02: 11 – هدايا المجوس – ذهباً .ولباناً ومراً

النص:
11 وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ، وَرَأَوْا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ. فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَباً وَلُبَاناً وَمُرّاً.

الشرح

ذهباً… ولباناً .. ومرّاً

المعروف في قصة الميلاد أن المجوس قدّموا للسيد هدايا: ذهباً ولباناً ومرّاً (متى 2: 11 ) وكانت لهذه الهدايا رموز في قصة الميلاد الإلهي.

كان الذهب يرمز إلى السيد المسيح كملك، لعظمَته. وكان اللبان يرمز إليه ككاهن (لاستخدام اللبان في البخور). وكان المرّ يرمز إلى آلامه من أجلنا.

غير أننا نريد أن نعرف رموز هذه الأشياء في حياتنا. هل، في حياتي الخاصة، أقدّم للرب هدايا من هذا النوع، أُقدم نفسي للمسيح، وأقدم فيها ذهباً ولباناً ومرّاً…؟ وإن كان الأمر كذلك، فإلى أي شيء يرمز كل واحد من هذه الثلاثة، في حياتي الخاصة؟ الذهب الذهب يرمز إلى الشيء الثمين، ويرمز إلى النقاوة. فهل نفسي أيضاً غالية مثل الذهب؟ وهل هي في نقاوتها مثل الذهب النقي؟ هل نفسي غالية وثمينة بالنسبة إلى كل المحيطين بها، بالنسبة إلى الكنيسة وإلى المجتمع؟ وغالية عند الله نفسه؟ أقدمها لله من ذهب نقي، لا شوائب فيها،… ليتني كلما أنظر إلى نفسي، أتذكر النفوس الغالية عند الله… وإن كانت نفسي غالية عند الله، يجب أن أحافظ عليها ولا أتسبب في هلاكها وضياعها، ولا أسمح لها أن تفقد نقاوتها. لتكن باستمرار ذهباً خالصاً نقياً. إن المجوس لما قدموا للرب ذهباً، قدموا أثمن ما عندهم.

فهل أنا أيضاً أقدم أثمن ما عندي للرب؟ وأثمن ما عندي هو قلبي. فهل أقدمه للرب؟ وهل أقدم للرب أيضاً من حاجتي، كما قدمت الأرملة التي امتدح الرب عطاءها؟ هل أبخل على الرب بشيء مهما كان ثميناً عندي؟ حتى ابني الوحيد هل مستعداً لتقديمه كما فعل أبونا ابراهيم عندما طلب منه الرب وحيده اسحق؟ أنا أقدم أثمن ما عندي من ذهب وأيضاً أقدم لباناً… اللبان

اللبان يرمز إلى الكهنوت وإلى العبادة… يرمز إلى الكهنوت، لأن اللبان هو حبات البخور التي توضع في المجمرة وتقديم البخور هو من عمل الكهنة فقط (خر 30: 8). وبخور اللبان يرمز إلى العبادة، كما نرتل “فلتستقم صلاتي كالبخور قدّامك” وقيل عن البخور في سفر الرؤيا إنه صلوات القديسين (رؤ 5: 8). هل صلاتي تصعد كرائحة بخور أو لبان أمام الله؟ أأقدم رائحة زكية، يتنسم منها الله رائحة الرضا (تك 8: 21). وهل صلواتي تصعد كرائحة البخور، في عطرها وفي حرارتها؟

نفسي الثمينة يمثلها الذهب. وعبادتي النقية يمثلها اللبان المحترق كبخور. فماذا عن المرّ إذن؟ المُرّ، المرّ هو رمز للألم. وهو أيضاً عطر. هو عطر سائل ولذلك قيل في سفر الأناشيد “معطرة بالمر واللبان” (نش 3: 6) وفي سفر استير قيل إن الملكات “كانت تكمل أيام تعطرهن ستة أشهر بزيت المر” (أس 2: 12). الكنيسة تصعد إلى الله، معطرة بالمُر.

“معطرة بالمرّ واللبان” … صلواتها التي هي لبان محترق، هي عطر أمام الله، رائحة البخور. وآلامها التي يرمز إليها المر، هي أيضاً عطر. وهذا هو ما نعرفه عن المر : المر في رائحته عطر، وفي مذاقه مر.

وهذا يعطينا فكرة جميلة عن الألم الذي يرمز إليه المر… هكذا كان الشهداء والمعترفون، آلامهم هي عطورهم، تفوح منها رائحة جميلة أمام الله والناس… ولذلك قال الرب عن أكاليل بولس الرسول “سأريه كم ينبغي أن يتألم من أجل اسمي” (أع 9: 6).

لا يكفي إذن أن أكون لباناً، إنما لباناً عطراً، معطراً بالمر: أتحمل الألم لأجل الرب. أتمشى في الطريق الضيق وأدخل الباب الضيق (متى 7: 14) وبضيقات كثيرة ينبغي أن أرث ملكوت الله ( أع 14: 22) والمسيحية لا يمكن أن تبعد عن المرّ… لايمكن أن تبعد عن الصليب أو تنفصل عنه، إن أرادت أن تكون لباناً وتصعد إلى الله كرائحة بخور.

لابد أن يكون المر معها “معطرة بالمر واللبان”. وإن أرادت أن تكون ذهباً خالصاً، لابد أن تكون مراً قاطراً. وأنا ماذا أقدّم للمسيح، من ذهبٍ ولبانٍ ومرٍّ؟ ليست كأشياء مادية إنما كيف أقدّم حياتي كذهب؟ وكيف أقدم صلاتي كُلبان؟ كيف أفتح قلبي للمسيح، ويداي تقطران مراً (نش 5: 5).

إن أجمل ما في الحياة، هو الألم لأجل الله. والسيد المسيح على الصليب، كان ذهباً ولباناً ومراً. فإن أردت أن تملك معه، اصعد على الصليب. صورة المسيح المصلوب، هي صورة تقدمات المجوس. أنت يارب قدّمت من أجلي كل شيء. أما أنا فأثمن ما أقدّمه هو قلبي. أنت القائل “يا بني أعطني قلبك”. فكثيرون قدمون للرب عطايا هي من خارج قلوبهم فيارب أعطني أن أقدم من قلبي أي شيء مهما كان قليلاً. أعطني أن أقدم لك أقل من فلس الأرملة ليكون ذهباً ولباناً ومراً.

نشرة مطرانية اللاذقية
23 / 12 / 2001
العدد: 47

arArabic
انتقل إلى أعلى