04- غلاطية 4: 22-27 – مَثَل سارة وهاجر

النص:

22 فَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ أَنَّهُ كَانَ لإِبْرَاهِيمَ ابْنَانِ، وَاحِدٌ مِنَ الْجَارِيَةِ وَالآخَرُ مِنَ الْحُرَّةِ. 23 لكِنَّ الَّذِي مِنَ الْجَارِيَةِ وُلِدَ حَسَبَ الْجَسَدِ، وَأَمَّا الَّذِي مِنَ الْحُرَّةِ فَبِالْمَوْعِدِ. 24 وَكُلُّ ذلِكَ رَمْزٌ، لأَنَّ هَاتَيْنِ هُمَا الْعَهْدَانِ، أَحَدُهُمَا مِنْ جَبَلِ سِينَاءَ، الْوَالِدُ لِلْعُبُودِيَّةِ، الَّذِي هُوَ هَاجَرُ. 25 لأَنَّ هَاجَرَ جَبَلُ سِينَاءَ فِي الْعَرَبِيَّةِ. وَلكِنَّهُ يُقَابِلُ أُورُشَلِيمَ الْحَاضِرَةَ، فَإِنَّهَا مُسْتَعْبَدَةٌ مَعَ بَنِيهَا. 26 وَأَمَّا أُورُشَلِيمُ الْعُلْيَا، الَّتِي هِيَ أُمُّنَا جَمِيعاً، فَهِيَ حُرَّةٌ. 27 لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ:«افْرَحِي أَيَّتُهَا الْعَاقِرُ الَّتِي لَمْ تَلِدْ. اِهْتِفِي وَاصْرُخِي أَيَّتُهَا الَّتِي لَمْ تَتَمَخَّضْ، فَإِنَّ أَوْلاَدَ الْمُوحِشَةِ أَكْثَرُ مِنَ الَّتِي لَهَا زَوْجٌ». 28 وَأَمَّا نَحْنُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَنَظِيرُ إِسْحَاقَ، أَوْلاَدُ الْمَوْعِدِ. 29 وَلكِنْ كَمَا كَانَ حِينَئِذٍ الَّذِي وُلِدَ حَسَبَ الْجَسَدِ يَضْطَهِدُ الَّذِي حَسَبَ الرُّوحِ، هكَذَا الآنَ أَيْضاً. 30 لكِنْ مَاذَا يَقُولُ الْكِتَابُ؟ «اطْرُدِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا، لأَنَّهُ لاَ يَرِثُ ابْنُ الْجَارِيَةِ مَعَ ابْنِ الْحُرَّةِ».

الشرح:

بشّر الرسول بولس منطقة غلاطية (وسط تركيا الحالية) وأنشأ فيها كنيسة اعضاؤها من اصل وثني. واجهته هناك صعوبة سبّبها المسيحييون من اصل يهودي الذين “يعلّمون الاخوة انه ان لم تختتنوا حسب عادة موسى لا يمكنكم ان تخلصوا” (اعمال 15 :1). السؤال هو هذا: هل يجب ان نمر باليهودية لنصبح مسيحيين؟ هل يُفرض الناموس على المؤمنين في غلاطية؟ اجاب الرسول بولس: كلا، وكتب رسالته الى اهل غلاطية داحضا هذه الاعتقادات ومظهرا بطلانها.

يعالج الرسول بولس الموضوع بدءا من الاصحاح الثالث ويختمه بالنص الذي نقرأه اليوم. يستهل هذه الفقرة الختامية قائلا: “قولوا لي انتم الذين تريدون ان تكونوا تحت الناموس ألستم تسمعون الناموس؟” (غلاطية 4 : 21). وبذلك يحصر المعالجة في صلب نصوص الناموس ليظهر من خلالها صحة ما سبق واعلنه “بأن الذين هم من الإيمان اولئك هم بنو ابراهيم” (غلاطية 3 : 7).

” كان لابراهيم ابنان احدهما من الجارية والآخر من الحرة”. كانت سارة زوجة ابراهيم عاقرا فقالت لرجلها: “ادخل على جاريتي (هاجر) لعلي أُرزق منها بنين”، عندها تزوج ابراهيم هاجر فأنجبت له اسماعيل (تكوين 16 : 2 و3 و15). هذا التشديد على الإنجاب يعود الى المعتقدات اليهودية التي تقول باستمرار الانسان في ذريته وبأن العقر هو لعنة وفناء للذرية. عاد الله وحلّ عقر سارة في شيخوختها (تكوين 18 : 9-15) فأنجبت اسحق. يقول الرسول ان اسماعيل وُلد “حسب الجسد” اي انطلاقا من رغبة وهدف بشري وبحسب قوانين الولادة البشرية المحضة في كل مراحلها. اما اسحق فولد “بالموعد”، لم يقل الرسول بحسب الموعد ليوضح ان اسحق ليس تحقيقا نهائيا لموعد الله بل قال “بالموعد” ليشير الى ان ولادته تنبثق اولا من مشيئة الله وتتحقق بقوة الله وحدها وهي تنساب في مجرى تحقيق الموعد الذي أعطاه الله لإبراهيم.

” وذلك انما هو رمز” اي ان روايتي الولادتين بتفاصيلهما تشيران الى حقيقة اعمق مما يشير اليه المعنى الظاهر. “لأن هاتين هما العهدان”، هنا يبدأ الرسول بولس بإظهار الحقيقة المخفية وراء الرمز ويقصد “بهاتين” كلاً من هاجر وسارة “وبالعهدين” وعد الله لابراهيم من جهة، وتمثله سارة، وإعطاء الناموس من جهة ثانية، وتمثله هاجر.

” أحدهما من طور سيناء” اي من جبل سيناء ويتمحور حول الناموس (خروج 19) وهو “يلد للعبودية وهو هاجر، فإن هاجر بل طور سيناء جبل في ديار العرب – وهو تابع جغرافيا لفلسطين – اي اورشليم الحالية”. هنا يقول الرسول ان هاجر هو اسم جبل سيناء في اللغة العربية ويعتقد المفسرون ان الرسول يقصد كلمة “حجر” التي كانت تشير الى اسم الجبل عند العرب، ويعلق القديس يوحنا الذهبي الفم على هذه الآية قائلا: “ان كل من ولدوا من العهد القديم (يقصد به الناموس) هم بالضرورة عبيد لأن ذلك الجبل حيث أُعطي العهد القديم يحمل اسم الجارية نفسه”. هكذا يقول الرسول ان كل من يخضع للناموس هو مستعبَد والدليل القاطع على هذا هو اورشليم الحالية “الحاصلة في العبودية مع اولادها” لأنها لم تهتدِ بعد الى المسيح.

” اما اورشليم العليا”، وهي مدينة الله السماوية التي ستُعتلن في اليوم الأخير (انظر رؤيا 3: 12 و 21 :2 و10) “فهي حرّة وهي امّنا كلّنا” اي هي امّ كل مؤمن بيسوع المسيح وهي تتمثل بسارة زوجة ابراهيم الحرة. “لأنه كتب افرحي ايتها العاقر التي لم تلد …” هذه الآية مأخوذة من سفر النبي اشعيا (54 :1)، وقد فسرّها اليهود على انها تشير الى اورشليم في الأزمنة الأخيرة وهي في رؤيتنا المسيحية الكنيسة.

ذلك انه كما كانت سارة عاقرا كانت الكنيسة التي جاءت من الأمم عاقراً. وكما ولدت سارة في آخر ايامها صار للكنيسة اولاد لما حلّ ملء الأزمنة. فعندما صارت الكنيسة خصبة صارت امة اليهود عاقراً.

هكذا تقودنا الرسالة الى ان الخلاص بالمسيح وبه يكمل الناموس. لذلك نحذّر من الشيع المتهودة التي تطوف البيوت باسم المسيح.

نقلاً عن نشرة رعيتي
الأحد 25 تموز 1993 / العدد 30

arArabic
انتقل إلى أعلى