Facebook
Twitter
Телеграма
WhatsApp
PDF
☦︎
☦︎

المقالة الخامسة عن الحروب

حرب بين الشر والخير

[لقد دُبرت الأزمنة مقدمًا بواسطة الله.

تتحقق أزمنة السلام في أيام الصالحين والأبرار، وتتحقق أزمنة الشرور الكثيرة في أيام الأشرار والآثمة. فإنه مكتوب: “الصلاح لابد أن يحدث، وطوبى لذاك الذي يعبر به الصلاح. والشر لابد أن يحدث، وويل لمن يعبر به الشر” [25].

يحل الصلاح بشعب الله، وينتظر الطوبى ذاك الذي من خلاله يحل الصلاح. والشر يثور كجيشٍ يجتمع معًا بواسطة الشرير المتعجرف المتعالي، والويل أيضًا محفوظ لذاك الذي به يُثار الشر.

لا تلُم يا عزيزي الشخص الشرير الذي ينزل بالشر على كثيرين، فإن زمان إتمام عملهم قد حلّ [26].]

نهاية الحروب

[سوف لا يُقتل الوحش (المقاوم للكنيسة) حتى يأتي قديم الأيام ويجلس على العرش، ويقترب إليه ابن الإنسان، ويُعطى له سلطان (دا 7: 9،13،14،22)، عندئذ يُقتل الوحش وتهلك جثته. وتتأسس مملكة ابن الإنسان، مملكة أبدية، وسلطانه من جيل إلى جيل [27].]

خيرات العالم ليست مصدرًا للسلام!

[اهدأ يا من تفتخر بنفسك، لا تتبجح! فإن كانت ثروتك ترفع قلبك، فهي ليست بأكثر من ثروة حزقيا، الذي تمادى وتشامخ بها أمام البابليين، فحُملت كلها إلى بابل.

إن كنت تفتخر بأبنائك، فسيُقادون من عندك إلى الوحش كأبناء حزقيا الملك الذين اقتيدوا بعيدًا، وصـاروا خصيان في قصر ملك بابل (2 مل 20: 18، إش 39: 7).

وإن كنت تفتخر بحكمتك، فإنك في هذا لا تفوق رئيس صور، إذ قيل له: “ها أنت أحكم من دانيال، سرّ ما لا يُخفي عليك” (خر 28: 3).

وإن ارتفع عقلك متكلاً على سنك أنك كثير السنوات، فعددها ليس بأكثر من سني رئيس صور الذي حكم المملكة خلال أيام 22 ملكًا من بيت يهوذا أي لمدة 440 عامًا. وإذ كانت سنوات ملك صور كثيرة لذلك قال في قلبه طوال هذا الوقت: “أنا إله، وفي كرسي الله أجلس في قلب البحار” (حز 28: 2). لكن حزقيال قال له: “أنت إنسان لا إله” (حز 28: 2). فبينما كان رئيس صور بين حجارة النار يتمشى (حز 28: 14) كانت الرحمة تحل عليه. ولكنه عندما تشامخ قلبه صار “الكروب المظلل (وقد) حطمه” [28].]

النصرة للأبرار

[حتى وإن كانت هذه القوى (الشريرة) ترتفع وتغلب، فلتعلم أن هذا تأديب الله، فإنهم وإن انتصروا لكنهم سُيدانوا في دينونة عادلة. لتكن متأكدًا من هذا، أن الوحش سيُذبح في الوقت المعين. وأما أنت يا أخي فلتكن غيورًا في التماس الرحمة لكي يكون سلام شعب الله [29].]

المقالة السادسة عن الرهبان

لنلبس ثياب العرس

[صادقة هي الكلمة التي أقولها ومستحقة القبول، لنستيقظ من نومنا (رو 13: 11). ولنرفع قلوبنا وأيادينا إلى الله نحو السماء، لئلا يأتي رب البيت فجأة، حتى متى جاء يجدنا ساهرين (لو 12: 37). لنترقب ساعة العريس المجيد (مت 25: 4، 10) لندخل معه في حجاله. لنعد زيت سراجنا، فنخرج إلى اللقاء معه بفرحٍ. لنُعد الزاد في مسكننا، لأن الطريق ضيق وعسر. لننزع كل نجاسة ونتركها، ونلبس ثياب العرس.

لنتاجر بالفضة التي نتسلمها، فنُدعى عبيدًا مجتهدين (مت 25: 21).

لنثابر في الصلاة.

لنعبر مكان الخوف.

لنطهر قلوبنا من الشر فنرى العلي في كرامته.

لنكن رحومين، كما هو مكتوب لكي يكون الله رحيمًا بنا (مت 5: 7).

ليكن السلام حالاً بيننا، فندُعى إخوة المسيح.

لنجوع للبٌر فنشبع (مت 5: 6) من مائدة ملكوته. لنكن ملح الحق، فلا نصير طعامًا للحية.

لننقي زرعنا من الأشواك، فنأتي بثمرٍ مئة ضعف (لو 8: 7-8).

لنُقم بنياننا على الصخرة (مت 7: 24)، فلا يتزعزع بسبب الرياح والأمواج.

لنكن آنية للكرامة (2 تي 2: 21)، فيطلبنا الرب لاستخدامنا له.

لنبع كل مالنا ونشتري لأنفسنا اللؤلؤة (مت 13: 46)، فنغتني.

لنضع كنوزنا في السماء (مت 6: 20) حتى حين نذهب نفتحها ونسُر بها. لنفتقد ربنا في أشخاص المرضى (مت 25: 33-35)، فيدعونا لنقف عن يمينه. لنبغض أنفسنا ونحب المسيح، كما أحبنا وأسلم نفسه لأجلنا (يو 12: 25، أف 5: 2). لنكرم روح المسيح، فننال نعمة منه. لنتغرب عن العالم. (يو 17: 14) كما كان المسيح ليس من العالم.

لنكن متواضعين ولطفاء، فنرث أرض الأحياء (مت 5: 4).

لنكن أمناء في خدمته، فيجعلنا نخدم في مسكن القديسين.

لنصلي صلاته بنقاوة، فتدخل أمام رب الجلال.

لنكن شركاء في آلامه، فنقوم في قيامته (2 تي 2: 11-12).

لنحمل علامته على أجسادنا، فنخلص من الغضب الآتي. فإنه مخيف هو يوم مجيئه، من يقدر أن يحتمله؟ (يوئيل 2: 11) غضبه شديد وملتهب، سيهلك الأشرار. لنضع على رؤوسنا خوذة الخلاص، لكي لا نُجرح ونموت في المعركة. لنمنطق أحقاءنا بالحق، فلا نوجد ضعفاء في القتال.

لنقوم ونوقظ المسيح، فيهدئ الأمواج عنا.

لنأخذ الترس تجاه الشرير، كاستعدادٍ لإنجيل مخلصنا (أف 6: 15-16).

لنقبل من ربنا السلطان أن نسود على الحيات والعقارب (لو 10: 19).

لنلقي عنا الغضب مع كل حدةٍ وشرٍ.

لا تخرج تجاديف من أفواهنا التي بها نصلي لله.

لا نلعن حتى ننجو من لعنة الناموس. لنكن عاملين مجتهدين، فنحصل على مكافأتنا مع الأولين.

لنحمل ثقل اليوم، فنطلب أجرًا أوفر. لا نكون عمَّالاً بطالين بعد أن استأجرنا ربنا لكرمه (مت 20: 1).

لنُغرَسْ ككرومٍ وسط كرمه، فإنها الكرمة الحقة (يو 15: 1). لنكن كرومًا مثمرة فلا نُقتلع من الكرمة.

لنكن رائحة طيَّبة، فتفوح الرائحة على كل المحيطين بنا (2 كو 2: 15).

لنكن فقراء في العالم، فنُغني الكثيرين بتعاليم ربنا.

لا ندعو أحدًا أبانًا على الأرض (مت 23: 9)، فنكون أبناء الآب الذي في السماوات.

وإن كنا لا نملك شيئًا، لكننا نملك كل شيء (2 كو 6: 9-10). وإن كان لا يعرفنا أحد، لكننا معروفين لكثيرين.

لنفرح في رجائنا في كل وقتٍ (رو 12: 12)، حتى يفرح بنا ذاك الذي هو رجاؤنا ومخلصنا.

لندين أنفسنا بالحق، ونحكم عليها حتى لا نحني وجوهنا أمام القضاة الذين سيجلسون على الكراسي ويدينون الأسباط (مت 19: 28).

لنأخذ لأنفسنا سلاحًا للمعركة (أف 6: 16)، هو الاستعداد للإنجيل.

لنقرع باب السماء (مت 7: 7)، فيُفتح أمامنا وندخل فيه.

لنسأل الرحمة باجتهاد، فننال ما هو ضروري لنا. لنطلب ملكوته وبره (مت 6: 33).

لنتأمل في ما هو فوق، في السماويات، حيث المسيح صاعد وممجد. لكن لننسي العالم الذي هو ليس لنا، حتى نبلغ الموضوع الذي نحن مدعوون إليه. لنرفع أعيننا إلي العلا لنرى الضياء المتجلي. لنرفع أجنحتنا كالنسور، لنرى حيث يكون الجسد (مت 24 28).

لنُعد القرابين للملك ثمارًا شهية هي الصوم والصلاة.

لنحفظ بالنقاوة عربونه لكي ما يأتمنا على كل كنزه. لأن من يغش في عربونه لا يُسمح له بالدخول في خزانته.

لنهتم بجسد المسيح، فتقوم أجسادنا عند صوت البوق.

لننصت إلي صوت العريس فندخل معه في خدره. لنعد هدية العُرس في يوم عرسه، ونخرج للقائه بفرحٍ. لنرتدي الثوب المقدس فنتكئ في الموضع الرئيسي للمختارين. من لا يرتدي ثوب العرس يُطرح في الظلمة الخارجية (مت 22: 13). من يستعفي من العرس لا يذوق الوليمة (لو 14: 18).

من يحب الحقول والتجارة يمُنع من مدينة القديسين. من لا يحمل ثمرًا في الكرمة يُقتلع ويُطرح في العذاب. من ينال وزنات فليردها إلي معطيها مع زيادة (مت 25: 16)…

من تربى على القتال فليحفظ نفسه من العالم؛ من رغب في نوال الإكليل، فليركض في الجهاد كمنتصرٍ (1 كو 9: 24)…

من أخذ شبه الملائكة يصير غريبًا عن البشر…

من وضع على عاتقه نير القديسين فليبُعد عنه الأخذ والعطاء (التجارة)…

من أحب البيت السماوي، فلا ينزل ليعمل بناءً من طين.

من ينتظر أن يُخطف في السحاب، لا يصنع لنفسه مركبات مزينة.

من ينتظر وليمة العريس، لا يحب ولائم هذا العالم…

من يحب السلام، فليتطلع إلي سيده كرجاء الحياة [30].]

حرب مع عدو الخير

[عدونا حاذق يا عزيزي، ومحتال ذاك الذي يقاتلنا. يُعد نفسه للهجوم على الشجعان الظافرين، ليجعلهم ضعفاء. أما الواهون الذين له فلا يحاربهم، إذ هم مسبيون مُسلمون إليه.

من له جناحان يطير بهما عنه، فلا تبلغ إليه السهام التي يقذفها نحوه؟ يراه الروحيون يحارب، ولا يتسلط سلاحه على أجسادهم. لا يخافه كل أبناء النور، لأن الظلمة تهرب من أمام النور. أبناء الصالح لا يخشون الشرير، لأنه أعطاهم أن يطأوا عليه بأقدامهم (تك 3: 15) [31].]

الهروب من السكنى مع راهبة

[يا إخوتي، إن كان إنسان ما راهبًا أو قديسًا يمارس حياة العزلة لكنه يرغب في امرأة مرتبطة بالنذر الرهباني مثله لتسكن معه، فخير له في هذه الحالة أن يأخذ امرأة علانية (كزوجة) ولا يسقط في الشهوة…

لتسكن المرأة مع امرأة، والرجل مع رجلٍ. وأيضًا إذا رغب رجل (راهب) أن يستمر في القداسة، لا يسمح لزوجته أن تسكن معه (إن نذرا الرهبنة معًا)، لئلا يعود إلي حاله السابق [32].]

تحذير للعذراء البتول

[يا أيتها العذارى اللواتي خطبتن أنفسكن للمسيح، عندما يقول راهب ما لإحداكن: “سأسكن معكِ وتخدمينني” يلزمها أن تقول له: “أنا مخطوبة لرجل ملوكي، وإياه أخدم. فإن تركت خدمته لأخدمك، يكتب كتاب طلاقي، ويطردني من بيته. وبينما تطلب أنت أن تكرمني، وأطلب أنا أن أُكَّرم منك، فلنحذر لئلا يصيبني ويصيبك جرحًا خطيرًا. لا تأخذ نارًا في حضنك (أم 4: 27)، لئلا تحرق ثيابك. لكن لتكن وحدك مكرمًا، وأثبت أنا في كرامتي. أما بخصوص تلك الأمور التي يُعِّدها العريس للأبدية، وليمة عرسه، فلتعد هدية العرس، ولتهيئ نفسك للقاء معه. أما عني فإني أعد الزيت حتى أدخل مع العذارى الحكيمات ولا أبقى خارج الباب مع العذارى الجاهلات [33].]

سمات البتوليين

[لتسمعوا إذن يا أحبائي الذين أكتب إليكم، أعني ما يخص المتوحدين والرهبان والبتوليين والقديسين.

قبل كل شيء يليق بالإنسان الذي وُضع عليه النير أن يكون ثابتًا في إيمانه. وكما كتبت إليكم في الرسالة الأولى أنه يجب أن يكون غيورًا في الصوم والصلاة، حارًا في محبة المسيح، متواضعًا وديعًا وحكيمًا. ليكن حديثه هادئًا مبهجًا، وفكره مخلصًا مع الجميع. ليزنْ الكلمات التي ينطق بها، ويصنع سياجًا لفمه يصرفه عن الكلمات المضرة، ويبتعد تمامًا عن الضحك الطائش.

ليته لا يحب بهرجة الثياب، ولا يليق به أن يطيل شعره ويزينه ويدهنه بعطور.

ليته لا يجرى وراء الولائم، ولا يرتدي ثيابًا فاخرة.

لا يتجاسر ويشرب المزيد من الخمر.

ليطرد عنه أفكار العظمة وينزع عنه اللسان الماكر.

ليطرد عنه الحسد والحنق، وينزع الشفاه المخادعة [34].]

[ليته لا يحتقر إنسانًا يتوب عن خطاياه، ولا يستخف بأخيه الصائم، ولا يستخف بمن لا يستطيع الصوم…

في الوقت المناسب لينطق بكلمته وإلا فليصمت.

لا يجعل نفسه محتقرا بسبب بطنه بأن يشحذ…

ليته لا ينطق في مداهنة مع شرير أو مع عدوه. وليجاهد ألا يكون له عدو على الإطلاق [35].]

يا لعظمة البتولية!

[إذ أكتب هذا أذكر نفسي وأذكرك أنت أيضًا يا عزيزي أن تحب البتولية، النصيب السماوي، الشركة مع حارسي السماء، فليس من أمرٍ يُقارن بها. والمسيح يسكن في مثل هؤلاء. الصيف قريب، وشجرة التين أخرجت البراعم، وأخرجت أوراقها (مت 24: 32). لقد تحققت العلامات التي أعطاها مخلصنا. إذ قال: “تقوم أمة على أمة، ومملكة على مملكة، وتكون… مجاعات وأوبئة، وتكون مخاوف وعلامات عظيمة من السماء” (لو 21: 10-11) [36].]

المقالة السابعة عن التائبين

بالصليب سُمرت الخطية

[بين كل المولودين الذين لبسوا جسدًا واحد هو البار، إنه يسوع المسيح، كما يشهد عن نفسه، إذ قال: “أنا قد غلبت العالم” (يو 16: 33). وشهد عنه النبي أيضًا: “لم يعمل ظلمًا، ولم يكن في فمه غش” (إش 35: 9). وقال الرسول الطوباوي: “لأنه جعل الذي لم يعرف خطية خطية لأجلنا” (2 كو 5: 21). كيف جعله خطية؟ حمل الخطية دون أن يرتكبها، وسمرها على الصليب (كو 2: 14). يقول الرسول أيضًا: “الذين يركضون في الميدان جميعهم يركضون، ولكن واحدًا يأخذ الجعالة” (1 كو 9: 24).

أضف إلي هذا أنه ليس من بين البشر من نزل إلي المعركة ولم يُجرح أو يُضرب، لأن الخطية سيطرت منذ تعدى آدم الوصية (رو 5: 14)، فضربت الكثيرين، وجرحت الكثيرين، وقتلت الكثيرين. ولم يقتلها أحد من بين الكثيرين حتى جاء مخلصنا على صليبه. كان لها شوكة توخز الكثيرين، حتى جاءت النهاية، وتحطمت شوكتها حين سُمرت على الصليب [37].]

التوبة دواء الجرحى

الذين جرحوا في الجهاد لهم دواء التوبة، يضعونه على جراحاتهم فتُشفي.

يا أيها الأطباء، تلاميذ طبيبنا الحكيم، خذوا هذا الدواء الذي به تشفون جراحات المرضى… هذا هو حال من يتعب في الجهاد يا عزيزي. فإن جاء عدوه عليه وجرحه، يلزم أن نقدم له دواء التوبة، مادامت ندامة الجريح قوية. لأن الله لا يرذل التائبين. فقد قال في حزقيال: “لا أُسر بموت الشرير، بل بأن يرجع الشرير عن طريقه ويحيا” (حز 33: 11) [38].]

لا تستحي من جراحاتك

[من أُصيب في الحرب لا يستحي من تسليم نفسه إلي يد طبيب حكيم، لأنه غُلب على أمره وأُصيب. وإذ يُشفى، لا يرذله الملك بل يحسبه مع جيشه. هكذا يليق بالإنسان الذي جرحه الشيطان ألا يستحي من الاعتراف بجهالاته، وأن يبتعد عنها، طالبًا التوبة دواءً لنفسه.

فمن يستحي من إظهار جرحه يمتد الضرر إلي جسده كله.

من لا يستحي من ذلك يُشفى جرحه، ويعود إلي المعركة [39].]

قدموا دواء التوبة!

[أيها الأطباء تلاميذ المجيد، يليق بكم ألا تمتنعوا عن تقديم الدواء للمحتاجين إليه. من يظهر لكم جرحه قدموا له دواء التوبة. ومن يستحي من أن يظهر مرضه حثوه على ألا يخفيه عنكم، وعندما يعترف به، لا تعلنوه خشية أن يظن المنتصرون أنهم مغلوبون من الأعداء والخصوم [40].]

الكلاب المُخلصة!

[عظيم يا عزيزي هو السرّ الذي سبق فأظهره الله لجدعون قال له: “كل من يلغ بلسانه من الماء كما يلغ الكلب يذهب إلي القتال” (راجع قض 7: 5). فبين كل الحيوانات التي خُلقت مع الإنسان ليس من يحب سيده مثل الكلب. فهو يحرسه دومًا نهارًا وليلاً. وإن ضربه سيده وأكثر ضربه لا يبارحه، وإذا خرج مع سيده للصيد وصادف سيده أسدًا شرسًا، يسلم الكلب نفسه للموت عن سيده. هكذا يكون البواسل الذين عُرفوا في الماء. يسيرون كالكلاب على خطى سيدهم، ويبذلون نفوسهم للموت من أجله. يحاربون بشجاعة ويحرسونه ويضعونه على عيونهم ويلحسونه بألسنتهم كما يلحس الكلب سيده. والذين لا يلهجون في الشريعة يُسمون كلابًا صماء، لا تستطيع أن تنبح. وكل الذين يجتهدون في طلب الرحمة، يحصلون على خبز الأبناء فيُلقى لهم (مت 15: 26) [41].]

المقالة الثامنة عن قيامة الموتى

ما تزرعه إياه تحصد!

[لن تزرع قمحًا وتحصد شعيرًا، ولن تزرع كرمة تنتج تينًا، إنما كل شيء ينمو حسب طبيعته. هكذا أيضًا الجسد الذي أُلقي في الأرض يقوم ثانية.

وأما أن الجسد قد فسد وانحل، فيلزمك أن تتعلم من مثل البذرة، فهي أيضًا عندما تُلقي في الأرض تنحل وتفسد، وبانحلالها تثبت وتأتي ببرعم وتحمل ثمرًا. فالأرض التي تُحرث والتي لا تُلقي فيها بذار لا تنتج ثمرًا، حتى وإن ارتوت الأرض بالأمطار دائمًا. فالقبر الذي لا يُدفن فيه ميت لا يخرج منه أحياء من الأموات، حتى عندما يضرب البوق بصوتٍ كاملٍ [42].]

الجسد الروحاني!

[يقول الرسول: “وأما الروحي فيحكم في كل شيء، وهو لا يُحكم فيه من أحدٍ” (1 كو 2: 15). أيضًا قال: “الذين هم حسب الجسد، فبما للجسد يهتمون، ولكن الذين حسب الروح فبما للروح” (رو 8: 5). مرة أخرى قال: “لما كنا في الجسد كانت ضعفات الخطايا تعمل في أعضائنا لكي نثمر للموت” (راجع رو 7: 5). وأيضًا: “إن كان روح المسيح ساكنًا فيكم، فأنتم روحيون” (راجع رو 8: 9).

قال الرسول هذا كله بينما كان ملتحفًا في الجسد، لكنه كان يمارس أعمال الروح. هكذا أيضًا في قيامة الأموات سيتغير البار، ويُبتلع الأرضي بالسماوي، ويُدعى جسدًا سماويًا. وأما الذي لا يتغير فسيُدعى أرضيًا [43].]

وقت الولادة على الأبواب!

[إذ لم يكن آدم موجودًا أوجده (الله) من العدم، فكم بالأسهل الآن أن يقيمه.

هوذا يُزرع كبذرة في الأرض! فلو أن الله يفعل ما هو سهل بالنسبة لنا فإن أعماله لا تظهر قديرة لنا…

آدم الذي لم يُغرس نبت، وُلد دون حبل به. لكن هوذا الآن نسله يُغرسون وينتظرون المطر وسينبتون. هوذا الأرض تحبل بكثيرين، ووقت الولادة على الأبواب [44].]

إخفاء قبر موسى

[حقق إلهه نفعين لموسى بإخفاء قبره عن بني إسرائيل. لقد فرح أن أعداءه لا يعرفونه حتى لا يطرحوا عظامه خارج قبره. ومن جانب آخر أن أبناء شعبه لا يعرفونه ويستخدمونه موضع عبادة، إذ حُسب كإله في أعين بني شعبه [45].]

الموت رقاد!

[مثل هذا الموت هو رقاد، وكما قال داود: “أنا اضطجعت ونمت ثم استيقظت” (مز 3: 4). أيضًا قال إشعياء: “استيقظوا يا سكان التراب” (إش 26: 19). وقال ربنا عن ابنة رئيس المجمع: “الصبية لم تمت، لكنها نائمة” (مت 9: 24). وبخصوص لعازر قال لتلاميذه: “لعازر حبيبنا قد نام، لكني أذهب لأوقظه” (يو 11: 11). وقال الرسول: “لا نرقد كلنا، ولكننا كلنا نتغير” (1 كو 15: 51). وأيضًا قال: “من جهة الراقدين لا تحزنوا” (1 تس 4: 13) [46].]

رقاد الأبرار، ورقاد الأشرار

يليق بنا أن نخاف الموت الثاني (رؤ 2: 11، 20: 14، 21: 18) المملوء بالبكاء وصرير الأسنان والتنهدات والبؤس، هذا الذي يليق بالظلمة الخارجية. لكن طوبى للمؤمنين والأبرار في تلك القيامة، التي ينتظرون أن يستيقظوا فيها، ويقبلوا الوعود الصالحة المقدمة لهم.

أما الأشرار غير المؤمنين فويل لهم في القيامة مما ينتظرهم. كان الأفضل لهم ألا يقوموا، حسب عقيدتهم. فإن العبد الذي تتهيأ له العذابات والقيود عند سيده، عندما يرقد لا يريد أن يوقظه أحد. إذ يعرف أنه عندما يحل الفجر ويوقظونه سيعذبه سيده بالجلدات ويقيده.

أما العبد الصالح، الذي يعده ربه بالهبات الموعود بها، فيترقب حلول الفجر، لينال العطايا من ربه. حين ينام، يرى في حلمه كيف يعطيه سيده ما وعده به، فيفرح في حلمه ويرقص مبتهجًا. أما الشرير فلا يستعذب نومه، لأنه يتصور أن الفجر قادم إليه، وينسحق قلبه في حلمه.

ينام الأبرار وتكون غفوتهم موضع سرورهم في النهار وبالليل الطويل، بل يحسبون كأنه في أعينهم ساعة واحدة. وفي هجعة الفجر يستيقظون فرحين. أما الأشرار فالنوم بالنسبة لهم ثقيل عليهم، يشبهون إنسانًا مصابًا بحمى ثقيلة جدًا. يتقلب الشرير على فراشه هنا وهناك، ويحوط الرعب بليله الذي يطول، فيخاف من الفجر الذي سيدينه فيه ربه [47].]

المكافأة في يوم الرب العظيم!

[يعلمنا إيماننا هكذا أنه إذ يرقد البشر ينامون مثل هذا النوم، ولا يميزون الخير من الشر.

فلا ينال الأبرار ما وعُدوا به، ولا الأشرار عقاب الشر قبل مجيء الديان، حيث يُفصل الذين موضعهم عن يمينه عن أولئك الذين موضعهم على شماله.

لتتعلم مما كُتب، أنه عندما يجلس الديان، وتُفتح الأسفار أمامه، وتُقرأ الأعمال الصالحة والأعمال الشريرة، يقبل الذين عملوا الصالحات ما هو صالح من الصالح، وينال الذين فعلوا الشرور العقوبات الشريرة من الديان العادل… في ذلك العالم ستحل العدالة محل النعمة، فيكون الله عادلاً للجميع…

من اقتربت إليه النعمة (في هذه الحياة) سوف لا تسلمه إلي يد العدالة لتحكم عليه… ومن ابتعدت عنه النعمة، تدخله العدالة إلي المحكمة وتدينه فيذهب إلي العذاب [48].]

لم تتحقق المجازاة بعد!

[من كل هذه الأمور افهم يا عزيزي، فقد تأكد لك أنه حتى الآن لم يقبل أحد بعد جزاءه. فلم يرث الأبرار الملكوت، ولا ذهب الأشرار إلي العذاب.

لم يفصل الراعي بعد قطيعه. ولم يقبل العمّال الذين تعبوا في الكرم أجرهم حتى الآن… والعذارى اللواتي ينتظرن العريس يرقدون حتى الآن، وهن ينتظرن الصيحة فيستيقظن. والأولون الذين تعبوا في الإيمان لا يكملون حتى يأتي الآخرون [49].]

[أما بالنسبة لك يا عزيزي فلا تشك في قيامة الأموات، لأن فم (الله) الحي يشهد: “أنا أميت وأنا أحيي” (تث 32: 39). وكلاهما صادران من فم واحد. وإذ نحن واثقون أنه هو يميت ونحن نرى ذلك فبالتأكيد وهو مستحق للإيمان به أنه يحيي.

من كل ما قد شرحته لك، اقبل وآمن أنه في يوم القيامة سيقوم جسدك بتمامه، وستقبل من ربنا مكافأة إيمانك، وستفرح وتبتهج بكل ما آمنت به [50].]

المقالة التاسعة عن التواضع

يا لصلاح التواضع!

[التواضع صالح في كل وقت، وهو ينجى الذين يقتربون منه من كل ضيق.

ثمار التواضع عديدة، فهو يلد خيرات كثيرة. منه يُولد الكمال، وبه تزكى نوح أمام الله فخلصه، كما هو مكتوب أن الله قال له: “لأني إياك رأيت بارًا وكاملاً في جيلك” (أنظر تك 7: 1) [51].]

التواضع ينبوع كل برّ!

[من يحب التواضع يقتني بالتواضع مواهب كثيرة.

إذ تبحث عن الرحمة، تجدها في المتواضعين، لأن التواضع مسكن البرّ.

التعليم موجود عند المتواضعين، والمعرفة هي ينابيع شفاههم.

التواضع يلد الحكمة والفهم، والمتواضعون يقتنون الفطنة…

عذبة هي كلمة المتواضع، ووجهه مشرق وهو يضحك ويفرح.

الحب جميل لدى المتواضعين، وهم يعرفون أن يتدبروا به.

يصوم المتواضعون عن كل الشرور، فتشع وجوههم بصلاح قلوبهم.

يتكلم المتواضع فيليق به الكلام، وتضحك شفتاه، فلا يُسمع صوت ضحكه…

يتواضع المتواضع، أما قلبه فيرتفع إلي الأعالي العلوية. حيث يكون كنزه هناك تكون أفكاره. عينا وجهه تنظران إلي الأرض، وعينا عقله إلي الأعالي العلوية [52].]

يا لنصرة المتواضعين!

تواضع يعقوب، فانتصر على غضب عيسو أخيه والأربعمائة رجل الذين معه (تك 33: 1-4).

تواضع يوسف، فانتصر على غضب إخوته الذين حسدوه وأبغضوه (تك 50: 20-21).

بالتواضع انتصر موسى، وكسر كل كبرياء لفرعون (خر 6: 30).

تواضع داود هزم تشامخ جليات الذي اندفع نحوه في غضبٍ (1 صم 17: 45-51).

وانتصر تواضع حزقيا على تهديد سنحاريب الذي اندفع مجدفًا.

وانتصر تواضع مردخاي على كل تشامخ هامان.

وانتصر دانيال وزملاؤه بتواضعهم على الأشرار الذين افتروا عليهم [53].]

يا لعظمة المتواضعين!

[ينتظر المتواضعون العريس ويتنكرون للعالم. العجرفة بعيدة عنهم، والمستهزئون في نظرهم مُبغضون. أعماق قلوبهم مملوءة بالكنوز الصالحة، وضمائرهم نقية من الغش. عيون قلوبهم ثابتة في العلا وهي تنظر جمال ربهم، وفي كل وقت يفرحون به. تحبل قلوبهم بكل جمالٍ، وتلد شفاهم ثمارًا صالحة.

يقبلون من ربهم زرعًا صالحًا، فيقتلعون أشواك الشر ويلقونها…

غرس فيهم التواضع، فأنبت ثمر الإيمان والمحبة.

لبسوا المسيح ثوبًا صالحًا، وحفظوه من كل نجاسة.

يسكن فيهم الروح الذي نالوه، يحبونه ولا يُحزنونه.

يهيئون هياكلهم للملك العظيم الذي يدخل ويحلّ في الهادئين والمتواضعين.

يجعلون ميناءهم على صخرة الحق، ولا يخافون الأمواج والرياح.

أعمالهم تضيء كالسراج، فيشع نورهم أمامهم.

يهيئون الهدية للعريس الآتي، وينتظرون أن يدخلوا في حجاله…

يفكرون ويتصرفون في هذا العالم كغرباء، وينتظرون المدينة التي في السماء.

أفكارهم محفوظة وموضوعة في السماء، وهناك ينتظرون أن يدخلوا بيت المقدس.

عيونهم مفتوحة وهي تتطلع إلي هناك، فتشاهد العريس الذي يهيئ نفسه…

تتدرب ألسنتهم على ترانيم المسيح، ليتلذذوا بأناشيده العذبة والحلوة [54].

المتواضعون هم أبناء العلي وإخوة المسيح، هذا الذي بُشر به، فجاء إلينا من أجل السلام، وقبلته مريم من أجل تواضعها [55].]

المقالة العاشرة في الرعاة

الرعاة الأولون

[يُقام الرعاة على القطيع، ويعطون القطيع طعام الحياة.

من كان ساهرًا ويتعب لأجل قطيعه يهتم برعيته، ويكون تلميذًا للراعي الصالح الذي بذل ذاته عن خرافه (يو 10: 11 الخ). من لا يهتم بقيادة القطيع حسنًا يشبه الأجير الذي لا يبالي بالقطيع.

يا أيها الرعاة تشبهوا بهؤلاء الرعاة الأبرار الأولين.

رعى يعقوب قطيع لابان، وحفظه، وتعب، وسهر، ونال المكافأة، إذ قال يعقوب للابان: “الآن عشرين سنة أنا معك. نعاجك وعنازك لم تُسقط. وكباش غنمك لم آكل. فريسة لم أحضر إليك. أنا كنت أخسرها. من يدي كنت تطلبها… كنتُ في النهار يأكلني الحر، وفي الليل الجليد، وطار نومي من عيني” (تك 31: 38-40).

تأملوا يا أيها الرعاة كيف اهتم ذاك الراعي برعيته [56].]

أمثلة للرعاية

[رعى يعقوب قطيع لابان وتعب وسهر وقادهم حسنًا، عندئذ رعى بنيه وقادهم حسنًا، وعلّمهم أصول العمل الرعوي.

اعتاد يوسف أن يرعى القطيع مع إخوته، وفي مصر صار قائدًا لشعبٍ كثيرِ، وقادهم كما يقود الراعي الصالح قطيعه.

قاد موسى قطيع يثرون حميه، وأُختير من رعاية الغنم إلي رعاية شعبه، وكراعٍ صالحٍ قادهم. حمل موسى عصاه على كتفه، وتقدم شعبه الذي يقوده، ورعاهم أربعين عامًا، وكان ساهرًا يتعب من أجل قطيعه، كان راعيًا صالحًا. عندما أراد ربه أن يهلكهم بسبب خطاياهم، إذ عبدوا العجل، صلى موسى لأجلهم وطلب من ربه قائلاً: “والآن إن غفرت خطيتهم، وإلا فامحني من كتابك الذي كتبت” (خر 32: 32). هذا هو الراعي الساهر للغاية، يسلم نفسه لحساب قطيعه. هذا هو القائد الممتاز الذي يبذل ذاته من أجل قطيعه. هذا هو الأب الرحوم الذي يحتضن بنيه ويربيهم.

موسى الراعي العظيم والحكيم، الذي عرف كيف يرعى قطيعه علَّم يشوع بن نون، الإنسان المملوء بالروح، والذي قاد الرعية كل حشد إسرائيل…

بعد ذلك رعى داود قطيع أبيه، فأُخذ من القطيع ليرعى شعبه. “فرعاهم حسب كمال قلبه، وبمهارة يديه هداهم” (مز 78: 72). وعندما أحصى داود عدد قطيعه، حلّ الغضب عليهم وبدأوا يهلكون. عندئذ سلم داود نفسه لحساب قطيعه عندما صلى، قائلاً: “ها أنا أخطأت، وأنا أذنبت، وأما هؤلاء الخراف فماذا فعلوا؟ فلتكن يدك عليّ وعلى بيت أبي” (2 صم 24: 17).

هكذا أيضًا اعتاد كل الرعاة الساهرين أن يبذلوا أنفسهم لحساب قطيعهم [57].]

[“الراعي الصالح يبذل نفسه عن خرافه” (يو 10: 11). مرة أخرى قال: “ولي خراف أُخر ليست من هذه الحظيرة، ينبغي أن آتي بتلك أيضًا، فتسمع صوتي، وتكون رعية واحدة وراعٍ واحد. لهذا يحبني الآب لأني أضع نفسي من أجل القطيع” (راجع يو 10: 16-17)…

يا أيها الرعاة تشبهوا بذاك الراعي الساهر، رئيس القطيع كله، الذي يهتم هكذا بقطيعه. لقد أتي بالذين كانوا بعيدين. لقد ردّ الضالين، وافتقد المرضى، وقوىَّ الضعفاء. وربط المكسورين. رعى السمان، وسلم نفسه عن القطيع. اختار قادة ممتازين ودرَّبهم، وسلمهم القطيع في أيديهم، ووهبهم سلطانًا عليه. قال لسمعان بطرس: “ارع غنمي وحملاني ونعاجي” (راجع يو 21: 15-17)…

هل ترعونهم، حسنًا وتدبرون أمورهم؟ لأن الراعي الذي يهتم بقطيعه لا ينشغل بشيء آخر مع القطيع. لا يغرس كرمًا ولا حدائق ولا ينشغل باهتمامات هذه العالم. لم نرَ قط راعيًا يترك قطيعه في البرية ويصير تاجرًا، أو يترك قطيعه يجول ويصير مزارعًا. لكن إن هجر قطيعه ومارس هذه الأمور يسلم قطيعه للذئاب [58].]

[أسالكم يا أيها الرعاة ألا تقيموا على القطيع قادة أغبياء، حمقى، طماعين محبين للقنية…

أيها الرعاة، تلاميذ راعينا العظيم، لا تكون كالأجراء، فإن الأجراء لا يبالون بالقطيع. بل كونوا كراعينا الحلو، الذي لم تكن حياته ثمينة عنده أكثر من قطيعه. ارعوا الشباب وهذبوا العذارى. أحبوا الحملان، دعوها ترعى في أحضانكم، حتى متى أتيتم إلي الراعي الرئيسي تقدمون له كل قطيعكم كاملاً، فيهبكم ما وعدكم به: “حيث أكون أنا هناك أيضًا تكونون” (راجع يو 12: 26) [59].]

المقالة الحادية عشرة في الختان

[الله حق هو، وعهوده ثابتة جدًا. وكل عهد هو حق في وقته وثابت. المختونون في قلوبهم هم أحياء، ويختنون مرة ثانية على الأردن الحقيقي، من أجل معمودية غفران الخطايا [60].]

[ختن يشوع بن نون الشعب مرة ثانية بسكاكين من صوّان حين عبر الأردن هو وشعبه. وختن يسوع مخلصنا الشعوب الذين آمنوا به بختان القلب مرة ثانية، وغطّسهم في المعمودية. ختنهم بالسكين التي هي كلمته، والتي هي أحد من سيف ذي حدين (عب 4: 2).

أعبر يشوع بن نون الشعب إلي الأرض الموعد. ووعد يسوع مخلصنا بأرض الحياة كل الذين يعبرون الأردن الحقيقي ويؤمنون، ويختنون غُرلة قلوبهم.

أقام يشوع بن نون حجارة للشهادة في إسرائيل، ودعا يسوع مخلصنا سمعان الحجر الحقيقي، وأقامه شاهدًا مؤمنًا بين الشعوب.

أقام يشوع بن نون الفصح في سهل أريحا، في أرض ملعونة، وأكل الشعب من خبر الأرض. وأقام يسوع مخلصنا الفصح مع تلاميذه في أورشليم المدينة التي لعنها، وقال إنه لن يُترك فيها حجر على حجر (مت 24: 2)، وهناك وهب السرّ بواسطة خبز الحياة [61].]

المقالة الثانية عشر في الفصح

[أكل مخلصنا مع تلاميذه الفصح في ليلة الرابع عشر المحفوظة. وضع لتلاميذه بالحق علامة الفصح. وبعد أن خرج يهوذا من عندهم، أخذ خبزًا وبارك وأعطى تلاميذه، وقال لهم: “هذا هو جسدي. خذوا كلوا منه كلكم”…

قبل أن يُقبض على ربنا قال هذه الكلمات، ثم قام ربنا من المكان الذي أقام فيه الفصح، فأعطي جسده ليؤكل ودمه ليُشرب، وذهب مع تلاميذه إلي المكان الذي سيُقبض فيه عليه، فمن أكل جسده وشرب دمه يُحسب من الأموات [62].]

الثلاثة أيام وثلاث ليالٍ

[قال مخلصنا: “كما كان يونان بن أمتاي في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال، هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض” (راجع مت 12: 40). فمن الوقت الذي وهب فيه جسده ليؤكل ودمه ليُشرب، هذه هي الأيام الثلاثة والليالي الثلاث.

فقد كان ليل حين خرج يهوذا من عندهم وأكل التلاميذ الأحد عشر جسد مخلصنا وشربوا دمه. إذًا هناك الليلة التي بها تضيء الجمعة، وحتى الساعة السادسة التي فيها أدانوه. ها نهار واحد وليلة واحدة. وثلاث ساعات كان فيها ظلام، من الساعة السادسة إلي الساعة التاسعة، وثلاث ساعات بعد الظلمة. ها نحن أمام نهارين وليلتين. والليلة الكاملة التي يضيء السبت ونهار السبت كله. فتمت لمخلصنا الإقامة بين الأموات ثلاثة أيام وثلاث ليال، وفي فجر الأحد قام من بين الأموات [63].]

بين الفصح القديم والفصح الجديد

[فصح اليهود هو اليوم الرابع عشر بليله ونهاره. وفصحنا هو يوم الآلام العظيم، يوم الجمعة الخامس عشر بليله ونهاره.

بعد الفصح أكل إسرائيل الفطير سبعة أيام حتى اليوم الحادي والعشرين من الشهر، ونحن نحفظ الفطير كعيد مخلصنا.

هؤلاء أكلوا الفصح على أعشاب مرة، ومخلصنا رذل كأس المرارة هذه وانتزع كل مرارة الشعوب حين ذاقها، ولم يرد أن يشرب.

يذكر اليهود خطاياهم زمنًا بعد زمنٍ، ونحن نتذكر صلب مخلصنا وإهانته.

بالفصح خرج هؤلاء من عبودية فرعون، ونحن في يوم الصلب نخلص من عبودية الشيطان.

هم ذبحوا حملاً من القطيع، وبدمه نجوا من المفسد، ونحن خلصنا بدم ابن مختار من أعمال الفساد التي عملناها.

كان لهم موسى قائدًا، ونحن لنا يسوع هاديًا ومخلصًا.

شق لهم موسى البحر وأجازهم، وأما مخلصنا فشق الجحيم وحَّطم أبوابه، ودخل إلي الداخل وفتحها. ورسم الطريق أمام كل الذين يؤمنون به.

وهبهم موسى الماء من الصخرة، وأجرى لنا مخلصنا الماء الحيّ من صدره.

وعدهم موسى بأرض الكنعانيين ميراثًا، ووعدنا ربنا بأرض الحياة ملكًا.

رفع موسى حية نحاسية، كل من ينظر إليها يبقى حيًا بالرغم من لدغة الحية. وعلق يسوع نفسه وكل من يتطلع إليه ينجو من جرح الحية التي هي الشيطان.

صنع لهم موسى الخيمة الوقتية ليقدموا فيها الذبائح والقرابين، فيطهروا من خطاياهم. وأقام يسوع خيمة داود الساقطة (عا 9: 10؛ أع 15: 16) وقام. وقد قال لليهود: “انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه” (يو 2: 19). وقد فهم تلاميذ إنه تحدث عن جسده الذي يقيمه بعد ثلاثة أيام حين يقتلونه. ففي هذه الخيمة وعدنا بالحياة وبها تطهر خطايانا.

دعا خيمتهم خيمة وقتية، لأنها تخدم زمنًا قصيرًا، ودعا خيمتنا هيكل الروح القدوس الذي يدوم إلي الأبد (1 كو 3: 16؛ 6: 19) [64].]


[25] Psedo-Clemen., Homily 12:29.

[26] Demonstrations, 5:1 (Of Wars).

[27] Demonstrations, 5:6 (Of Wars).

[28] Demonstrations, 5:7 (Of Wars).

[29] Demonstrations, 5:25 (Of Wars).

[30] Demonstrations, 6: 1 (of Monks).

[31] Demonstrations, 6: 2 (of Monks).

[32] Demonstrations, 6: 4 (of Monks).

[33] Demonstrations, 6: 7 (of Monks).

[34] Demonstrations, 6:8 (Of Monks).

[35] Demonstrations, 6:8 (Of Monks).

[36] Demonstrations, 6: 19 (of Monks).

[37] Demonstrations, 7: 1.

[38] Demonstrations, 7: 2.

[39] Demonstrations, 7: 3.

[40] Demonstrations, 7: 4.

[41] Demonstrations, 7: 21.

[42] Demonstrations, 8: 3 (of the Resurrection of the Dead).

[43] Demonstrations, 8: 5.

[44] Demonstrations, 8: 6.

[45] Demonstrations, 8:9.

[46] Demonstrations, 8: 18.

[47] Demonstrations, 8: 19.

[48] Demonstrations, 8: 20.

[49] Demonstrations, 8: 22.

[50] Demonstrations, 8: 25.

[51] Demonstrations, 9: 1.

[52] Demonstrations, 9: 1.

[53] Demonstrations, 9: 3.

[54] Demonstrations, 9: 4.

[55] Demonstrations, 9: 5.

[56] Demonstrations, 10: 1.

[57] Demonstrations, 10: 2.

[58] Demonstrations, 10: 4.

[59] Demonstrations, 10: 6.

[60] Demonstrations, 11: 11.

[61] Demonstrations, 11: 12.

[62] Demonstrations, 12: 6.

[63] Demonstrations, 12: 7.

[64] Demonstrations, 12: 8.

Facebook
Twitter
Телеграма
WhatsApp
PDF
bg_BGBulgarian
Превъртете до върха