04- غلاطية 5: 22-6: 2 – ناموس المسيح هو ناموس المحبة

النص:

5: 22 وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ 23 وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ. ضِدَّ أَمْثَالِ هذِهِ لَيْسَ نَامُوسٌ. 24 وَلكِنَّ الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ. 25 إِنْ كُنَّا نَعِيشُ بِالرُّوحِ، فَلْنَسْلُكْ أَيْضاً بِحَسَبِ الرُّوحِ. 26 لاَ نَكُنْ مُعْجِبِينَ نُغَاضِبُ بَعْضُنَا بَعْضاً، وَنَحْسِدُ بَعْضُنَا بَعْضاً.
6: 1 أَيُّهَا الإِخْوَةُ، إِنِ انْسَبَقَ إِنْسَانٌ فَأُخِذَ فِي زَلَّةٍ مَا، فَأَصْلِحُوا أَنْتُمُ الرُّوحَانِيِّينَ مِثْلَ هذَا بِرُوحِ الْوَدَاعَةِ، نَاظِراً إِلَى نَفْسِكَ لِئَلاَّ تُجَرَّبَ أَنْتَ أَيْضاً. 2 اِحْمِلُوا بَعْضُكُمْ أَثْقَالَ بَعْضٍ، وَهكَذَا تَمِّمُوا نَامُوسَ الْمَسِيحِ.

الشرح

يندرج نص رسالة اليوم في سياق ما سبقه من آيات في الإصحاح الخامس من الرسالة الى اهل غلاطية. ما زال الرسول بولس يشدد على ان المسيحي غير مُلزَم بتطبيق فرائض الناموس اليهودي وبالأخص الختان “لأنه في المسيح يسوع لا الختان ينفع شيئاً ولا الغرلة بل الإيمان العامل بالمحبة” (غلاطية 5 : 6).

” ان ثمر الروح هو المحبة”. في الأصل اليوناني كلمة “ثمر” لا تشير الى مجموعة ثمار بل الى ثمرة واحدة، وهنا يقصد بها المحبة، اما الفضائل الاخرى المذكورة فهي المحبة نفسها في شكل اخر. “ثمر الروح” يُقصد به فعل روح الله في الانسان المؤمن المدعو ليحيا بحسب روح الله كما ورد عند الرسول بولس “انما اقول اسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد. وإذا انقدتم بالروح فلستم تحت ناموس” (انظر غلاطية 5: 16-18).

” ليس ناموس ضدها”. يطرح الرسول بولس السؤال “لماذا الناموس؟” ويجيب قائلا: “قد زيد بسبب التعديات” (انظر غلاطية 3 : 19). يفترض الرسول بولس ان كل ناموس او بالتعبير الأوضح كل قانون يوضع لردع الرذيلة، اذاً الناموس يطال السالك في الرذيلة. اما المسيحي الذي ينتج ثمار الروح فلا حاجة له أن يرجع الى اي ناموس اذ لا يوجد ناموس يتكلم ضد هذه الثمار. المسيحي يسلك بحسب “الايمان العامل بالمحبة” (انظر غلاطية 7 : 5). المحبة هي كمال الناموس اليهودي “لأن كل الناموس في كلمة واحدة يكمل : تحب قريبك كنفسك”، إذاً المحبة غاية الناموس ومن بذلها وصل بالناموس الى غايته.

المسيحي ليس مدعوا لتطبيق فرائض شريعة موسى بل هو مدعو الى إيصال هذه الشريعة الى تمامها للوصول بها الى غايتها، وقد تمت هذه الشريعة بيسوع المسيح على الصليب اذ بذل كامل المحبة الإلهية من اجل خلاص البشر. هكذا كل من آمن بيسوع مدعو ليسير على نهجه بالمحبة القصوى متمما بذلك كلمة الله المنتشرة في الناموس.

” الذين هم للمسيح صلبوا اجسادهم مع الآلام والشهوات” اي انهم صلبوا كل الأعمال الناتجة عن الارادة الساقطة المبتعدة عن الله. عدّد الرسول بولس هذه الأعمال اذ قال: “أعمال الجسد ظاهرة التي هي زنى، عهارة، نجاسة، دعارة، عبادة الاوثان، سحر، عداوة، خصام، غيرة، سخط، تحزب، شقاق، بدعة،حسد، قتل، سكر، بطر” (غلاطية 5 : 19 – 20). هذه الأعمال هي نقيض ثمرالروح الوارد في نص رسالة اليوم. المسيحي صلب هذه الأمور كلها لأن حياته اصبحت حياة الإيمان الساعية الى يسوع والمتمثلة به كما يقول الرسول بولس “مع المسيح صُلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ، فما أحياه الآن في الجسد فإنما أحياه في الإيمان إيمان ابن الله الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي” (غلاطية 2 : 20).

” فإن كنا نعيش بالروح فلنسلك بالروح ايضا”. يُقصد بالروح روح الله. الدعوة هي الى الحياة بالمحبة التي يُثمرها روح الله العامل فينا. لا يقصد الرسول بولس ان الإنسان ينبذ جسده كما لو كان مؤلفا من كيانين واحد جسدي والآخر روحي، بل يقصد ان يكون الانسان بكامل كيانه متجها نحو الله، وبذلك يصير بكليته بما في ذلك جسده المادي روحا يحيا بانسجام تام مع روح الله. هكذا الانسان هو وحدة كاملة إما أن تكون ترابية بكليتها متجهة نحو الشهوة والأهواء، وإما ان تكون روحية منسجمة مع روح الله. لذلك يقول الرسول بولس الى اهل افسس “اسلكوا بكل تواضع ووداعة وبطول أناة، محتملين بعضكم بعضا بالمحبة، مجتهدين ان تحفظوا وحدانية الروح برباط السلام. جسدٌ واحد وروح واحد كما دُعيتم ايضا في رجاء دعوتكم الواحد” (افسس 4 : 1 – 5).

” أصلحوا انتم الروحانيين مثل هذا بروح الوداعة”. يتطرق الرسول بولس هنا الى الرعاية موضحا طريقة التعامل مع الزلات. ليس من احد معصوماً عن الخطأ بما في ذلك الناضجين روحياً لذلك يقول الرسول “تبصر انت لنفسك”. إذاً الإصلاح يتم بواسطة الروح اي بحسب رباط المحبة بغية كسب الواقع في الزلل وليس لمعاقبته وبهذا يحمل الإخوة بعضهم أثقال بعض اي يبعدون عبء الخطيئة عن أكتاف من ضعف وخار في جهاده.

” ناموس المسيح” هو ناموس المحبة، المحبة التي تُترجم بذلا الى المنتهى. هذا الناموس ليس كتابة بالحرف ولكنه كتابة خطه روح الله على قلب كل من اعتمد على “اسم الآب والابن والروح القدس” على رجاء الحياة الأبدية في ملكوت الله.

نقلاً عن نشرة رعيتي
الأحد 5 كانون الاول 1993 / العدد 49

arArabic
انتقل إلى أعلى