عاموس النبي

النبي عاموس

النبي عاموسعاموس هو اختصار لاسم عاموشيا الذي معناه “الله يحمل”. هو اول نبي قيلت اعماله واقواله في كتاب. كان قبله في اسرائيل انبياء آخرون (ايليا، ميخا، اليشاع….) ورد ذكرهم في سفرَي الملوك الاول والثاني. إلا ان عاموس هو اول من سلالة جديدة في سلالة الانبياء الذين سيُطْلَق عليهم اسم “انبياء الكِتاب” لان اعمالهم سوف تُحفظ في الكتاب المقدس في اسفار تحمل اسماءهم.

عاموس من سكان مملكة يهوذا، من قرية تَقُوَع وهي قرية قريبة من بيت لحم. تنبأ في ايام عُزّيا ملك يهوذا781 – 740) وفي ايام ياربعام بن يوآش ملك اسرائيل (787 – 747) قبل الزلزال بسنتين، اي في الربع الثاني من القرن الثامن ق.م.. الا انه لم يعتبر نفسه نبيا كسائر الأنبياء الذين كانوا يتنبأون في بلاط الملك، فهو يقول لأمصيا الكاهن:”انا لستُ نبيا ولا ابن نبي، انما انا راعي بقر وواخز جمّيز” (عاموس 7: 14). فنبوءة عاموس لم تكن وظيفة بل هي دعوة مباشرة من الله: “فأخذني الرب من وراء الغنم وقال لي الرب: إنطلِقْ وتنبأ لشعبي اسرائيل”(عاموس 7: 15). هكذا أعلن عاموس بأن الله اختاره مباشرة فما كان باستطاعته ان يرفض: “….تكلمَ الرب فمن لا يتنبأ؟”       (عاموس 3: 8).

نَعِم اسرائيل في عهد ياربعام بسلام، فعمّ البلاد ازدهار اقتصادي. ولكن ذلك أدى الى عدم التوازن الاجتماعي بين الاغنياء والفقراء. فكان الاغياء يعيشون حياة الرخاء واللهو والترف:”يضّجعون على اسرّة من عاج، وينبطحون على ارائكهم، ويأكلون الحملان من الغنم… ويشربون الخمر بالكؤوس، ويدّهنون بالأدهان النفيسة”(عاموس 6: 4 – 6). وحلّ محل التضامن بين اعضاء شعب الله استغلال وسحق الكبار للمعوزين:” لانهم باعوا البار بالفضة، والمسكين بنعلين، لانهم يدوسون رؤوس الضعفاء على تراب الارض” (عاموس 2: 6 –7)، معتمدين على الاحكام الجائرة الصادرة عن المحاكم: “تُضايقون البار، وترتشون، وتُحرِّفون حق المساكين في الباب”(عاموس 5: 12). وكان التجار يتلاعبون بالموازين، ويستغلون الضعفاء، يبيعون نفاية القمح بأغلى الاسعار:”…مصغّرين الإيفة، ومكبّرين المثقال، ومستعملين موازين غش، مشترين الضعفاء بالفضة، والفقير بنعلين، وبائعين نفاية القمح” (عاموس 8: 5).

رفض عاموس ان يكون الفقراء ضحية للاغنياء، وهاجم الشعائر الدينية لانها تتجاهل الرباط الوثيق بين خدمة الله وخدمة القريب:”لقد أبغضتُ اعيادكم ونبذتُها، ولم تَطِبْ لي احتفالاتكم. اذا أَصعدتُم لي محرقات وتقادمكَم لا أرتضي بها، ولا أتطلع الى الذبائح السلامية من مسمَّناتكم” (عاموس 5: 21 – 22). طالب باحترام حقوق الناس وبالعدالة والاستقامة، لا بالتسابيح والذبائح التي تفرضها الطقوس. فهم يحتفلون بالاعياد، ويكثرون من الذبائح إرضاء لله وطلبا لحمايته. الا أنهم بعبادتهم يزيدون خطاياهم، لأن مثل هذه العبادة ترتبط بالفساد والأنانية والظلم الاجتماعي. فإن ما يُرضي الله ليس هو ان ننتقل من معبد الى آخر، بل أن نطلب الخير ونقيم العدل:” فاطلبوا الخير لا الشر لتحيوا، فيكون الرب اله القوات معكم كما قلتم، ابغُضوا الشر، وأَحبّوا الخير، وأقيموا الحق في الباب…..” (عاموس 5: 14 – 15).

لذلك بدت كلمات عاموس قاسية ضد اسرائيل:”…ضربتُكم بالصدأ والذبول، ويبَّسْتُ جنّاتكم وكرومكم، وأكل الجراد تينكم وزيتونكم… قتلتُ بالسيف شبانكم، وخيلُكم تُسْلَب، وأصعدتُ نتانة معسكركم الى أُنوفكم….لذلك هكذا أصنع بك يا اسرائيل، وبما اني اصنع بك هذا، فاستعدَّللقاء إلهك يا اسرائيل” (عاموس 4: 4 12). وصلت خطيئة اسرائيل الى حدّ صار العفو مستحيلا، حاول الرب عبثا بسلسلة من الضربات ان يجعل شعبه يرجع اليه لكن بدون جدوى:” بسبب معاصي اسرائيل الثلاث، وبسبب الاربع، لا أرجع عن حُكْمي” (عاموس 2: 6). لذلك سوف يعاقب الرب بني اسرائيل بقساوة ويقتص منهم اينما وجدوا.

افتخر الشعب بالا نتصارات التي حققها، وتمنى ان يأتي “يوم الرب”، لاعتقاده بأن الرب في هذا اليوم سيقود شعبه الى النصر على باقي الشعوب. الا ان عاموس أعلن لهم أن “يوم الرب” لن يكون يوم سعادة، بل شقاء وظلمة:” ويل للتوّاقين الى يوم الرب، ماذا يكون لكم يوم الرب؟ يكون ظلمةً لا نورا” (عاموس 5: 18). لأن ذلك اليوم ليس انتصار اسرائيل على الامم، بل هو انتصار العدالة على الظلم، والحق على الشر.

لم تكن نبوءة عاموس قائمة إزاء فترة زمنية معينة فقط، بل هي ضد كل ظلم وخطيئة في كل العصور. وما اقرب اليوم من الامس.

كرمت الكنيسة عاموس النبي بأن جعلته في مصفّ القديسين، وجعلت عيده السنوي في ال 15 من حزيران.

arArabic
انتقل إلى أعلى