الآخر في الخدم اليومية. أهمّ هذه الكتب:
- السواعي (باليونانية اورولوغيون، وتعني مجموع الساعات): يحتوي هذا الكتاب، بخاصة، على الصلوات اليومية الثابتة، وعددها سبعة (صلاة الغروب، صلاة النوم، صلاة نصف الليل، صلاة السَحَر، وصلوات الساعات الاولى والثالثة والسادسة والتاسعة)، وهي صلوات تمارس يوميا في الاديار، ويؤدي بعضَها (الغروب والسحر والنوم) المؤمنون في بعض كنائس الرعايا او في بيوتهم.
- المعزّي (أُكطويخُس، ومعناها: ذو الألحان الثمانية): يضم هذا الكتاب أناشيد تتخلل الصلوات اليومية (بخاصة صلاتي الغروب والسحر) منظومة على الألحان الثمانية، وتؤلف الدور الأسبوعي الذي يتكرر في معظم اسابيع السنة.
- الميناون (وتعني باليونانية الشهري): وهو كتاب يحتوي على جميع صلوات الأعياد اليومية على مدار السنة، ولذلك يسمى ايضا بالعيد. تدخل قطع صلوات الميناون في الخدم اليومية.
- التريودي (وتعني ذو الأودية الثلاث): هو كتاب يستعمل في صلوات الصوم الكبير بدءاً من أحد الفريسي والعشار وحتى سبت النور.
- البنديكُستاري (وتعني الخمسيني): يحتوي هذا الكتاب صلوات موسم الفصح العظيم، ويُستعمل الى الأحد الاول بعد العنصرة المعروف بأحد جميع القديسين.
- كتاب المزامير: وهو احد اسفار العهد القديم، يضمّ .51 مزمورا مقسومة الى .2 جزءاً يقسم كل جزء الى ثلاثة اقسام تتلى كلها، خصوصا في الاديار، على مدار كل اسبوع. كما ترتل في بعض الأعياد الكبرى، في صلاة السحر، آيات مختارة من مزامير عدة، موزعة على مجموعات، جُمعت في كتيّب خاص معروف باسم “البوليئليون” (كلمة يونانية تعني: الكثير الرحمة).
- الإنجيل الشريف: يوضع هذا الكتاب على المائدة المقدسة، ويضمّ البشائر الاربع موزعة الى مقاطع تتلى في كل يوم على مدار السنة. يقرأ منه في الأسرار وبعض الطقوس الأسقفُ او من ينتدبه.
- كتاب الرسائل: ويضم سفر أعمال الرسل ورسائل العهد الجديد، وقد قُسّمت لتُقرأ يوميا على مدار السنة. يسبق مقاطع الرسائل استيخونات (جمع استيخُن، كلمة يونانية تعني السطر او الصف من الشيء)، وهي آيات معظمها من المزامير.
- القنداق: هو كتاب خاص بالكهنة، يحتوي على القداس الإلهي وبعض الصلوات الاخرى.
- الأفخولوجيون (مجموع الصلوات): يحتوي على الأسرار الكنسية وبعض الخدم والصلوات التقديسية التي ترافق الانسان في معظم أوضاع حياته.
الكتاب الذي يقود هذه الصلوات الكنسية جملةً هو كتاب “التيبيكون” (كلمة يونانية مأخوذة من لفظة “تيبوس” التي تعني القاعدة والمثال والقانون)، وذلك لأنه ينظّم الخدم والصلوات الكنسية كلها ويوحّد أداءها ويحفظها من اي تفرّد او تشويه.
هذه الكتب وما تحويه من صلوات تخص كلّ معمَّد، وممارستها -او بعضِها- واجب مقدس. وقد رأينا أن بعض الابرشيات، رغبة منها في إفادة المؤمنين، قد حاولت، او أذنت بطبع كتب ضمّت بين دفتيها صلوات بعض المواسم (او وضعت بعض الصلوات، مثل: صلاة النوم الكبرى والمديح… بين أيدي المؤمنين). غير أن هذه المحاولات -ومعظمها مفيد- مهما كثرت، ستبقى عاجزة عن وضع كل الكتب التي ذكرناها آنفا بين أيدي المصلّين ليستعملوها أثناء الصلاة.
ويبقى السؤال: كيف يستطيع المؤمنون أن يتابعوا الخِدَم، بتركيز أشد، بلا كتب بين أيديهم؟ لا شك أن الذين يؤمون الكنائس بتواتر لا يعرفون، على العموم، هذه المشكلة التي يعاني منها، بحدة، الموسميّون وحديثو الالتزام، ونرى، أن الحلّ يرتبط اولا بخدام هذه الصلوات، وذلك أنهم معنيّون بإيصال الكلمة مفهومة الى الناس، وهذا يتم بشروط عدة منها معرفة قواعد اللغة معرفة جيدة وإتقان الموسيقى البيزنطية، وتاليا عبر قراءة واضحة محضرة سابقا وترتيل بسيط لا تصنّع فيه او تباه، قائم على اللفظ الجيد للكلمة من دون إهمال للحن.
هذه الكتب الطقسية واحدة من اكبر كنوز الكنيسة الارثوذكسية لأنها تحمل قدرة التقديس التي شهد التاريخ على انها ممكنة حقا في العالم. ما يجب أن نعيه هو أن الزمان لا يتقدس الا بالصلاة، ولذلك علينا ان نحاول -ما استطعنا- الصلاةَ مع الكنيسة حتى يفرح الرب بنمو الكثيرين.
عن نشرة رعيتي 1995