تصبح الحياة بالمسيح واقعاً لا في السماء فحسب بل هنا على الأرض للمسيحيين الذين يعيـشون فيـه بالطبع، ويعملون وفقاً لمتطلبات الحياة السامية. الحياة في المسيح ممكنة ومحققة لذلك يحثنا الرسـول بولس على السير “في حياة جديدة” (رومية 6: 4). من الضروري أن يـشرح مـا يجـب أن يفعلـه المسيحي ليحظى بالوحدة مع المسيح التي لا يمكن أن نجد لها تحديداً كاملاً ودقيقاً. يجب أن يتـضافر عاملان لتحقيق هذه الوحدة العظيمة الباهرة: النعمة الإلهية العاملة دائماً وتقبل الإنسان واجتهاده. مـا هو المطلوب من الإنسان؟ أن يتقبل النعمة وأن يخضع إرادته لها، وألاّ يشي بالكنز الذي أئتمن عليـه، وألاّ يطفئ سراج النشاط الذي أشعلته في روحه، وألاّ يقود إلى الذبول الروحي والموت. ومـصلحتنا الحقيقية تفرض علينا ألاّ ندير سيف الخطيئة ضد نفوسنا وألاّ نهرب من السعادة الروحية وألا نرمـي إكليل المسيح عن رؤوسنا. فالمسيح الحاضر دوماً في أرواحنا يغرس “الحياة الجديدة” فيها باسـتمرار وبطريقة لا يعبر عنها. أنه دائماً معنا ويساعدنا على تطوير حياتنا الروحية التي أعطانا لنا بالتـضحية التي قدمها على الصليب. فالمسيح حاضر لا كما كان على الأرض، ولا كما كان يتـصل بنـا علـى الأرض، بل بطريقة أكثر كمالاً نصبح بواسطتها أعضاءه ونؤلف معه جسداً وروحاً واحداً. إن تنازله إلى هذا القدر يعبر عن رحمته التي لا حد لها. لقد أحب رجالاً لا يستحقون محبتـه، رجـالاً خطـأة، أعداء، وملأهم بنعمته عندما رآهم يسلكون طريق العودة التائبة. إن وحدة المسيح السرية مع مختاريه لا يمكن أن يعبر عنها وكذلك الطريقة التي تحلّ بواسطتها في النفوس، نفوس أولئـك الـذين أحـبهم وأعطاهم نعمته وموهبته كما يليق بالذي يدير الكائنات العجيبة العظيمة.
معلومات حول الصفحة
- الكاتب: نقولا كاباسيلاس، القديس
- القسم: الحياة في المسيح
- نشرت على الشبكة: