يسوع المسيح المخلص

إن اسم يسوع يلخّص كل سرّ التدبير الإلهي وغايته، فهو يعني في العبرية “الله يخلّص”، وهو وارد على لسان ملاك الرب القائل ليوسف في الحلم: “…وستلد ابنا فسمِّه يسوع، لانه هو الذي يخلّص شعبه من خطاياهم” (متى 1: 21). ويحدّد الإنجيلي يوحنا مهمة يسوع في العالم، فهو المخلص الذي أتى الى العالم “ليخلص العالم” (يوحنا 3: 17).

عمل يسوع يكمن، اذا، في جعل الخلاص في متناول جميع الناس. المقصود هنا بالخلاص إنما هو الخلاص من الخطيئة والموت والالتصاق بالرب. لهذا يقول الرسول بولس “فليس بعد الآن من حكم على الذين هم في يسوع المسيح، لأن شريعة الروح الذي يهب الحياة في يسوع المسيح قد حرّرتني من شريعة الخطيئة والموت. فالذي لم تستطعه الشريعة، والجسد قد أعياها، حقّقه الله بإرسال ابنه في جسد يشبه جسدنا الخاطئ، كفّارة للخطيئة” (رومية 8: 1-3).

وفي الرسالة نفسها مقاطع كثيرة تؤكد على عمل يسوع الخلاصي الذي تمّ بدمه ليبرّرنا ويقدّسنا. وهذا العمل ينبع من محبة الله اللامتناهية: “إن الله قد برهن عن محبته لنا بأن المسيح قد مات من أجلنا اذ كنا خاطئين” (5: 8). وايضا: “إن الذي لم يضنّ بابنه نفسه، بل أسلمه الى الموت من أجلنا جميعا، كيف لا يهب لنا معه كل شيء” (8: 31). هنا ثمة مقارنة مع ذبيحة ابراهيم، إلا ان الفرق بين الذبيحتين واضح: اسحق استعيض عنه بكبش، اما يسوع فكان هو نفسه الحمل المذبوح.

هذا الحمل، رمز التكفير، تكلم عنه اشعياء النبي في بنوءته عن عبد الرب الذي “كشاة سيق الى الذبح، وكحمل صامت امام الذين يجزّونه ولم يفتح فاه… لأنه بذل نفسه للموت وأحصي مع الأثمة، وهو حمل خطايا الكثيرين وشفع في العصاة” (اشعيا 53: 7-12).

ثمة مقارنة أخرى في الرسالة الى العبرانيين بين التبرير في العهد القديم وبينه في العهد الجديد: “فإذا كان دم التيوس والثيران ورشّ رماد العجلة يقدّسان المنجَّسين لتطهير أجسادهم، فمن أولى دم المسيح، الذي قرّب نفسه الى الله بروح أزلي قربانا لا عيب فيه، أن يطهر ضمائرنا من الأعمال الميتة لنعبد الله الحي” (عبرانيين 9: 13-14). جميع ذبائح العهد القديم ليست سوى صورة للذبيحة الوحيدة الحقيقية التي بها أتى الخلاص.

الخلاص أتى بواسطة الفداء. لقد افتدانا الرب يسوع بدمه، أي انه اشترانا بدمه. بذل نفسه لأجل الجميع: “هذا هو جسدي الذي يُبذل لأجلكم… هذا هو دمي الذي يهراق عن الكثيرين لمغفرة الخطايا”. الله تجسّد لإتمام هذا الفداء. لأجل هذا أتى الله الى العالم.

يقول القديس غريغوريوس النزينزي: “كان ينبغي أن يتجسّد الله وأن يموت حتى نحيا نحن”. موت الإله وقيامته نبعُ حياتنا. لقد بذل يسوع نفسه ليهبنا الخلاص مجانا، فلا نفرّطن به.

عن نشرة رعيتي 1995

arArabic
انتقل إلى أعلى