04- غلاطية 2: 16-20 – ما بين أعمال الناموس اليهودي ونعمة الإيمان بيسوع المسيح

النص:

16 إِذْ نَعْلَمُ أَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَتَبَرَّرُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ، بَلْ بِإِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، آمَنَّا نَحْنُ أَيْضاً بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِنَتَبَرَّرَ بِإِيمَانِ يَسُوعَ لاَ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ لاَ يَتَبَرَّرُ جَسَدٌ مَا. 17 فَإِنْ كُنَّا وَنَحْنُ طَالِبُونَ أَنْ نَتَبَرَّرَ فِي الْمَسِيحِ، نُوجَدُ نَحْنُ أَنْفُسُنَا أَيْضاً خُطَاةً، أَفَالْمَسِيحُ خَادِمٌ لِلْخَطِيَّةِ؟ حَاشَا! 18 فَإِنِّي إِنْ كُنْتُ أَبْنِي أَيْضاً هذَا الَّذِي قَدْ هَدَمْتُهُ، فَإِنِّي أُظْهِرُ نَفْسِي مُتَعَدِّياً. 19 لأَنِّي مُتُّ بِالنَّامُوسِ لِلنَّامُوسِ لأَحْيَا للهِ. 20 مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي.

الشرح:

هذا المقطع يلخص تعليم الرسول بولس حول الناموس والإيمان. المتهودون هم فئة جاءت من الديانة اليهودية وشددت على حفظ الناموس الموسوي مع الإيمان بالرب يسوع كشرط ضروري للخلاص هذا منافٍ لما أعلنه الرب يسوع لبولس بأن الخلاص هو نعمة مجانية من الله الآب وشرطه الوحيد محبة الله الفائقة.

“إذ نعلم ان الانسان …” تُفهم هذه الآية في سياق ما سبقها من آيات فالرسول بولس كان يخاطب نظيره بطرس قائلا له: “نحن بالطبيعة (اي منذ الولادة) يهود ولسنا من الأمم خطأة، اذ نعلم ان الإنسان لا يبرَّر بأعمال الناموس بل انما بيسوع المسيح آمنا نحن ايضا بيسوع المسيح …” كأني بالرسول بولس يقول للمسيحيين في غلاطية الوثنية الأصل: ما بالكم تجرون وراء المتهودين وتسرعون الى تطبيق الناموس ابتغاءً للبر في حين ان بطرس وبولس اللذين عاشا بظل الناموس قد وضعا الناموس جانبا وآمنا بيسوع المسيح منتظرين البر من لدن الله.

“لا يُبرَّر” الفعل بصيغة المجهول اشارة الى ان الله هو الفاعل، هو الحاكم بالبرارة، يقول الرسول “لكي نُبرّر بالايمان بالمسيح” الايمان الذي يقذفه الله في القلب الايمان هو القناة التي بها نُقاد الى البر.

“لا يبرر باعمال الناموس احد من ذوي الاجساد” يستند الرسول هنا على ما ورد في سفر المزامير إذ قيل “لا تدخل (يا الله) في المحاكمة مع عبدك، فإنه لن يتبرر قدامك اي حي” (مزمور 143: 3) وهذا بالنسبة الى الرسول بولس يفترض ان الناموس عاجز عن التبرير.

“فإن كنا ونحن طالبون التبرير بالمسيح وُجدنا نحن ايضا خطأة” يعكس الرسول بولس واقع الحال عند المؤمن المسيحي، نحن آمنا بيسوع المسيح جاهدين لنتبرر امام الله ولكننا بسبب ضعفنا ما زلنا نسقط بالخطأ فهل هذا يعني ان إيماننا بالمسيح قد نقلنا من الصواب الى الخطأ إذ وضعنا الناموس جانبا واتكلنا على الله؟ حاشا. بل “ان عدت ابني ما قد هدمت” اي ان عدت الى اقامة الناموس وتطبيق الشريعة، “اجعل نفسي متعديا” اي أكون مخطئا اذ أرفض نعمة الله المعطاة بالايمان.

“لأني بالناموس (اي بسبب الناموس) متّ للناموس” ذلك لأني “صُلبت مع المسيح” يقول الرسول بولس ان كل مَن اعتمد ليسوع المسيح اتحد معه بشبه موته عالما ان انسانه العتيق قد صُلب معه (انظر رومية6 :1-6)، هكذا كل مسيحي يؤمن انه مصلوب مع الرب يسوع.

اما المسؤول عن الصليب فهو الناموس وما تركه من أثر في نفوس رؤساء الكهنة الذين حكموا على الرب يسوع قائلين “لنا ناموس وحسب ناموسنا يجب ان يموت” (يوحنا 19: 7)هذا دفع الرسول الى القول: بسبب الناموس مت وكانت النتيجة اني مت للناموس إذ لم اعد فيما بعد أُقيم احكامه.

“لكي احيا لله … لا انا بل المسيح يحيا في” ظنّ المتهودون ان بتطبيق الناموس يحيون لله ويسلكون بحسب ارادته لكن الرسول يؤكد ان الحياة لله تتحقق عندما يحيا المسيح فينا. المسيح يحيا فينا إن قام فينا وهذا يتطلب منا موتاً مستمراً عن الخطيئة وامتلاءً لا ينقطع من حضور الله.

“ما لي من الحياة في الجسد انا احياه في إيمان ابن الله” حياة المسيحي تقوم على ايمانه بيسوع المسيح كمخلص المسيحي يحكم على كل ما يواجهه في الحياة انطلاقا من هذا المنظار ولا يغيب عن ذهنه ابداً ان “ابن الله احبه وبذل نفسه عنه”.

“لأنه إن كان بالناموس برٌّ فالمسيح إذاً مات سدًى” (غلاطية 2 :21) هكذا يختم الرسول هذه الفقرة من الرسالة مؤكداً ان تبني المؤمن للناموس بهدف الحصول على البر هو ازدراء بعمل المسيح الخلاصي وأن المؤمن بهذا يفقد في حياته فعالية عمل المسيح الخلاصي الذي اتمه بالصليب والدفن والقيامة.

نقلاً عن نشرة رعيتي
الاحد 31 تشرين الأول 1993 / العدد 44

لعدم حدوث خلط بين بدعة الخلاص في لحظة أو الخلاص بحسب المفهوم البروتستانتي الإنجليكاني من جهة، وبين الخلاص بحسب اللاهوت الأرثوذكسي الكتابي/الأبائي القويم من جهة أخرى، ندعوك لقراءة [readon url=”index.php?option=com_content&view=article&id=216:the-salvation-between-east-and-west&catid=81:new-heresies”]الخلاص بين المفهوم الأبائي الأرثوذكسي والبدع المتأثرة بـ “انسلم، لوثر وكالفن”[/readon]

arArabic
انتقل إلى أعلى