البطاركة الأنطاكيين الذين حملوا اسم اغناطيوس

عرفت كنيسة انطاكية قبل عهد بطريركنا الحالي غبطة البطريرك اغناطيوس الرابع، ثلاثة بطاركة اتخذوا اسم اغناطيوس.

ففي عهد الآباء الرسوليين، اي الآباء الذي عرفوا الرسل إما مباشرة او بواسطة تلاميذهم، برز اول اسقف بهذا الاسم هو القديس اغناطيويس الانطاكي (20 كانون الاول). هو من عائلة وثنية، ولد العام 35 في الجليل. واهتدى في انطاكيا الى المسيحية على يد المبشرين الأوائل. العام 68، اصبح ثاني اسقف على الكرسي الانطاكي بعد أن خلف ايفوديوس الشهيد الذي عيّنه بطرس الرسول اول اسقف على انطاكية. امر الامبراطور تراجان بأن ينصرف المسيحيون عن ايمانهم “بالذي صُلب من قِبَل بيلاطس البنطي”. جرت مناظرة بينه وبين اغناطيوس الذي اعترف بأنه “يحمل المسيح المصلوب في صدره”. قبض عليه الأمبراطور. ثم سيق الى روما ليلقى للوحوش. في طريقه الى روما مرّ بازمير والتقى اسقفها بوليكربوس وبعض ابناء كنائس افسس ومغنسيا وتراليون، ومنها بعث رسائل شكر الى كنائسهم. ثم سيق الى طروادة ومنها كتب الى المسيحيين في فلادلفيا وازمير والى اسقف ازمير رسائل شكر وتعزية بعد ان عرف ان الاضطهاد في انطاكية قد انتهى. ومن طروادة سيق الى روما حيث طُرح للوحوش في 20 كانون الاول العام 107 كما يرجَّح.

اما البطريرك اغناطيوس الثاني فهو البطريرك ال125 على الكرسي الانطاكي. هذا كان من اصل ارمني، ارتقى السدة البطريركية في فترة المواجهة بين القديس غريغوريوس بالاماس والراهب برلعام. وفي العام 1344 عقد مجمع للنظر في هذه المسألة شارك فيه البطريرك اغناطيوس الثاني فوقف ضد تعاليم بالاماس وأنشا دعوى الاتهام عليه وفيها زعم انه يخالف تعاليم الكنيسة الارثوذكسية. حُكم على بالاماس بموجب ما فنّده البطريرك اغناطيوس.

ولما اصبح ايسيدورس بطريركا على القسطنطينية زكى غريغوريوس وجعله اسقفا على سالونيكي. في هذه الفترة تجاهل البطريرك اغناطيوس كل الاتصالات التي كانت تصله من القسطنطينية وتدعوه لاتخاذ موقف نهائي وواضح مع مجمعه من قضية الهدوئيين. ولكن ممثله في القسطنطينية متروبوليت صور بقي من المناهضين الشرسين للهدوئية. في مجمع 1351 انتصر تعليم بالاماس بشكل نهائي، وقد ثبت هذا المجمع صحة الكتابات البالاماسية واعتبرها تعبيرا صادقا عن ايمان الكنيسة الارثوذكسية. كذلك دان هذا المجمع أَتباع برلعام. في العام 1359 غادر البطريرك اغناطيوس انطاكية الى قبرص، وبقي حتى العام 1365 تاريخ وفاته.

اصبح اغناطيوس الثالث عطيه بطريركا في مرحلة حرجة جدا من تاريخ الكرسي الانطاكي. فبعد استشهاد البطريرك اثناسيوس الدباس، استعان اخوه كيرللس مطران حوران بالحاج سليمان النصراني من اتباع يوسف باشا سيفا والي طرابلس الذي أكره عددا من المطارنة على تنصيب كيرللس بطريركا. في الوقت نفسه انتخب المجمع القسطنطيني، بناء لطلب الدمشقيين، اغناطيوس متربوليت صور بطريركا شرعيا لانطاكية، فاستحصل على براءة سلطانية تؤكد شرعيته. اقام كيرللس في طرابلس ثم انتقل الى حلب بعد وفاة يوسف باشا سيفا. اما اغناطيوس فقد اقام متنقلاً بين بيروت وصيدا. ارسل كيرللس ابن عمه الى القسطنطينية فاستحصل على امر بعزل اغناطيوس ونفيه الى قبرص. انقسم الشعب بين مؤيد ومعارض. تدخل الامير فخر الدين لحل الخلاف. عقد مجمع في راس بعلبك عام 1628. لم يحضره كيرللس، ارغم على المثول وحكم عليه بالتجريد لانه انتهى الى البطريركية بالاكراه دون ارادة الشعب. نفاه الامير فخر الدين الى مغارة الراهب في الهرمل وهناك قُبر َ.

عاد اغناطيوس الى دمشق ورعى كنيسة المسيح طيلة سبع سنوات. العام 1634 اثناء ثورة فخر الدين على الباب العالي توفي مرقس متروبوليت صيدا فانتقل البطريرك، من بيروت حيث كان في زيارة، الى صيدا لتجنيزه. في عودته ليلا، هاجمته مجموعة من رجال الامير في السعديات بعد ان ظنوه رسول السلطان، فاصيب بجرح بالغ ادى الى وفاته. دفن في منطقة الشويفات.

عن نشرة رعيتي
الأحد 15 كانون الاول 1996
العدد 50

arArabic
انتقل إلى أعلى