Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
☦︎
☦︎

التجسد:

31 – وهكذا وَحّدَ (اللوغوس المتجسد) الإنسان مع الله وصنع شركة بين الله والإنسان. فلو لم يكن قد أتى إلينا لكان من غير الممكن أن نشترك في عدم الفساد، لأنه لو كان عدم الفساد ظل غير منظور ومخفي عن أعيننا، لما كنا قد انتفعنا بأي شيء. لذلك فإن اللوغوس بواسطة تجسده جعل عدم الفساد منظوراً حتى يمكننا بكل الطرق أن نشترك فيه(111). ولأن الجميع اقتيدوا إلى الموت بسبب عصيان أبونا الأول، آدم، كان مناسباً وضرورياً أن يَبُطل نير الموت بواسطة طاعة ذاك، الذي صار إنساناً من أجلنا. وبسبب أن الموت ساد على الجسد، كان من الضروري أن يُهزم الموت بواسطة الجسد ويَخلُّص الإنسان من سطوته. وهكذا صار الكلمة جسداً لكي بواسطة الجسد الذي استعبدته الخطية، يُخلّصنا (المسيح) من الخطية كي لا نعود نُستعبد من الخطية. لذلك أخذ ربنا جسداً شبيهاً بجسد أبينا الأول، لكي بجهاده – عوضاً عن أبوينا الأولين – ينتصر على ذاك الذي في آدم جرحنا جرحاً مميتاً(112).

الميلاد العذري:

32- لكن من أين يكون جسد أبينا الأول؟ ومن أين وُجِد؟ من إرادة وحكمة الله ومن الأرض البكر (العذراء) ” كل شجر البرية لم يكن بعد في الأرض وكل عشب البرية لم ينبت بعد. لأن الرب الإله لم يكن قد أمطر على الأرض. ولا كان إنسان ليعمل الأرض”(113). أخذ إذن الله طيناً من الأرض، التي كانت بعد عذراء(114)، خلق الإنسان، كبداية للجنس البشري. وهكذا إذ أراد الرب أن يُعيد الإنسان، اتبع بتجسده هذا التدبير، بأن وُلِدَ من العذراء بإرادة وحكمة الله، لكي يوضح أنه أخذ جسداً مشابهاً لجسد آدم، وليكون هو الإنسان، الذي كُتب عنه في البداية بأنه خُلِق بحسب “صورة الله ومثاله”.

33 – وكما أنه بسبب عذراء عاصية (حواء) جُرِح الإنسان وسقط ومات، هكذا أيضاً بسبب عذراء مطيعة لكلمة الله أُعيد الإنسان ثانيةً إلى الحياة (الولادة الثانية). الإنسان كان هو الخروف الضال الذي جاء الرب ليبحث عنه على الأرض. لأجل هذا أخذ جسداً مشابهاً به البشر، مِن هذه (العذراء) التي من نسل داود. حقيقةً، كان ضرورياً أن يتجدّد آدم في المسيح لكي يُبتلع الموت من عدم الموت (الخلود)، وهكذا تصير العذراء (مريم) شفيعة لعذراء أخرى (حواء)(115) وتَمحِى عصيان العذراء الأولى بواسطة طاعتها العذرية(116).

الموت على الصليب:

34 – الخطية التي حدثت بواسطة الشجرة(117)، أُزيلت بواسطة الطاعة على الشجرة التي صُلِب عليها ابن الإنسان، مطيعاً لله، مبطلاً بهذا معرفة الشر ومُعطياً للبشر معرفة الخير. لأن الشر يتمثل في عصيان الله، أما الخير فهو طاعة الله. لذا يتحدث الكلمة على فم إشعياء النبي معلناً مسبقاً الأمور العتيدة التي سوف تحدث – فالنبي هو الذي يتنبأ بالمستقبل – ولهذا فإن الكلمة يقول ” وأنا لم أعاند إلى الوراء لم أرتد، بذلت ظهري للضاربين وخدي للناتفين وجهي لم أستر عن العار والبصق”(118). هكذا بواسطة الموت، موت الصليب(119) وطاعته غفر العصيان الأول الذي حدث بواسطة الشجرة(120). لأن كلمة الله كُلّى القدرة، والذي حضوره غير المنظور، هو يمتد حتى يملأ كل العالم، ويستمر تأثيره على العالم كله طوله وعرضه وعلوه وعمقه – لأنه بواسطة كلمة الله يوجد الكل تحت تأثير التدبير الخلاصي – لقد صُلب ابن الله لأجل الجميع، وطبع علامة الصليب على كل الأشياء. لأنه كان من الضروري لذاك الذي صار منظوراً أن يُظهر علامة الصليب في كل الأشياء. وهكذا بواسطته شكله المنظور (على الصليب) يصير تأثيره محسوساً في كل الأشياء المنظورة. لأن هو الذي ينير “الأعالي” أي السماويات، ويضبط “الأعماق” أي ما تحت الأرض، وهو يمد “الطول” العظيم من المشرق إلى المغرب، ويجمع “العرض” الهائل من الشمال حتى الجنوب، داعياً البشر(121) المشتتين من كل الأنحاء إلى معرفة أبيه.

تحقيق الوعد المُعطى لإبراهيم

35 – المسيح هو ذاك الذي حقق الوعد المُعطى لإبراهيم من قِبَل الله، بأن نسله سيكون كنجوم السماء(122). فإن المسيح هو الذي حقق الوعد بميلاده من العذراء التي من نسل إبراهيم، وبإظهاره للمؤمنين به “كأنوار في العالم”، وأعطى البر للأمم بالإيمان مثل إبراهيم. لأن إبراهيم ” آمن بالله فحسب له براً”(123). هكذا نحن تبررنا بالإيمان لأن ” البار بالإيمان يحيا”(124). فإن الوعد أُعطى إلى إبراهيم بالإيمان وليس بواسطة الناموس. وحيث إن إبراهيم تبرّر بالإيمان “والناموس لم يُوضع للبار”، هكذا بالمثل نحن لا نتبرر بالناموس، بل بالإيمان الذي شُهِد له من الناموس والأنبياء(125)، هذا الإيمان الذي أعطاه لنا كلمة الله.

تحقيق الوعد المُعطى لداود:

36 – هكذا أيضاً حقق الوعد لداود. الله وعده بأنه سيقيم من نسله مَلِكاً أبدياً، ليس لملكه نهاية(126) . هذا الملك هو المسيح، ابن الله، الذي صار إنساناً، إذ أنه وُلِد من العذراء التي من نسل داود(127). إذن الوعد المُعطى قد تحقق بواسطة ثمرة رحم العذراء. الملمح الخاص والفريد لهذه الولادة يتمثل في أن الطفل يمثل ثمرة حبل خاص وفريد لامرأة وليس ثمرة مشيئة رجل أو باختلاط دم(128)، بطريقة حتى يُعلن هذا الحدث الفريد والخاص أنه حُبِل ووُلِد بواسطة العذراء، التي من بيت داود، وأنه يملك على بيت داود إلى الأبد وأن ملكه ليس له نهاية.

37 – هكذا دبّر خلاصنا بمجدٍ عظيم، وحقق الوعد المُعطى لآبائنا وأصلح العصيان القديم. إذن ابن الله صار ابن داود وابن إبراهيم وجمع الكل في ذاته، لكي يمنح لنا الحياة. كلمة الله صار جسداً من العذراء، حتى يُبطل الموت ويُحيي البشر(129). لأننا (قبله) كُنا مقيدين بالخطية، وكنا خطاة وخاضعين تحت سلطان الموت.

38 – هكذا، فإن الله الآب، الغنى في الرحمة، أرسل لنا الكلمة(130) لكي يخلّصنا. فجاء في نفس المكان ونفس الوضع الذي كنا فيه، حينما فقدنا الحياة وحطم القيود. أشرق علينا بنوره، فبدّد ظلام السجن وقدَّس ميلادنا وحياتنا، وأبطل الموت، إذ حطّم القيود التي كُنا مقيدين بها. وبقيامته صار البكر بين الأموات(131)، وأقام الإنسان الساقط في ذاته ورفّعه إلى أعالي السموات، إلى يمين مجد الآب. هكذا سبق ووعد الله بالأنبياء قائلاً: “وأقيم خيمة داود الساقطة”(132)، أي الجسد الذي من داود. هذا ما حققه ربنا يسوع المسيح متمماً خلاصنا بصورة مجيدة، إذ أقامنا بالحقيقة وخلّصنا للآب(133). وإذا لم يقبل المرء وُلادته من عذراء، فكيف يمكن أن يقبل قيامته من بين الأموات؟ لأنه ليس بعجيب ولا غريب على الاطلاق أنه بدون أن يُولد، لا يقوم من الأموات، لأنه في هذه الحالة سيكون من المستحيل أن نتكلّم عن قيامته، طالما أنه لم يولد وبالتالي لم يمت حتى يقوم، فمَن ليست له ولادة زمنية لا يمكن أن يموت. لأن ذاك الذي لم تكن له بداية كإنسان كيف يمكن أن تصير له نهاية كإنسان؟

المسيح متقدِّم في كل شيء:

39 – إذن، فإن كان لم يُولد، فإنه لم يمت، وإن كان لم يمت، فإنه لم يقم من الأموات(134)، وإذا كان لم يقم من الأموات، فلا يكون الموت قد غُلِب(135)، ولا تكون مملكته قد أُبيدت، فإن كان الموت لم يُهزم فكيف يكون ممكناً أن نرتفع إلى الحياة، نحن الذين من البداية قد خضعنا للموت؟ وهكذا فأولئك الذين يرفضون خلاص الإنسان ولا يؤمنون أن الله سيقيمهم من الأموات، هؤلاء يحتقرون ولادة ربنا، كلمة الله الذي تجسد لكي يُظهر لنا قيامة الجسد ولكي يكون متقدماً في كل شيء. ففي السماء هو البكر في مشورة الآب و”الكلمة” الكامل، الذي يضبط ويحكم الكل، بينما على الأرض، هو بكر(136)العذراء، الإنسان البار، القدوس، الصالح، المُرضِى لله، الكامل في كل شيء، والذي أنقذ جميع الذين تبعوه من الهاوية، إذ هو بكر(137) بين الأموات وهو رئيس الحياة التي من الله(138).

40 – وهكذا فإن كلمة الله متقدم في كل شيء لأنه هو الإنسان الحقيقي، وهو في نفس الوقت ” عجيباً مشيراً إلهاً قديراً”(139)، وهو الذي يدعو الإنسان من جديد ليكون له شركة قوية مع الله، لكي بهذه الشركة معه ننال شركة في عدم فساده(140).

الناموس والأنبياء والرسل:

من ثمَّ فإن ذاك الذي تنبأ عنه الناموس بواسطة موسى وأنبياء الله العلي والقدير، ابن أبى الجميع، الذي به كان كل شيء، وهو الذي تحدّث مع موسى، هذا أتى إلى اليهودية، وحُبِل به بواسطة الروح القدس ووُلِد من مريم العذراء، التي هي من نسل داود وإبراهيم، هو يسوع المسيح الذي تبرّهن أنه هو الذي تنبأ عنه الأنبياء.

41 – يوحنا المعمدان(141)، السابق ومهيئ الطريق، الذي أَعدّ الشعب لقبول كلمة الحياة، شَهَد بأن الذي يستقر عليه روح الله بطريقة منظورة هو المسيح(142). والرسل بصفتهم تلاميذ للمسيح وشهود لجميع أعماله وتعاليمه، وشهود لآلامه، وموته وقيامته وصعوده إلى السموات، هؤلاء أرسلهم المسيح إلى العالم بعد قيامته – مُعضَدين بقوة الروح القدس – لكي يدعوا الأمم، ويُظهروا للبشر طريق الحياة، ولكي يحوّلوهم من عبادة الأوثان، والزنى والشراهة والدعارة، ويطهروا نفوسهم وأجسادهم بمعمودية الماء والروح القدس(143). لقد نقل الرسل الروح القدس إلى المؤمنين، ذلك الروح الذي أخذوه هم أنفسهم من الرب، وبهذه الطريقة أسسوا الكنائس(144).

دعوة الأمم:

كرز الرسل بالإيمان والمحبة والرجاء، وحققوا ما تنبأ به الأنبياء عن دعوة الأمم(145). هكذا بواسطة عملهم ساهموا في ظهور رحمة الله التي تتمثل في قبول الأمم ليشتركوا في الموعد الذي أُعطى إلى البطاركة. لقد علّموا الذين قَبلوا كلمة الحق، أن يحبوا الرب ويحيوا في النقاوة والبر والصبر، وهكذا فإن الله سيمنحهم الحياة الأبدية بقيامتهم من الأموات، بفضل ذاك الذي صُلب وقام، يسوع المسيح، الذي أُعطيت له السيادة والمُلك على كل الأشياء، والسلطان على الأحياء والأموات والدينونة. لقد كرز الرسل بكلمة الحق، وعلّموا المؤمنين أن يحفظوا أجسادهم طاهرة لأجل القيامة ويحفظوا أرواحهم من كل دنس.

42 – ولكي يفلح المؤمنون في هذا، يجب أن يبقى الروح القدس(146) متحداً بهم اتحاداً قوياً، الروح القدس، المُعطى من الله بالمعمودية، ويظل الروح في الذي يأخذه، طالما هو يحيا في الحق، والقداسة والبر والصبر(147). لأنه بواسطة هذا الروح سوف ينال المؤمنون القيامة، عندما يتحد الجسد من جديد مع النفس بقوة الروح القدس ويدخل إلى ملكوت الله. هكذا تكون ثمرة بركة يافث، أي دعوة الأمم، المُعلنة بواسطة الكنيسة التي تُدخِلهم لكي “يسكنون في بيت سام”، وفق وعد الله.

شرح الكرازة حسب الأنبياء:

تنبأ الروح القدس بواسطة الأنبياء، أن كل هذا سوف يصير هكذا، لكي يؤكد إيمان أولئك الذين يعبدون الله بالحق. لأن كل ما هو غير ممكن إطلاقاً لطبيعتنا وهذا ما يثير عدم الإيمان بين البشر، سبق الله فتنبأ عنه بواسطة الأنبياء. ومن هذه الحقيقة: أن كل ما سبق التنبؤ عنه قبل حدوثه بأزمنة كثيرة تحقق أخيراً، كما تنبأوا به بدقة مسبقاً، نستنتج أن الله هو الذي أعلن كل هذا مسبقاً لأجل خلاصنا.

الابن كان في البدء مع الآب:

43 – يجب أن نؤمن بالله في كل شيء لأنه صادق في كل شيء. ويجب أن نؤمن بابن الله الذي هو كائن ليس فقط قبل زمن مجيئه إلى العالم، بل وقبل خلق العالم. فموسى، الذي هو الأول تنبأ، مُعبِّراً باللغة العبرية قائلاً: “في البدء كان الابن، ثم خلق السماء والأرض”(148) . هذا ما يؤكده النبي قائلاً: ” قبل نجمة الصبح ولدتك واسمك قبل الشمس”(149) أي قبل خلق العالم، طالما أن النجوم خُلقت في نفس الوقت مع العالم. هذا النبي يقول: ” طوبى، للذي كان قبل أن يصير إنساناً”(150). فبالنسبة لله كان الابن موجوداً في البدء، فهو الذي خلق العالم، أما بالنسبة لنا فهو يُعتبر موجوداً الآن منذ اللحظة التي أُعلن فيها لنا، لأنه قبل ذلك لم يكن موجوداً بالنسبة لنا نحن الذين لم نكن نعرفه. لذلك فإن تلميذه يوحنا يخبرنا عن من هو ابن الله، الذي كان عند الله قبل خلق العالم، وأن به خُلق الكل، إذ يقول: ” في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله. هذا كان في البدء عند الله. كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان”(151)، مظهراً بوضوح، أن الكلمة الذي كان في البدء(152) عند الآب والذي به خُلِقت كل الأشياء، هذا هو ابنه.

 

 


(111) وبحسب تعبير القديس غريغوريوس النيسى: [ وهكذا اتصلت البشرية بالله بواسطة ناسوت المسيح (الذي اتحد بلاهوته). فبجسدنا الذي حمله في ذاته سرت القوة الإلهية في كل الطبيعة البشرية] (ضد افنوميوس2 PG45, 533A).

(112) في هذه الفقرة لخص إيريناوس جوهر تعليمه عن المسيح والخلاص. فتجسد المسيح له المجد كان ضرورياً لكي ينقل عدم الفساد إلى البشر ولكي يَبطُل الشر الآتي من عصيان آدم. وهذا الأمر قد شرحه فيما بعد القديس أثناسيوس في كتابه “تجسد الكلمة”: [لأن المخلّص XE “المخلّص” تمّم بتأنسه عمليتى المحبة: (أولاً): أنه أباد الموت من داخلنا وجدّدنا ثانية. (ثانياً): أنه إذ هو غير ظاهر ولا منظور، فقد أعلن نفسه وعرّف ذاته بأعماله في الجسد XE “الجسد” ، بأنه كلمة الآب، ومدّبر وملك الكون] تجسد الكلمة، المرجع السابق، 5:16. والقديس أمبروسيوس أسقف ميلان يصف لنا المسيح بأوصاف توضح نتائج التجسد بالنسبة لنا: [المسيح هو لنا كل شيء… إذا أردت أن تبرئ جرحك، فهو الطبيب الشافى؛ إذا أردت أن تروى عطشك الشديد، فهو ينبوع الماء الحي؛ إذا كنت في حاجة إلى معونة، فهو القوة الحية الفعّالة؛ إذا كنت ترهب الموت، فهو الحياة القاهرة للموت؛ إذا كنت تخشى الظلام، فهو “النور الحقيقي”؛ إذا كنت جوعاناً، فهو قوت الحياة] (PL16, 305).

(113) تك5:2.

(114) راجع فيلون: Πer… t¾j kat£ Mοãsša kosmopol…aj, 137.

(115) راجع أيضاً AH3:23:4, 5:19:1.

(116) كل الترجمات تُنهى الفقرة (33) هنا هكذا فيما عدا الترجمة الصادرة عن سلسلة “المصادر المسيحية”، فهي تُنهى هذه الفقرة بجزء من فقرة (34) الذي ينتهى بعبارة: ” أما الخير فهو طاعة لله”. Sources Chrétiennes, L. M . Frodievaux.

(117) الشجرة أو العصا في العهد القديم تشير إلى الصليب (انظر على سبيل المثال يوستينوس، الحوار مع تريفو 1:86-6). أو كما يقول القديس إيرينيوس في موضع آخر: [ قد جاء الرب إلى خاصته علانية وصارت خليقته الخاصة تحمله، وهي بعينها المحمولة منه. والمخالفة التي صارت بالشجرة عوضها بالطاعة (التي) أكملها على الخشبة (الصليب)، والغواية التي أُغويت بها العذراء حواء على نحو يُرثى له، وهي تحت طاعة رجل، قد انحلّت ببشارة الحق التي بُشرت بها العذراء مريم على نحو مفرح بواسطة الملاك، وهي تحت طاعة رجل أيضاً (يوسف). فكما ان تلك (حواء) أُغويت بكلمة الملاك (الساقط) لكي تحيد عن الله وتخالف كلمته، هكذا هذه (مريم) أيضاً بُشرت بكلمة الملاك لكي تحمل الله وتطيع كلمته. وكما أن تلك (حواء) أُغويت بأن تخالف الله؛ هكذا هذه (مريم) اقتنعت بأن تطيع الله لكي تصير العذراء مريم محامية عن العذراء حواء. وكما أن الجنس البشري= =صار مُقيداً بالموت بواسطة عذراء (حواء)، هكذا قد انحل أيضاً بواسطة عذراء (مريم)، وكأن المخالفة العذرية قد عادلتها الطاعة العذرية] (AH5:19:5)، (SC. 153,249-251).

(118) إش6:50.

(119) راجع في 8:2.

(120) والقديس يوحنا ذهبى الفم أيضاً في عظته عن “الصليب” يقول: [إذا عرفت بأي طريقة انتصر المسيح، سوف يصير إعجابك أعظم. فبنفس الأسلحة التي غلب الشيطان بها الإنسان، انتصر المسيح عليه. واسمع كيف؟ عذراء وخشبة وموت هي رموز هزيمتنا. العذراء كانت حواء، لأنها لم تكن قد عرفت رجلها. الخشبة كانت الشجرة (التي أوصى الله آدم بألاّ يأكل منها) والموت كان عقاب آدم. لكن العذراء والخشبة والموت التي كانت رموزاً لهزيمتنا، صارت رموزاً للانتصار. لأن لدينا مريم العذراء بدلاً من حواء، ولدينا خشبة الصليب بدلاً من شجرة معرفة الخير والشر، ولدينا موت المسيح بدلا من موت آدم. هل رأيت، فالشيطان هُزم بنفس الأسلحة التي انتصر بها قديماً؟!] انظر كتاب “الصليب” عظتان للقديس يوحنا ذهبى الفم، ترجمة د. جوزيف موريس فلتس، ود. جورج عوض إبراهيم، المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية، ابريل 2004، العظة الثانية، ص 28و29. أيضاً القديس كيرلس الأورشليمى يقول عن أبوينا الأولين: [ وإن كانا قد طُردا من الفردوس بسبب أكلهما منها أفلا يكون أسهل على المؤمنين الآن أن يدخلوا الفردوس بسبب شجرة يسوع] عظات للموعوظين 2:13، ΒΕΠΕΣ 39, 153.

(121) يشرح لنا القديس أثناسيوس لماذا تم الموت بالصليب من بين كل أنواع الموت؟ فيعطى لنا نفس معانى هذه الفقرة، قائلاً: [إن كان موت الرب هو فدية (lÝtron) عن الجميع وبواسطة موته هذا نقض  “حائط السياج المتوسط” وصارت الدعوة لجميع الأمم، فكيف كان ممكناً أن يدعونا إليه لو لم يكن قد صُلِبَ؟ لأنه على الصليب وحده يمكن أن يموت إنسان باسطاً ذراعيه. لهذا كان لائقاً بالرب أن يحتمل هذا الموت ويبسط ذراعيه، لكي بأحدهما يجتذب الشعب القديم وبالذراع الأخر يجتذب الذين هم من الأمم، ويوّحد الاثنين في شخصه] تجسد الكلمة، المرجع السابق، 25:3.

(122) تك5:15.

(123) تك6:15 ، رو 3:4 ، غلا6:3.

(124) حب4:2، رو 17:1، غلا7:3، 11، عب 38:1.

(125) يؤكد القديس كيرلس الأورشليمى أن إيماننا يستند على شهادة الأنبياء وليس على براهين بشرية قائلاً: [ لا تبالِ ببراهين من عندى كي لا تضل الطريق، بل إن لم تتقبل شهادة الأنبياء فلا تصدقنى. ما لم تتعلّم من الكتاب المقدس بخصوص البتول وعن مكان الميلاد وزمانه وطريقته فلا تقبل شهادة إنسان (يو34:5)] كيرلس الأورشليمى، كنيسة مار جرجس بسبورتنج، الأسكندرية 1970، المقالة الثانية عشر لطالبى العماد، ص227.

(126) انظر مز11:132، 29:89، 35:89.

(127) انظر مت9:21، يو13:12.

(128) يوضّح القديس أثناسيوس نفس هذا المعنى قائلاً: [ أخذ (الكلمة) جسداً من جنسنا، وليس ذلك فحسب، بل أخذه من عذراء طاهرة نقية لم تعرف رجلاً، جسداً طاهراً وبدون زرع بشر] تجسد= =الكلمة، المرجع السابق3:8. وكذلك يقول القديس كيرلس الأورشليمى: [ يليق بكلى الطهارة ومعلّمها أن يتجسد في أحشاء عروس طاهرة… إنه يقول بنفسه في المزمور ” اخرجتنى من الرحم” (مز1:22)، مُظهراً أنه مولود بغير زرع رجل، وهو إنما يحمل الجسد من عذراء، الأمر الذي يختلف عن المولودين من زرع بشرى] كيرلس الأورشليمى، المرجع السابق، ص238.

(129) يقول القديس ميليتوس أسقف ساردس (القرن الثاني): [ الإله لبس جسداً واتخذ صورة الإنسان. قًبِل الآلام عن كل متألم وحُوكم من أجل كل محكوم عليه. ودُفِن في القبر من أجل كل المدفونين، ولكنه قام حياً من بين الأموات (بقوة لاهوته) وأعلن قائلاً: مَنْ ذا الذي يمكنه أن يقاضينى؟ لقد خلّصت المديونين، وأعَدتُ الحياة للذين ماتوا، وأخرجتهم من قبورهم (بكامل قواهم)؛ مَنْ هو الذي سيحاججنى؟ لقد أبطلتُ الموت؛ وسحقتُ الهاوية، ثم رفعت البشرية إلى أعلى السموات، نعم، أنا هو المسيح، أنا هو ذبيحة كفارة غفرانكم، أنا هو فصح خلاصكم، أنا هو نوركم، أنا هو قيامتكم] (SC.123, p. 116, 120, 122).

(130) وعن الهدف الذي من أجله أرسل الله الكلمة وليس أحد آخر، يقول القديس أثناسيوس متسائلاً: [إذن فما هو الذي كان ممكناً أن يفعله الله XE “الله” ؟ وماذا كان يمكن أن يتم سوى تجديد الخليقة التي وُجدت على صورة الله، مرة أخرى، ولكي يستطيع البشر  أن يعرفوه مرة أخرى؟ ولكن كيف كان ممكناً لهذا الأمر أن يحدث إلاّ بحضور نفس صورة الله – مخلّصنا يسوع المسيح؟ كان ذلك الأمر مستحيلاً أن يتم بواسطة البشر لأنهم هم أيضاً خُلِقوا على مثال تلك الصورة.(وليس هم الصورة= =نفسها)، ولا أيضاً بواسطة الملائكة لأنهم ليسوا صوراً (لله) ولهذا أتى كلمة الله بذاته لكي يستطيع – وهو صورة الآب – أن يجدّد خلقة الإنسان، على مثال الصورة] تجسد الكلمة، المرجع السابق، 7:13.

(131) رؤ5:1، كو18:1.

(132) عا11:9 . أع 16:15.

(133) نفس هذه المعانى القوية نجدها عند القديس هيلاريون أسقف بواتييه (+367م): [إن ابن الله قد وُلِد كإنسان من العذراء في ملء الزمان لكي يرفع البشرية في شخصه حتى إلى (الاتحاد) باللاهوت] (عن الثالوث PL 10, 284). وأيضاً: [ فقد صار كلمة الله جسداً لكي يستطيع كل جسد بواسطة هذا الكلمة المتجسد أن يرتقى إلى الاتحاد بالله الكلمة] (PL10, 33)، لذا غاية التجسد عند هيلاريون هي: [ أن يأخذنا (الابن المتجسد) في نفسه إلى داخل الله!] (PL10, 286).

(134) أو بحسب تعبير القديس أثناسيوس: [ فالموت لابد أن يسبق القيامة، لأنه لا يمكن أن تكون هناك قيامة ما لم يسبقها موت] تجسد الكلمة، المرجع السابق، 1:23.

(135) أيضاً يؤكد القديس أثناسيوس هذا المعنى قائلاً: [فالموت الذي قَبِلَه واحتمله على الصليب XE “الصليب” قد أوقعه عليه آخرون – الذين هم أعداؤه، ظانين أن هذا الموت مرعب ومهين ولا يمكن احتماله – لكن المسيح أباد هذا الموت، فآمن الجميع أنه هو الحياة، الذي به تتم إبادة سلطان الموت كلية] تجسد الكلمة، المرجع السابق، 3:24.

(136) يشرح القديس كيرلس معنى ما قاله لو7:2 ” فولدت ابنها البكر” قائلاً: [ إن معنى البكر هنا ليس أنه الأول بين اخوة عديدين، بل هو ابنها الأول والوحيد] تفسير إنجيل لوقا، الجزء الأول، ترجمة د.نصحى عبد الشهيد، مايو 1990م، ص29.

(137) يقول القديس كيرلس الأسكندري: [ بسبب محبة الآب لخلائقه قد دعا الابن نفسه بكراً لكل خليقة (1كو15:1). فهو بكر من أجلنا نحن، حتى تصير الخليقة كلها مُطعّمة فيه، كما في أصل جديد خالد، فتنبت من جديد من الكائن الأزلي نفسه!] الكنز في الثالوث: 25.

(138) أع15:3.

(139) إش6:9.

(140) يشرح القديس كيرلس الأسكندري حقيقة نوالنا نعمة عدم الفساد قائلاً: [(المسيح) يقول: “أنا حى، ولأني أنا الحياة بالطبيعة، فقد أظهرت هيكل (جسدي) أنه حى. وبالرغم من أنكم ذوى طبيعة فاسدة، لكنكم حينما سترون أنفسكم أحياءً، كما أنى أنا حي، فسوف تعرفون بكل وضوح أنه بسبب كونى أنا الحياة بالطبيعة، فقد ربطتكم من خلال ذاتى بالله الآب؛ الذي هو نفسه الحياة بالطبيعة، وبهذا جعلتكم شركاء ومشاركين في صفة عدم الفساد التي له… لقد جعلتكم شركاء الطبيعة الإلهية، لما وضعت روحي فيكم”. لأن المسيح فينا بالروح وقد استرجع ما هو فاسد بالطبيعة إلى عدم الفساد، وغيَّره من الموت إلى عدم الموت] شرح إنجيل يوحنا20:14 Pussey, Lib IX, Cap. I, p. 487-488.

(141) الذي يقول عنه القديس كيرلس الأسكندري، إنه: [ كنور الفجر قبل ظهور نور المخلّص الساطع، وهو المقدمة لنور النهار الروحي] تفسير إنجيل لوقا، ترجمة د. نصحى عبد الشهيد، مؤسسة القديس أنطونيوس القاهرة، 1990، العظة العاشرة، ص66.

(142) انظر لو30:1و33و34.

(143) انظر مت19:28.

(144) يقول القديس إيريناوس: [ حيثما وجِدت الكنيسة وُجِد الروح القدس، وحيثما وُجِد الروح القدس وُجِدت الكنيسة] (AH3:24:1).

(145) يعلّق المغبوط أغسطينوس على وعد الله لإبراهيم المُؤكد بقسم ” ويتبارك في نسلك جميع أمم= =الأرض، من أجل أنك سمعت لقولي” قائلاً: [ … وهكذا صار الوعد الخاص بدعوة الأمم في نسل إبراهيم، مُؤكداً بقَسمٍ من الله بعد هذه المحرقة (الكبش الذي قُدِّم عوضاً عن إسحق) التي ترمز للمسيح. لأنه كثيراً ما وعد ولكنه لم يُقسِم قط. وماذا يكون قَسم الله الصادق والأمين إلاّ تأكيداً للوعد وتوبيخاً مضاعفاً لغير المؤمن؟] (St. Augustine, The City of God, ch. 32).

(146) يقول القديس إيرينيوس في موضع آخر: [ الرب قد وعد أن يُرسل لنا الباراقليط ليوّحِدنا مع الله. فكما أنه مستحيل أن تُعجن عجينة متماسكة من دقيق جاف بدون ماء ولا يمكن ابداً أن تصير خبزة واحدة، هكذا أيضاً نحن الكثيرين لم يكن ممكناً أن نصير واحداً في المسيح يسوع بدون الماء الذي من السماء (يقصد الروح القدس)] AH3:17:1-3.

(147) يؤكد القديس باسيليوس الكبير على هذا المفهوم قائلاً: [ إتحاد الروح بالنفس يحدث عندما تختفى الأهواء التي تنمو في النفس بسبب اتحادها ومحبتها للجسد وهو ما يجعل النفس تتغرب عن الشركة مع الله. وعندما تتنقى النفس من عار الدنس الذي لحق بها بسبب فسادها وتعود إلى جمالها= =الطبيعى تتمسك بالصورة الملوكية (الإلهية) وتسترد شكلها الأول عند ذلك فقط يمكن أن تقترب من الباراقليط] الروح القدس:9.

(148) تك1:1.

(149) هذا المقطع مركب من مز 3:109 ، مز 17:71س.

(150) هذا العدد يتماثل مع المزمور 17:71.

(151) يو1:1-3.

(152) يفسر لنا القديس كيرلس الأسكندري معنى ” في البدء كان الكلمة” قائلاً: [لا يوجد ما سبق البدء. إذا ظل البدء بالحق بدأ، لأن بدء البدء مستحيل، وإذا تصورنا أن شيئاً ما سبق البدء تغير البدء ولم يعد بدءاً بالمرة. وإذا تصورنا أن شيئاً يمكن أن يسبق البدء، فإن اللغة الإنسانية سوف لا تمكننا من الكلام لأن ما سبق البدء هو البدء المطلق والحقيقي ويصبح ما بعد ذلك ليس بدءاً بالمرة. إذاً لا بدء للبدء حسب دقة المنطق، وتظل حقيقة البدء غير مدركة، لأن إدراكها يجعل البدء يفقد كونه أنه البدء. وحيث إننا مهما عدنا إلى الوراء فإننا نعجز عن الوصول إلى البدء مهما حاولنا، فإن هذا يعني أن الابن لم يخلق بالمرة، بل هو كائن مع الآب لأنه “كان في البدء”. وإذا كان في البدء فأين هو العقل الذي يستطيع أن يتخطى كلمة “كان” ويتصور أن الابن جاء إلى الوجود في الزمان، إن كلمة “كان” سوف تظل كما هي “كان” تتحدى وتسبق كل البراهين، بل تجوز أمام كل الأفكار التي تحاول عبثاً أن تدركها] شرح إنجيل يوحنا، الجزء الأول، مركز دراسات الآباء، القاهرة 1989، ص15-16.

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF

معلومات حول الصفحة

عناوين الصفحة

محتويات القسم

الوسوم

arArabic
انتقل إلى أعلى