Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
☦︎
☦︎

أ – عمل إرادة الله

“(أمّا الرب) فهو الذي صنع الأرض بقوته وثبّت المسكونة بحكمته وبسط السموات بفطنته” (إرميا 10: 12، انظر 28 : 15).

قلنا سابقاً بعدم وجود تحوّلات زمنية أو ما يشبهها في حياة الله المثلث الأقانيم (يعقوب 1: 17، مز101: 28) وإن الحياة الداخلية للأقانيم الإلهية، أي الجوهر الإلهي، لا تعرف ماضياً ولا مستقبلاً بل حاضراً أبدياً وحسب. ولذا، فعندما نتحدث عن عمل الله في الزمن، لا نعني أن الخليقة عمل مباشر لجوهر الله. وبكلام آخر، أن الخليقة التي أوجدها الله المثلث الأقانيم في الزمن ليست نتيجة الجوهر الإلهي، بل ثمرة إرادة الله المثلث الأقانيم.

“ففي الله، عديم الهوى والتغيّر والتبدّل وحده. والباقي أبدياً في الحالة عينها، تكون الولادة والتكوين خاصتين خاليتين من الهوى… وليس طبيعياً أن يعرف أي ألم أو نزف، لا في الولادة ولا في التكوين، أو أن يحتاج إلى أيّة مساعدة. والولادة خاصيّة بلا بداية ولا نهاية، لأنها عمل طبيعته ونابعة من جوهره، ولا تفترض أي تغيير في من يلد، ولا تُوجد إلهاً أولاً وألهاً لاحقاً، ولا تعني أيّة إضافة في خصائصه. أمّا التكوين فهو عمل إرادة الله، أي انه غير أبدي. فليس طبيعياً أن يكون المكوَّن من العدم مزامناً لله الذي لا بدء له” (يوحنا الدمشقي).

ب – هيكل الخليقة الثالوثي

تقول العقيدة الثالوثية أن الآب خلق العالم بأسره، بمشاركة أقنومي الثالوث القدوس الآخرين، أي الابن والروح القدس. ويؤكد كاتب المزامير: “كل ما شاء الرب صنع في السماء وعلى الأرض وفي البحار وجميع الأعماق” (مز 134: 6، انظر أيوب 38: 4-41، رومية 2: 36). ويضيف الرسول بولس في كلامه على الابن: “هو صورة الله الذي لا يُرى، وبكر الخلائق كلها. ففيه خُلق كل شيء ممّا في السموات وممّا في الأرض، ما يُرى وما لا يُرى….. كل شيء خُلق به وله. كان قبل كل شيء وبه يتكوّن كل شيء” (كول 1: 15-17).

كل الأشياء تكوّنت بالابن، أي بكلمة الله، “وبغيره لم يكن شيء ممّا كان” (يو 1: 2). هو “البدء”، أي سبب تكوين “خليقة الله” (رؤ 3: 14). لكن الكتاب يذكر أن الروح القدس اشترك في الخلق أيضاً، إذ كان “يرفُّ على وجه المياه” (تك 1: 2). وهو يواصل “إتمام خليقة الله المثلث الأقانيم كلها” (حكمة 1: 7)، وهو موجود “في كل شيء” (حكمة 12: 1).

يعلن أيوب أن “روح الرب هو الذي صنعني” (أيوب 33: 4)، ويقول كاتب المزامير: “تُرسل روحك فيُخلقون وتجدد وجه الأرض” (مز 103: 30). “أنت يا رب جبلتني وجعلت يدك عليّ….. أين اذهبُ من روحك وأين افرُّ من وجهك؟ أن صعدت إلى السماء فأنت هناك، وإن اضطجعت في الجحيم فأنت حاضر” (مز 138: 5-8، إرميا 23: 42).

فإذا أردنا أن نستعمل تعبيراً يوافق التعليم الأرثوذكسي عن الثالوث القدوس، نقول مع آباء الكنيسة أن العالم بأسره خلقه “الآب بواسطة الابن في الروح القدس”، أو ما ورد في أحد أناشيد الكنيسة: “إن العالم كله خلقه الآب بالابن بمؤازرة الروح القدس”.
فالله الواحد المثلث الأقانيم هو مبدع الكل: العالم الروحي والعالم المادي، النبات والحيوان، الإنسان والكون كله.

ج – الخلق من العدم

لم يكن الله المثلث الأقانيم في حاجة إلى أيّة مادة أوّليّة لخلق هذا الكون. فهو قد أوجد كل شيء من العدم. وهذا ما يعلِّمُهُ الكتاب المقدس بوضوح.

قالت والدة المكابيين لابنها الأصغر قبل استشهاده: “أرجوك يا بنيّ، أنظر إلى السماء والأرض. فإذا رأيت كل ما فيهما فاعلمْ أن الله صنع الجميع من العدم. وكذلك وُجد جنس البشر” (مكابيين الثاني 7: 28، انظر رومية 4: 7، عبرانيين 11: 3). ويؤكد الفصل الأول من سفر التكوين هذا الإيمان الأساسي في الكنيسة، مستعملاً عبارات وصوراً من حياة الناس الذين عاشوا إبّان كتابته، والمفترض أن يدركوا الحقيقة الكبرى الكامنة في ما كُتب. ومعلوم أن هدف العهد القديم كان، وما يزال، نقل الحقيقة إلى البشر باللغة التي يستطيعون فهمها (تك 1: 1-31).

د – الملائكة القديسون

أبدع الله المثلث الأقانيم الملائكة القديسين قبل العالم المادي. فقد جاء في سفر أيوب: “عندما خلقتُ الكواكب كان ملائكتي يمجِّدوني بصوت عظيم” (38: 7، انظر مز 148: 2-5).


حاشية مرتبطة بعنوان الفصل “عمل الله المثلث الأقانيم في الزمن”: راجع (مدخل الى العقيدة المسيحية ) الناشر

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF

معلومات حول الصفحة

عناوين الصفحة

محتويات القسم

الوسوم

arArabic
انتقل إلى أعلى