Утринната молитва... също и отново

إلى جانب اجتماعنا في الكنيسة من اجل تناول جسد الرب ودمه بسر الشكر، نلتقي لإقامة خدم اخرى ذات طابع تسبيحي وصلاتي. لئن كان اللقاء الافخارستي محور حياتنا العبادية الا ان اجتماع المؤمنين لم يقتَصِر على اقامته فقط، بل ترتبت في تقليد الكنيسة وممارستها العبادية خدم ترافق المؤمن يوما فيوما، لا بل في اوقات النهار المختلفة. هذه هي الخدم في ممارستنا الحالية، صلاة السحر، وصلاة الغروب، وصلوات الساعات، الاولى، والثالثة، والسادسة، والتاسعة، وصلاة نصف الليل.

واذا اردنا ان نعود الى اصول هذه الخدم ومنشئها لا بد لنا ان نتحرى ذلك في العصر الرسولي، او، اذا اردنا ان نكون اكثر دقة، في الممارسات العبادية اليهودية في العصر الرسولي. فإننا نعرف من العهد الجديد ان السيد كان يتردد الى المجامع اليهودية من اجل الصلاة اليومية، والى هيكل اورشليم حين يكون في هذه المدينة. ونعرف ايضا ان الرسل والمؤمنين الأوائل كانوا يذهبون الى الهيكل كل يوم في ساعات معينة لتأدية الصلاة اليومية، وكانوا يجتمعون وحدهم لكسر الخبز، في منازل المسيحيين الخاصة: “وكانوا كل يوم يواظبون في الهيكل بنفس واحدة، واذ هم يكسرون الخبز في البيوت كانوا يتناولون الطعام بابتهاج وبساطة قلب” (اعمال 2: 46).

اما الصلوات اليومية في هيكل اورشليم فقد كانت مرتبطة بشكل وثيق بالممارسات المنصوص عليها في العهد القديم. كان اليهود، كاليونانيين، يقسمون النهار الى اثنتي عشرة ساعة، تبدأ عند شروق الشمس، وتنتهي عند مغيبها. وقد كانت هذه الساعات تقصر اوتطول تبعاً لفصول السنة. الساعة الثالثة تناسب، في توقيتنا الحالي، الساعة التاسعة صباحاً، والسادسة الثانية عشرة، والتاسعة الثالثة بعد الظهر، والثانية عشرة السادسة مساء، او بداية الهزيع الاول من الليل.

وكان النهار يُقدَّس في خيمة الشهادة اولا، ثم في هيكل اورشليم، بثلاثة اوقات مخصصة للذبيحة والصلاة. الفترة الاولى كانت فترة الذبيحة اليومية في الصباح، التي كانت تتم في الوقت الممتد من شروق الشمس حتى الساعة الثالثة (التاسعة صباحاً بتوقيتنا). عند انتهائها، كانت تبدأ المرحلة الثانية التي تقوم على ترتيل مزامير، واناشيد، وتلاوة صلوات، مع اخذ البركة من الكهنة. ثم يأتي دور الذبيحة المسائية التي تبدأ عند الساعة التاسعة (الثالثة بعد الظهر في توقيتنا)، وتمتد الى المساء. قدّس اليهود هذه الاوقات حتى انهم، في سبْيِهم الى بابل، حين لم يعودوا قادرين على تقديم الذبائح إذ لا يجوز تقديمها الا في هيكل اورشليم، ضاعفوا عدد المزامير والاناشيد والقراءات الكتابية في صلواتهم اليومية حتى يعوضوا عن وقت الذبائح.

الى جانب عبادة الهيكل كان لدى اليهود ممارسة اخرى تحصل في مجامعهم خارج اورشليم. فقد كانوا يجتمعون فيها في الوقت نفسه الذي كانت تتم فيه الخدمة في هيكل اورشليم، ويؤدون صلوات دون ان يكون هناك ذبائح. هذه الصلوات عُرفت بصلوات المساء، والصباح، والساعات.

بعد صعود الرب لم يهجر الرسل والمؤمنون الاوائل الذين كانوا في اورشليم، وفي الجليل واليهودية، الممارسة العبادية التي كانت عندهم قبلا. بل، على العكس، واظبوا على الصلوات في الهيكل والمجامع.وكانوا ينفردون لكسر الخبز، كما رأينا، وهو الامر الجديد الذي حل محل الفصح اليهودي والذبائح. لكن هذا الوضع لم يدم طويلا. فقد انتبه المؤمنون الاوائل الى ان ايمانهم بيسوع يسبغ على الصلوات التي يشاركون بها اليهود طابعاً جديداً لا يتماشى مع فهم اليهود لهذه الصلوات. فإذا كان اليهود يشددون في صلوات الساعات مثلا على انتظار المسيح، فقد كان في ضمير المسيحيين ان المسيح اتى وهو يسوع المخلص. قراءتهم الخاصة للعبادة جعلتهم بعد حين ينفردون عن اليهود في اقامة الصلوات اليومية.

نعلم من رسالة بليني الصغير الى الامبراطور ترايانوس (98-117) ان المسيحيين كانوا يجتمعون في الصباح وفي المساء لينشدوا تراتيل للمسيح كما لإله. كما اننا نعلم من كتاب “الذيذاخية” (تعليم الرسل الاثني عشر) ان المؤمنين كانوا يجتمعون للصلاة ثلاث مرات في النهار. نجد هنا تشابهاً مع صلوات الساعات عند اليهود. لكن، كما سبقت الاشارة، حافظ المسيحيون على اوقات الصلاة اليهودية فقط ولم يحافظوا على مضمونها، بل غيروا فيها وفي طريقة ادائها بشكل يتناسب مع ايمانهم بيسوع. وكانت الصلاة التي علّمهم اياها السيد (ابانا الذي في السماوات) تتكرر في كل لقاء لهم للصلاة.

ثلاث مرات في النهار كانوا يتلون الصلاة الربية. واضافوا الى صلاة الصباح وصلاة المساء ابتهالات ومزامير واناشيد. وكانوا ايضاً يطلبون من اجل حاجات الكنيسة. لا نعرف تماماً مضمون هذه الصلوات قبل القرن الرابع. لكن كتاب “التنظيمات الرسولية” يحفظ لنا بعضاً منها. يقول الذهبي الفم في تعليقه على الرسالة الاولى الى تيموثاوس ان المؤمنين كانوا يعرفون ان الصلوات التي يذكرها الرسول في 2: 1- 2 من اجل حاجات الكنيسة والشعب كانت تتلى في صلوات الصباح والمساء.

لم تكن الصلوات اليومية، ومن ضمنها صلاة السحر، امرا جديدا لدى المسيحيين. فقد عرفوها منذ العهد الرسولي، اذ نقلوها من الممارسة اليهودية، وجعلوها مناسِبة لوضعهم الجديد. هذا الواقع يشكل دليلاً صارخا على ان هذه الصلوات قديمة في العبادة الكنسية. تؤكد هذا جملة شهادات من القرون الاولى حول وجود الصلوات اليومية لدى المؤمنين الأوائل.

 ففي رسالة وجهها حاكم بيثينيا بليني الصغير الى الامبراطور تريانوس (98-117) ليستشيره في موضوع اضطهاد المسيحيين نجد وصفا لحياة مسيحيي آسيا الصغرى بقلم وثني يضطهدهم. يقول انهم كانوا يجتمعون في يوم معيّن، قبل حلول النهار، لإقامة الصلاة. يُرّجح ان يكون ذلك ليلة السبت-الأحد. قد يكون كلامه يشير الى السهرانة التي تقام يوم الأحد وتنتهي عند الفجر بصلاة بعد ان يكونوا قد تناولوا.

لا يقدم القديسون اغناطيوس الأنطاكي وبوليكَربُس ويوستينوس الشهيد (القرن الثاني) شيئا بخصوص نشأة صلاة الصباح (او صلاة السحر). اما اقليمس الاسكندري فيعطينا بعض الاشارات في نهاية القرن الثاني، ولكنها ناقصة لا يمكننا ان نتصور بواسطتها بنية الصلاة. فهو يتكلم عن صلاة المساء (الغروب) على انها واجب تقوي. غير انه من الصعب ان نعرف ما اذا كان يقصد بها صلاة خاصة فردية، او صلاة جماعية. كذلك الأمر بالنسبة الى صلاة السحر.

ما يمكننا ان نؤكده من خلال شهادة اقليمس الاسكندري هو وجود صلوات للصباح والمساء، ترافقها قراءات كتابية، ومزامير، وأناشيد، وابتهالات.

ترتليانوس يزيل بعض الغموض السائد قبله اذ يؤكد وجود صلاة طقوسية في الصباح وفي المساء. في احد كتبه يقول ان العادة كانت ان تتلى الصلوات سجوداً ايام الصوم، ولكن ليس في الآحاد، او في الفترة بين الفصح الى العنصرة. واعتبر ترتليانوس أن صلاتي الغروب والسحر مرتبتان قانونياً. ونصح بالمحافظة عليها، اذ انها تساعد على تقسيم النهار، وتذكر بالأسرار السامية. ومن هذا نستنتج انه، في القرن الثالث، كان يوجد في كنيسة افريقيا الشمالية، وفي كنيسة روما على الأرجح خدمتان عباديتان معترف بهما رسمياً هما: صلاة الغروب وصلاة السحر. مع اوريجنس (القرن الثالث) نعود الى العموميات. فهو يؤكد، في احدى عظاته، وجود صلوات ثلاث.

يقول القديس هيبوليتس في منتصف القرن الثاني:”ليجتمع الكهنة، والشمامسة، والقراء، والشعب، كل يوم، في ساعة صياح الديك، ولينصرفوا للصلاة، وترتيل المزامير، وقراءة الكتابات المقدسة”. هذا دليل على انه كان هناك خدمة تقام قبل شروق الشمس. وعندما لا تتم هذه الخدمة جماعياً، على المؤمنين ان يتلوا في بيوتهم صلاة الصباح مستوحاةً من نص الخدمة الجماعية.

يتكلم القديس قبريانوس اسقف قرطاجة عن الصلوات الثلاث التي كان يقيمها الرسل والمجمع اليهودي. لكنه لا يعتبر انها صلاتا الصباح والمساء بل يقول عنها انها صلوات موزعة على النهار كله حسب التقسيم الروماني له وهي تتلى ثلاث مرات: الساعة الثالثة، والساعة السادسة، والساعة التاسعة. الى هذا يضاف موعدان آخران للصلاة هما السحر والغروب. وهذا دليل على وجود هذا الترتيب في قرطاجة في اواسط القرن الثالث.

 في بداية القرن الرابع، يشير مثوديوس اسقف اولمبيا (311) في كتابه “الوليمة”، الى اقسام ثلاثة للصلاة تناسب صلاة الغروب، وصلاة الليل، وصلاة السحر. هذا ليس غريباً اذا اخذنا بعين الاعتبار يوحنا كاسيانوس الذي يتكلم بعد قرن تقريباً عن خدمة ليلية متصلة بصلاة الغروب.

اما في الغرب فيشهد على اقامة هذه الصلوات القديس هيلاريون اسقف پواتييه في فرنسا الذي يركز في تفسيره لاحد المزامير، الذي حرر عام 365، ان الكنيسة الغربية كانت تحفظ كل يوم صلاة السحر والغروب.

  حتى هذه الفترة لا يمكننا ان نعرف بتدقيق كيف كانت تتم الصلوات وكيف كان ترتيبها. لكننا من نهاية القرن الرابع فصاعداً، نلحظ وجود خط واحد في الصلوات، خصوصاً في اجزائها الاكثر اهمية، في ممارسة الكنيستين الشرقية والغربية، وحتى في ممارسة الكنائس المحلية. ويمكننا في هذه الفترة ايضاً ان نتتبع ترتيب الصلاة، وكيف كانت تتم.

بعد نهاية القرن الرابع فقط يمكننا ان نقبل نوعا من توحيد وثبات في خدمة صلاة السحر، على الأقل في اجزائها الأساسية، والتي تعود في اصلها الى الممارسة العبادية في المجامع اليهودية. وقد تمتعت صلاة السحر في القرون الاولى بأهمية كبرى الى جانب الصلوات اليومية الاخرى، حتى ان كبار الآباء أتوا على ذكرها، ونصحوا من هم تحت رعايتهم بحفظها.

مع مرور الزمن، دخلت الى صلاة السحر عناصر جديدة من تأثيرات مختلفة، وخصوصا من الممارسات الرهبانية في الأديرة. ولا نعرفها في شكلها الحالي الا في زمن متأخر نسبيا.

في ممارستنا الحالية نبدأ الخدمة بتلاوة مزامير ستة. والمزامير عنصر من عناصر ثلاثة اساسية تشكل قلب صلاة السحر كما كانت تتم قبل القرن الرابع. العنصران الآخران هما الصلوات والأناشيد او التسابيح. هذه العناصر الثلاثة تتجذر بشكل او بآخر في عبادة المجامع اليهودية، كما كانت تتم في زمن يسوع. على اساس هذه المزامير تشكلت الخدمة وبُنيت. فعند الصبح كان يُتلى المزمور 63 “يا الله الهي اليك ابكّر…”، الذي يناسب وقت الصلاة، وهو واحد من المزامير الستة التي نتلوها اليوم. تضاف اليه مزامير التسبيح (148، 149، 150)، “سبحوا الرب من السموات…” اثرها اليوم ترتيلة “كل نسمة فلتسبح الرب…” وما يتلوها من قطع. هناك مزامير اخرى لم تعد تتلى اليوم، لكننا لا نزال نحافظ على ما كان يرافقها من قطع صغيرة، وهي تلك التي نقولها بعد ترتيلة “الله الرب ظهر لنا”. في اي حال لا تزال المزامير تشكل جزءا لا يتغير من الترتيب اليومي لصلاة السحر.

اما الصلوات، وهي تلك التي يقولها الكاهن اليوم سرّا امام ايقونة السيد في حين تلاوة المزامير الستة، فيمكننا ان نعيدها ايضا الى العبادة اليهودية-المسيحية القديمة. يتضح من نصوص هذه الصلوات انها متصلة بأوقات معينة للعبادة، وانها كانت تتخلل قراءة المزامير. لعل ما تركته لنا الرحالة ايثيريا (القرن الرابع) من وصف لخدمة سحر الأحد في كنيسة القيامة في اورشليم يوضح لنا ارتباط هذه الصلوات بالمزامير. تقول ايثيريا انه عند صياح الديك، تفتح ابواب كنيسة القيامة، ويدخل الاسقف مع الشعب. حينئذ يرتل كاهنٌ مزموراً اولاً يجيب عليه الشعب وتُقال صلاة اولى، ثم يرتل شماس مزموراً ثانياً تليه صلاة ثانية، وأحد الخدام يقول مزموراً ثالثاً تليه صلاة ايضا. قد يكون هذا هو الترتيب الاساسي للمزامير مع الصلوات. تشير نصوص قديمة الى هذه الصلوات على انها جزء اساسي من خدمة صلاة السحر.

الاناشيد او التسابيح هي العنصر الثالث المهم. نجد نصوص هذه التسابيح في ترتيب صلاة السحر في كتاب السواعي الكبير. عددها تسعة. هذه لا نتلوها اليوم الا في صلاة السحر ايام الصوم الاربعيني. لكننا احتفظنا بالتسبحة التاسعة منها نرددها في كل صلاة سحر تقريبا، وهي الآيات “تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي” التي تسبق ترتيل “يا من هي اكرم من الشاروبيم”. نجد لائحة بالأناشيد التي كانت تتلى في الكنيسة الاولى محفوظة في مخطوط اسكندري من القرن الخامس، الأمر الذي يعني انها كانت معروفة قبل ذلك التاريخ. إضافة الى التسابيح التسع تحتوي المخطوطة على ما ندعوه “المجدلة الكبرى”، او “المجد لك يا مظهر النور” التي تتلى في نهاية صلاة السحر. هذا النشيد هو احد اقدم الترانيم الكنسية.

الى جانب هذه العناصر الثلاثة كان هناك قراءة فصول كتابية. وهي ممارسة قديمة تعود الى القرون الاولى. في سحر الأحد يُقرأ فصل انجيلي عن القيامة بعد مزامير السحر. تشهد على هذه الممارسة الرحالة ايثيريا التي تقول ان الشعب والكهنة، بعد الانتهاء من المزامير والصلوات، كانوا يتوجهون نحو الاسقف الواقف على مدخل القبر حيث يُقرأ فصل إنجيلي عن القيامة. اثر هذه الممارسة عندنا ان الكاهن يتلو انجيل السحر يوم الأحد وهو واقف عن يمين المائدة التي تمثل القبر.

الى هذا اضيفت امور اخرى ما بين القرنين السادس والحادي عشر ساهمت في تطوّر الخدمة الى الشكل الذي نعرفه اليوم. نذكر بشكل خاص ما يُسمّى عندنا بالقانون وهو نمط شعري كتبت فيه التسابيح الكنسية في الفترة الممتدة ما بين القرنين الثامن والحادي عشر. يتألف القانون من تسعة اجزاء مرتبطة بالتسابيح التسع المذكورة آنفاً. في ممارستنا الحالية لا نتلو من القانون سوى قطعة واحدة من كل جزء من اجزائه التسعة، وهي ما نسميها بالكطافاسيّات، مثلا “أفتح فمي” وما يليها من قطع. واضيفت ايضا قطع على مزامير التسبيح، بعد “كل نسمة”، وطروباريات تناسب العيد. كذلك طلبات طويلة وقصيرة.

لا بد في النهاية من ان نشير الى طابع مميز في هذه الخدمة وهو طابعها الليتورجي. فالنصوص القديمة عندما تتكلم عن صلاة السحر تذكر شخصا يؤمّها، والاكليروس والشعب، اي “ملء” الكنيسة. هذا دليل على انها ليست خدمة خاصة بل عمل الكنيسة ككل مجتمعة للصلاة. انها عمل تقوم به الكنيسة كلها، باسم الكنيسة كلها. لذلك هي اساسية في حياة المسيحيين العبادية. فمن الضروري الحفاظ على هذه الصلاة في ممارستنا الحالية، ليس فقط لكونها تنتمي الى تراثنا، بل لأنها من صلب حياتنا المسيحية.

Магическа молитва

يتعلّق مضمون صلاة السَحَر بتمجيد الله وشكره لأنه أهّل مخلوقاته أن يعبروا الليل ويعاينوا من جديد نور الصباح. تبدأ الصلاة بتمجيد “الثالوث القدوس” وبالتسبيح الملائكي: “المجد لله في العلاء…” (لوقا 2: 14)، (الاستهلال الحالي “خلِّصْ يا رب شعبك…” هو بمثابة دعاء للملك البيزنطي أضيف لاحقا الى الخدمة). اما آية مزمور التوبة (50) “يا رب افتحْ شفتيَّ فيُخبرَ فمي بتسبحتك”، فهي تستدعي معونة الله لنوجِّه اليه تمجيدا مقبولا. ثم تتلى، بورع ورهبة، مزامير السَحَر الستة: 3، 37، 68، 87، 102 و 142، يدور مضمونها حول صلاة الصباح في ما نقف امام الله لنقدم له باكورة حركات قلبنا ونطلب اليه أن يعلّمنا أن نعمل رضاه. ونرتل بعدها لظهور الرب، ونتابع فنرنّم طروباريات عيد اليوم كما في آخر صلاة الغروب (نرنّم في الصوم الكبير ترنيمة هليلوييا يرافقها آيات نبوية يتبعها ثلاث طروباريات تدعى “ثالوثيات” وذلك بسبب ذكر الثالوث فيها) .

بعد الطلبة السلامية الكبرى تُرتل ثلاث قطع يتعلّق مضمونها بالعيد اليومي وتسمى كاثسماطات (جلسات)، لأن المصلّين كانوا يجلسون أثناءها للراحة بعد إصغائهم وقوفا الى مقاطع عدّة من كتاب المزامير.

في الآحاد ترنّم تبريكات القيامة: “مبارك انت يا رب علّمني حقوقك” (ثمة تبريكات للراقدين ترنَّم في السبوت). أما في بعض الأعياد فنرنّم البوليئليون (الكثير الرحمة)، وهو المزموران 134 و135، وفيه نمجد الله على أفعاله العجيبة في الطبيعة والتاريخ، يليه ترنيم مجموعة آيات مختارة من مزامير عدّة يتوافق انتقاؤها وموضوع العيد.

أُدخِلَ، في هذا الموضع، منذ القديم، ما سمّي بالأَنافَثْمي اي المَصاعد او السلالم. “أودية الأنافثمي” هي عنوان بعض المزامير (109-133)، كانت ترتل خلال رحلات العبرانيين القادمين من اماكن سكناهم الى اورشليم للمشاركة في الاعياد الكبرى. وقد كُتبت، على الألحان الثمانية، طروباريات سُمّيت أَنديفونات، وهي عبارة عن تفسير شعري لمزامير الأنافَثْمي. في بعض الأعياد يلحق بالأنافثمي ترتيلة سُمِّيت “إيپاكوي” (طاعة)، وذلك لأن مرتل الكنيسة كان ينشدها ويطلب من الشعب تكرارَ إنشادِها او آخرِ مقطعٍ منها فيطيعونه.

في الآحاد يُرتَّل البروكيمِنون تتبعه اناجيل السَحَر تعلن جميعها (عددها11) قيامة المسيح، وتسمى “إيوثينا”، اي صباحية. يقرأ الكاهن الإنجيل عن يمين المائدة التي ترمز الى قبر المسيح، حيث وقف الملاك وأعلن القيامة لحاملات الطيب (في بعض الأعياد يرتَّل البروكيمِنون وإنجيل السَحَر، ويختص مضمونهما بمعنى المناسبة). هذا الإعلان لقيامة السيد يستدعي المؤمنين الى السجود للرب يسوع “البريء من الخطأ وحده”، وتقبيل إنجيله الخارج من الهيكل ممثِّلا خروجه من القبر. ثم يرتَّل المزمور ال 05، ويُختم بطلب شفاعة الرسل ووالدة الإله وتهليل للقيامة “لقد قام الرب يسوع…”، نوسِّع بعدها توسلاتنا بطلبة ندعو فيها الله الى أن يخلِّص شعبه بشفاعة جميع القديسين. بعد الإعلان يبدأ ترتيل التسابيح التسع، وهي مأخوذة من الكتاب المقدس (خروج 15: 1-19؛ تثنية الاشتراع 32 :1-43؛ 1 ملوك 2 :1-10؛ حبقوق 3: 1-19؛ اشعيا 26: 9-20؛ يونان 2: 3-10؛ دانيال 3: 2-33؛ دانيال 3: 34-65؛ لوقا 1 :41-55 و68-79). عَرَفَ تقسيم التسابيح تغيرات عدة، غير أن عموم التقسيمات كانت تفترض ترتيلها بمعظمها في كل اسبوع (استُثنيت التسبحة الثانية لطابعها الحِداديّ، وبقيت ترتَّل في الصوم الكبير). زيد على هذه التسابيح لوازم وأُلِّفَ لها تراتيل خاصة هي بمثابة اختصار شعري لمضمون التسابيح. كما أضيفت لبعض المناسبات طروباريات ذات مضمون خاص بالعيد أُلِّفت لمرافقة ترتيل التسبحة، نذكر هنا، على سبيل المثال، بعضا من التسبحة التاسعة (نشيد مريم والدة الإله):

تعظّم نفسي الرب…يا من هي أكرم من الشاروبيم…

لأن القدير صنع بي عظائم… يا من هي أكرم…

ثم أُلِّفت الأراميس (الأناشيد) للهدف نفسه، فوُلد ما سُمِّي ب “القوانين”، وهو مجموعة طروباريات تُقسم على عدد التسابيح، تسمى كل مجموعة منها “أودية” ترتل مع التسابيح خلال الصلاة. أراميس الأودية تسمى كطافاسيات (نزوليات)، لأنها ترتل في وسط الكنيسة بعد نزول المرتلين من منابرهم، وهي التي اقتصر الترتيل عليها (مع الأودية التاسعة) في الرعايا اليوم، وذلك بسبب طول الخدمة. بعد الأودية الثالثة كان يجلس المؤمنون أثناء ترتيل الكاثسما طلبا للراحة، وايضا بعد السادسة أثناء ترتيل القنداق والبيت والسنكسار.

تصل الخدمة الى قمتها أثناء ترتيل الأكسابوستِلاري الذي يحوي طلب إرسال النور، والإينوس الذي يدعو كل الخلائق الى تسبيح الرب، والمَجْدَلة الكبرى التي تبتدأ بنشيد الملائكة ذاته الذي استُهلّت الخدمة به “…المجد لله في العلاء وعلى الارض السلام…”، وذلك في وقت بزوغ نور الصباح.

صلاة السَحَر هي صلاة النُّور الذي يهبه الله لخلائقه، ويبتهج به الذين يعاهدونه، من جديد، على التوبة ليبددوا بالحب ظلمة هذا العالم الخَدّاع.

عن نشرة رعيتي 1994 و1998

bg_BGBulgarian
Превъртете до върха