جاء في كتاب ” تاريخ الكنيسة” لأفسافيوس (+340) في الكتاب السادس الفصل 43، ما يلي: “يفيد بعض المصادر ان الامبراطور الروماني فيليبس، لما كان مسيحياً، رغب، ليلة الفصح، ان يشترك مع الجموع في صلوات الكنيسة، فمنعه الأسقف بسبب كثرة الجرائم التي ارتكبها ما لم يدل، اولا، باعتراف صريح بخطاياه ويدخل في عداد التائبين. فما كان من الامبراطور سوى أن أذعن للحال…”
هذا الأسقف الشجاع الذي تحدّث عنه افسافيوس والذي صار مضرب المثل، على مرّ العصور، هو القدّيس بابيلا.
لا نعرف الكثير عن بابيلا. ولعلّه تبوأ عرش أسقفية انطاكية في العام 237 خلفا لزابينوس، فأضحى الاسقف الثاني عشر على المدينة العظمى بعد القدّيس بطرس الرسول. ويقال ان اسقفيته امتدّت ثلاثة عشر عاما، من 237 إلى 250، ايام الأباطرة الرومان غورديانوس وفيليبس العربي وداكيوس.
فأما فيليبس فكان من بلاد حوران، من قرية قريبة من مدينة بصرى. ويبدو ــ حسبما يشير بعض المصادر القديمة ـــ انه كان وزوجته سفيرة مسيحين. لكن هذا لم يكن بحال دليلا على سيرة طيبة سارها في حياته، لأن فيليبس كان عسكري وصوليا لا يتورّع عن القتل والتآمر لينال مبتغاه. وينقل عنه انه دسّ السم لعم غورديانوس قيصر ليأخذ مكانه في الحكم، ثم ضغط على غورديانوس فأعطاه لقب قيصر. واذ خشي غورديانوس جانبه أعطاه ابنه الصغير عربون وحدة وسلام بينهما. لكن فيليبس ما لبث ان فتك بغورديانوس وقتل الصبي وانتزع العرش. ويبدو أن أخبار جرائمه، كانت على كل شفة ولسان. وهذا ما حدا بالأسقف بابيلا الى الوقوف في وجهه ومنعه من دخول الكنيسة ما لم يعترف بخطاياه ويتب عنها.
لقد ذكر بابيلا عدد من آباء الكنيسة بإكبار عظيم، لا سيما القدّيس يوحنا الذهبي الفم الذي قال عنه إنه كان رجلا عظيما وعجيبا. وقد قال عنه ايضا: “هل هناك إنسان في العالم كان يمكن لبابيلا أن يخشاه، بعدما وقف في وجه الامبراطور بمثل هذا السلطان؟ لقد لقّن الملوك، بذلك، درسا أن لا يحاولوا بسط سلطانهم الى أبعد من القدر المسموح به من الله، كما أعطى رجال الكنيسة مثلا كيف ينبغي ان يستعملوا السلطات المعطى لهم”.
أما استشهاد بابيلا فيظن انه كان هكذا: في العام 249 للميلاد فتك داكيوس بفيليبس قيصر. ثم في العام 250 باشر حملة اضطهاد للمسيحين، فقبض جنوده على بابيلا وطرحوه في السجن حيث قضى، نتيجة المعاملة السيئة التي لاقاها. ويقال ان بابيلا طلب قبل موته ان تلقى السلاسل معه في القبر لأنه اعتبرها أداة لانتصاره. وقد بنى المسيحيون كنيسة فوق ضريحه.
والى جانب بابيلا يذكر التقليد استشهاد ثلاثة أولاد اخوة كان لهم بمثابة أب: اوربانوس (12 سنة) وبرلدان ( بريليديانوس) ( 9 سنوات) وهيبولينوس (7سنوات) وأمهم أمة الله ( ثيودولا).
وبعد استشهاد بابيلا بحوالي مئة عام، وبالتدقيق في السنة 351، كان غالوس قيصر، شقيق يوليانوس الجاحد، مقيما في انطاكية، وهو أمير تقي ورع، يكرم القدّيسين الشهداء على نحو مميّز. هذا أقلقه ان في ” دفني”، وهي ضاحية من ضواحي انطاكية، هيكلا وثينا فيه تمثال لأبولون شاع بين الناس انه يتنبأ بالمستقبلات، وأحدث بلبالا، لا سيما بين المؤمنين، ليس بقليل. واذ رغب غالوس قيصر في تطهير تلك الناحية من أعمال الشيطان وممارسات اللهو والفجور، اقام، مقابل هيكل ابولون، كنيسة نقل اليها رفات القدّيس بابيلا. وللحال خرس شيطان التمثال ولم يعد يسمع له صوت، واختشى الناس واستشعروا.
وبقين الحال على هذا النحو الى أن جاء يوليانوس الجاحد الى انطاكية في العام 362 راغباً في كلمة نبوءة بشأن حربه ضد الفرس. واذ وجد تمثال أبولون صامتا، قام بذبح مئات الحيوانات وتقديمها على مذبح الوثن راجيا أبولون أن يعود الى سابق نبوءاته، أو على الأقل، ان يقول لماذا توقّف عن الكلام. فلم يشأ الشيطان أن يذكر رفات القدّيس بابيلا بالاسم، بل اكتفى بالقول أن في “دفني” جثثا كثيرة ينبغي ابعادها اولا حتى يعود “ابولون” الى الكلام. ففهم يوليانوس ان المقصود هو القدّيس بابيلا، في الجوار. فأمر المسيحيين أن يخرجوا رفات القدّيس من المكان. وما ان فعلوا حتى ضربت صاعقة الهيكل الوثني فأضرمت فيه النيران. ثم تبعت الصاعقة هزّة ارضية دكت ما تبقى من الجدران فأحالتها كومة من الحجارة.
تعيّد له كنيستنا الأرثوذكسية في الرابع من شهر أيلول، والكنيسة اللاتينية في 24 كانون الثاني
Тропар у четвртој мелодији
صرتَ مشابهاً للرسل في أحوالهم وخليفةً في كراسيهم، فوجدت بالعمل المرقاة إلى الثاوريا، أيها اللاهج بالله، لأجل ذلك تتبعت كلمة الحق باستقامة وجاهدت عن الإيمان حتى الدم أيها الشهيد في الكهنة بابيلا، فتشفع إلى المسيح الإله أن يخلص نفوسنا.
Кандак са четвртом мелодијом
أيها الشهيد في الكهنة بابيلا، لقد وضعت في قلبك عظائم الإيمان وحفتها، فلم تجزع من المغتصب، فلذلك احفظنا يا خادم المسيح.