كانت الفوضى والحروب والأوبئة قد أدت إلى نزعات جديدة في الفكر الوثني. فدفعت بعض الرجال إلى الابتعاد عن هذا العالم الفاني والتأمل في عالم أزلي ملؤه الخير والجمال. فعكف عدد من رجال الفلسفة على فيثاغوروس زاهدين ورعين مستوحين قائلين بالسحر والعرافة جاعلين بعضهم حلقات انتداءات سحرية. فظهرت فيثاغورية جديدة.
وكان أبولونيوس قد اشتهر في القرن الأول بفيثاغوريته وسحره. فزادت شهرته في القرن الثالث وأصبح صانع عجائب ونصف إله. وسمح كل من كركلا وسويروس الكسندروس واوريليانوس بإحياء ذكره بطقوس خصوصية. وأحبت يولية دومنة الامبراطورية الحمصية أن تتقرب من مريدي هذا الفيلسوف الساحر ومن أتباعه فطلبت إلى فيلوستراتوس أن يكتب حياة أبولونيوس ففعل. وجاء أبولونيوس في كتاب فيلوستراتوس فيثاغورياً مثالياً مرتدياً الكتان لا يشرب إلا الماء ولا يأكل إلا من ثمار الأرض ولا يرضى عن الذبائح ولا يتعبد إلا للآله الشمس مكتفياً بحرق البخور. وهو يخبر بما يكون في المستقبل ويطرد الشياطين ويجوب الأرض في طلب الحكمة فيضرب فيها حتى بابل والهند والحبشة.
يقول أفسابيوس المؤرخ أن هيروكليس حاول أن يجعل من أبولونيوس مناظراً للسيد المخلّص. ولكنه خاطر في رهانه فنفر بعمله هذا جمهور الوثنيين وأبعدهم عن بطله.