Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
☦︎
☦︎

1- مقدمة

بعد المناظرة السابقة وقد انتهت فترة من سكون الليل الهادئ، قادنا الأب يوسف إلى قلاية منعزلة لنتمتع بالهدوء، لكن عبر الليل كله من غير نومٍ (لأن كلماته كانت ملتهبة في قلوبنا). عُدنا من القلاية ورجعنا حوالي 100 ياردة، وجلسنا في مكان منعزل بعدما كانت لنا فرصة طوال الليل أن نتناقش معا (يوحنا كاسيان وجرمانيوس) نقاشًا بغير تكلف، وقد جلسنا معًا وكان جرمانيوس يتنهد تنهدًا عميقًا.

2- قلق جرمانيوس بسبب تذكره وَعْدنا في الدير بالعودة إليهم

قال: ماذا نفعل؟ فإننا قد صرنا في مأزق شديد، لأننا هنا حسب ما يمليه عليه عقلنا (مما نسمعه من تعاليم) وما نراه في حياة القديسين نتعلم أفضل ما نتصوره من أجل تقدمنا الروحي، لكننا سبق أن تعهدنا أمام الآباء الشيوخ (بالعودة إليهم) مما لا يسمح لنا أن نختار ما هو مفيد لنا؟

 فإننا إذ نتمثل بحياة هؤلاء الآباء العظماء (هنا) نتشكل إلى حياة أكمل ونسعى نحو هدف أعظم، غير أن وعدنا يُلزمنا بالعودة حالاً إلى الدير. وإن عدنا فإننا سوف لا نجد فرصة أخرى للرجوع إلى هنا مرة أخرى. وإن بقينا هنا ونفذنا رغبتنا نكون غير ملتزمين بوعدنا الذي تعهدنا به أمام آبائنا بالرجوع السريع، لكي ما يسمحون لنا بالمجيء إلى الأديرة والالتقاء بقديسي هذه المنطقة.

 وفيما نحن على هذا الحال المملوء قلقًا، لم نقدر أن نقرر قرارًا حاسمًا نافع لخلاصنا.  وإنما بتنهداتنا كنا في مرارة، موبخين أنفسنا من أجل تهورنا (في إعطاء الوعد) كارهين عيب طبيعتنا، شاعرين بثقل الأمر الذي لم يكن أمامنا طريق سواه تحت إلحاح أولئك الذين أعاقونا عما هو لنفعنا وصلاحنا، وذلك بطلب وعد منا بالعودة سريعًا. وقد بكينا لأننا قد صنعنا هذا تحت خطأ هذا العيب الذي قيل عنه: “كما يعود الكلب إلى قيئهِ هكذا الجاهل يعيد حماقتهُ” (أم 11:26).

3- إجابتي عليه

عندئذ أجبته: إن مشورة هذا الشيخ، هذا الذي يلزمنا أن نخبره عن قلقنا، تسهل لنا الصعوبة. فما يحكم به يكون حكمًا إلهيًا سماويًا، ينهى اضطراباتنا. ونحن نحتاج ألا يساورنا أدنى شك فيما ينطق به الرب على شفتيه من أجل استحقاقاته ومن أجل إيماننا. فالله بسبب محبته يهب المؤمنين مشورة صالحة خلال أشخاص غير متأهلين، كما يهب الأشرار المشورة الصالحة خلال القديسين، أي أن الله يعطى المشورة إما من أجل استحقاقات الذي يجاوب أو من أجل إيمان الذي يطلب نصيحة.

 هكذا تمسك القديس الأب جرمانيوس بهذه الكلمات بشغف كما لو كانت تصدر من الرب. وإذ كنا ننتظر مجيء الآب الشيخ قليلاً، مقتربين من ساعة الخدمة الليلية Nocturnal قدمنا له التحية العادية وكان قد أنهى مزاميره المحفوظة والصلوات وجلسنا مرة ثانية على نفس الحصر التي نمنا عليها.

4- استفساره عن سبب قلقنا

 إذ رأى الشيخ الوقور يوسف أننا في حالة معنوية مريرة، أدرك أن هذا لا يكون بغير سبب، فوجه إلينا نفس الكلمات التي سبق أن نطق بها البطريرك يوسف[1]: “لماذا وجهاكما مكمدَّان اليوم؟” (تك7:4) أجبناه إننا لسنا مثل عبدي فرعون اللذين رأيا حلمًا ولم يعرفا له تفسيرًا. استطردت أقول له: “إننا اجتزنا الليل في هدوء، وليس لنا من يخفف أثقالنا إلا الرب خلال حكمتك”.

 عندئذ قال ذاك الذي يستحق أن ينال سمو الأب البطريرك (يوسف بن يعقوب) سواء من جهة استحقاقاته أو تشابهه في الاسم: “أما يهب الله الشفاء من القلق؟ إذن اعرضوا الأمر، فإن الحنو الإلهي قادر أن يهبكم شفاء خلال نصيحتي حسب إيمانكم”.

5- جرمانيوس يعرض الأمر

كنا نفكر أنه ينبغي علينا العودة إلى ديارنا ونحن مملؤون بفيض من جهة الفرح الروحي وما انتفعنا به بالتطلع إلى قداستكم، وأننا بعد عودتنا سوف نقتفي آثاركم، فنعلِم الآخرين ولو بمناظرة خفيفة ما تعلمناه منكم… وقد ظننا أننا سنكون قادرين (في خلال هذه الفترة) أن نقتدي بحياتكم العالية وتعاليمكم السامية في ذلك الدير. لقد فكرنا أننا بهذه الوسائل يُمنح لنا كل الفرح، إلا أنه من الجانب الأخر قد أحدق بنا حزن لا يُطاق، لأننا أدركنا عجزنا عن الحصول على هذا الطريق الصالح بسهولة…

إذن في كلا الجانبين نحن الآن عاجزان، لأننا إن أردنا أن نفي بوعدنا الذي تعهدنا به في حضرة كل الاخوة في المزود الذي فيه أشرق ربنا بنفسه مولودًا من أحشاء البتول، وقد شهد الرب بنفسه على وعدنا (بالعودة سريعًا)، تصيبنا خسارة فادحة من جهة حياتنا الروحية. وإن تجاهلنا وعدنا وبقينا في هذا الإقليم واعتبرنا أن العهد الذي ارتبطنا به أقل أهمية من بلوغنا الكمال، نخشى مما يسببه الحنث بالوعد والكذب من مخاطر مرعبة.

لا نقدر أن نخفف من هذا الثقل عن طريق تنفيذنا الوعد الذي تعهدنا به وهو أن نرجع بعد ذلك إلى هنا بأقصى سرعة ممكنة… لأننا لسنا متأكدين إن كنا نجد فرصة للعودة مرة أخرى إلى هذا الموضع…

6- الإجابة

بعد فترة صمت قصيرة قال الأب المبارك يوسف: هل أنتم متأكدون أن وجودكم في هذه المنطقة يجعلكم تتمتعون بفائدة أعظم من الأمور الروحية؟

7- جرمانيوس

 بالرغم من أنه يلزمنا أن نكون شاكرين جدًا من أجل ما تسلمناه من تعاليم منذ صبوتنا حيث تدربنا على أمورٍ كثيرةٍ، وإذ أعطونا أن نتذوق شيئًا من سمّوهم صارت قلوبنا في ظمأٍ تامٍ نحو الكمال، ولكن إن حكمنا على حالنا نجد أنه لا توجد مقارنة بين ما قد تدربنا عليه هنا وما تعلمناه هناك، حتى لتنطق ألسنتنا بنقاوة حياتنا بصورة لا مثيل لها. وإننا نعتقد أن ما قد وُهب لنا ليس فقط بسبب تركيز أذهانكم وهدفكم في تعليمنا، ولكن المكان نفسه والجو المحيط ساعدنا على ذلك. لذلك نحن لا نشك أنه لكي نقتدي بكمالكم العظيم لا تكفينا التعاليم التي قدمتموها لنا ما لم نبقَ هنا في هذا الجو نفسه، وخلال التعليم الطويل ينحل فتور قلبنا بالتدريب اليومي…

8- استحسانه عدم التعهد بوعود

 الأب يوسف: حقًا إنه حسن ولائق بعملنا أن ننفذ ما تعهدنا القيام به في أي وعد نعد به، لذلك يجدر بالراهب ألا يتسرع في إعطاء أي وعد، حتى لا يلتزم بتنفيذ ما قد وعد به بغير حذر، لأنه إن تراجع عن وعده، بوجهة نظر سليمة، يُحسب حانثًا لوعده.

ولكن هدفنا الآن ليس معالجة من هو في صحة (أي لم يعطِ وعدًا) بل الشفاء من المرض، مقدمًا المشورة ليس لمن هم في الحالة الأولى بل كيف تهربون من الصخور المهلكة التي تحطم السفن (أو الوعود التي تعهدتم بها وهي مضرة).

فحيث لا توجد سلاسل تعوقنا أو شروط تعهدنا بها تضايقنا، ففي هذه الحالة نقارن بين الأمور الصالحة ونختار تنفيذ ما هو أفضل وأكثر فائدة لنا. أما متى قام في الطريق شيء يفسد حياتنا ويسبب لها خسارة، فإننا نبحث عن أقل خسارة ممكنة.

 فإعطائكم وعود بلا حذر أتى بكم إلى هذه الحالة التي فيها تصيبكم خسارة خطيرة، ويحل بكم التعب، لذلك يجدر بإرادتكم أن تميل تجاه الجانب الأقل في الخسارة التي يمكن إصلاحها بعد ذلك.

 إذن إن رأيت أنك ستنال ربحًا أوفر لروحك ببقائك هنا أكثر مما تناله في ذلك الدير فيمكنك أن تتوقف عن تنفيذ وعدك دون أن تُصاب بخسارةٍ كبيرةٍ. فإن الخسارة التي تصيبك من عدم تنفيذك لوعدك أفضل لك من أن تتجشم الخسارة التي تصيبك بتنفيذ الوعد، إذ تقول أن حياتك الروحية ستبرد، ويصيبك ضرر دائم (هذا إذ حدث مرة لا تعود تكرر الوعد مرة أخرى فتكون سببًا لخطايا أخرى).

فإنه يمكنك إصلاح الوعد الذي تهمل في تنفيذه بالاعتذار، بل ويمكن أن يصير هذا الإهمال موضوع مدح متى دفعك السلوك في طريق أفضل، فلا تعود تنظر إليه على أنك فشلت في طريق الاستقامة. أما عن إصلاح التهور (في التعجل بإعطاء وعد) فإنه يلزم تصحيحه لأنه خطأ.

ما أقوله إنما يؤكده الكتاب المقدس، لأن كثيرين قادهم وفاؤهم بوعدهم إلى الموت، وكثيرون كان من الخير لهم أن يمتنعوا عن تنفيذ وعدهم.

9- أمثلة من الكتاب المقدس

تظهر هذه الأمور بوضوح في حالتي القديس بطرس وهيرودس. فالأول ترك ما قد وعد به، مصممًا أن ينفذه كمن يقسم قائلاً: “لن تغسل رجليَّ أبدًا” (يو8:13)، وبهذا ربح النصيب الخالد مع السيد المسيح، بينما كان سيُقطع من نعمة التطويب لو تمسك بقوله متشبثًا. أما الثاني، فإذ تمسك بالعهد الذي قطعه بقسمٍ شريرٍ، صار سافكًا دم سابق الرب (يوحنا المعمدان). وبسبب خوفه الباطل لئلا يكون حانثًا بوعده أغرق نفسه في الدينونة وعقاب الموت الأبدي.

 إذن يجدر بنا في كل شيء أن نهتم بالنهاية، موجهين إليها طريقنا وهدفنا، فإذا ما رأينا بمشورة صالحة أن تدبيرنا في شيء ما يميل للشر يجدر بنا أن ننفر منه، ونعود إلى تفكيرٍ أفضل ولا نتمسك بتعهداتنا متشبثين بها فنسقط في خطايا أشر.

10- سؤال بخصوص الوعد الذي تعهداه في الدير بسوريا

 جرمانيوس: إننا لو عدنا إلى ديارنا، فبالتأكيد أننا ليس فقط نفشل في تحقيق هدفٍ سامٍ كهذا (التهذيب بالحديث المستمر معكم)، بل وسيصيبنا خسارة عظيمة من طريقة الحياة هناك، التي هي في درجة متوسطة. لكن وصية الإنجيل ترعبنا إذ تقول: “بل ليكن كلامكم نعم نعم ولا لا0 وما زاد على ذلك فهو من الشّرِّير” (مت37:5).

 إننا نرى أننا لا نقدر إن نُكافأ ونحن نعصى وصية مهمة كهذه، وفى نفس الوقت نحن غير قادرين على العودة إلى الدير لننفذ الوعد الذي تعهدناه في البداية بطريقة خاطئة.

11- الأب يوسف

كما سبق أن قلنا، أنه يلزمنا في كل حالة ألا ننظر إلى العمل بل إلى نية الفاعل، ولا نسأل ماذا يفعل الإنسان بل لأي غرض يصنع هذا، حتى اننا نجد البعض يُدان عن أفعال جاءت بنتائج صالحة، بينما آخرون يصلون إلى أعالي البر رغم استخدامهم لأمورٍ في ذاتها تستحق اللوم.

في الحالة الأولى نجد أن النتائج الصالحة التي لأعمالهم لا تفيدهم شيئًا لأنهم فعلوها بنية شريرة، ولم تكن إرادتهم تحقيق الصلاح، إنما جاءت النتائج ضد ما قصدوه، وفى نفس الوقت لا تضر نيتهم هذه الآخرين…

 12- لكي نوضح هذا بأمثلة من الكتاب المقدس، فإن أي شيء يمكن أن نقدمه أكثر فائدة للعالم كله مثل بركات آلام الرب المخلصة؟ ومع هذا فإن الخائن الذي سلم الرب للآلام لم ينتفع شيئًا من خيانته، بل أصابه ضرر بالفعل، إذ قيل عنه: “ويل لذلك الرجل.. كان خيرًا لذلك الرجل لو لم يُولَد” (مت24:26). فثمار عمله لا ترتد إليه حسب ما جاءت به من نتائج فعلية بل حسب ما أراد هو واعتقد.

 مرة أخرى أي شيء يمكن أن يكون أكثر خطأ من المكر والخداع…؟! ومع ذلك فإن البطريرك يعقوب (بن اسحق) ليس فقط لم يُقابل باللوم أو الخزي على فعله هذا، بل وبواسطته وُهب له ميراث البركة الدائم. ولم يكن هذا بغير سبب، لأن يعقوب رغب في البركة الخاصة بالبكورية ليس طمعًا في ربح زمني، إنما من أجل إيمانه في التقديس الدائم، أما يهوذا فسلم مخلص الكل ليس لأجل خلاص البشرية إنما بدافع محبة المال…

فبعدل نال كل منهما جزاء عمله حسب مفاهيمه في اللحظة الأولى من بداية عمله، وليس حسب نتيجة عمله التي تخالف قصد صانعها سواء كانت صالحة أو شريرة.

هكذا نظر الديان العادل إلى يعقوب الذي تجاسر على مثل هذا البطلان على أنه مستحق للعفو، بل وصار ممدوحًا من أجل انه ما كان يمكنه أن يضمن بركة البكورية بغير هذا الطريق، ولم يحسب له خطية من أجل رغبته في البركة. فلو وجد طريقًا آخر لنوال هذه البركة واستخدم هذا الطريق لكان هذا الأب المذكور مخطئا ليس فقط في حق أخيه، بل ومخادعًا لأبيه!

 ها أنت ترى أن الله لا يسأل عن الفعل ذاته بل هدف الذهن من عمل الإنسان. وبهذه المقدمة (المنطقية) نعود ثانية إلى السؤال المقترح… وأريدك أولاً أن تخبرني لماذا ربطتم نفسيكما بقيود الوعود؟

13- جرمانيوس

السبب الأول: كما قلنا إننا كنا خائفين من كدر آبائنا الشيوخ ولا نريد أن نعصى أوامرهم.

السبب الثاني: أننا بغباوة حسبنا أننا متى تعلمنا منكم عن الأمور الكاملة السامية، نقدر أن نعود فننفذ في ديارنا ما سمعناه ورأيناه.

14- الأب يوسف

إذا أتينا بهذه المقدمة المنطقية وهى أن نية الإنسان هي التي تجعل الإنسان يُكافأ أو يُعاقب، وذلك كما جاء في العبارة: “الذين يظهرون عمل الناموس مكتوبًا في قلوبهم شاهدًا أيضًا ضميرهم وأفكارهم فيما بينها مشتكية أو محتجة، في اليوم الذي فيه يدين الله سرائر الناس حسب إنجيلي بيسوع المسيح” (رو15:2، 16). وأيضًا: “وأنا أجازى أعمالكم وأفكاركم” (إش18:66). لذلك فإنني أرى أنكما قد ربطتما نفسيكما بهذا الوعد رغبة في الكمال، وإذ ظننتما أنكما بهذا تربحانه… ولكن الآن تران أنكما بهذا لا تقدران أن تتسلقا مرتفعات الكمال. لذلك فإن ترككما لوعدكما لا يعوق هدفكما الأول الموضوع أمامكم منذ البداية، اللهم إلا إذا كنتما تريدان تغيير هدفكما. لأن تغيير الوسيلة لا يعنى ترك العمل. فاختيار طريق أقصر أو أكثر استقامة لا يعنى رغبة المسافر في الكسل والتراخي. هكذا في هذا الأمر، أي إصلاح في وجهة النظر القصيرة المدى لا تحمل أي نكوص بالوعد الروحي. لأن ما تفعلانه إنما هو بدافع حب الله والرغبة في الصلاح التي هي “نافعة لكل شيءٍ، إذ لها موعد الحياة الحاضرة والعتيدة” (1تى8:4). فإنه وإن بدأ ببداية صعبة مضادة، لكن ذلك (النكوص) ليس فقط غير ملوم بل ومكرم بالفعل.

الوعد الذي قطعتماه بإهمال، لا يكون كسره عائقا للكمال مادام الكسر هو من أجل نفس الغاية الموضوعة والصلاح الذي تبتغونه عندما وعدتما به، وبهذا نقدر أن نظهر لله قلبًا نقيًا. فان كان ما تبتغيانه يسهل عليكما نواله في هذه المقاطعة، فإن تغيير اتفاقكما الذي وعدتما به لا يكون عائقًا، إن كان كمال النقاوة، الذي لأجله قدمتما وعدكما هذا، يكون بالأكثر مضمونًا حسب إرادة الرب.

15- أما يستغل الضعفاء هذا كفرصة لإباحة الكذب؟!

 جرمانيوس: هذه الكلمات التي قدمتها لنا لها قوتها بطريقة معقولة… فإننا بسهولة نستبعد ريبتنا من جهة وعدنا الذي قطعناه، لكن أما يلزم أن نحذر بتدقيق لئلا ينتهز الضعفاء هذا الكلام كفرصة لاستباحة الكذب، وذلك بعلمهم أنه يمكن كسر الاتفاق بطريقة مشروعة؟ مع أن هذا الكذب ممنوع بعبارات قوية مملوءة تهديدًا، كقول النبي: “تُهلِك المتكلّمين بالكذب” (مز6:5) و”الفم الكاذب يقتل النفس” (حك 11:1).

16- الأب يوسف

أولئك الذين يسلكون في طريق الهلاك لن يقدموا طرقًا وفرصًا لأجل تدمير أنفسهم. فلا يمكننا أن نحذف العبارات الواردة في الكتاب المقدس أو نهملها، لأن الهراطقة استغلوها استغلالاً خاطئًا… لكن بالعكس يلزمنا أن نؤمن بهذه العبارات بتقوى ونتمسك بها بثبات ونكرز بها حسب روح الحق.

لا يليق بنا بسبب كفر هؤلاء أن نحتقر تدابير الأنبياء والقديسين التي يُشير إليها الكتاب المقدس، لأنه بينما نحن نقصد إرضاء ضعفهم نوصم أنفسنا لا بخطية الكذب فقط بل وتدنيس الأمور المقدسة[2]


[1]  أو الأب يوسف (بن يعقوب بن اسحق).

[2]  تحدث بعد ذلك عن أمثلة لأناس لم ينفذوا وعودهم بل والبعض استخدم الكذب، مثل راحاب الزانية وغيرها…

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF

معلومات حول الصفحة

عناوين الصفحة

محتويات القسم

الوسوم

arArabic
انتقل إلى أعلى