Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
☦︎
☦︎

المقالة الرابعة عشر عن البراهين المقنعة

خطايا الرؤساء!

[قام الرؤساء في شعبنا، فتركوا الشريعة وافتخروا بالإثم.

اقتنوا خيرات، فغلبهم الطمع.

يقرضون بالربا ويأخذون الفائدة. ليس من يذكر ما قد كُتب: “لا تأخذ منه ربا ولا مرابحة” (لا 25: 36). وقيل: “من أراد أن يسكن في خيمته الرب لا يعطي فضة بالربا” (راجع مز 15: 1، 5). كما قيل عنه لا يعمل النجاسات التي يعددها حزقيال فيرضي الرب عنه: “ولم يعط بالربا، ولم يأخذ مرابحة” (حز 18: 8).

يوجد في هذا الزمن أناس يتصرفون بعنفٍ ويعوجون الحكم، ويحابون الوجوه ويبرئون المذنب، ويُجَّرمون البريء؛ يحبون الأغنياء ويبغضون الفقراء، ويرعون أنفسهم ويبدون الخراف. أعماهم العالم، فأحبوا الرشوة، ورفضوا الحق [65].]

الحب الصادق

[إن التقى أخ بأخيه يميل بوجهه ويرفض أن يسلم عليه (ربما خشية أن يصيبه أذى أو يخسر مركزًا). وإن التقى بوثني شرير يقترب منه ويبادره السلام.

إن التقى بنا رجل إثم شرير وغني، ركعنا أمامه وبادرناه بالسلام. ولكن لا نسلم على إخوتنا وأعزائنا. فالشرير (إبليس) بحسده يمنعنا من ذلك. بينما يأمرنا ربنا: أحبوا بعضكم بعضًا. ويحثنا الرسول الطوباوي على الحب [66].]

تحذير للكهنة والخدام!

[أعزاؤنا، كان من الضروري لنا أن نكتب هذه الأشياء لنُذَكر أنفسنا ونُذَكركم أيضًا، لأننا أهملنا خدمة القدوس، فحصل لنا هذا كله في الزمن الحاضر. ولأننا لا نكرمه صرنا للهزء أمام أعدائنا، واُحتقرنا، وذلك كما كُتب: “الذين يحتقرونني يصغرون” (1 صم 2: 30) [67].]

خطورة الطمع في حياة الكهنة!

[كل هذه الأرض وكل الفردوس لا يكفيان الطمع الذي دخل على آدم. كان يحترق بالشهوة فأخذ وأكل من الشجرة التي أُمر ألا يأكل منها…

رُجم عاخان من أجل شهوة الطمع؛ رُجم بالحجارة، وهلك من وسط شعبه.

والكاهنان الشريران ابنا عالي أفقدهما الطمع الحياة.

طمع الملك شاول ـ مختار الشعب ـ بما حرمه الرب عليه عند أبيمالك، فسقط من عظمته، ونُزعت عنه مملكته.

اشتهى آخاب بن عمري، ملك إسرائيل، كرم نابوت وأخذه، فسقط في الحرب في راموت جلعاد.

وجيحزي، تلميذ إليشع، ألبسه الطمع البرص.

قتل الطمع كثيرين وحرمهم الحياة.

لم يُشبع الطمع يهوذا الإسخريوطي، أحد الاثني عشر، فسرق، بل وبلغ به إلي أن يأخذ (ثمن) دم الكريم. بطمعه انفصل عن زملائه التلاميذ.

وقهر الطمع حنانيا، فظهرت الأعجوبة حين سقط عند أقدام الرسل (أع 5: 1-11) [68].]

[الطمع لا يشبعه العالم كله.

فبالنسبة للملوك لا تشبعهم كلّ شعوبهم وألسنتهم، ولا يكتفي كل واحد منهم بمنطقته. إنهم يجمعون الجيوش يعلنون الحرب، ويدمرون المدن، ويسلبون المناطق الأخرى. يسبون السبايا ويمتلكون، ولا شيء يكفيهم. يتعبون ويشقون ليتعلموا الحروب. يقتلعون الحصون، ويقومون بتصيد الناس. يصعدون ويبلغون القمم، وينزلون إلي الوديان، ولا يشبع الطمع فيهم ولا يمتلئ.

حين يكثر الغنى يزداد الطمع، وحين تفيض الخيرات يتقوى الطمع.

المسكين يكتفي بالخبز اليومي، أما الغني فيهتم بالسنين التي لا يكون فيها على قيد الحياة.

يكفي المساكين لباس به رقع، بينما لباس من كلّ زهو ومن كل منطقة يجعل الطماع وكأنه عريان.

يُوضع فراش الفقير على الأرض، وهذا يكفيه. ومرقد الغني أسِرة زاهية وفرش من كل نوع، وهذا قليل من أجل الطمع.

شراب المسكين ماء فيرويه، ويشرب الغني النبيذ المُعتق ولا يزال ظمأنًا.

قنية الأغنياء الذهب والفضة، بهما يعثرون ولأجلهما يتقاتلون.

يهرب النُعاس من كل محبي الطمع، أما مرقد الفقير فهادئ مريح.

يفكر المسكين أن يكسر من خبزه للمحتاج، ويتطلع الغني كيف يضرب من هو أضعف منه.

طوبى لمن لا يخدم سيادة البطن. طوبى للرجل الذي لم يقهره الطمع. طوبى للإنسان الذي يتأمل في المعرفة التي بها تُقطع أصول الطمع [69].]

[أعزاؤنا، تعرفون مما كتبنا لكم، أنه بعلة الطمع ظهر البغض والحسد عند المتمسكين بالشريعة والمتسلطين في شعبنا [70].]

مخلصنا رأس الرعاة!

[يسوع مخلصنا هو رأس الرعاة. هو نور في الظلمة، وسراج على منارة، ينير العالم، ويطهر الخطايا.

هو اللؤلؤة الحسنة، ونحن التجار، نبيع ما لنا ونشتريها.

هو الكنز في حقل، حين نجده نفرح ونشتريه.

هو ينبوع الحياة، نحن العطاش نشرب منه.

هو المائدة المملوءة دسمًا وشبعًا، ونحن الجياع نأكل ونتلذذ.

هو باب الملكوت المفتوح أمام كل الداخلين.

هو الخمر المفرح التي يشرب منها الباكون فينسون أمراضهم.

وهو اللباس والثوب الممجد الذي يرتديه كل الغالبين.

هو البرج الذي عليه بُني الكثيرون. نحسب النفقة ونكمّل.

هو العريس، والرسل هم أصدقاؤه، ونحن عروسه. لنهيئ هدية العرس.

هو السلم التي تصعد إلي العلا، لنعمل ونجاهد بها نحو أبيه.

هو الطريق الصغير الضيق، لنسرع على خطاه ونبلغ الميناء.

هو الكاهن وخادم القدس، ونحن نعمل لنكون أبناء بيته.

هو الملك العظيم النبيل، الذي ذهب ليأخذ مُلكه (لو 19: 14).

لنكرم ضعفه ليشركنا في عظمته…

هو المحبة التي تعطي الثمار العديدة، حين زُرعت كانت صغيرة، وصارت شجرة قوية.

هو الابن البكر وابن مريم لنقبل ضعفه فيفرحنا بعظمته.

هو الذي تألم وعاد إلي الحياة وصعد إلي العلا. لنؤمن به حقَا، فنقبل مجيئه. هو ديان الأموات والأحياء الذي يجلس على عرش ويدين القبائل [71].]

كرامة الكهنوت: الأقدمية أم مخافة الرب؟

[لا نجد في زمننا مَن يسأل: من هو الذي يخاف الرب؟ بل: من هو الأقدم بوضع الأيدي؟

فإن قالوا: فلان أقدم، قالوا له: يليق بك أن تجلس على رأس المائدة. وليس من يتذكر كلام المخلص حين أعطى الويل للكتبة والفريسيين [72].]

لا تنجينا الألقاب من الموت

[يا إخوتنا، لا تُدخلنا الألقاب إلي الحياة، ولا تنجينا من الموت، كما لم تنجِّ ناداب وأبيهو (الكاهنين)…

فمع الألقاب تطلب الأعمال الصالحة، لأن الأعمال بدون ألقاب تنجي الذين يعملون بها. والألقاب بدون أعمال صالحة لا تفيد ولا تنفع شيئًا [73].]

أيها الراعي، لا تتشامخ!

[يا أيها الراعي الذي لا يعرف كرامته، من أنت حتى تدين عبدًا ليس لك؟ فإنه إن ثبت فلربه يثبت، وإن سقط فلربه يسقط، لكنه سيثبت ثباتًا. فإن كنت لا تقدر أن تبرر نفسك، فلماذا تخطئ باستمرار؟

إن كنت تتشامخ عليَّ بضميرك وتقول: “أنا معلم وملك عليك، فإن لم أقبل ذلك تضعني في القيود، كيف تعلمني التواضع، وأنت تتشامخ وتتباهي وتنتفخ؟

كيف تعلمني، قائلاً: “أحبوا بعضكم بعضًا، وأنت مملوء بغضًا وغضبًا؟

كيف تعلمني، قائلاً: “إن أخذ أحد مالك فلا تطالبه به”، وأنت تطلب ما هو لك وتأخذ فائدة؟

كيف تعلمني العفة، وأنت فاسد وثرثار ومتجَّبر؟

كيف تعلمني أن أترك هذا العالم، وأنت ساقط فيه ومختنق؟…

كيف تعلمني أن أغفر ما في قلبي، وأنت تحتفظ في داخلك بالخميرة العتيقة؟

كيف تعلمني أن أسالم أخي، وأنت تبلبل العالم المتسع؟ [74]]

المقالة السابعة عشرة في المسيح ابن الله

غاية المقالة

[هذا رد على اليهود الذين يكَّفرون الشعب المجتمع من بين الأمم، قائلين: “تعبدون وتخدمون إنسانًا مولودًا، ابن إنسان قد صلب، وتدعون ابن البشر الله. وإذ ليس لله ابن تقولون عن هذا المصلوب، يسوع، أنه ابن الله”. ويقدمون الحجة بأن الله قال: “أنا هو الله، وليس إله معي” (راجع تث 32: 19). وأيضًا: “لا تسجد لإله آخر” (خر 34: 14). يقولون: إنكم تقاومون الله بدعوتكم لإنسانٍ أنه الله [75].]

أسماء الله بالعبرية

[يُعطى اسم اللاهوت للكرامة الأسمى في العالم، والذي به يُسر الله، ويطبقه على نفسه. لكن على أي الأحوال أسماء الله كثيرة ومكرمة، وقد سلم أسماءه لموسى، قائلاً له: “أنا إله آبائك، إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب” هذا هو اسمي إلى الأبد، وهذه هي تذكار عبر الأجيال”. ودعا اسمه أهيه الذي هو أهيه Ahiyah ashar Ahiya، الشاداي El-Shaddai، وأدوناي صباؤوت Adonai Sabaoth (تك 17: 1؛ خر 3:14؛ إر 32: 18). بهذه الأسماء دُعي الله [76].]

نبوات عن المسيح

[يلزمنا أن نقدم برهانًا أن يسوع قد وُعد به مقدمًا بالأنبياء منذ عصور قديمة، وأنه دُعي ابن الله.

قال داود: “أنت ابني، وأنا اليوم ولدتك” (مز 2: 7). وأيضًا: “من بهاء المقدس، من الرحم ولدتك صبيًا منذ القدم” (مز 110: 3 الترجمة السريانية بشيتا أو البسيطة).

قال إشعياء: “يُولد لنا ولد، ونُعطي ابنًا، وتكون الرياسة على كتفه، ويُدعي اسمه عجيبًا مشيرًا إلهًا قديرًا أبًا أبديًا رئيس السلام. لنمو رياسته ولسلامة لا نهاية” (إش 9: 6-7).

لذلك أخبرني يا معلم إسرائيل الحكيم من هو هذا الذي وُلد واسمه ولد، وابن عجيب ومشير، وإله كل الأجيال القدير، ورئيس السلام، والذي لرئاسته نمو ولسلامه ليس من نهاية؟ فإن دعونا المسيح ابن الله، فإن داود هو الذي علمنا هذا، وإن دعوناه الله فقد سمعنا هذا من إشعياء. أما الرئاسة التي على كتفه، فلأنه حمل صليبه وخرج من أورشليم. وأما أنه وُلد كطفل، فقد قال إشعياء أيضًا: “ها العذراء تحبل وتلد ابنًا، وتدعو اسمه عمانوئيل، الذي تفسيره الله معنا” (إش 7: 14؛ مت 1: 23) [77].]

[وإن قلت أن المسيح لم يأتِ بعد، أقدم لك هذا من أجل عنادك. مكتوب أنه إذ يأتي تتوقعه الأمم (تك 49: 10 LXX والترجمة السريانية البيشيتا Peshitto). ها أنا واحدٍ من الأمم قد سمعت أن المسيح آت. وقبل أن يأتي آمنت به مسبقًا، وخلاله أعبد إله إسرائيل. عندما يأتي هل سيلومني لأني آمنت به مقدمًا قبل مجيئه؟

لكن أيها الغبي، لا يتركك الأنبياء تقول المسيح لم يأتِ بعد إلي الآن.

فدانيال يوبخك قائلاً: “وبعد اثنين وستين أسبوعًا يأتي المسيا ويُقتل، وفي مجيئه تخرب المدينة المقدسة، وتكون نهايتها الجرف، وإلي أن تتم هذه الأقوال تبقي في دمارها (دا 9: 26-27). وأنت تنتظر وترجو أن المسيح عندما يجيء يجمع إسرائيل معًا من كل مكانٍ، فتُبني أورشليم وتسكن مرة أخرى. لكن دانيال يشهد بأنه إذ يأتي المسيح ويُقتل، تخرب أورشليم وتبقى على خرابها إلي الأبد، حتى تتم هذه الكلمات.

أما عن آلام المسيح فقال داود: “ثقبوا يديّ ورجليّ، فصرخت كل عظامي. وهم ينظرون ويتفرسون فيّ. اقتسموا ثيابي بينهم، وعلى لباسي ألقوا القرعة” (مز 22: 17-19).

وقال إشعياء: “يعرف عبدي ويتجلى ويرفع ويندهش منه كثيرون. أما هذا الإنسان فمنظره كان مفسدًا أكثر من الرجل، وصورته أكثر من بني آدم” (إش 52: 13-14). كما قال: “يُطهر أممًا كثيرين، فيذهل منه أجله ملوك” (إش 25: 15). كما قال في هذا المقطع: “صـعد كولدٍ أمامي، وكعرقٍ (جذعٍ) من أرض يابسة” (إش 35: 2). وفي نهاية العبارة قال: “هو مجروح (مقتول) لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا، تأديب سلامنا عليه وبحُبره شفينا” (إش 35: 5).

بأية جراحات شُفيت البشرية؟ داود لم يُقتل، فقد مات في شيخوخة صالحة، ودُفن في بيت لحم.

وإن قالوا أنه يتحدث عن شاول بقوله أن شاول قُتل على جبال جلبوع في معركة مع الفلسطينيين (1 صم 31: 4). وإن قالوا ثقبوا يديه ورجليه حين علقوا جسمه على سور بيت شأن (1 صم 31: 10)، فهذا لم يتم في شاول. عندما ثقبوا أعضاء شاول لم تشعر عظامه بالألم لأنه كان قد مات. بعد موته علقوا جثته وجثث بنيه على سور بيت شأن. حين قال داود: “ثقبوا يديّ ورجليّ، فصرخت عظامي”، قال بعدها العبارة التالية: “أما أنت يا الله أسرع إلي معونتي، أنقذ من السيف نفسي” (مز 22: 19-20).

الآن المسيح خلص من السيف، وصعد من الجحيم، وقام حيًا في اليوم الثالث، وبقي الله (الآب) في عونه، أما شاول فدعا الله ولم يستجب له. سأله خلال الأنبياء ولم يُعطَ له جواب. تخفى وسأل العرافين عندئذ عرف أن سيُغلب من الفلسطينيين، ويقتل نفسه بسيفه، إذ أدرك أن المعركة قد بلغت به إلي الهزيمة. أضف إلي ذلك قال داود العبارة التالية: “أخبر باسمك إخوتي، في وسط الجماعة أسبحك” (مز 22: 2). كيف يمكن أن تتحقق هذه الأمور في شاول؟ مرة أخرى قال داود: “لن تدع قدوسك يرى فسادًا” (مز 16: 10). هذه كلها تنطبق على المسيح.

عندما جاء إليهم لم يقبلوه، إنما حكموا عليه بطريقة شريرة بشهود زورٍ. وعُلق على خشبة بيديه، وثقبت يداه ورجلاه بالمسامير التي ثبتوها، فصرخت عظامه. وفي ذلك اليوم تمت أعجوبة عظيمة أن النور صار ظلامًا في وسط النهار كما تنبأ زكريا: “ويكون يوم معروف للرب، لا نهار ولا ليل، بل يحدث أنه في وقت المساء يكون نور” (زك 14: 7). ما هو اليوم الذي يتميز بأعجوبة، والذي ليس بنهارٍ ولا ليلٍ، وفي وسط المساء كان نور؟ حتمًا الذي فيه صلبوه، ففي وسط هذا اليوم حلت ظلمة، وفي المساء نور [78].]

[نسجد لتلك المراحم، وننحني بركبنا أمام عظمة أبيه الذي أعاد عبادتنا له. ندعوه الله كما دُعي موسى (إله)، والبكر، والابن كما إسرائيل، ويسوع مثل يشوع بن نون، والكاهن كهرون، والنبي العظيم ككل الأنبياء، والراعي مثل الرعاة الذين رعوا إسرائيل وقادوه… لقد قال لنا: “أنا هو الراعي الصالح، الباب ، الطريق، الكرمة، الزارع، العريس، اللؤلؤة، الحمل، النور، الملك، الله، المخلص والفادي”، وبأسماء كثيرة يفوق هو الاسم [79].]

المقالة العشرون في مساعدة المساكين

[(في مثل الغني ولعازر المسكين) المسكين الذي كان ملقيًا عند بابه يشبه مخلصنا. كان يشتهي أن يأخذ ثمارًا يوصلها إلي مرسله، فلم يهبه أحد. وقيل: كانت الكلاب تأتي وتلحس قروحه. الكلاب التي أتت هي الشعوب التي لحست جراحات ربنا، وأخذت جسده ووضعته على عيونها. أما هم فكلاب شرهة لا تعرف أن تشبع، ولا تقدر أن تنجو. تأمل هذه الكلاب التي تلحس جراحات هذا المسكين لم تكن طماعة وإلا لرغبت في مائدة الغني، لا أن تلحس الجراحات. قال النبي عن اليهود: هم كلاب طماعة، لا يعرفون أن يشبعوا. وقال داود: “يهرون مثل الكلب ويدورون في المدينة” (مز 59: 7).]

[الغني هو الشعب (اليهودي)، والمسكين هو مخلصنا، وكما كُتب عنه: “أما الرب فُسر بأن يسحقه بالحزن” (إش 35: 10). وقال الرسول: “أنه من أجلكم افتقر وهو غني، لكي تستغنوا أنتم بفقره” (2 كو 8: 9). وقال أيضًا: “أخلى ذاته وأطاع حتى الموت، موت الصليب” (في 2: 8) [80].]

المقالة الحادية والعشرين عن الاضطهاد

سبب المقالة

[حدث ذات يوم أن إنسانًا يدعي حكيمًا بين اليهود سألني: يسوع الذي يُدعي معلمكم، كتب أنه إن كان أحد منكم له إيمان مثل حبة خردل تقولون لهذا الجبل انتقل، فينتقل من أمامكم، ويرتفع ويسقط في البحر، وهو يطيعكم (مت 17: 19؛ 21: 22). وواضح أنه ليس في كل شعبكم حكيم واحد تُسمع صلاته، فيسأل الله أن يُبطل المضطهدين لكم. فمن البيَّن أن هذا كتُب لأجلكم: “ليس شيء غير مستطاع لديكم [81]“.]

[وإذ رأيته يجدف وينطق ضد الطريق، اضطرب ذهني، وأدركت أنه لم يعرف تفسير الكلمات التي اقتبسها وقالها لي. عندئذ من جانبي سألته عن أقوال من الناموس والأنبياء، وقلت له: هل تثق أنه حتى عندما تشتتم فإن الله معكم؟… إذ قال لإسرائيل: “حتى في أراضي أعدائكم لا أنساكم، ولا أنكث ميثاقي معكم” (راجع لا 26: 44).

أجبته: “حسنًا ن أسمع هذا منكم أن الله معكم. لكنني أنطق أيضًا بكلمات ضدكم”، إذ يقول النبي لإسرائيل كما من فم الله: “إذا جزت في البحر فأنا معك، وفي الأنهار فلا تغمرك. إذا مشيت في النار فلا تلدغ واللهب لا يُحرقك، لأني أنا الرب إلهك معك” (راجع إش 43: 2-3). هكذا أما يوجد حكيم واحد بينكم بار وصالح من كل الشعب حتى يعبر البحر ويحيا دون أن يغرق، ويجتاز النهر دون أن يغمره، ومن يقدر أن يسير على النار فلا يُلدغ، واللهيب لا يحرقه. وأن قدمت لي شرحًا لا أقبله منك، كما أنت لا تقبل تفسير الكلمات التي سألتني عنها [82].]

[كتبت لك هذا المقال يا عزيزي منذ البداية بسبب تعيير يهودي لأبناء شعبنا (أننا مُضطهدون)، لكن الآن أظهر لك قدر إدراكي إن المُضطَهدين ينالون مكافأة عظيمة، بينما يصير المضطهِدون في احتقارٍ وخزيٍ [83].]

يعقوب المُضطهَد

[كان يعقوب مُضطَهدًا، وعيسو مضطهِدًا.

نال يعقوب البركات والبكورية، بينما حُرم عيسو من الاثنين [84].]

مقارنة بين يسوع المُضطهَد ويوسف

كان يوسف مضطَهدًا، وكان إخوته هم المضطهِدِين. يوسف تمجد، ومضطِهدوه سجدوا له، فتحققتِ أحلامه ورؤياه.

كان يوسف المُضطَهد رمزًا ليسوع المُضطَهد.

يوسف ألبسه والده قميصًا بألوان كثيرة، ويسوع ألبسه أبوه جسدًا من البتول.

يوسف أحب أبوه أكثر من إخوته، ويسوع هو العزيز المحبوب لدي أبيه.

رأي يوسف رؤى وحلم أحلامًا، وتحققت الرؤى والأنبياء في يسوع.

كان يوسف راعيًا مع إخوته، ويسوع هو رئيس الرعاة.

عندما أرسله أبوه ليفتقد إخوته رأوا يوسف قادمًا وخططوا لقتله، وعندما أرسل الآب يسوع ليفتقد إخوته قالوا: “هذا هو الوارث، هلم نقتله” (مت 21: 38).

ألقي إخوة يوسف أخاهم في الجب، ويسوع أنزله إخوته ليسكن بين الموتى.

يوسف صعد من الجب، ويسوع قام من بين الأموات.

يوسف بعد أن قام من الجب صار له سلطان على إخوته، ويسوع بعد أن سكن بين الأموات أعطاه أبوه اسمًا عظيمًا ممجدًا (في 2: 9) ليخدمه إخوته ويخضع أعداؤه تحت قدميه.

يوسف بعد أن عرفه إخوته خجلوا وخافوا واندهشوا أمام عظمته، وعندما يأتي يسوع في آخر الزمان، ويعلن عظمته سيخجل إخوته ويخافون ويرتعبون أمامه لأنهم صلبوه.

علاوة على هذا فإن يوسف بيع إلي مصر بناء على مشورة يهوذا، ويسوع سُلم لليهود بيدي يهوذا الإسخريوطي.

عندما باعوا يوسف لم يجب إخوته بكلمة، ويسوع أيضًا لم ينطق ولا أجاب على القضاة الذين حاكموه.

يوسف سلمه سيده للسجن ظلمًا، ويسوع أدانه أبناء شعبه ظلمًا.

سلم يوسف ثوبيه، واحد في أيدي إخوته، والآخر في يد زوجة سيده، ويسوع سلم ثيابه وقسمت بين الجند.

يوسف إذ كان في الثلاثين من عمره وقف أمام فرعون وصار سيد مصر، ويسوع إذ بلغ الثلاثين جاء إلي الأردن ليعتمد وقبل الروح وخرج يكرز.

يوسف عال مصر بالخبز، ويسوع عال العالم كله بخبز الحياة.

يوسف أخذ ابنة الكاهن الشرير النجس زوجة له، ويسوع خطب لنفسه الكنيسة من الأمم النجسين.

مات يوسف ودُفن في مصر، ومات يسوع ودُفن في أورشليم.

عظام يوسف أصعدها إخوته من مصر، ويسوع أقامه أبوه من مسكن الموت ولبس جسده وارتفع به إلي السماء في غير فساد [85].

مقارنة بين يسوع المُضطهَد وموسى

[أُضطهد موسى أيضًا كما أُضطهد يسوع.

حين وُلد موسى أخفوه من مضطهديه لئلا يقتلوه، وحين ولد يسوع هربوا به إلي مصر لكي لا يقتله هيردوس مضطهِده.

في الأيام التي وُلد فيها موسى كان يغرقون الأطفال في النهر، وعند ميلاد يسوع قُتل أطفال بيت لحم وما جاورها.

لموسى قال الله: “مات الرجال الذين يطلبون نفسك” (خر 4: 19). وليوسف قال الملاك في مصر: “قم وخذ الصبي وأمه وأذهب إلي أرض إسرائيل، لأنه قد مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبي” (مت 2: 20).

أخرج موسى شعبه من خدمة فرعون، وخلّص يسوع الشعوب من خدمة الشيطان.

ترَّبي موسى في بيت فرعون، وتربي يسوع في مصر حين هرب به يوسف إلي هناك.

وقفت مريم على حافة النهر حين طاف موسى فوق الماء، وحملت مريم بيسوع حين بشرها الملاك جبرائيل.

حين ذبح موسى الحمل قتل أبكار المصريين، وصار يسوع الحمل الحقيقي حين صلبوه، وبموته مات الشعب القاتل.

أنزل موسى المن لشعبه، ووهب يسوع جسده للشعوب.

بالخشبة حلَّى موسى المياه المرة، وبصليبه حلَّى يسوع مرارتنا بخشبة شجرة صليبه.

أنزل موسى الناموس لشعبه، ووهب يسوع عهوده للشعوب.

قهر موسى عماليق عندما بسط يديه، وقهر يسوع الشيطان بعلامة الصليب.

أخرج موسى لشعبه مياه من الصخرة، وأرسل يسوع سمعان صفا ليحمل تعليمه بين الشعوب.

رفع موسى البرقع عن وجهه وتكلم مع الله، وأنتزع يسوع البرقع عن وجه الشعوب ليسمعوا تعليمه ويقبلوه.

وضع موسى يده عل رسله فقبلوا الكهنوت، ووضع يسوع يده على رسله فنالوا الروح القدس.

صعد موسى الجبل، ومات هناك، وصعد يسوع إلي السماء، وجلس عن يمين الآب [86].]

مقارنة بين يسوع المُضطهَد ويشوع

[أُضطهد يشوع بن نون كما أُضطهد يسوع مخلصنا.

أُضطهد يشوع بن نون بواسطة الشعوب النجسة، وأضطهد يسوع مخلصنا بواسطة الشعب الجاهل.

أخذ يشوع بن نون الميراث من مضطهديه وأعطاه لشعبه، ويسوع مخلصنا أخذ الميراث من مضطهديه ووهبه لشعوبٍ غريبةٍ.

أوقف يشوع بن نون الشمس والقمر وانتقم من الشعوب التي اضطهدته، ويسوع مخلصنا جعل الشمس تغيب في وسط النهار، ليخزى الشعب المضطهِد الذي صلبه.

وزع يشوع بن نون الميراث على شعبه، ووعد يسوع مخلصنا أن يعطي الشعوب أرض الحياة.

منح يشوع بن نون الحياة لراحاب الزانية، وجمع يسوع مخلصنا الكنيسة الزانية ومنحها الحياة.

ضرب يشوع بن نون أسوار أريحا ودمرها في اليوم السابع، وفي اليوم السابع ليسوع مخلصنا، في بيت راحة الله، سيحل العالم ويسقط (عب 4: 8).

رجم يشوع بن نون عاخان الذي سرق ما هو مُحرَّم، وفصل يسوع مخلصنا يهوذا عن التلاميذ رفقائه، لأنه سرق من كيس المساكين.

مات يشوع بن نون وسلَّم الشهادة إلي شعبه (يش 24: 22، وحين صعد يسوع المسيح مخلصنا سلم الشهادة إلي رسله (مر 16: 14؛ مت 28: 18) [87].]

غاية المقالة

[هذه الذكريات التي أكتبها إليك يا عزيزي بخصوص يسوع الذي أُضطهِد، والأبرار الذين اُضطهِدوا هي من أجل الذين يُضطهدون اليوم من أجل يسوع المُضطهَد، فيستريحون. فقد كتب لنا وأراحنا بنفسه: “إن كانوا قد اضطهدوني فسيضطهدونكم أيضًا. يضطهدونكم لأنكم لستم من العالم كما أني أنا لست من العالم” (راجع يو 19:15، 20؛ 14:17) [88].]

المقالة الثانية والعشرين عن الموت والأزمنة الأخيرة

رجاؤنا بعد الموت!

[الأبرار والمستقيمون والصالحون والحكماء لا يخافون عند الموت ولا يرتعبون منه، من أجل عظم الرجاء الموضوع أمامهم. وهم في كل حين يفكرون في الموت، وفي خروجهم، وفي اليوم الأخير الذي فيه يُدان بنو آدم [89].]

سلطان الموت قبل موسى

[يعرف (الصالحون) أنه إذ صدر الحكم بسبب عصيان آدم ملك الموت، وكما يقول الرسول: “ملك الموت من آدم إلى موسى، وذلك على الذين لم يخطئوا. هكذا اجتاز الموت إلى بني آدم” (رو 14:5، 12) [90].]

موسى كرز بالقيامة

[اجتاز الموت إلى جميع الناس (رو 12:5)، اجتاز من موسى حتى نهاية العالم. غير أن موسى كرز بأن مملكته تبطل.

فعندما تعدى آدم الوصية اجتاز حكم الموت إلى بنيه. وترجى الموت أن يقيد كل بني الإنسان ويملك عليهم أبديًا. ولكن إذ جاء موسى يعلن عن القيامة عرف الموت أن مملكته تبطل. لقد قال موسى: “ليحيىَ رأوبين ولا يمت…” (تث 6:33).

وعندما دعا القدوس موسى من العليقة قال له: “أنا إله إبراهيم واسحق ويعقوب” (خر 6:3). وإذ سمع الموت هذا النطق ارتعد وخاف وارتعب وقلق، وعرف أنه لا يكون ملكًا على أبناء آدم إلى الأبد. منذ الساعة التي سمع الموت الله يقول لموسى: “أنا إله إبراهيم واسحق ويعقوب” صار يضرب بيديه، وتعلم أن الله هو ملك الأموات والأحياء. وأنه قد عُين لبني آدم أن يخرجوا من ظلمته، ويقوموا بأجسادهم. لاحظ أن يسوع مخلصنا قد ردد ذات المنطوق في حوار الصدوقيين معه عن قيامة الأموات، قائلاً هكذا: “ليس هو إله أموات، لأن الجميع عنده أحياء” (لو 38:20) [91].]

الكرازة بإبطال سلطان الموت!

[ولكي يعَّرِفْ الله الموت بأن سلطانه لن يدوم إلى الأبد على بني العالم، نقل أخنوخ إليه (تك 24:5)، إذ سُر به، وجعله لا يموت.

مرة أخرى أصعد إيليا إلى السماء، ولم يكن للموت سلطان عليه.

وأيضًا حنة قالت: “الرب يميت ويُحي” (1 صم 6:2). علاوة على هذا قال موسى كما على فم الله: “أنا أُميت وأحيي” (تث 39:32).

مرة أخرى قال إشعياء: “تحيا أمواتك، تقوم الجثث. استيقظوا، ترنموا يا نائمين في التراب” (إش 19:26).

إذ سمع الموت هذا كله حلت به الدهشة وجلس حزينًا [92].]

بالموت داس يسوع الموت!

[إذ جاء يسوع قاتل الموت، والتحف بجسدٍ من نسل آدم، وصُلب بجسده، وذاق الموت، وعندما أدرك الموت أنه قد جاء إليه ارتعب في موضعه، وارتبك إذ رأى يسوع. لقد أغلق أبوابه ولم يرد أن يلتقي به. عندئذ فجر أبوابه ودخل إليه وسلبه غنائمه.

وعندما رأى الأموات نورًا في الظلمة، رفعوا رؤوسهم من عبودية الموت وتطلعوا ورأوا سمو المسيا الملك. عندئذ جلست قوات الظلمة في حدادٍ، إذ سُلبت سلطة الموت منه.

ذاق الموت الدواء القاتل له، وسقطت يداه، وتعلم أن الأموات سيقومون ويهربون من سلطانه. وإذ أصاب (يسوع) الموت بسلبه ممتلكاته ولول وصرخ عاليًا في مرارة، قائلاً: “ابعد عن مملكتي، لا تدخلها. من هو هذا الحي الذي يدخل عالمي؟”

وإذ كان الموت يصرخ مرتعبًا (إذ رأى الظلمة بدأت تزول وقام بعض الأبرار الراقدين ليصعدوا معه) أدرك أنه عندما يأتي في كمال الزمن، سيخرج كل المحبوسين من تحت سلطانه، ويذهبوا ليروا النور.

لذلك عندما أكمل يسوع خدمته بين الموتى، أخرجه الموت من مملكته، ولم يسمح له بالبقاء فيها. وحسب أن افتراسه له كبقية الموتى ليس فيه مسرة، إذ ليس له سلطان على القدوس، ولا يقدر أن يحل به فساد [93].]

الوعد الإلهي القاتل للموت

[إذ أخرجه (الموت) بلهفة، خرج (يسوع) من مملكة الموت، وترك معه سمًا، وهو الوعد بالحياة، حتى يزول سلطانه شيئًا فشيئًا.

وكما أن الإنسان متى أخذ سمًا في الطعام الذي يُعطى للحياة، ويدرك في نفسه أنه أكل سمًا في الطعام، يتقيأ الطعام المختلط بالسم من بطنه، لكن تبقى فاعلية السم عاملة في أعضائه، حتى ينحل كيان الجسم قليلاً قليلاً ويفسد. هكذا موت يسوع أبطل الموت، إذ به تملك الحياة، ويبطل الموت، هذا الذي يُقال له: “أين غلبتك يا موت؟” (1 كو 55:15) [94].]

فكروا في الموت، وتذكروا الحياة!

[لذلك يا أبناء آدم، يا من ملك الموت عليكم، فكروا في الموت وتذكروا الحياة، ولا تتعدوا الوصية مثل أبيكم الأول.

أيها الملوك المتوجون بالأكاليل، تذكروا الموت الذي سينزع الأكاليل الموضوعة على رؤوسكم، سيكون مَلكًا عليكم حتى يأتي الوقت الذي فيه تقومون للدينونة.

يا أيها المتعالون والمتكبرون والمتعجرفون، تذكروا الموت، الذي سيحطم تعاليكم ويحل أعضاءكم ويفك المفاصل ويحل الفساد بالجسم وكل أشكاله. بالموت ينحط المتعالون، والعنفاء القساة يُدفنون في ظلمته…

يا أيها الجشعون المغتصبون والسالبون لزملائكم تذكروا الموت، ولا تضاعفوا خطاياكم. ففي ذلك الموضع لا يتوب الخطاة، ومن سلب ممتلكات رفيقه لا يملك حتى ماله، بل يذهب إلى الموضع الذي لا تُستخدم فيه الثروة، ويصير بلا شيء، تعبر عنه كرامته، وتبقى خطاياه لتقف ضده يوم الدينونة [95].]

الأبرار ما بعد الموت!

[في ذلك المكان ينسى (الأبرار) هذا العالم. هناك لا يكونوا في عوزٍ؛ يحبون كل واحدٍ الآخر بشدة.

ليس من ثقلٍ في أجسامهم، بل يطيرون بخفة مثل الحمام إلى كواهم (إش 8:60).

لا يتذكرون الشر إطلاقًا في أفكارهم، ولا يثور دنس في قلوبهم. في ذلك المكان ليس من شهوة طبيعية، إذ يُفطمون من كل الشهوات. لا يثور غضب ولا فسق في قلوبهم، منزوع عنهم ما يمكن أن يوًّلد خطايا…

هناك لا يُقًّسم الميراث، ولا يقول أحد لرفيقه: “هذا لي، وهذا لك”…

هناك لا يتزوجون نساءً ولا ينجبون أطفالاً، ولا تمييز بين ذكر وأنثى، بل يصير الكل أبناء أبيهم الذي في السماوات، وكما يقول النبي: “أليس أب واحد لكلنا؟ أليس إله واحد خلقنا؟” (مل 10:2) [96].]

ليس من جنس بعد الموت!

[أما بخصوص ما قلته أنه سوف لا تكون زوجات، ولا تمييز بين ذكر وأنثى، فقد علمنا ربنا ورسله هذا. “الذين حُسبوا أهلاً للحصول على ذلك الدهر والقيامة من الأموات لا يكون لهم نساء ولا يصير للنساء رجالاً، إذ لا يستطيعون أن يموتوا أيضًا، لأنهم مثل الملائكة في السماء، وهم أبناء الله” (راجع لو 35:20 – 36). وقال الرسول: “ليس عبد ولا حر؛ ليس ذكر وأنثى، لأنكم جميعًا واحد في المسيح يسوع” (غل 28:3) [97].]

ما لم تره عين!

[هناك “ما لم ترَ عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على قلب إنسان” (راجع 1 كو 9:2)، الأمور غير المنطوق بها التي لا يقدر إنسان أن يتكلم عنها. قال الرسول: “ما أعده الله للذين يحبونه” (1 كو 9:2). إذ يكثر الناس الحديث لكنهم عاجزون عن التعبير عنه. لا يقدرون أن يقصون ما لا تستطيع العين أن تراه. ولا يحق الحديث عما لم تسمعه الأذن حتى تقارنه بما تسمعه الأذن وتراه العين وما لا يخطر على القلب. من يجسر ويتكلم عنه كما لو كان مثل أي شيء يخطر على القلب؟

لكن يليق بالمتحدث أن يستخدم التشبيه ويدعو ذلك الموضع مسكن الله، وموضع الحياة، وموضع الكمال، مكان النور، مكان المجد، سبت الله، يوم الراحة، راحة الصديقين، فرح الأبرار، مسكن الأبرار والقديسين، موضع رجائنا، بيت اتكالنا الآمن، موضع كنزنا، الموضع الذي يمحو قلقنا وينزع أحزاننا، ويطفئ تنهداتنا. يحق لنا أن نشبهه هكذا، وهكذا ندعو ذاك الموضع [98].]

أسرى الموت!

[مرة أخرى، يقتاد الموت ملوكًا ومؤسسي مدنًا، قد تشددوا بالأبهة، ويأخذهم إليه. إنه لا يترك سادة الدول. يقود الموت لنفسه ويأسر الطماعين الذين لا يشبعون ولا يقولوا “كفي”. إنه يطمع فيهم أكثر من طمعهم هم! [99]]

سيأتي محطم الموت!

[سيأتي واهب الحياة، محطم الموت، ويبطل سلطانه على الأبرار والأشرار. وسيقوم الأموات بصرخة قهرية، ويفرغ الموت ويُسلب منه كل الأسرى.

فسيجتمع كل بني آدم معًا للدينونة، ويذهب كل واحدٍ إلى المكان المُعد له. الأبرار القائمون يذهبون للحياة، والخطاة القائمون يُسلمون إلى الموت [100].]

درجات المجد!

[اسمع الرسول القائل: “كل واحدٍ سيأخذ أجرته بحسب تعبه” (1 كو 8:3). من تعب قليلاً ينال حسب كسله، ومن كان مُسرعًا يُكافأ حسب سرعته. قال أيوب (أليهو): “حاشا لله من الشر، وله من الخطية! لأنه يجازي الإنسان على فعله، ويُنيل الرجل كطريقه” (أي 10:34 – 11). ويقول أيضًا الرسول: “لأن نجمًا يمتاز عن نجمٍ في المجد، هكذا أيضًا قيامة الأموات” (1 كو 41:15 – 42).

لذلك فلتعرف أنه حتى إن دخل الإنسان الحياة، فإن مكافأة تسمو على مكافأة، ومجدًا يعلو على مجدٍ، ونورًا أفضل من نورٍ. الشمس تفوق القمر، والقمر أعظم من النجوم التي معه. ولتلاحظ أن القمر والنجوم أيضًا تحت سلطان الشمس، وتُبتلع أنوارهم أمام بهاء الشمس [101].]

درجات العقوبة

[أيضًا بالنسبة للعقوبة أقول أنه لا يكون كل الناس متساوين. من صنع شرورًا أعظم يُعذب أكثر. ومن لم يعصِ كثيرًا عذاباته أقل. البعض يذهبون إلى الظلمة الخارجية حيث البكاء وصرير الأسنان (مت 12:7). وآخرون يُلقون في النار حسب استحقاقهم، إذ لم يُكتب عنهم أنهم يصرون بأسنانهم، ولا أنه توجد ظلمة هناك. والبعض يُلقون في موضع آخر حيث دودهم لا يموت، ونارهم لا تنطفئ، ويصيرون دهشةً لكل ذي جسد (إش 24:66). وفي وجه آخرين يُغلق الباب، ويقول لهم الديان: “لست أعرفكم” (مت 12:25).

تأمل إذن إنه كما أن مكافأة الأعمال الصالحة ليست متساوية لدى كل البشر هكذا بالنسبة للأعمال الشريرة. ليس الكل يُدان بشكلٍ واحدٍ، بل كل واحدٍ حسب أعماله ينال جزاءه، لأن الديان ملتحف بالبرّ، ولا يحابي الوجوه [102].]

خاتمة

[كُتبت هذه المقالات الأثنتي عشرة حسب الحروف الأبجدية (السريانية) [103].]

[كتبت هذه الأمور حسبما بلغت إليه. ولكن إن قرأ أحد هذه المقالات ووجد كلمات لا تتفق مع أفكاره يلزمه ألا يحتقرها. لأن ما كُتب في هذه الفصول لم تُكتب حسب فكر إنسانٍ واحدٍ، ولا لإقناع القارئ، وإنما حسب فكر الكنيسة كلها، وللحث على كل الإيمان [104].]

المقالة الثانية والعشرين عن خصلة العنب

باب قد انفتح

[بالحقيقة إذ أعطى الإنسان الأول أذنه وأنصت للحية، صدر عليه حكم اللعنة، به صار طعامًا للحية، واجتازت اللعنة إلى كل نسله… لكن بابًا قد انفتح لطلب السلام، به رُفعت الغشاوة عن عقل الجموع، وبزغ النور في العقل، وأثمرت الزيتونة المتلألئة، التي حملت علامة سرّ الحياة. هذه التي بها صار المسيحيون كاملين، كما الكهنة والملوك والأنبياء. إنها تنير الظلمة، وتمسح المرضى، وتقود التائبين إلى سرها الخفي [105].]

عظيمة هي العطية التي قدمها لنا الصالح!

[عظيمة هي العطية التي قدمها لنا الصالح. بينما لم يُلزمنا قهرًا، بالرغم من خطايانا يريد أن يبررنا. وبينما لا يستعين بأي حال بأعمالنا الصالحة يشفينا لكي نكون في نظره موضع سرور. وعندما لا نريد أن نسأله يغضب منا. إنه يدعونا على الدوام: “اسألوا تعطوا، اطلبوا تجدوا” ( مت 7: 7؛ لو 11: 9) [106].]

لنعترف بعظمته!

[الله واحد، يلزمنا ان نعترف بعظمته، ونعبده ونسبحه ونعليه ونكرمه ونقدسه ونمجده. فإننا بالحق نعرف ذلك بيسوع ابنه، مخلصنا، الذي اختارنا، وقربنا إليه. به نعرفه ونصير عابديه وشعب وكنيسة واجتماع مقدس. مجدًا وإكرامًا للآب ولابنه ولروحه الحي القدوس، من أفواه كل مسبحيه سواء في العلا أو أسفل. ليكن هذا إلى الأبد في الأبدية ويكون [107].]

الإلحاد العملي

[إن اعترف إنسان بأن الله واحد، وتجاوز وصاياه، ولم يعمل بموجبها، فاعترافه ليس حقيقيًا [108].]


[65] Demonstrations, 14: 3.

[66] Demonstrations, 14:14.

[67] Demonstrations, 14: 21.

[68] Demonstrations, 14: 23.

[69] Demonstrations, 14: 24.

[70] Demonstrations, 14: 25.

[71] Demonstrations, 14: 25.

[72] Demonstrations, 14:25.

[73] Demonstrations, 14: 25.

[74] Demonstrations, 14:26.

[75] Demonstrations, 17: 1.

[76] Demonstrations, 17:5.

[77] Demonstrations, 17: 9.

[78] Demonstrations, 17: 10.

[79] Demonstrations, 17: 11.

[80] Demonstrations, 20: 9.

[81] Demonstrations, 21: 1.

[82] Demonstrations, 21: 2.

[83] Demonstrations, 21: 8.

[84] Demonstrations, 21: 9.

[85] Demonstrations, 21: 9.

[86] Demonstrations, 21: 10.

[87] Demonstrations, 21: 11.

[88] Demonstrations, 21:21.

[89] Demonstrations, 22:1.

[90] Demonstrations, 22:1.

[91] Demonstrations, 22:2.

[92] Demonstrations, 22:3.

[93] Demonstrations, 22:4.

[94] Demonstrations, 22:4.

[95] Demonstrations, 22:6.

[96] Demonstrations, 22:12.

[97] Demonstrations, 22:13.

[98] Demonstrations, 22:13 (Of Death and the Latter Times).

[99] Demonstrations, 22:14 (Of Death and the Latter Times).

[100] Demonstrations, 22:15 (Of Death and the Latter Times).

[101] Demonstrations, 22:19 (Of Death and the Latter Times).

[102] Demonstrations, 22:22 (Of Death and the Latter Times).

[103] Demonstrations, 22:25 (Of Death and the Latter Times).

[104] Demonstrations, 22:26 (Of Death and the Latter Times).

[105] Demonstrations, 23:3.

[106] Demonstrations, 23:48.

[107] Demonstrations, 23:61.

[108] Demonstrations, 23:62.

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
arArabic
انتقل إلى أعلى