Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
Email
☦︎
☦︎

يعتبر السبتيّون أن شريعة العهد القديم “مطلقة وغير قابلة للتغير” (إيمان الأدفنتست السبتيّين, 404). ويعرف مَن قرأ كتاباتهم أنهم يشوّهون الحقيقة الخلاصية بقولهم إن: “الوصايا العشر” التي أُنزلت على جبل سيناء هي “مقياس البرّ” (طريق الحياة، 53؛ الصراع العظيم, 633), وهي تجزي من يطيعها (إيمان الأدفنتست السبتيّين, 397و 398) وتؤمّن له “حرية مطلقة” (م.ن, 402) “والفرح والسعادة” (مشتهى الأجيال, 284), “والتمتع بالحياة الأبدية”. ويعلّلون انحرافهم بقولهم: إن الشريعة (القديمة) هي “الكلمات الوحيدة التي نطق بها الله على مسمع أمة بكاملها (تثنية 22)” (إيمان الأدفنتست, 98). ويدّعون أنّ حفظها (ويسمّونه: “المبدأ العام”), يجب  “اليوم”, لأن نعمة الله” لا تلغي الشريعة” (إيمان الأدفنتست, 403), وذلك أنهم يعتقدون بأنّ الشريعة هي: “قانون عالمي يُلزم كل الأجناس والشعوب التي على وجه الأرض…” (من هم الأدفنتست السبتيّون؟، 17؛ المعتقدات الأساسية,  18). وما يثير الضحك حقا ويبيّن سخافة هؤلاء المبدعين, هو قولهم إن مجيء ابن الله إلى العالم ليتألم ويموت لم يكن لمجرد فداء العالم, فلقد أتى “ليعظّم الشريعة ويكرّمها” (م.ن, 413؛ الصراع العظيم, 546؛ مشتهى الأجيال, 385). هذا, وغيره, له صداه في الفكر اليهودي الحديث. ففي حوار أقمته مع رجل يهودي, سألني: لماذا تيشّرون بيسوع, ونحن – كما نوّه – لا نؤمن بأنه أتى, ويسوعكم نفسه ما طلب هذا, وإنما كلّف أتباعه بأن يبشّروا بالشريعة (ويقصد: العهد القديم)؟

ولا يخفي أن هذا التهوّد هدفه التهجّم على الكنيسة, لأنها, كما يدّعون, تعدّت الشريعة لكونها حذفت “الوصية الثانية التي تنهي عن تقديم العبادة أو السجود للصور أو التماثيل”, والوصية الرابعة التي تطلب حفظ “يوم السبت” (الصراع العظيم, 488؛ راجع رعيتي 48 و50/1998, حيث خصّصنا مقالتين للرد على هذين الانحرافين). وترى نيية السبتيين إلن هوايت أن هذا “التعدي” يسيء إلى “أبدية” شريعة الله التي هي “ثابتة ثبات عرش الله” (مشتهى الأجيال, 285 و727). وتجد تبريرا لادّعائها هذا, بقولها: إن شريعة الله المكتوبة “في القدس السماوي” (وتقصد ما جاء في رؤيا يوحنا 11: 19) هي “الأصل العظيم التي كانت الوصايا مكتوبة على لوحي الحجر… صورة طبق الأصل عنها” (الصراع العظيم, 475). وتزيد أن معلّمين كثيرين يؤكدون “أن المسيح أبطل بموته الناموس فتحرر الناس من مطالبه. وبعض الناس يتصوّرونه نيراً مكدّراً محزناً… ويقدّمون الحرية التي يمتّعهم بها الإنجيل”. وتعود (هوايت), كعادة المبتدعين, إلى آيات كتابية (مزمور 109: 45؛ يعقوب 2: 8, 1: 25 ورؤيا 22: 14), فتستنتج أن هذا الكلام “لا أساس له من الصحة” (م.ن, 508).

ما من شك في أن هذه الانحرافات يحتاج الردّ عليها إلى صفحات وصفحات. أنا لا أريد أن يعتبر قارئي أن الكنيسة هي, لا سمح الله, ضد العهد القديم, فهو الكتاب الذي قرأه يسوع وفسّره في غير موضع ومناسبة, واستند إليه الرسل ليؤكدوا حقيقة سرّ المسيح وخلاصه. غير أن ما يجب أن نعرفه, في هذا السياق, هو أن الكنيسة التي دعت المؤمنين إلى قراءة العهد القديم (لأنه كتاب الله) لم تقف, في تفسيرها إياه, عند حدود حروفه. وذلك أن الحرف, الذي قال عنه الكتاب إنه “يَقتل” (2 كورنثوس 3: 6), يجعل الكنيسة في نطاق الديانة اليهودية التي أبطلها يسوع “لضعفها وقلّة فائدتها”. فالناموس القديم هو إعداديّ وقتيّ هدفه حصراً أن يؤدبنا لنصل إلى المسيح الذي هو “الغاية” (غلاطية 3: 24 – 26). نقرأ في الرسالة إلى كنيسة كولوسي: فلا يحكمَنّ عليكم أحد في المأكول والمشروب أو في الأعياد والأهلة والسبوت, فما هذه إلا ظل الأمور المستقبلية, أما الحقيقة فهي جسد المسيح” (2: 16 – 17: اقرأ ما جاء في الرسالة إلى العبرانيين, ومنه: أن “الشريعة لم تُبلِغ شيئا إلى الكمال, وأُدخل رجاءٌ أفضل نتقرب به إلى الله”, وأنه: “لمّا كانت الشريعة تشتمل على ظل الخيرات المستقبلة, لا على تجسيد الحقائق, فهي عاجزة أبد الدهور… أن تجعل الذين يتقرّبون منها كاملين…”, الإصحاحات 8 – 11؛ وأيضا: رومية 6: 14, 9: 4؛ غلاطية 4: 7, 5: 4 و18….). ويعرف المسيحيون أن العهد الجديد اعتبر أن الوصايا القديمة صالحة لزمانها (متى 5), وإنه بمجيء يسوع أتى زمن النعمة التي هي “ينبوع الخلاص لجميع الناس” (تيطس 2: 11؛ وأيضا:1 بطرس 1: 10 – 12؛ رومية 10: 4؛ عبرانيين 3: 1 – 16). ومن النافل القول إن السبتيين في اتهامهم الكنيسة بأنها أهملت بعض الوصايا القديمة التي قال فيها الرسول إنها “نسخت” لا ينحرفون عن الحق وحسب, إنما يقدّمون “إنجيلا آخر” (غلاطية 1: 6 – 9, 3: 3, 4: 9 – 10) ينفي نعمة المسيح وخلاصه وحريته. فهم يهود يدّعون أنهم مسيحيون.

لا أعلم كيف يستطيع السبتيّون أن ينادوا بأبدية الشريعة القديمة, وهم يوافقون على أن ناموس الفرائض الذي أُبطل بموت المسيح, لا يقدر على أن يقدّم للإنسان الخاطئ “علاجا”, ويعرفون تاليا أن “إنجيل المسيح وحده هو الذي يستطيع أن يحرر الإنسان من دينونة الخطيئة ولوثاتها” (الصراع العظيم, 510), ويبقون على موقفهم المنحرف, لو لم يكونوا في خدمة الديانة اليهودية. إن هذا التناقض (القول إن الشرعية القديمة أبدية وبآنٍ إنها لا تشفي الخطأة) لا يقع فيه سوى المغرضين الذين يتعدّون الشريعة. لا يهم أن يعترف السبتيّون بتهوّدهم, وإنما المهم أن لا يسمع المؤمنون لهم (انظر: رسالة القديس إغناطيوس الإنطاكي إلى كنيسة فيلادلفيا 6: 1, ورسالته إلى كنيسة مغنيسية 8: 1 و 10: 3), وأن يحفظوا أنفسهم بحق المسيح.

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
☦︎
انتقل إلى أعلى