04- رسالة يوحنا الأولى 4: 12-19 – لا مخافة في المحبة

النص:

12 اَللهُ لَمْ يَنْظُرْهُ أَحَدٌ قَطُّ. إِنْ أَحَبَّ بَعْضُنَا بَعْضاً، فَاللهُ يَثْبُتُ فِينَا، وَمَحَبَّتُهُ قَدْ تَكَمَّلَتْ فِينَا. 13 بِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا نَثْبُتُ فِيهِ وَهُوَ فِينَا: أَنَّهُ قَدْ أَعْطَانَا مِنْ رُوحِهِ. 14 وَنَحْنُ قَدْ نَظَرْنَا وَنَشْهَدُ أَنَّ الآبَ قَدْ أَرْسَلَ الابْنَ مُخَلِّصاً لِلْعَالَمِ. 15 مَنِ اعْتَرَفَ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ابْنُ اللهِ، فَاللهُ يَثْبُتُ فِيهِ وَهُوَ فِي اللهِ. 16 وَنَحْنُ قَدْ عَرَفْنَا وَصَدَّقْنَا الْمَحَبَّةَ الَّتِي ِللهِ فِينَا. اَللهُ مَحَبَّةٌ، وَمَنْ يَثْبُتْ فِي الْمَحَبَّةِ، يَثْبُتْ فِي اللهِ وَاللهُ فِيهِ. 17 بِهذَا تَكَمَّلَتِ الْمَحَبَّةُ فِينَا: أَنْ يَكُونَ لَنَا ثِقَةٌ فِي يَوْمِ الدِّينِ، لأَنَّهُ كَمَا هُوَ فِي هذَا الْعَالَمِ، هكَذَا نَحْنُ أَيْضاً. 18 لاَ خَوْفَ فِي الْمَحَبَّةِ، بَلِ الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ لأَنَّ الْخَوْفَ لَهُ عَذَابٌ. وَأَمَّا مَنْ خَافَ فَلَمْ يَتَكَمَّلْ فِي الْمَحَبَّةِ. 19 نَحْنُ نُحِبُّهُ لأَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا أَوَّلاً.

الشرح:

اجتمع الرب يسوع بتلاميذه في علية صهيون قبل الآلام واستهل آخر وصاياه قائلا: “وصية جديدة انا اعطيكم ان تحبوا بعضكم بعضا كما أحببتكم انا، تحبون انتم ايضا بعضكم بعضا، بهذا يعرف الجميع انكم تلاميذي ان كان لكم حب بعض لبعض” (يوحنا 13: 34-35 و15: 21). المحبة اذاً هي كلمة الله الأخيرة وما من كلمة بعدها.

“الله لم يعاينه احد قط”. هذه الآية مجتزأة وقد استعملت هنا لارتباطها بما يلي النص حيث التشديد على ان برهان محبتنا لله هو بالضرورة محبتنا للاخوة. “ان قال احد اني احب الله وأبغض اخاه فهو كاذب لان مَن لا يحب اخاه الذي ابصره كيف يقدر ان يحب الله الذي لم يبصره، ولنا هذه الوصية منه ان مَن يحب الله يحب اخاه ايضا” (1 يوحنا 4: 20-21). “الله لم يره احد قط، الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبّر” (يوحنا 1: 18، انظر ا تيموثاوس 6: 16)، هذا نص الآية بالكامل وهي تفيد ان الله اعلن نفسه في يسوع المسيح وهذا اكده الرب يسوع عندما قال لفيلبس “الذي رآني فقد رآى الآب … اني انا في الآب والآب فيّ” (يوحنا 14: 9-10).

“إن احببنا بعضنا بعضا” يثبت الله فينا اي نصير لله اذ هو المحبة ومفعِّلها فينا. “وتكون محبته كاملة فينا” اي نبادل الله محبته اذ نحب بعضنا بعضا وعندها نُكتنف بحركة المحبة المنبثقة من الله والعائدة اليه لتنسكب فيه.

“نعلم انّا نثبت فيه وهو فينا بأنه آتانا من روحه”. حلول الروح القدس فينا جعلنا في وصال لا ينقطع مع الله وهذا تحقيق لوعد الرب يسوع نفسه اذ قال ” انا اطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم الى الأبد روح الحق … في ذلك اليوم تعلمون اني انا في ابي وانتم فيّ وانا فيكم” (يوحنا 14: 16-20).

“يسوع هو ابن الله”. ظهرت شيع متأثرة بالفلسفة الغنوسية (اساسها ان معاينة الله تتم عن طريق المعرفة العقلية) نادت بان يسوع ليس ابن الآب بل مجرد مخلوق وان الألوهة اجتاحته عند المعمودية وفارقته عند الصليب. هذا واجهه الكاتب منذ بدء الرسالة حيث اكد ان الله نفسه اتخذ جسدا وصار محسوسا اذ يقول “الذي كان من البدء الذي سمعناه الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه ولمسته ايدينا” (1 يوحنا 1:1). هكذا يشدد الكاتب على ان “يسوع هو ابن الله” وهو الذي “أُرسل مخلصا للعالم” وهذا الاعتراف هو عتبة الخلاص اذ عندها “يثبت الله في المؤمن وهو في الله”. “نحن قد عرفنا وآمنا بالمحبة التي عند الله لنا” نحن عرفناها بيسوع المسيح “بهذا عرفنا المحبة ان ذاك وضع نفسه لأجلنا” (1يوحنا 3: 16).  هذه هي المحبة العظمى اذ “ليس لأحد حب اعظم من هذا ان يضع احد نفسه لأجل أحبائه” (يوحنا 5 :1-13).

“الله محبة”. كأني بالكاتب يقول ان الله يُعرف بمحبته وانه يُعرف كمحبة. المحبة انعقاد الثالوث، هي هذا الانسكاب المتبادل للأقانيم بعضهم في بعض والذي مصدره الآب. “المحبة هي من الله وكل من يحب فقد وُلد من الله ويعرف الله، ومن لا يحب لا يعرف الله لأن الله محبة” (1يوحنا 4: 7). وهكذا تنبثق المحبة من الله فيضا تنجرف انت به الى المصدر “فتثبت في الله والله فيك”. المحبة الالهية هي قمة التعبير عن الجوهر الالهي وقد تُرجمت بذلا الهيا اذ “هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية” (يوحنا 3 :16).

“لا مخافة في المحبة” اي لا مخافة عند الدينونة، والحكم اساسه نقص في المحبة لذلك “المحبة الكاملة تنفي المخافة الى الخارج”. نحن مدعوون الى كمال المحبة على مثال الله. ونجد صدى لهذا في كلام الرب يسوع “كونوا انتم كاملين كما ان اباكم الذي في السموات هو كامل” (متى 5: 48).

“الله احبنا اولاً”. نحن تحركنا بمحبته التي اعتلنت على الصليب وكانت في ضمير الله منذ الازل فالرب يسوع هو الحمل المذبوح قبل انشاء العالم. ان نكون مع يسوع يعني ان نكون ذبيحة في ضمير الله.

نقلاً عن نشرة رعيتي
الأحد 26 ايلول 1993 / العدد 39

arArabic
انتقل إلى أعلى