هو أحد أبرز الآباء الذين اشتركوا في المجمع المسكوني الثاني في القسطنطينية سنة 381، وهو المجمع الذي دحض هرطقة مقدونيوس الذي أنكر ألوهية الروح القدس. والمجمع المسكوني الثاني هو الذي وضع دستور الإيمان كاملا كما نعرفه اليوم بعد أن أكّد ألوهية الروح القدس: “وبالروح القدس الرب المحيي …”.
أمفيلوخيوس من منطقة كبادوكيا وهو ابن عمة القديس غريغوريوس اللاهوتي. تعلّم علوماً عالية على يد المعلم الوثني ليبانيوس الانطاكي استاذ القديس يوحنا الذهبي الفم. وقصد القسطنطينية العاصمة حيث امتهن المحاماة ابتداء من العام 463م. وكان يُعرف بحكمته واستقامته ومحبته ودماثته. فنجح واشتهر حتى حاول المتضررون من عمله الإساءة إليه وتشويه سمعته. أصيب بصدمة لما خاب أمله من تحقيق العدالة بين الناس فترك المهنة بعد ست سنوات من ممارستها، ومالت نفسه إلى الحياة المسيحية، بتأثير من القديس غريغوريوس، واراد ان يتنسك في الصحراء مع صديق له اسمه هيراكليدوس. الا ان وضعه العائلي منعه من ذلك. فلازم بيته ليعنى بوالده العجوز الذي لم يكن ثمة من يهتم به غيره.. أثناء ذلك تعرّف بالقديس باسيليوس الكبير صديق قريبه القديس غريغوريوس اللاهوتي. كان باسيليوس كاهناً، فأحبّه امفيلوخيوس وصار صديقه وتلميذه. وجّه اليه القديس باسيليوس العديد من أهم رسائله وأهداه كتابه عن الروح القدس. وعندنا في الشرع الكنسي أربع مجموعات من القوانين الكنسية كتبها باسيليوس لأمفيلوخيوس بشكل رسائل جوابا على أسئلته.
سنة 370 صار باسيليوس رئيسا لأساقفة قيصرية الكبادوك. وكان في مواجهة قاسية مع الآريوسيين يدعمهم الامبراطور والنس، وكان بحاجة ماسة إلى أساقفة مستقيمي الرأي يثق بهم. ولما شغرت اسقفية إيقونية (آسيا الصغرى) سنة 374 دعا امفيلوخيوس إلى الخدمة فيها فهرب اولا، ثم عاد ورضخ. ولما كان ثابت الإيمان طاهر السيرة، جريئاً مقداماً وصاحب مواهب خطابية وكتابية، فإنه تصدى للهرطقة الآريوسية بكل فعالية وتصميم. وحارب امفيلوخيوس بدعة مقدونيوس الذي أنكر ألوهية الروح القدس، وبدعة إفنوميوس(الآريوسية) وبدعة المساليانيين الذين قالوا بأن من مفاعيل خطيئة آدم أن في كل انسان شيطانا لا يخرج بالمعمودية بل بالصلاة المركزة المستمرة. وكان يعود إلى القديس باسيليوس في أمور العقيدة ويسأله.
بعد وفاة القديس باسيليوس سنة 379 استمر في محاربة الهرطقات الشائعة واشترك في المجمع المسكوني الثاني وساهم في إعلان أُلوهية الروح القدس ووحدة جوهره مع الآب والابن.
عاش القديس امفيلوخيوس حتى اواخر القرن الرابع الميلادي. آخر ذكر له ورد في مناسبة المجمع الذي انعقد في مدينة القسطنطينية سنة 493م وعرض لشؤون ابرشية بصرى في بلاد حوران. رقد بسلام في الرب بعدما وطد الايمان المستقيم وحب الفضيلة في شعبه مخلفاً مواعظ وكتابات قيمة. تعيّد له الكنسية المقدسة في الـ 23 من تشرين الثاني. وكذلك الكنيسة المارونية.
روى عنه ثيودوريتوس اسقف قارة (393-466) في تاريخه انه طلب من الإمبراطور ثيودوسيوس الكبير أن يتشدد في ملاحقة الآريوسيين. ولكن تبيّن ان الإمبراطور لم يكن متحمسا لذلك. لذا دخل عليه امفيلوخيوس مرة ثانية وكان بجانب الإمبراطور ابنه اركاديوس بعدما جرى إعلانه إمبراطوراً بالمعيّة. فدنا الأسقف من الإمبراطور وحيّاه التحية المألوفة وتجاهل ابنه اركاديوس. فغضب الإمبراطور واعتبر الأمر مهيناً له ولابنه. فقال له امفيلوخيوس: “أترى يا جلالة الإمبراطور، وأنت ملك الأرض، كيف انك لا تحتمل أن يحتقر أحدٌ ابنك فتغضب وتعتبر الإساءة إليك، فكم بالأحرى يرذل الله وهو الملك والأب، أولئك الذين يجدفون على ابنه ويقولون انه دونه منزلة!”. فتنبّه ثيودوسيوس للأمر وعمل على منع الآريوسيين من الاجتماع وبدد شملهم.
تُعيد له الكنيسة في 23 تشرين الثاني
طروبارية باللحن الرابع (في نفس اليوم يكون عيد القديس غريغوريوس أسقف اكراغندينون)
يا إله آبائنا الصانع معنا دائماً بحسب وداعتك، لا تُبعد عنا رحمتك، بل بتوسلاتهم دبر بالسلامة حياتنا.
قنداق باللحن الأول
بما أنك معروفٌ ومختارٌ من الله جداً، حصلت بالانتخاب الإلهي حقيقةً راعياً للاعتناء بالكثيرين مستحق التعجب، فلذلك لما ظهرت يا امفيلوشيوس رئيس كنهة فاضلاً، دحضتَ كل بدعة بعزم العبادة الحسنة، مناضلاً عن المؤمنين.