الرب يسوع

تدل لفظ “الرب” (“كيريوس” في اليونانية) في العهد الجديد على يسوع المسيح. ويجعل الرسولان بطرس وبولس الايمان بيسوع ربّاً شرطا للخلاص: “فاذا شهدتَ بفمكَ أن يسوع ربّ، وآمنتَ بقلبكَ أن الله أقامه من بين الأموات، نلتَ الخلاص” (رومية 10: 9). اما بطرس فيخاطب الحاضرين في يوم العنصرة قائلا: “فيكون أن كل من يدعو باسم الرب يَخْلُص” (اعمال 2: 19)، والمقصود بالرب هنا هو يسوع المسيح، فالرسول بطرس يقول في الخطبة ذاتها: “فليَعْلَمْ يقينا بيتُ اسرائيل أَجمع ان يسوع هذا الذي صلبتموه انتم قد جعله الله ربّاً ومسيحا” (اعمال الرسل 2: 36). ويعيد بطرس تأكيد هذا الامر في خطبة اخرى حيث يقول: “فلا خلاص باحد غيره. لانه ما من اسم آخر تحت السماء أُطلِقَ على احد الناس ننال به الخلاص” (اعمال الرسل 4: 12).

قبل أن يُطلَق على أتباع يسوع المسيح لقب المسيحيين: “وفي انطاكية سُمِّيَ التلاميذُ اول مرة مسيحيين” (اعمال الرسل 11: 26)، كانوا يُعرفون بانهم الذين يَدْعُون باسم الرب يسوع. فحنانيا يخاطب الرب قائلا بشأن شاول الذي سيصير بولس: “يا رب، سمعتُ بهذا الرجل من أناس كثيرين كم أساء الى قديسيك في اورشليم وعنده ههنا تفويض من عظماء الكهنة ليوثق كل من يدعو باسمك” (اعمال الرسل 9: 13-14). ويؤكد الرسول بولس ذلك عندما يتوجّه بالسلام الى اهل كورنثوس، الى “الذين يَدْعُون في كل مكان باسم ربنا يسوع المسيح، ربهم وربنا” (1 كورنثوس 1: 2). وفي هذا إشارة الى نبوءة يوئيل الذي يقول: “كل من يدعو باسم الرب يَخْلُص” (يوئيل 3: 5)، اي باسم الله. العهد الجديد يشترط في المسيح ما يشترطه العهد القديم في الله، فيصبح الدعاء باسم الرب يسوع سببا للخلاص.

في العهد القديم كانت لفظة “الرب” تدل فقط على الله، وكان اليهود يتحاشون ذكر اسم الله “يهوه” ويبدلونه بكلمة “أَدوناي” اي الرب او السيد. وفي الترجمة السبعينية للكتاب المقدس التي قام بها يهود الاسكندرية في القرن الثالث قبل المسيح، تم اعتماد كلمة “كيريوس” كترجمة لاسم الجلالة “يهوه”. هذا اللفظ نفسه “كيريوس” اعتمده كُتّاب العهد الجديد للإشارة الى يسوع المسيح.

اعتراف الرسل بربوبية المسيح معناه انهم يقرّون بأنه إله، ذلك أن إطلاق لقب مختصّ بالله وحده في العهد القديم على يسوع معناه انهم يقرّون بمساواته لله. حتى إن توما لم يتردد في إعلان إيمانه بيسوع ربّاً وإلها بعد القيامة، فقال: “ربي وإلهي” (يوحنا 20: 28). ولا ينسى الرسول بولس في معظم بدايات رسائله وخاتماتها ذكر “الرب يسوع”، كما في بداية الرسالة الى اهل رومية: “عليكم النعمة والسلام من لدن الله ابينا والرب يسوع المسيح” (رومية 1: 7)، اما خاتمة الرسالة الى اهل غلاطية فتقول: “على روحكم، ايها الإخوة، نعمة ربنا يسوع المسيح، آمين” (غلاطية 6: 18).

يورد الرسول بولس نشيدا مسيحيا قديما يتضمن اعترافا بربوبية المسيح، فبعد أن يتكلم عن وجود الرب يسوع قبل التجسد وعن تنازله وتجسده وموته على الصليب، يقول: “لذلك رَفَعَهُ الله الى العلى ووَهَبَ له الاسمَ الذي يفوق جميع الاسماء كيما تجثو لاسم يسوع كلُّ ركبة في السموات وفي الأرض وتحت الأرض، ويَشْهد كلُّ لسان أن يسوع المسيح هو الرب تمجيداً لله الآب” (فيلبي 2: 9-11). إن الاسم الذي وهبه الله ليسوع والذي يفوق كل اسم هو اسم الله نفسه، وهذا لا يعني أن يسوع لم يكن ربّاً قبل قيامته من بين الاموات، بل إن القيامة كشفت أزلية يسوع وربوبيته وكونه إلها.

يؤكد الرسول بولس ايضا على أمرٍ غايةٍ في الأهمية وهو انه لا احد يمكنه الاعتراف بيسوع ربّاً الا بالروح القدس: “انه ما من احد، اذا تكلم بإلهام من روح الله، يقول: “ملعون يسوع”، ولا يستطيع احد أن يقول: “يسوع رب” الا بإلهام من الروح القدس” (1كورنثوس 12: 3). اذا كان الايمان بيسوع المسيح ربّاً شرطاً لخلاصنا، فلندعُ الروحَ القدسَ ليسكن قلوبنا ويقودنا الى يسوع المسيح ابن الله فندخل في سر الثالوث ونحيا بالحقيقة.

عن نشرة رعيتي 1997

arArabic
انتقل إلى أعلى