☦︎
☦︎

إن دراسة الأمور الإلهية السامية، ستحمينا من الخطيئة، وستساعدنا حتى ولو سقطنا، على النهوض، لأنه عندما يتوفّّر هذا القدر من الوسائل لخلاصنا فمن المخيف إلا يعود الإنسان إلى ربه بعد الخطيئة، وألا يقبل أن يتوب خجلاً وخوفاً وأن ينظر إلى الطريق كطريق صعب متعب وأن يعتقد أن االله لن يقبل توبته مهما كلف الأمر لأنه غاضب. إن الإيمان بأن رحمة االله لا تحد جدير بأن يعتق النفس من هذا التضعضع المدمر. فإذا كان الإنسان يعرف مقدار صلاح االله فلماذا هذا الشعور بصعوبة التوبة عن الخطايا التي فعلها؟ هذا هو فن الشرير وهذه هي آليته، عدو الإنسان العام، الشيطان. فنه أن يجر الإنسان إلى الخطيئة، فيلقي بنفسه في أحضانها بوقاحة وجرأة. العدو غير المنظور يدخل إلى النفس الخاطئة بعد اقتراف الخطيئة التي ارتكبتها الشعور بالحياء والخوف ليدفعها من جديد إلى أحضانها حتى تغرق هناك فلا تستطيع أن تنتصب البتة. يحاول بالخجل والخوف أن يبعده عن االله نهائياً وأن يرميه في هاوية الضلالة.

لذلك علينا أن نحصن ذواتنا ضد الجرأة على الخطيئة، وضد الخجل الخوف أيضاً اللذين يعقبان جرم اقتراف الخطيئة. الخوف بعد اقتراف الخطيئة لا يقود إلى الخير بل يشكل تخديـراً للنفـس. الخوف والخجل لا يفيدان شيئاً. أننا لا نخجل من جراح الخطيئة ولا نطلب أن تجد من يشفينا بل نحاول بالخجل أن نبعد أعيننا عن المخلص كما فعل آدم بعد المعصية إذ اختبأ خوفاً وخجلاً. كان آدم مجرحاً بجراحات قتّالة من جراء الخطيئة، وكان يتهرب من يد الطبيب، وكان المفروض أن يسعى إليه، ويفتش عنه، وألا يترك الخطيئة تنتصر، وألاّ يخفي ضعفه، ويلقي الذنب على المرأة وحدها. إن قايين بعد ارتكابه جريمته حسب إن عين االله لا تراه، حسب أن االله لا ينتبه لعمله. االله يعرف كل شيء ويراقب كل شيء.

بعد الخطيئة يولد في النفس حزن يقود إما إلى النهوض وإما إلى الدمار والضياع. الحزن الذي عانـاه بطرس بعد نكرانه للمسيح، يشهد على أن الحزن كان من أجل المسيح. لقد تألم بطرس وبكـى بكـاء مراً، وأعاد بدموعه رتبته الرسولية إلى جانب المسيح. أما الحزن المدمر القائد إلى الفناء والعدم فهـو الحزن الذي عاناه يهوذا العبد الغاش. في اللحظة التي كان فيها المخلص يحرر العـالم مـن عبوديـة الخطيئة بالصليب، كان يهوذا بحزنه المدمر العنيف يفقد الرجاء بتنقية روحه، فيـدفع بنفـسه لحبـل المشنقة وينتحر. لنحزن على عدم الاعتراف بالجميل نحو الكلي الصلاح. إن حزناً كهذا لا يحمـل أي ضرر للنفس. يصاب البعض بعد الخطيئة بالضجر ويـشعرون بـالمرارة والألـم النفـسـي، وبمـا يضغط صدورهم وقلوبهم ويشعرون بألم عميق ويعتقدون إن حياتهم عبء ثقيل لا يحتمـل. أن هـذا الحزن عدو مدمر يقود النفس إلى الموت الأبدي.

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
☦︎

معلومات حول الصفحة

عناوين المقال

محتويات القسم

وسوم الصفحة

الأكثر قراءة

انتقل إلى أعلى