بوليفكتوس القديس الشهيد

القديس الشهيد بوليفكتوس

القديس الشهيد بوليفكتوسضابطٌ رومانيُّ في الفرقة الرومانية الثانية عشرة المتمركزة، آنذاك، في ملاطية الأرمينية. يدينُ بالوثنية. كان على عهد الإمبراطور الروماني داكيوس (249 –251م)، لما انتقلت شرارة اضطهاد المسيحيين.

لمَّا كان بوليفكتوس ضابطاً في الجيش الروماني، كان لهُ صديقٌ ضابطُ مثلهُ هو نيارخوس. هذا الأخير كان مسيحياً، فيما كان بوليفكتوس وثنياً رغم الفضائل الجمة التي يتمتع بها. فلما صدر المرسوم الأول للاضطهاد موجباً على العسكريين تقديم الذبائح للأوثان علناً علامة ولاء للعبادة الرسمية الخاصة بالإمبراطور، أبدى نيارخوس لصديقه بوليفكتوس، حزناً، أن هذا المرسوم سوف يكون حدّاً يفصل بينهما إلى الأبد.

وإذ كان قد سبق لبوليفكتوس أن اطّلعَ، جزئياً، على دين يسوع من خلال أحاديثه مع صاحبه، فقد أجابه بوجه طافح بالبُشر:” كلاّ لا شيء يفصلنا الواحد عن الآخر! فالبارحة مساءً ظهر لي المسيح الذي تعبده في رؤيا وألبسني حلَّةً منيرةً بعدما جرَّدني من ثوبي العسكري فأهداني فرساً مجنَّحاً”. هذه الرؤيا لم يفهم بوليفكتوس معناها حتى تلك اللحظة، لكن الأمور تبدو له الآن أكثر وضوحاً، فإنه مزمع أن ينتقل قريباً إلى السماء ليُحصى في عداد كتيبة الشهداء الظافرين المجيدة. ولكن كيف ذلك ولم يصر بعد مسيحيَّاً؟! الحق إنّهُ كان مسيحيَّاً من زمان ولكن بالنيَّة والاستعداد الطيِّب،ولم ينقصه غير الاسم والختم الإلهي بالمعمودية. فلما أفضىَ بوليفكتوس لصديقه بما في سرّه أخذ كل منهما يشجع الآخر على احتقار الخيرات العابرة والمباهج الوقتية ابتغاءً للغبطة السماويَّة. ولما أحاط نيارخوس صديقه علماً بأن الاستشهاد بديل المعمودية وكل احتفال آخر، وهو كافٍ، بحدِّ ذاتِهِ، لضمَّنا إلى جندية المسيح وإحياء المسيح فينا، تلظَّى بوليفكتوس شوقاً للشهادة وقال:” لم أعد أفكِّر إلاَّ بالسماويَّات ولي المسيح ماثلاً أمام عينيْ روحي, وبهاؤُهُ يضيءُ وجهي. هيا بنا معاً إلى آلام الشهادة. لنخرج ونقرأ المرسوم الإمبراطوري!”.

خرج بوليفكتوس إلى حيثُ كان صك المرسوم معلقاً فانتزعهُ أمام عيون الجميع المحتشد المدهوش ومزَّقهُ، ثمَّ اندفع باتجاه جمهرة وثنيّةٍ كانت في مسيرة عباديَّة فأخذ يُحطِّم الأصنام التي كان الكهَّان يحملونها.

للحال أُلقيَ القبض على بوليفكتوس واستيق أمام الحكَّام لانتهاكِهِ الحرمات وسُلِّمَ للتعذيب. لا شيء البتة، في ذلك الوقت الصعب وأمام المحنة، أوقفه عن التصريح بكونِهِ مسيحيَّاً. فبعدما كلَّ الجلاَّدون من التعب وهم يحاولون إقناعه بالضرب أن يعدل عن موقِفِهِ، تقدَّم منه حموهُ المسمَّى فيليكس، وكان حاكم المقاطعة، وحاول ثنيه عن عزمه مذكِّراً إيَّاه بامرأته وأولادِه، فكان جوابُهُ:” أي امرأة، وأي أولاد؟ لم أعد أفكِّر فيهم، فكري اتجه نحو الخيرات السماويَّة التي لا تبلىَ. أما ابنتك فإذا رغبتْ في اتباعي فمغبوطةً تكون، وإلاَّ تهلك مع ما تسمونَهُ أنتم آلهةً”. فلمَّا عاين الحاضرون قوَّة الروح التي كان بوليفكتوس يتكلم بها وتجرُّدُهُ حتى من العواطف البشرية انذهلوا وأخذ بعضهم يميل إليه. فلمَّا رأى الحكام أيَّ لغطٍ أحدثهُ موقف الرجل لفظوا بحقِّهِ حكم الموت.

سار بوليفيكتوس إلى مكان الإعدام ببهجة قلب وكان وجههُ مشعاً كما لو كان يدنو من لحظة الحريَّة. وكان يخاطب المسيحيِّن الذين رافقوه داعياً إيَّاهم إلى الثبات في الإيمان. ولما وقع نظرُهُ على صديقه نيارخوس حيَّاه مذكِّراً إيَّاه بالوعد الذي قطعاه، أحدهما للآخر. وإذ حانت ساعة موته مدّ عنقه للسيف واعتمد بدم نفسه. أمَّا المسيحيون الغيارى فجاؤوا ورفعوا جسدَهُ ودفنوه في ملاطية فيما رفع نيارخوس دمهُ في منديل.

تعيّد له الكنيسة الأرثوذكسية في التاسع من كانون الثاني

طروبارية باللحن الرابع
شهيدك يا رب بجهادهِ، نالَ منك الإكليل غير البالي يا إلهنا، لأنه أحرز قوَّتك فحطم المغتصبين ، وسحقَ بأسَ الشياطين التي لا قوَّة لها، فبتوسلاتهِ أيها المسيح الإله خلص نفوسنا.

قنداق باللحن الرابع
إن المخلص لما أحنى رأسه في الأردن، سُحقت رؤوس التنانين، وكذا بوليفكتُس لما قُطعت هامته، أخزى المارد الغاش.

arArabic
انتقل إلى أعلى