من الضروري ان نلجم غضبنا كمسيحين وان نكون ودعاء مع الذين احزنونا ويحزنون. وقد تصرف المخلص هذا التصرف وصار تصرفه فلسفة حقيقية للعالم وكان القدوة الكبرى بما فعله وتحمله من اجلنا.اتخذ جسداً ودماً من اجل أولئك الذين احزنوه بخطاياهم. جاء ليخلص أولئك الذين يستطيع أن يقذف أقسى الاحكام والتهم في وجههم. وزع احساناته على أناس جعلوا نفوسهم غير جديرة بأية موهبة بسبب خطاياهم. اتهموه بأنه يخرج الشياطين باسم رئيس الشياطين ومع ذلك ثابر بوداعة وتواضع على إحساناته مخرجاً الشياطين. لم يكن أحد تلامذته المدعو يهوذا جديراً بمحبته. أنفسد وأجدب نفسياً وتوصل إلى تدبير مؤامرة لتسليم السيد، فكر بالجريمة، فكر بأكبر جريمة يقترفها إنسان. لكن المسيح الوديع لم يبعده بالرغم من كل ذلك عن حلقة التلاميذ. كان يتصل به كما يتصل بالآخرين من أصدقائه الخلص. يا للوداعة! مع من كان يشترك المسيح؟ مع المجرم الخائن. كان يعطيه كل الأسرار، وقبل من قبله. مات من اجل أولئك الذين أحسن اليهم فجرد المحسن اليهم سيوفهم في وجهه. وكان رئيس المجرمين تلميذاً من تلامذته، وكانت القبلة اشارة للجريمة. كان السيد الذي تحمل كل هذا وديعاً رحوماً. عندما رأى أن أحد العبيد الذين اشتركوا في الجريمة قد قطعت اذنه بسيف بطرس شفاه فوراً. لم يخشَ أعداؤه قوته العجائبية فاستمروا في جريمتهم. لقد تحملهم السيد وهم الذين يستحقون أقسى العقوبات وأشدها فلم يرعووا هم ولا هو أبادهم بصواعق النار.

إن مصف الملائكة كانوا ينظرون الى الرب بخشية. لكن الكلي القدرة، الرب يسوع الذي كانت القوى السماوية ترتجف منه خوفاً، تبع بوداعة الذين قبضوا عليه في بستان الجسمانية واسلم يديه الطاهرتين للقيد، اليدين اللتين كانتا تطردان كل الأمراض وكل الشياطين. لقد لطمه احد العبيد على وجهه. كانت له القوة ليقضي على هذا العبد الشرير الكافر. لم يفعل ذلك، لقد عاملة معاملة وديعة ورحومة، وحاول بالكلام ان يشعره بخطيئته. إن الكتبة ورؤساء الكهنة حكموا عليه وقلوبهم مليئة بالحقد والكراهية، والرب القاضي المسكونة قبل الحكم صامتاً.يرفع على الصليب فيظهر محبته حتى نحو قاتليه. يطلب من أبيه راجياً الاّ يعاقبهم. انه يتوسط لهم أكثر من ذلك. إن نبرة دفاعه تعبر عن محبته القصوى “أنهم لا يعرفون ماذا يصنعون” ( لوقا 23 : 34). ان السيد كالآب الحنون الذي تألم من أجل أولاده. يريد بوداعته أن يرد العقل إلى صالبيه. مات وفي صوته كل عمق الغفران. عندما قام من بين الأموات وغلب الموت أراد أن يجعل من تلاميذه الذين تركوه في أحرج الساعات شركاء في فرح قيامته. لقد ظهر لهم وأظهر كل تسامحه. لم يبكتهم ولم يذكرهم بهربهم ولا بالوعود التي قطعوها بأنهم سيكونون مخلصين له حتى الموت. ماذا ” يفعل الوديع والمتواضع القلب”؟ يعطي تلاميذه سلاماً وروحاً قدوساً، ويجعلهم حماة المسكونة وأسياداً روحيين على الأرض كلها.

كيف تصرف مع بطرس الذي أنكره ثلاث مرات بعد أن قام من بين الأموات؟ لم يذكّره بنكرانه ولا بالظروف التي رافقت النكران. بالعكس أمر حاملات الطيب أن يعلن البشارة الكبيرة، بشارة القيامة، لبطرس بصورة خاصة. أنكره بطرس فبادره السيد بالشرف العظيم. رآه بعدئذ وحادثه بلهجة ودية سأله إذا كان يحبه أكثر مما يحبه التلاميذ الآخرون. سأله ثلاث مرات لا لأن السيد يجهل قلب التلميذ المحب بل ليدلل على انه يتذكر خطيئته الكبرى، نكرانه، وليشعل نار المحبة في قلبه وهي التي أشرفت قبل أيام على الصقيع.

على أساس هذه الأمور يظهر المخلّص غريباً عن كل اثر من آثار الغضب، ويعلّم ويسن شريعة الوداعة. يقول: عندما نصلي يجب أن نبتعد قبل كل شيء عن كل غضب. ويعلن في مكان آخر أننا لا نستطيع أن ننال غفراناً لخطايانا، هذه الهديه العامة التي جاء يحملها إلينا من السماء، إن نحن تركنا نفوسنا مستعبدة لأهواء الحقد والغضب. نستطيع ان نفعل كل شيء. أن نسكب انهاراً من الدموع والعرق، وان نعطي جسدنا للسيف والنار فأننا لن ننال الغفران إذا بقينا نحمل ثقل الغضب. ومن كلماته التي قالها عن نفسه: “تعلموا مني فأني وديع القلب ومتواضع فتجدوا راحة لنفوسكم” (متى11:29) نعرف القيمة التي أعطاها المخلّص للوداعة.

أنتكلم بعد عن الوداعة؟ لكي نصبح شركاء في المائدة السرية يجب أن نشعر بشوق حار. وعندما يوجد هذا الشوق الحار لا يجوز أن نتقدم من المائدة السرية إذا كانت نفسنا غير نقية من الغضب والحقد. فدم المخلّص الكريم الذي انسكب من أجل مصالحة البشر مع االله لا يحتمل أولئك العبيد لأهواء الغضب والكراهية. فيما مضى صرخ هابيل طالباً الانتقام من أخيه القاتل أما السيد المسيح فنادى أباه عندما سكب دمه فوق الصليب من اجل قاتليه. لم يكن في صوته ما كان في صوت هابيل من النقمة. لقد كان صوته مليئاً بالمحبة والغفران.

Фејсбук
Твиттер
Телеграм
ВхатсАпп
ПДФ

информације О страници

Аддрессес Чланак

садржаја Секција

Ознаке Паге

الأكثر قراءة

Иди на врх