الحاكم بأمره وحمزة بن علي – الدروز

الفاطميون والكنيسة
843-1025

الحاكم بأمره: (996-1021) “وُجِدَ” في الرابع عشر من آب سنة 985 وتولى الخلافة بعد العزيز وهو لا يزال في الحادية عشرة من عمره. وطوى مرحلة الحداثة في الخامسة عشرة. وما أن بلغ أشده حتى أصبح “مبسوط الجسم مهيب الطلعة له عينان كبيرتان سوداوان تمازجهما زرقة ونظرات حادة مروعة كنظرات الأسد لا يستطيع الإنسان صبراً عليها وله صوت قوي مرعب يحمل الروع إلى سامعيه”. وكان منذ حداثته يؤثر العمل المضني على مجال اللهو واللعب. وظل طوال حياته عفيفاً زاهداً “لم يمد يده قط إلى الأخذ من مال أحد بل كان له جود عظيم وعطايا جزيلة”. وكان إذا أمر بأحد من الوجهاء الأغنياء وهب تركته أو ضمها إلى صندوق الدولة وكان زاهداً متقشفاً يحتقر الرسوم والألقاب الفخمة يرتدي ثياباً بسيطة من الصوف الأبيض ويتعمم بفوطة ويحتذي حذاء ساذجاً ويركب فرساً بلا زينة أو حماراً ولا يصحبه من الحشم سوى بضعة من الركابية. لوم ينقطع عن الاتصال بالشعب وقضاء ما استطاع من حوائجهم وربما حل إليهم بنفسه السجلات والمراسيم المطلوبة.

وجاء في كتاب عمدة العارفين للشيخ محمد شرف الدين الأشرفاني “إن سيرة الحاكم كانت من أعجب السير وأغربها يأمر بشيء ثم ينهي عنه وكانت أموره متضادة لأن كان عنده شجاعة وإقدام وجبن وإحجام يبخل بالقليل ويعطي الجزيل وذلك لحكمة في ذاته” وعني بالدعاية للمذهب فحارب الفسق والدعارة والخمر والخمارين وحرَّم دخول الحمام بلا مئزر وحرّ/ على النساء التزين والتبرّج وكشف الوجه في الطريق وعاقب كثيرين. ولم يرَ الحاكم في المسيحيين مادة للمذهب الذي دعا إليه فشجعهم على النزوح إلى أراضي الروم في أنطاكية وشمال سورية. وهدمت كنيسة القيامة في عهده في أيلول السنة 1009. وهدمت الكنيسة المريمية في دمشق.

حمزة ابن علي: وظهر في القاهرة في الثلاثين من أيار سنة 1017 حمزة ابن علي ابن أحمد الزوزني. وكان فارسياً أبصر النور في زوزن ثم هاجر إلى مصر وانضاف إلى المقامات الربانية. “واشتهر بخدمة الحاكم قبل التجريد وبعد التجريد فأضيفت النذر ودعاتهم إليه. واستمر في مصر حتى حلت الثامنة وأربع مئة فكشف التوحيد في أول يوم من المحرم (30 أيار 1017) ودعا الخلائق إلى التوحيد. وكانت دعوته تخييراً لا تكليفاً”.

فصدر سجل بإبطال السجلات التي صدرت من قبل في حق المسيحيين واليهود ورفع الفروض التي ضربت عليهم وأطلق الحرية لهم في إعادة الكنائس وعودة من أسلم منهم إلى المسيحية. وقد حفظ لنا يحيى ابن سعيد الأنطاكي نص سجلين بهذا المعنى أحدهما موجه إلى رئيس دير طور سينا الأنبا سليمان والآخر إلى نيقيفوروس بطريرك أورشليم وخلف ثيوفيلوس. وهذا نصه:

بسم الله الرحمن الرحيم. أمر أمير المؤمنين بكتابة هذا المنشور لينقيفور بطريرك بيت المقدس بما رآه من إجابة رغبته وإطلاق بغيته من صيانته وحياطته والذي عنه وعن أهل الذمة من نحلته وتمكينهم من صلواتهم على رسومهم في افتراقهم واجتماعهم وترك الاعتراض لمن يصلي منهم في عرصة الكنيسة المعروفة بالقيامة وخربتها على اختلاف رأيه ومذهبه ومفارقته في دينه وعقيدته وإقامة ما يلزمه في حدود ديانته وحفظ المواضع الباقية في قبضته داخل البلد وخارجه والديارات وبيت لحم ولد وما برسم هذه المواضع من الدور المنضوية إليها والمنع من نقض المصلبات بها والاعتراض لأحباسها المطلقة لها ومن هدم جداراتها وسائر أبنيتها إحساناً من أمير المؤمنين إليهم ودفع الأذى عنهم وعن كافتهم وحفظً لذمة الإسلام فيهم. فمن قرأه أو قرئ من الأولياء والولاة ومتولي هذه النواحي وكافة الجمات وسائر المتصرفين في الأعمال والمستخدمين على سائر منازلهم وتفاوت درجاتهم واستمرار خدمتهم أو تعاقب نظرهم في هذا الوقت وما يليه فليعلم ذلك من أمير المؤمنين ورسمه ويعمل عليه ويحسبه وليحذر من تعدى حده ومخالفته حكمه ويتجنب مباينة نصه ومجانية شرحه. وليقر هذا المنشور في يده حجة لمودعه يستعين بها على نيل طلبته وإدراك بغيته إن شاء الله تعالى.

الدروز في أبرشية أنطاكية: وانتشرت هذه الدعوة في الأوساط الإسلامية في أبرشية أنطاكية ولا سيما في ربوع لبنان الشرقي فالغربي ثم اُضطِهد أتباعها في كل مكان فنزحوا إلى سورية ولبنان وآثروا السكنى مع المسيحيين وتعاونوا معهم في المحافظة على الراحة والأمن والطمأنينة وعلى حرية المعتقد والعبادة.

arArabic
انتقل إلى أعلى