03- كورنثوس الثانية 1: 21-2: 4

النص:

1: 21 وَلكِنَّ الَّذِي يُثَبِّتُنَا مَعَكُمْ فِي الْمَسِيحِ، وَقَدْ مَسَحَنَا، هُوَ اللهُ 22 الَّذِي خَتَمَنَا أَيْضاً، وَأَعْطَى عَرْبُونَ الرُّوحِ فِي قُلُوبِنَا. 23 وَلكِنِّي أَسْتَشْهِدُ اللهَ عَلَى نَفْسِي، أَنِّي إِشْفَاقاً عَلَيْكُمْ لَمْ آتِ إِلَى كُورِنْثُوسَ. 24 لَيْسَ أَنَّنَا نَسُودُ عَلَى إِيمَانِكُمْ، بَلْ نَحْنُ مُوازِرُونَ لِسُرُورِكُمْ. لأَنَّكُمْ بِالإِيمَانِ تَثْبُتُونَ.
2: 1 وَلكِنِّي جَزَمْتُ بِهذَا فِي نَفْسِي أَنْ لاَ آتِيَ إِلَيْكُمْ أَيْضاً فِي حُزْنٍ. 2 لأَنَّهُ إِنْ كُنْتُ أُحْزِنُكُمْ أَنَا، فَمَنْ هُوَ الَّذِي يُفَرِّحُنِي إِلاَّ الَّذِي أَحْزَنْتُهُ؟ 3 وَكَتَبْتُ لَكُمْ هذَا عَيْنَهُ حَتَّى إِذَا جِئْتُ لاَ يَكُونُ لِي حُزْنٌ مِنَ الَّذِينَ كَانَ يَجِبُ أَنْ أَفْرَحَ بِهِمْ، وَاثِقاً بِجَمِيعِكُمْ أَنَّ فَرَحِي هُوَ فَرَحُ جَمِيعِكُمْ. 4 لأَنِّي مِنْ حُزْنٍ كَثِيرٍ وَكَآبَةِ قَلْبٍ كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ بِدُمُوعٍ كَثِيرَةٍ، لاَ لِكَيْ تَحْزَنُوا، بَلْ لِكَيْ تَعْرِفُوا الْمَحَبَّةَ الَّتِي عِنْدِي وَلاَ سِيَّمَا مِنْ نَحْوِكُمْ.

الشرح:

أثمرت بشارة الرسول بولس في مدينة كورنثوس ونشأت جماعة من المؤمنين بالرب يسوع وألفوا كنيسة. بعد رحيل الرسول أتى مبشرون متهوّدون وحرضوا المؤمنين ضدّ بولس فانشقت الجماعة وانحرف البعض عن الإيمان وساد التوتر في علاقتهم مع الرسول. هذا دفع الرسول الى القيام بعدة زيارات الى المدينة والى بعث سلسلة من الرسائل لكي يعالج المشاكل. اما نص رسالة اليوم فيندرج في سياق الرسالة الاخيرة وفيها يعبر الرسول عن فرحه بانتهاء الازمة وعودة المؤمنين تائبين الى حياة الايمان السليم.

” يا اخوة إن الذي يثبتنا معكم في المسيح وقد مسحنا هو الله”. هذا تأكيد ان ايمان الكورنثيين هو نتيجة عمل الله. بشارة الرسول ارست المدخل لله لتبديل حياة السامعين، والثبات في المسيح اتى نتيجة هذا التدخل الإلهي. الرسول اذاً واسطة، اما الفعل فهو لله.

“الذي ختمنا ايضا واعطى عربون الروح في قلوبنا”. الختم إشارة الى المعمودية اذ بها يُختم المؤمن بختم الله ويكون الختم العلامة المميزة التي تشير الى ان حاملها هو ملك لله. اذا بالايمان جعلنا الله ملكا له وبالمعمودية افاض علينا الروح القدس بمثابة عربون وألزم به نفسه تجاه المؤمنين لأنه بالمعمودية تتم الوعود الإلهية وتفيض النعمة للخلاص.

القاسم المشترك بين المؤمنين اجمعين هو فعل الله في المسيح والختم، والرابط بين المؤمنين هو شخص الرب يسوع. بهذا تكون العلاقة بين المؤمنين متينة ثابتة لا تتزعزع ولهذا السبب يسارع الرسول الى حلّ المشاكل وتسوية الاوضاع لأن تفاقمها هو تحطيم لعمل الله وليس مجرد تعرض لشخص الرسول.

“واني استشهد الله على نفسي اني لاشفاقي عليكم لم آت ايضا الى كورنثوس”. عندما علم الرسول بالاوضاع المتوترة قام بزيارة خاطفة الى المدينة (انظر2 كورنثوس 12: 14 و 13 :1-2) آملا إصلاح الوضع، لكن الامور ازدادت تفاقما واضطر الى المغادرة خائبا بعد ان وعدهم بالعودة قريبا. لكنه اشفاقا عليهم ارجأ موعد الزيارة وذلك خوفا من ان يؤدي التوتر في علاقتهم الشخصية معه الى قطع علاقتهم بالله وبالرب يسوع المسيح وبذلك يفقدون خلاصهم. لذلك قال لهم: لم آت إشفاقا عليكم “لا لانا نسود على ايمانكم”. اي لسنا اصحاب سلطة عليكم اذ لسنا اساس ايمانكم ومنطلقه “بل نحن اعوان سروركم” اي رفقاء تعاون فيما بيننا ونعضد بعضنا البعض “ولانكم ثابتون على الايمان”، ذلك لان الله هو اساس الايمان وليس الرسول.

“وقد جزمت بهذا في نفسي ان لا آتيكم ايضا في غم”. تمهل الرسول على رجاء ان تخمد حدة التوتر كما انه لم يرد ان يُحزن المؤمنين في كورنثوس فإن مهمته مهمة فرح وبهجة للجميع، لذلك قال “لاني إن كنت أغمكم فمن الذي يسرني غير من اسبب له الغم؟”.

“وإنما كتبت اليكم هذا بعينه… من شدة كآبة وكرب قلب، كتبت اليكم بدموع كثيرة…”. تمهل الرسول بالزيارة، وفي الاثناء كتب اليهم رسالة مفعمة بعبارات التقويم ومشحونة بتوبيخ صارم تدحض كل الافتراءات وتظهر باجلى بيان صدق الرسول وامانته وبالاكثرمحبته وسهره على خلاصهم (انظر 2 كورنثوس الاصحاح 10-13). سادت هذه الرسالة مسحة جلية من الدموع، فالرسول كتبها بقلب محطم ومحبته اضطرته الى الصرامة والشدة اذ لم يكن من حلّ آخر. حمل الرسالة معاونه تيطس الذي عمل على تهدئة الاوضاع اذ لاقت رسالة الدموع هذه مقرا في قلوب المؤمنين التائبين في كورنثوس الذين عادوا عن موقفهم وقوموا سلوكهم. لم يهدأ للرسول بالٌ حتى التقى تيطس الذي حمل له الخبر السار وعندها كتب الرسول اليهم مجددا معبرا عن فرحه وتعزيته (انظر 2 كورنثوس 1: 1-6) ومعلنا خبر زيارته المقبلة التي لن يسودها حزن.

نقلاً عن نشرة رعيتي
الأحد 25 أيلول 1994 / العدد 39

arArabic
انتقل إلى أعلى