Фејсбук
Твиттер
Телеграм
ВхатсАпп
ПДФ

1. نشيد الأناشيد الذي لسليمان.

2. ليقبلني بقبلات فمه، لأن ثدييك أفضل من الخمر.

3. رائحة أدهانك أطيب من كل الأطياب. اسمك دهن مهراق. لذلك أحبتك العذارى.

4. اجتذبني، فنجري ورائك نحو رائحة أدهانك. أدخلني الملك إلى حجاله. نبتهج ونفرح بك. نذكر حبك أكثر من الخمر. بالحق يحبونك! البسوا ثوب العرس!

[يرى القديس غريغوريوس أن إدراك أسرار هذا السفر – سفر العرس السماوي – هو موهبة يقدمها العريس السماوي لعروسه التي تختفي فيه، كما في ثوب ملوكي مقدس… لهذا لاق بالنفس أن تخلع عنها ثوب الأفكار الجسدانية حتى ترتفع بروح الرب إلى حجال عريسها وتتأهل للتمتع بأسراره.]

أنتم يا من – حسب نصيحة القديس بولس – قد تجرّدتم من الإنسان العتيق بأعماله وشهواته كما من رداء قذر، وارتديتم بطهارة حياتكم ملابس الرب اللامعة التي ظهر بها على جبل التجلي.

يا من لبستم الرب يسوع المسيح بثوبه المقدس، وتغيرتم معه إلى التحرر من الأهواء، وتبعتم الإلهيات.

استمعوا الآن إلى أسرار نشيد الأناشيد.

ادخلوا إلى حجال العريس الطاهر، والبسوا الثياب البيضاء التي للأفكار الطاهرة النقية.

لا يكن لأحد شهوات وأفكار جسدية وثوب ضمير غير لائق بالعرس الإلهي.

ليتخلص كل أحد من أفكاره الشخصية، ولا يربط أقوال العريس والعروس بالأهواء الجسدية الحيوانية.

كل من يظهر أنه مرتبط بهذه الأفكار المشينة يلزم طرده من صحبة المتمتعين بأفراح العرس إلى موضع النحيب (مت 22: 10-13).

حياة الحب لا الخوف!

[بعد أن طلب القديس منا أن نخلع ثوب الأفكار الجسدانية ونرتدي مسيحنا ثوبًا مقدسًا، طالبنا أن نلتقي بعريسنا على مستوى الحب الحقيقي، لا الخوف. نطلبه لأجل حبنا له، وليس خوفًا من أن نفقد المكافأة. إننا نحبه لأجل شخصه، لا لأجل مكافأته أو عطاياه.]

قدمت هذا التحذير قبل أن أورد التفسير السري لنشيد الأناشيد، حيث تحيط كلماته النقية الروحية غير الجسدانية بالنفس وتوحِّدها مع الله. لأن الله الذي يريد أن الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون (1 تي 2: 4)، يظهر هنا طريق الخلاص الأكمل والمطوَّب، أقصد طريق الحب. فبالنسبة للبعض يتم الخلاص بالخوف: الخوف من العقاب في جهنم، وبهذا يبتعدون عن الشرور. والبعض الآخر يسلكون في طريق الفضيلة مترجين المكافأة من أجل الحياة التقوية. هؤلاء لا يعملون الخير من أجل الحب بل انتظارًا للإثابة.

على الجانب الآخر نجد أن الشخص الذي يُسرع إلى الكمال الروحي يرفض الخوف (لأن الخوف هو عبودية؛ ومثل هذا الشخص الخائف لا يبقى مع سيده من أجل الحب. فإنه لا يهرب لئلا يُجلد). بينما الشخص الذي يطلب الكمال هو الذي يستخف حتى بالمكافأة، فإنه لا يرغب في أن يُشار إليه بأنه يفضل الهدية على مهديها. أنه يحب “من كل قلبه ونفسه وقوته” (تث 6: 5)، ليس من أجل الأشياء التي يهبها الله له، بل يحب الله مصدر كل الصالحات. هذا هو ما يأمر به الله كل النفوس التي تصغي إليه، فإنه يأمرنا أن نشاركه حياته.

بين السيد المسيح وسليمان

 سليمان هو الذي أسس هذا القانون (1 مل3: 12 ؛ 5: 9-14). فبحسب الشهادة الإلهية، فاقت حكمته كل المقاييس، ولم يكن لها مثيل في كل من سبقوه وكل من أتوا بعده. كان ثاقب الفكر، لا تخفي عنه خافية.

لا تظن أنني أقصد سليمان الذي من بئر سبع، والذي قدم آلاف الذبائح على الجبال (1 مل 11: 6-8)، والذي أخطأ بعد أن أغوته المرأة التي من صيدا (1 مل 11: 1-2). كلاَّ، أنه سليمان الآخر (المسيح) هو المُعنى به هنا، ذاك الذي جاء من نسل داود حسب الجسد، واسمه يعني سلامًا، الملك الحقيقي لإسرائيل وباني هيكل الله. سليمان الآخر هذا عنده معرفة كاملة بكل شيء. حكمته غير محدودة، وجوهره هو حكمة وحق، واسمه ممجد وإلهي وأيضًا فكره.

استخدم المسيح سليمان كأداة وكلمنا خلال فمه أولاً في الأمثال ثم في الجامعة. وبعد هذين السفرين تكلم خلال الفلسفة التي تضمنها نشيد الأناشيد موضحًا لنا كيف يكون التدريج إلى الكمال بترتيب.

بين الأمثال والجامعة ونشيد الأناشيد

[يقدم القديس عرضًا رائعًا لهذه الأسفار الثلاثة بكونها الأسفار التي تسند المؤمن عبر كل حياته. يسنده سفر الأمثال كما من طفولته الروحية، ويسلمه إلى سفر الجامعة كإنسان عبر إلى نوع من النضوج، وهذا يسلمه إلى سفر نشيد الأناشيد، سفر العروس الكاملة المتحدة بعريسها، تتعرف على أسراره الإلهية.]

 الإنسان غير قادر في كل مرحلة من مراحل حياته على إنجاز كل نوع من العمل. وأيضًا نجد أن حياتنا لا تتقدم بنفس الأسلوب في مراحل حياتنا المختلفة.

(فالطفل لا يستطيع أن يقوم بأعمال الإنسان الناضج، والناضج أيضًا لا يُحمَل بين يديّ مرضعته. إذًا فلكل مرحلة من العمر نشاطها الذي يناسبها.)

إذًا نجد أن النفس تنمو كالجسد أيضًا بترتيب خاص وتدرُّج يؤدي بها إلى حياة الفضيلة. فسفر الأمثال له أسلوبه المميز في تعاليمه، وسفر الجامعة له أسلوب آخر، بينما فلسفة نشيد الأناشيد تسمو على كليهما بتعاليمها الفائقة.

إن تعاليم سفر الأمثال تناسب الشخص الحديث السن، حيث أن كلماته تحث على أعمال تتلائم مع هذه المرحلة من العمر. “اسمع يا ابني تأديب أبيك ولا ترفض شريعة أمك” (أم 1: 8).

نرى هنا أن النفس في هذه المرحلة من العمر تتميز بليونة حيث يسهل تشكيلها، وأيضًا تكون بعد في احتياج للإرشاد والتشجيع الأبوي. يجب على الآباء (والأمهات) أن يتفهموا كيف يشجعوا أطفالهم ليكونوا أكثر حرصًا في استذكار دروسهم وأيضًا في الإصغاء بأكثر اهتمامٍ لنصائح والديهم، ربما عن طريق الوعود بتقديم هدايا لطيفة من وقت لآخر، مثل تقديم سلسلة ذهبية براقة حول عنقه أو تاج مزين بورود جميلة. على الوالدين تفهم مثل هذه الأمور تمامًا إذا ما كانت نيتهم وراء ذلك هو تقدُّم أولادهم.

هكذا فإن سفر الأمثال يبدأ بوصف الحكمة للطفل بطرق متنوعة، ويشرح الجمال الذي يفوق الوصف بحيث لا يوحي بأي خوف أو ارتباك بل بالأحرى يجذب الطفل إلى الشوق والرغبة في عمل الصلاح. إن وصف أوجه الجمال يجذب الشاب بطريقة ما للرغبة فيما يشاهده من هذا الجمال، وبالتالي يثير رغبته للمشاركة فيه.

ثم يزيِّن سليمان جمال الحكمة بتمجيدها، وذلك حتى يزداد حبنا للحكمة بعدما تحولت ميولنا المادية إلى أخرى غير مادية. ليس أن سليمان يصور جمالها بالكلمات فحسب بل أنه أيضًا يذكر مقدار الغنى المذخَّر في الحكمة، حكمة الله التي تقطن معنا حتميًا. حينئذ نشاهد هذا الغنى في الحكمة الرائعة الزينة. إن الزينة على يمينها طول الأيام، إذ أن كلمات الحكيم تقول: “في يمينها طول الأيام” (أم 3: 16). وتلبس على يسارها ثروة الفضيلة الثمينة وعظمة المجد معًا؛ “وفي يسارها الغنى والمجد” (أم 3: 16).

ثم يتحدث سليمان عن العبير الذي يفوح من فم العروس، نسيم الرائحة الذكية التي للفضيلة: “من فمها يخرج كلام البرّ” (3: 16). وبدلاً من اللون الأحمر الطبيعي لشفتيّ العروس يقول إن الشريعة والرحمة تخرج من شفتيها. وحتى يكمل جمالها يمدح أيضًا خطواتها فيقول “في طريق العدل اتمشَّى في وسط سبل الحق” (أم 8: 20).

في مدحه لجمالها يمدح سليمان أيضًا ضخامة حجمها الذي يشبه شجرة مورقة عظيمة. وهذه الشجرة التي يبلغ ارتفاعها ارتفاع قامة عروسه، هي شجرة الحياة على حد قوله، وهي تغذي من يلتجئ إليها، وهي دعامة قوية وراسخة لمن يتكئ عليها كما على الرب، فهي بالمثل ثابتة. وتُمتدح قوتها أيضًا حتى يكون تمجيد جمال الحكمة كاملاً، مشتملة على كل ما هو صالح. “الرب بالحكمة أسس الأرض. أثبت السموات بالفهم” (أم 3: 19). ينسب سليمان جميع عناصر الخليقة إلى قوة الحكمة ويصفها بأسماء كثيرة، كلٍ يحمل المعنى ذاته للحكمة مثل التعقل، الإدراك الحسن، المعرفة، الفهم وما شابه ذلك.

ثم يرافق سليمان الشاب إلى محل إقامة خاص ويحثه ليتفرس في حجرة العرس. “لا تتركها فتحفظك، اَحببها فتصونك. الحكمة هي الرأس. فاقتنِ الحكمة وبكل مقتنياك اقتن الفهم. ارفعها فتُعلِّيك. تمجدك إذا اعتنقتها. تعطي رأسك إكليل نعمة. تاج جمال تمنحك”.

والآن فإن الشاب المزيَّن بتاج العرس يحثه العريس على عدم ترك الحكمة “إذا ذهبت تهديك، إذا نمت تحرسك، وإذا استيقظت فهي تحدثك” (أم 5: 22). بتلك الطرق وبأخرى حث سليمان الشاب بحسب الإنسان الباطن وأشعل رغبته للتمسك بالحكمة، إذ الحكمة تصف نفسها. بذلك انتزع سليمان حب كل من استمع إليه. إلى جانب ذلك فالحكمة تقول: “أنا أحب الذين يحبونني” (أم 8: 17)، إذ أن اشتياق المحب هو إن يُرَدَ له الحب بالحب، يؤدي به إلى رغبة شديدة بالأكثر. أضاف سليمان إلى هذه الكلمات نصائح آخرى بتصريحات أكثر وضوحًا وسلاسة. وقد قاد سليمان الشباب إلى المثالية في أروع صورها في الآيات الأخيرة من سفر الأمثال، حيث يقول “مبارك” هو اتحاد الحب، في هذا الجزء الذي يخص مدح المرأة الفاضلة.

 يضيف سليمان فلسفة سفر الجامعة إلى الشخص الذي أخذ قسطًا تمهيديًا وافيًا من التدريبات المشتمل عليها سفر الأمثال، وصار مشتاقًا إلى الفضيلة.

بعد أن وبخ سليمان في سفر الجامعة سلوك الإنسان تجاه المظاهر الخارجية، وبعد أن قال إن كل ما هو غير ثابت هو باطل وعابر “كل ما يأتي باطل” (جا 11: 8). نجد سليمان بعد ذلك قد ارتفع فوق كل الأشياء المحسوسة، أي حركة الحب التي توجه نفوسنا تجاه الجمال غير منظور.

وهكذا إذ غسل القلب من الأمور الخارجية بدأ سليمان يمهد النفس للدخول إلى قدس الأقداس خلال نشيد الأناشيد. إن نشيد الأناشيد يصف عرسًا إنما ما يفهم ضمنًا هو اتحاد النفس البشرية مع الله.

لذلك فإن الابن الشاب في سفر الأمثال يسمَّى العروس وتتخد الحكمة دور العريس، حتى أن الإنسان يستطيع أن يتحد بالله إذ يصير عذراء طاهرة بدلاً من كونه العريس. بالتصاقه مع الرب يصير الإنسان روحًا واحدًا معه (1 كو 6: 17) من خلال الوحدة، مع ما هو طاهر ونقي ذهنيًا بدلاً من التثقل بالجسد وأهوائه.

ليلتهب قلبك حبًا نحو العريس السماوي!

بما أن الحكمة هي التي تتكلم، إذًا فلتُحب قدر ما تستطيع بكل قلبك وكل قوتك (تث 6: 5)؛ لتكن فيك هذه الرغبة قدر استطاعتك. وإنني اتجاسر فأضيف لهذه الكلمات: “لتكن توَّاقًا لذلك”. هذا الشعور تجاه الأمور غير الجسدية، إنما هو فوق الشبهات وخالي من الشهوة، كما تقول الحكمة في سفر الأمثال عند وصفها للحب المتقد للجمال الإلهي.

لكن النص أمامنا الآن يحثنا بالمثل. أنه لا يقدم لنا مجرد نصيحة بخصوص الحب، لكن من خلال الأسرار التي لا يُنطق بها يفلسف صورة مباهج الحياة، مقدمًا لنا إياها كاستعداد لإرشاداتها. إن الصورة هي إحدى صور الزفاف حيث الرغبة في الجمال تمثل الوسيط. لا يبدأ العريس بإظهار رغبته حسب العادة البشرية الطبيعية، لكن العروس هي التي تبادر بإظهار مشاعرها بلا خجل وتتوسل أن تحظى بقبلات العريس.

إن الذين يخدمون الخطيبة البكر ويلازمونها هم البطاركة والأنبياء ومعلمي الناموس. إنهم يقدمون للعروس هدايا العرس، كما كانت. (من أمثلة هذه الهدايا: غفران المعاصي، نسيان الأعمال الشريرة، غسل الخطايا، تغيير الطبيعة، أي تصير الطبيعة الفاسدة طاهرة، التمتع بالفردوس، وكرامة ملكوت الله، والفرح اللانهائي.) عندما تتقبل العروس كل هذه الهدايا من النبلاء الحاملين لها والذين يقدمونها خلال تعاليمهم النبوية حينئذ تعترف باشتياقاتها ثم تسرع لتتمتع بامتياز جمال الواحد طالما اشتاقت إليه.

يصغي خدام البتول ومرافقوها إليها ويحثونها بالأكثر لاشتياق متزايد. ثم يصل العريس قائدًا جوقة من المغنين فيما بينهم أصدقاؤه والذين يترجون خيره. هؤلاء يمثلون الأرواح الخادمة التي تنقذ الإنسان أو الأنبياء الأطهار. عند سماع صوت العريس يفرحون (يو 3: 29)، عندما يتحقق الاتحاد الطاهر حيث تصير النفس الملتصقة بالرب روحًا واحدًا معه كما يقول الرسول (1 كو 6: 17).

الإعداد لفهم السفر

سأعود ثانيًا إلى ما سبق إن قلته في بداية هذه العظة: لا تدع أي شخص شهواني أو جسداني تنبعث منه رائحة الإنسان العتيق الكريهة (2 كو 2: 16) أن يقلل من أهمية الأفكار والكلمات المقدسة، ويستبدلها بأخرى شهوانية حيوانية، بل بالأحرى ليخرج كل إنسان من الأنا ويعتزل العالم المادي. ليصعد إلى الفردوس خلال قطع رباطات العالم إذ صار مثل الله خلال النقاوة. ثم نقول ليدخل كل منا إلى قدس أقداس الأسرار المعلنة في هذا الكتاب (سفر نشيد الأناشيد).

 إذ ما كانت النفس غير مستعدة لسماع ذلك فلتنصت لموسى النبى الذي يمنعنا من الصعود على الجبل الروحي قبلما نغسل ثياب قلوبنا وأيضًا ننقى نفوسنا برش الماء المقدس اللائق لتنقية أفكارنا أولاً وبالتالي نفوسنا.

وحينما نتكرس لمثل هذه التأملات علينا إن نلقي جانبًا فكرة الزواج كما أمر موسى (خر 19: 15) حينما أمر الذين بدأوا بغسل ثيابهم بألاَّ يقربوا امرأة. علينا أن نتبع إرشاداته حينما نكون على وشك الاقتراب من الجبل الروحي لمعرفة الله: إذ أن الأفكار عن النساء وما يصاحبها من حب اقتناء الماديات يجب أن يُترك جانبًا مع اعتزال الحياة السفلية.

إذا ما قامت أي نزوة غير منطقية عند سفح الجبل يجب إن تُحطم بقوة مضادة من أفكار أكثر حزمًا كما لو كانت تُرجم بالحجارة. وإلا فسوف يصعب علينا أن نسمع صوت البوق الذي يتردد بصوتٍ عالٍ وعظيم يفوق طاقه السامعين. يصدر هذا الصوت من مكان وجود الله الخفي، والذي يحرق كل ما هو مادي فوق هذا الجبل.

نشيد الأناشيد

 والآن دعنا ندخل إلى قدس الأقداس، نشيد الأناشيد. إن تعبير “قدس الأقداس” يحمل معنى القداسة الفائقة. إن النص الكريم يعدنا خلال عنوانه “نشيد الأناشيد” بأن يعلمنا سر الأسرار.

من المؤكد أن هناك أناشيد أخرى كثيرة في التعاليم الإلهية الموحاة، وهي تعلمنا الكثير في طريق معرفة الله على فم داود، وإشعياء، وموسى وكثيرين غيرهم.

وهكذا نفهم من العنوان “نشيد الأناشيد” أنه كما أن أناشيد القديسين تفوق حكمة الأناشيد الدنيوية، بالمثل أيضًا فإن الأسرار المكنوزة هنا تفوق أناشيد القديسين. حقًا إن العقل البشري بحسب إمكانياته المحدودة لا يستطيع أن يكتشف أو يستوعب أسرار النشيد، إذ أنه يحسب اللذه الجسدية (أي الجنسية) رمزًا للحب. يعلمنا هذا السفر أن النفس تحتاج أن تفتش على الجمال الخفي للطبيعة الإلهية، وأن تحبه مثلما يميل الجسد لحب قريبه.

يليق بالنفس أن تُخمد العاطفة الجسدية حتى أنه حين تُطفئ كل عاطفة جسدية تتقد عقولنا بالعاطفة الروحية وحدها وتتمتع بالدفء خلال هذه النار التي جاء الرب ليلقيها على الأرض (لو 12: 49).

كاتب السفر

والآن وقد استفضت الحديث عن السامعين لهذه الكلمات السرائرية وكيف قد حان الوقت لتدبير نفوسهم لنبدأ بتفسير الكلمات الإلهية لسفر نشيد الأناشيد. لنبدأ حديثنا بدلاً له العنوان.

إن نَسب السفر لسليمان لم يأتِ مصادفة، وهذا النَسب يفيد بأن يُعد القارئ لاستقبال شيء عظيم ومقدس. فشهرة سليمان بالحكمة عظيمة وذات تأثير على كل أحد. لذلك فإن ذكر اسمه في مطلع السفر يزيد من توقعات القارئ لشيء عظيم يليق بمثل هذه الشهرة.

في فن الرسم نجد الألوان المختلفة وقد تآلفت معًا لتقدم لوحة فنية جميلة. ولكننا نرى أن الشخص الذي ينظر إلى الصورة التي رسمها الفنان مستخدمًا الألوان بمهارة لا يركّز نظره على الألوان بل على الإطار العام للوحة. هكذا الأمر بالنسبة لهذا السفر الماثل أمامنا، فعلينا ألا نهتم بمادة اللون (أي الكلمات) بل بالأحرى علينا أن نهتم بصورة الملك المعبَّر عنها بمفهوم الطهارة. إذ أن اللون الأبيض والأصفر والأسود والأحمر والأزرق أو أي لون آخر ما هو إلا هذه الكلمات بمعانيها الواضحة – فم، قبلة، مر، سلك، الأطراف الجسدية، المخدع، الخادمات… – وهكذا. إن الشكل الذي تكونه هذه الكلمات هو: البركة، الانفصال عن الشر، الاتحاد بالله، البعد عن الشر، وحب ما هو حقًا جميل. هذه المفاهيم تشهد بأن حكمة سليمان قد فاقت حدود الحكمة البشرية. ماذا يحيرنا أكثر هو أن سليمان يجعل الطبيعة البشرية تتنقى من الشهوات، ويعلمنا ذلك مستخدمًا كلمات مفعمة بالعاطفة المتقدة! إذ أن سليمان لا يتحدث عن ضرورة البعد عن انفعالات الجسد أو إماته أعضائنا التي على الأرض، أو أن نحجم عن كلمات العاطفة المتأججة، لكنه بالحرى يحث النفس أن تسعى للطهارة خلال كلمات تبدو أنها تحمل معنى عكسيًا، إذ أنه يشير إلى معاني نقية عفيفة خلال لغه حِسية ملموسة.

خلال مقدمة النص نتعلم شيئًا واحدًا: هؤلاء الذين دخلوا إلى أعماق أسرار هذا السفر ليسوا بشرًا بعد، بل قد تحولوا بالطبيعة خلال تعاليم الرب إلى ما هو إلهي بالأكثر. الله الكلمة قد شهد لتلاميذه بأنهم مميزون عن البشر. وقد جاء هذا التمييز حين قال لهم: “من يقول الناس إني أنا؟” (مر 8: 27)؟ يستخدم سفر النشيد كلمات ظاهرها يشير إلى التمتع باللذة الجسدية. ولكنها في الواقع لا تتضمن أي معنى غير طاهر أوغير لائق، بل هي تقودنا إلى فلسفة الأمور المقدسة خلال المفاهيم الطاهرة. إنها توضح لنا أننا لسنا بعد من لحم ودم ذي طبيعة بشرية لكنها بالحري تشير إلى الحياة التي نتطلع إليها عند قيامة القديسين، حياة ملائكية خالية من كل شهوة.

قُبلات فمه

بعد القيامة، يتحد الجسد – الذي صار في عدم فساد – مرة آخرى مع النفس. إن الشهوات التي تحارب جسدنا المائت الآن لن تكون بعد بل تسكن جميعها. وسيبطل النزاع بين الجسد والنفس. ولن تكون هناك بعد حرب الشهوات ضد ناموس العقل، حيث تهزم النفس وتصير أسيرة الخطية. حينئذ تتنقى الطبيعة من كل هذه الأشياء وتكون الروح واحدة (أي لا تعارض بين الجسد والروح) وسوف يبطل كل تدبير جسدي للجنس البشري. وهكذا فإن النشيد يحثنا على الرغم من أننا مازلنا في الجسد ألاَّ تكون أفكارنا جسدانية؛ بل بالحري علينا أن نهتم بالروح وحدها وأن ننسب كل مظاهر العاطفة في النص إلى صلاح الله الفائق كذبيحة طاهرة غير دنسة. لأن الله وحده هو عذب بالحقيقة، مشتهى الأمم ومستحق أن يُحَب. إن تمتعنا الحالي بالله هو نقطة البداءة لنصيب أكبر من صلاحه ويزيد من شوقنا إليه. وهكذا ففي أسفار موسى (خر 33: 11) يقول إن العروس أحبت العريس. كما تقول عروس النشيد “ليقبلني بقبلات فمه”. إن موسى قد خاطب الله وجهًا لوجه كما يشهد الكتاب (تث 34: 10) وهكذا ازداد شوقه إلى هذه القبلات بعد رؤيته لله. لقد بحث عن الله وكأنه لم يره قط. لذلك فهؤلاء الذين لديهم رغبة دفينة واشتياق لله فإن هذا الاشتياق لا يتوقف بل كلما تمتعوا بالله كلما اِزداد اِشياقهم تأججًا إليه.

إن الروح رغم اتحادها مع الله فهي لا تشعر بملء السعادة مطلقًا. كلما تمتعت بجماله زاد اشتياقها إليه. إن كلمات العريس روح وحياة (يو 5: 24)، وكل من التصق بالروح يصير روحًا. كل من التصق بالحياة ينتقل من الموت إلى الحياة كما قال الرب. وهكذا فالروح البكر تشتاق دائمًا للدنو من نبع الحياة الروحية. النبع هو فم العريس الذي تخرج منه كلمات الحياة الأبدية. أنه يملأ الفم الذي يقترب منه مثل داود النبي الذي اجتذب روحًا خلال فمه (مز 118: 131).

لما كان لزامًا على الشخص الذي يشرب من النبع أن يضع فمه على فم النبع، وحيث أن الرب ذاته هو النبع كما يقول: “إن عطش أحد فليقبل إليَّّ ويشرب” (يو 7: 37)؛ لذلك فإن الأرواح العطشانة تشتهي أن تضع فمها على الفم الذي ينبع بالحياة ويقول: “ليقبلني بقبلات فمه” (نش 1: 2).

من يهب الجميع الحياة ويريد أن الجميع يخلصون يشتهي أن يتمتع كل واحد بنصيب من هذه القبلات، لأنها تطهر من كل دنس.

اَعتقد أن الرب كان يوبخ سمعان الأبرص حين قال له: “قبلة لم تقبلني” (لو 7: 45). كان يعني بذلك: لقد كان يمكنك أن تبرأ من مرضك لو أنك انتزعت الشفاء بشفتيك. ولكن على الأرجح أن سمعان لم يكن مستحقًا للحب، إذ أن مرضه سبَّب له نموًا مطردًا في جسده، وقد ظل غير مشتاق لله بسبب مرضه. ولكن حينما تتطهر الروح ولا يعوقها بعد برص الجسد تبدأ في التفتيش عن كنز الصالحات. اسم هذا البيت الذي يضم الكنز هو القلب. من هذا الكنز يمتلئ الثديين بغنى اللبن المقدس الذي به تتغذى الروح وتنتزع البركة بما يوازي إيمانها. لذلك تهتف الروح: “لأن حبك (أي ثدياك) أطيب من الخمر” ويشير بالثدي إلى القلب. ولا نخطئ إذا حسبنا أن القلب هنا ما هو إلاَّ قدرة الله الخفية السرية. من الأرجح أن نعتبر أن الثديين هما عمل الله القوي من أجلنا الذي به يشبع حياة كل منا بما يناسبه.

إن فلسفة سفر النشيد تعلمنا بطريق غير مباشر درسًا آخر ألا وهو إنَّ فهمنا للأمور له شقان: مفهوم جسدي ومفهوم روحي. كما يقول الحكيم في سفر الأمثال، “وتجد معرفة الله” (أم 2: 5). هناك نوع من التناظر بين أعمال الروح وأعمال الجسد الحسية، وهذا ما نتعلمه من هذا النص. إننا نميز الخمر واللبن عن طريق حاسة التذوق، بينما الحقائق الروحية تُدرك خلال قدرة الروح على الفهم والتعقل. إن القبلة نتيجة لحاسة اللمس حين تتلامس شفاة شخصين. على الجانب الآخر هناك نوع آخر من التلامس الروحي للكلمة والعمل يتم بطريقة روحية غير جسدية. كما يقول معلمنا يوحنا: “… الذي شاهدناه ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة” (1 يو 1:1).

بالمثل فإن رائحة المسيح الزكية لا نشتمَّها جسديًا، ولكن خلال قوة روحية غير مادية، أي بقوة الروح. لذلك تسترسل عروس النشيد في آياته الأولى قائلة: “لأن حبك أطيب من الخمر. لرائحة أدهانك الطيبة اسمك دهن مهراق.” [ع1-2].

اللبن الروحي أفضل من خمر حكمة العالم

ما تشير إليه هذه الكلمات لا يُستهان به. فإنه بمقارنة التمتع بلبن الثديين المقدس والتمتع بشرب الخمر، أظن أننا نتعلم أن الحكمة البشرية والعلم وقوة الملاحظة وفهم الأمور المبدعة… كل ذلك لا يضاهي الشبع الروحي بالتعاليم الإلهية في بساطته. إن اللبن طعام الأطفال يمنحه الثديان، بينما الخمر الذي يمنح القوة والدفء هو متعة لمن هم أكثر نضوجًا واكتمالاً. ولكن على الرغم من ذلك فإن حكمة العالم لا تضاهي التعاليم الطفولية للعالم الروحي المقدس.

وهكذا فإن الثديين المقدسين أفضل من الخمر البشري، ورائحة المسيح الزكية لهي أطيب من أي عطر آخر.

رائحة أدهانك أطيب من كل الأطياب

يبدو لي أن ذلك يعني ما يلي:

نحن نفهم أن العطور تمثل الفضائل المختلفة: الحكمة، العدل، ضبط النفس، الجَلَد… وهكذا. إذا ما تعطرنا بهذه العطور، كلٌّ قدر استطاعته واختياره فيكون لكل منَّا رائحة طيبة خاصة، لواحد حكمة أو ضبط للنفس، لآخر جَلَد أو عدل أو أي فضيلة أخرى. آخر يمكن أن يكون له رائحة طيبة داخليًا (داخلية) نتيجة لامتزاج كل هذه العطور. ولكن كل هذه معًا لا تقارن بالفضيلة السماوية الكاملة. كما يقول حبقوق النبي: “جلاله غطى السموات” (حب 3:3). هذه هي حكمة الله، عدل الله، حق الله وما إلى ذلك بصورته المطلقة. لذلك يقول إن رائحة الدهن السماوي تبهج النفس بما لا يقارن بأي نوع آخر من العطور المتعارف عليها.

الله لا يُحدّ باسم

 يعود عريس النفس مرة أخرى ليقدم فلسفة أكثر سموًا، ويوضح أن القوة الإلهية لهي فائقة تمامًا، لا يمكن إدراكها بالمفاهيم البشرية. يقول النص: “اسمك دهن مهراق” [ع3]. يبدو لى أن هذه الآية تشير إلى الآتي: إن الطبيعة (الإلهية) غير المحدودة لا يمكن حصرها بدقة في اسم؛ بل فوق ذلك فإن كل مقدرة على الفهم وكل صيغة للكلمات والأسماء مهما بدت عظيمة وتناسب مجد الله فهي غير قادرة على إدراك حقيقته. ولكننا نلقي الضوء ونقتفي آثار ما نجهله متحسسين الطريق بكلماتنا، وأيضًا بالمناظرة لما نلمسه ندرك الأمور غير مدركة. ومهما كان الاسم الذي نختاره لنُعبر به عن رائحة المسيح الذكية فنحن لا نستطيع أن نُعبر عن قدر هذه الرائحة، ولكننا إنما نكشف عن مجرد أثر بسيط للرائحة المقدسة باستخدام اصطلاحاتنا اللاهوتية.

إذا ما سكبنا عطر من إناء يصعب أن نتعرف على طبيعة هذا العطر. ولكن إذ يتبخر الأثر البسيط من العطر المتخلف في الإناء نستطيع أن نكِّون فكرة عن العطر الذي سُكب منه. وهكذا نعلم أنه أيًا كان العطر المقدس في جوهره فهو يفوق كل اسم وفكر.

 حقًا إن العجائب التي نشاهدها في الكون تعطي مادة للمصطلحات اللاهوتية التي بها ندعو الله حكيمًا، قديرًا، صالحًا، مقدسًا، مباركًا، أبديًا، ديانًا، مخلصًا وهكذا. كل ذلك يعطي دلالة بسيطة عن نوعية رائحة المسيح وخاصيتها حيث تحتفظ الخليقة بآثار الرائحة المقدسة من خلال عجائبها المنظورة كما في مثل إناء العطر. “لذلك أحبتك العذارى” [ع3]. هنا تذكر العروس لماذا مالت العذارى إليه وأحبته. من يستطيع ألا يحب مثل هذا الجمال طالمًا له العين الثاقبة التي تستطيع أن تُدرك مدى جماله؟ إن الجمال الملموس لهُو عظيم، ولكن ما هو بالتأكيد أعظم منه هو الجمال الذي نلمحه بمجرد النظره الخاطفة لهيئته الخارجية.

الحب للناضجين!

لا تثير الشهوات الجسدية الأطفال، لأن الطفل غير قادر على الإحساس بها، وهي أيضًا لا تمثل مشكلة بالنسبة للشخص المتقدم في العمر. هكذا الأمر أيضًا بالنسبة للجمال الإلهي: فإن الطفل الذي تهزه كل ريح تعليم والإنسان المتقدم في العمر الذي قد قارب الموت كليهما غير قادرين على الشهوة الجسدية.

إن الجمال الإلهي لا يحرك مشاعر مثل هؤلاء، ولكنه يحرك مشاعر تلك الروح التي قد تجاوزت مرحلة الطفولة وقد بلغت زهرة شباب النضوج الروحي. إذ أن مثل هذه الروح يسميها السفر “Виргинс” [ع3]؛ إذ ليس بها أي علامة من علامات تَقدُّم العمر من بقع أو تجاعيد أو ما شابه ذلك؛ فهي لا تفتقر إلى الإدراك الحسِّي لمرحلة الطفولة ولا هي واهية بسبب الكهولة. مثل هذه الروح تعيش في طاعة لأعظم وصية، ألا وهي أول وصية في الناموس أن تحب هذا الجمال الإلهي من كل قلبك ومن كل قوتك (تث 6: 5). إن العقل البشري غير قادر على إيجاد أي وصف، أو تشبيه أو تعبير يناسب هذا الجمال. لذلك فقد نمت تلك العذارى في الفضيلة، وقد دخلن حجال العرس في الوقت المناسب ليكتشفن الأسرار الإلهية.

الآن قد أحببن جمال العريس وخلال هذا الحب دنون منه. لأنه العريس الذي يكافِئ من يحبونه ويقول على لسان الحكيم: “أحب الذين يحبونني”، “عندي الغنى والكرامة” (إن العريس ذاته هو هذا الغنى) “وأملأ خزائنهم” (أم 8: 17، 21). لذلك تشتاق الأرواح إلى عريسها الحيّ الذي لا يموت وتتبع الرب الإله كما هو مكتوب (هو 11: 10). أنهم يحبونه، ويمشون وراءه بسبب رائحته الذكية، أنهم يتقدمون إلى ما هو أمامهم وينسون ما هو وراء. “اجذبني وراءك فنجري” [ع4].

هؤلاء الذين لم يبلغوا بعد كمال الفضيلة وهم بعد أحداث يقدمون وعدًا بأن يسعون نحو الهدف الذي يمثله الرائحة الذكية. لأنهم يقولون، “اجذبني وراءك فنجري”. أما الأرواح الأكثر كمالاً فقد ركضت بأكثر جدية وحققت الهدف فعليًا من هذا السير وقد استحقت الكنز المختزن. إذ تقول: “أدخلني الملك إلى حجاله” [ع4]. لقد اشتهت أن تلمس ما هو طيب بشفتيها وقد لمست الجمال بمقدار قوة صلاتها. فقد صلَّت [ع2] لتستحق قبلة خلال الاستنارة التي يمنحها إياها الكلمة).

والآن خلال ما حققته بلغت ذهنيًا إلى عمق آخر للأسرار، لكنها تصرخ معلنة أنها لم تدرك إلا مدخل الصلاح. إن قبلة العريس قد منحتها استحقاق باكورة نِتاج الروح، فتقول أنها تبحث عن أعماق الله في عمق أقداس الفردوس، وكما قال معلمنا بولس الرسول العظيم: “ما لم تره عين وما لم تسمع به أذن” (2 كو 12: 4).

الآن نراه يكشف الحديث عن دور كنسي، لأن أولئك الذين أرشدتهم النعمة وقد صاروا شهودًا للكلمة، لا يكتموا الحق محتفظين به لأنفسهم، بل بالأحرى يبشرون به آخرين ممن لحقوهم. لذلك تقول العذارى للعروس التي تمتعت أولاً بالصلاح إذ التقت بالكلمة وجهًا لوجه واستحقت أن تتعرف على الأسرار الخفية: “نبتهج ونفرح بك، نذكر حبك أكثر من الخمر” (نش 1: 4).

لأنك تحب ثدييّ الكلمة أكثر من الخمر فسوف نتشبه بك، ونحب ثدييك أكثر من الخمر البشري، لأنه خلالهما يتغذى الأطفال في المسيح يسوع.

 حتى نوضح الغرض من هذه الفقرة علينا أن نركز اهتمامنا بالآتي: إن يوحنا الحبيب الذي اتكأ على صدر الرب أحب ثدييّ الكلمة (يو 13: 25)؛ وإذ وضع قلبه بقرب منبع الحياة تمتع بامتصاص الأسرار الخفية التي في قلب الرب كما يمتص الإسفنج.

يعطينا يوحنا الثدي الغني بالكلمة فنمتلئ من الصلاح الذي أخذه يوحنا من منبع الصلاح، معلنًا عن الكلمة الأبدي. لذلك يحق لنا الآن أن نقول: “نذكر حبك أكثر من الخمر” إذا ما صرنا كالعذارى ولم نعد أطفالاً في أذهاننا تحت نير نوع من التفاهة الطفولية، وإذ لم نتدنس بعد بالخطية فندنو من الموت في كهولتنا. لذلك دعنا نحب فيض التعليم الإلهي لأنهم “بالحق يحبونك” [ع4]. هذا هو التلميذ الذي كان يسوع يحبه، والمسيح هو الحق. ينسب النص هنا للمسيح اسمًا أكثر جمالاً وملاءمة للرب، أفضل من داود النبي الذي قال: “أن الرب مستقيم” (مز 9: 15). إن الرب يسمى بالحق في هذا النص. لأنه يجعل المعوج مستقيمًا. ليصير كل المعوج مستقيمًا والعراقيب سهلاً (إش 40: 4) بنعمة ربنا يسوع المسيح الذي له المجد دائمًا أبديًا آمين.

Фејсбук
Твиттер
Телеграм
ВхатсАпп
ПДФ

Информације о страници

Наслови страница

Садржај секције

Ознаке

sr_RSSerbian
Иди на врх