وقام مكان افستاثويس بافلينوس أسقف صور وصديق افسابيوس قيصرية فلسطين. ولكنه توفي بعد ستة أشهر. وجاء بعده افلاليوس فخلا مكانه في السنة الثانية والثالثة.
وكان لافستاثيوس القديس أنصار كثيرون في أنطاكية وفي الأبرشيات التابعة لها. وكان له أيضاً أعداء متعصبون. وأبى أتباعه الإنقياد إلى الرؤساء الآريوسيين فاعتزلوهم برئاسة القس بافيلنوس وصلوا في الكنيسة القديمة.
فلما خلا مكان افلاليوس ازداد الشقاق في الكنيسة. وتعقدت الأمور فأصبح من الصعب إيجاد خلف يرضى به الشعب. فتدخل قسطنطين وكتب إلى صديقه أفسابيوس أسقف قيصرية فلسطين أن يتولى أمور كنيسة أنطاكية. وكان أفسابيوس ملِقاً مُصانعاً فتظاهر بالمحافظة على القانون الكنسي الذي يمنع انتقال الأساقفة من أبرشية إلى أبرشية أخرى واعتذر. فقبل قسطنطين اعتذاره. وكتب إلى الأساقفة مقترحاً القس جاورجيوس خادم كنيسة الرستن وأفرونيوس خادم كنيسة قيصرية قبدوقية. وكان الأول قد وقع تحت حرم صدر عن الكسندروس الإسكندري. أمّا الثاني فإنه انتمى إلى جماعة اليسوبيين أعداء نيقية المتسترين. فانتخب الأساقفة افرونيوس في سنة 333 أسقفاً على أنطاكية.
على الرغم من الانقسام الذي حل في كنيسة أنطاكية حول قضية آريوس والآريوسية وحاجة الطرفين المتخاصمين إلى السلطة المدنية. فإن أساقفة أنطاكية خشوا تدخل هذه السلطة في شؤون الكنيسة وتوجسوا خوفاً واتخذوا في السنة نفسها التي أقاموا فيها افرونيوس رئيساً عليهم قرارات من شأنها وضع حد لهذا التدخل. والإشارة هنا إلى القوانين الأنطاكية الخمسة والعشرين التي كانت تعتبر فيما مضى من أعمال مجمع التكريس الأنطاكي (341). فالقانون الرابع من هذه القوانين يمنع كل مجمع لاحق من إعادة أسقف إلى منصبه إذا سبق لهذا الأسقف أن حُرم من مجمع سابق وظل يمارس صلاحياته على الرغم من هذا الحرم. والقانون الحادي عشر يمنع كل اكليريكي من رفع قضاياه إلى الأمبراطور بدون موافقة أساقفة الأبرشية ومتروبوليتها. والقانون الثاني عشر يوجب على الأساقفة الذين يقعون تحت حرم مجمع ألا يزعجوا الأمبراطور برفع قضيتهم إليه. فإن فعلوا ارتكبوا ذنباً لا يغتفر وأضاعوا كل أمل في العودة إلى مناصبهم. وعلى الرغم من أنه ليس في هذه القرارات ما يمنع المجامع من عرض أمورهم على مسامع الأمبراطور فإن هذه القرارات تعتبر بحق أول خطوة رسمية نحو استقلال الكنيسة في إدارة شؤونها.