03- كورنثوس الثانية 6: 1-10 – في المسيح كأن كل شيء لنا ونحن لا نملك شيء

النص:

1 فَإِذْ نَحْنُ عَامِلُونَ مَعَهُ نَطْلُبُ أَنْ لاَ تَقْبَلُوا نِعْمَةَ اللهِ بَاطِلاً. 2 لأَنَّهُ يَقُولُ:«فِي وَقْتٍ مَقْبُول سَمِعْتُكَ، وَفِي يَوْمِ خَلاَصٍ أَعَنْتُكَ». هُوَذَا الآنَ وَقْتٌ مَقْبُولٌ. هُوَذَا الآنَ يَوْمُ خَلاَصٍ. 3 وَلَسْنَا نَجْعَلُ عَثْرَةً فِي شَيْءٍ لِئَلاَّ تُلاَمَ الْخِدْمَةُ. 4 بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ نُظْهِرُ أَنْفُسَنَا كَخُدَّامِ اللهِ:فِي صَبْرٍ كَثِيرٍ،فِي شَدَائِدَ،فِي ضَرُورَاتٍ،فِي ضِيقَاتٍ، 5 فِي ضَرَبَاتٍ، فِي سُجُونٍ، فِي اضْطِرَابَاتٍ، فِي أَتْعَابٍ، فِي أَسْهَارٍ، فِي أَصْوَامٍ، 6 فِي طَهَارَةٍ، فِي عِلْمٍ، فِي أَنَاةٍ، فِي لُطْفٍ، فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ، فِي مَحَبَّةٍ بِلاَ رِيَاءٍ، 7 فِي كَلاَمِ الْحَقِّ، فِي قُوَّةِ اللهِ بِسِلاَحِ الْبِرِّ لِلْيَمِينِ وَلِلْيَسَارِ. 8 بِمَجْدٍ وَهَوَانٍ، بِصِيتٍ رَدِيءٍ وَصِيتٍ حَسَنٍ. كَمُضِلِّينَ وَنَحْنُ صَادِقُونَ، 9 كَمَجْهُولِينَ وَنَحْنُ مَعْرُوفُونَ، كَمَائِتِينَ وَهَا نَحْنُ نَحْيَا، كَمُؤَدَّبِينَ وَنَحْنُ غَيْرُ مَقْتُولِينَ، 10 كَحَزَانَى وَنَحْنُ دَائِماً فَرِحُونَ، كَفُقَرَاءَ وَنَحْنُ نُغْنِي كَثِيرِينَ، كَأَنْ لاَ شَيْءَ لَنَا وَنَحْنُ نَمْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ.

الشرح:

أظهر الرسول بولس ان الله “صالح العالم لنفسه بيسوع المسيح” (2كورنثوس 5: 18)، واسند للرسل “خدمة المصالحة” اي مهمة تحقيق المصالحة في العالم اذ وضع فيهم “كلمة المصالحة” (2 كورنثوس 5: 19) ويعني بها كلمة البشارة الإنجيلية. لذلك وصف الرسول دوره بقوله: “اذاً نسعى كسفراء عن المسيح كأن الله يعظ بنا، نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله” (2 كورنثوس 5 :20). الرسول إذ يبشر بالمصالحة يكون شريك الله في اجرائها.

“لا تقبلوا نعمة الله في الباطل”. الباطل في العودة الى حياة ما قبل الإيمان. الإيمان يفترض الجِدّ، لذلك قال الرسول “اذا كان احد في المسيح فهو خليقة جديدة، الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديداً (2 كورنثوس 5: 17). العودة الى الحياة القديمة تعطيل لعمل النعمة.

“في وقت مقبول استجبت لك وفي يوم خلاص أعنتك” (اشعياء 49 :8). وجّه الله هذا الكلام الى عبده الذي جبله من البطن وجعله نوراً للأمم ليصل خلاص الله الى اقصى الأرض (اشعيا 49: 5-7). العبد هو الرب يسوع، وبه صار الخلاص الجميع. يعلق الرسول على هذه الآية قائلاً “هوذا وقت مقبول، هوذا الآن يوم خلاص” اذ بالبشارة يحمل الرسول قوة الخلاص للسامعين، وبالإيمان يدشن العمل الخلاصي في الإنسان.

“لسنا نأتي بمعثرة في شيء لئلا يلحق الخدمة عيب”، اي ان الرسول ظابطٌ نفسَه في كل الأوضاع ولا يتصرف إلا انطلاقاً من الدورالذي يؤديه في خدمة البشارة. الرسول يحمل طابع الخادم لله باستمرار لذلك قال “بل نظهر في كل شيء انفسنا كخدام الله”.

“في صبر كثير في شدائد في ضرورات في ضيقات” يعدد الرسول الأوضاع التي واجه فيها الصعوبات وثابر على الخدمة ولم تتزعزع. في مدينة فيليبي ضرب ووُضع في السجن (اعمال 16: 22-23) واعتقل في اورشليم ايضا (اعمال 21: 33). في انطاكية بيسيدية اثار عليه اليهود الاضطرابات والشغب وأُخرج من المدينة (اعمال 13 :50-51 و14: 19). بالرغم من هذه الضيقات سلك الرسول بطهارة وثابر على نشر معرفة البشارة صابراً على كل الضيقات مترفقاً بالمؤمنين وغير المؤمنين وذلك دون القيام بأي ردات فعل ضد اي شيء. هذا كله في الروح القدس اي والشركة مع الله التي في روح الرسول، تنتج عنها المحبة الصادقة الفعلية التي تتجلى بذلاً في كل هذه الأوضاع الصعبة، ذلك لأن قوة الله كانت تفعل على الدوام وبها تسلح الرسول بيديه الإثنتين كما يحمل الجندي سلاح الهجوم باليد اليمنى وسلاح الدفاع باليد اليسرى.

“بمجد وهوان، بسوء صيت وحسنه” تمم الرسول خدمته غير مكترث لكرامته، “كأنا مضلون ونحن صادقون” اي نُعامَل كمضِلين من قِبل من يضطهدنا ولكن هذا الاضطهاد هو سبب صدقنا. “كأنا مجهولون ونحن معروفون” اي نُعتبر لا شيء من قبل الذين يرفضون البشارة ولكننا معروفون جيداً من قبل الله والذين يؤمنون. “كأنا مائتون وها نحن احياء”: مائتون بما نواجهه من اخطار واضطرابات وضيقات واحياء كلما كان للبشارة صدى مسموع وقبول عند الناس. وعبّر الرسول بقوله “نُسلّم دائماً إلى الموت من اجل يسوع لتظهر حياة المسيح في اجسادنا المائتة، فالموت اذن يجري فينا والحياة فيكم” (2كورنثوس4: 12). “كأنا مؤدبون ولا نُقتل”: نظهر وكأننا تحت حكم التأديب والتقويم ولكننا ننقَذ دائما بنعمة الله من الموت. “كأنا حزانى ونحن دائما فرحون”: لا شك ان الرسول يعرف الحزن، لذلك قال للمؤمنين في كورنثوس “جزمت بهذا في نفسي ان لا آتي اليكم في حزن” (2كورنثوس2 :1). ولكن بالرغم من هذه الأحزان يحيا الرسول بفرح لأن الله هو فرحه وعزاؤه، لذلك يقول “مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح ابو الرأفة وإله كل تعزية الذي يعزينا في كل ضيقتنا حتى نستطيع ان نعزي الذين هم في كل ضيقة بالتعزية التي نتعزى نحن بها من الله”(2كورنثوس1: 3-4).

 “كأنا فقراء ونغني كثيرين، كأنا لا شيء لنا ونحن نملك كل شيء”. من الطبيعي ان يختبر الرسول الحاجة لأنه لا يستقر بل هو في حياة تجوال دائم، حيثما حل يجني ثمر الإيمان فيغتني بإغناء المؤمنين بكلمة الله. لا يقصد الرسول بأنه يملك كل شيء من اشياء العالم ولكنه يملك ما يفوق العالم، رابطه بالله بيسوع المسيح فتح امامه كنوزاً روحية اسمى وابقى من ماديات العالم. غناه في انه يحمل الجوهرة الفعلية، يسوع المسيح الكلمة الإلهي المحيي.

نقلاً عن نشرة رعيتي
الأحد 9 تشرين الأول 1994 / العدد 41

arArabic
انتقل إلى أعلى