Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
Email
☦︎
☦︎

كان الرسول فيلبس من نفس البلدة التي جاء منها أندراوس وبطرس بحسب ما جاء في الإنجيل (يو 44:1). إني أظن أن فيلبس قد مُجد لأنه كان صديقًا للأخوّين أندراوس وبطرس كانا أول من كرمهما الإنجيل. فهم أندراوس سر المسيح وتبعه بعدما أشار يوحنا المعمدان إليه قائلاً: “هذا هو حمل الله الذي يحمل خطية العالم”. تعلم أندراوس حيث كان يسكن وحمل الأخبار المفرحة من النبوات التي صدرت منذ أمد بعيد إلى أخوه سمعان بطرس. ويلزم أن يسبق السمع الإيمان. لأن الشخص الذي يرتبط من كل قلبه بالحمل يصير مقدسًا بتغيير الاسم: فبدلاً من سمعان ناداه السيد المسيح بطرس وأصبح اسمه بطرس وينطبق تغيير الاسم أيضًا على إبراهيم وسارة اللذان مرا في مراحل روحية عديدة ثم اِستقبلا الوعد بالبركات من الله وأصبح إبراهيم وسارة جدودا لأمم كثيرة من خلال تغيير الاسم. ويشبه ذلك ما حدث ليعقوب الذي صار اسمه إسرائيل بعد مصارعته الطويلة خلال الليل مع الملاك. ونمى بطرس العظيم بمثل هذه النعمة، بعد ما عرف إيمان أخوه في حمل الله ثم اكتمل من خلال الإيمان وأصبح صخرة). لذلك كان فيلبس مستحقا أن يكون رفيقًا لبطرس وأندراوس بعدما وجده يسوع. كما يقول الإنجيل. وجد فيلبس الذي صار تابعًا لكلمة الله. “اتبعني” (يو 43:1). وبعد ما امتلأ فيلبس من نور الإيمان، دعا نثنائيل لكي يتقرب من المسيح ويتعرف على سرّ الإيمان ويمتلئ بنوره. فقال له فيلبس: “وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء يسوع ابن يوسف من الناصرة” (يو 45:1). اِستقبل نثنائيل رسالة الإنجيل بانتباه ووجد سرّ النبوة عن السيد المسيح صدى في أذنيه. علم أن بيت لحم هي أول مكان لظهور الله في الجسد ولكنه بعد ذلك عاش في الناصرة لذلك سُمى السيد المسيح الناصري. وقد تبين لنثنائيل من فحص النبوات أن السيد المسيح لابد أن يولد حسب الجسد من نسل داود في بيت لحم وأن هذا السرّ لابد أن يحدث في مغارة وفيها أقمطة من قماش لكي يلف بها الطفل المولود ومعهم رجل يرعاهم. وكانت الجليل تُعرف حسب الكتاب المقدس بأنها موّطن الأمم (إش1:9). لذلك ظهر نور المعرفة لنثنائيل الذي قال: “أمن الناصرة يمكن أن يكون شيء صالح” (يو 46:1). ومن هنا ترك نثنائيل شجرة التين التي أخفي ظلها النور، وتمسك بالواحد الذي لعن شجرة التين الغير مثمرة فجفت أوراقها. وشهد كلمة الله أن نثنائيل كان إسرائيل حقًا لا غش فيه، فلقد أظهر نفسه نقيًا مثل أبينا إبراهيم (تك 27:25). قال المسيح: “هوذا إسرائيلي حقًا لا غش فيه”.

تظهر كلمات هذه المقدمة واضحة لأى شخص ينتبه لكلمات الإنجيل التي توافق مع كلمات نشيد الأناشيد. فكما أرشد صوت يوحنا أندراوس إلى حمل الله وقاد نور فيلبس (الذي ترك ظل الناموس ودخل إلى النور الحقيقي) نثنائيل إلى كلمة الله. هكذا أصبحت نفوس الوصيفات العذارى كاملة بواسطة الجنال فاقتادهن لكي يكتشفن الخير الذي ظهر لهن وقلن: “أين ذهب حبيبك أيتها الجميلة بين النساء؟” أين توجه حبيبك فنطلبه معك” (نش 1:6). سألت نفوس الوصيفات سيدهن ولكنهن سألن أولاً “ما”؟ كما سألن في السابق: ما حبيبك من حبيب أيتها الجميلة بين النساء؟” (نش 9:5). وعندما علمت الوصيفات أن مظهر العريس أبيض وأحمر ازددن شوقًا للسؤال “أين؟” “أين توجه حبيبك فنطلبه معك؟” وعندما تعرف مكانه فقد يتمكنّ من عبادته في مكان وجوده ويتمتعن بالنظر إلى عظمة مبهائه التي تعطى الخلاص لمن يراها. كما يقول النبي: “يا الله أرجعنا وأنر بوجهك فنخلص” (مز 3:80). يقول المعلم، مثل فيلبس “تعالي وانظر”. لقد قاد الوصيفات العذارى لكي يتقربن منه، لقد بحثن عنه بدلاً من أن يروه. لذلك يوضح مكان الواحد الذي يبحثن عنه واِتجاه نظرته. وتقول العروس: “حبيبي نزل إلى جنة إلى خمائل الطيب” (نش 2:6). وهكذا أشارت العروس إلى مكان عريسها، ثم أوضحت ماذا يعمل: “ليرعى الجنات ويجمع السوّسن” لذلك يشير المعنى اللفظي لهذه الكلمات للوصيفات إلى مكان العريس وماذا يعمل.

نصل إلى معرفة فائدة الكتابة المقدسة من خلال التأمل الروحي. فعندما نسمع: “حبيبي نزل إلى جنته” نتعلم سرّ الإنجيل التي تكشف لنا كلماته معانيها الروحية فالله الذي ظهر في الجسد والذى وُلد من يهوذا وخلص الأمم الجالسة في الظلمة وظلال الموت، تناديه العروس المخطوبة له لكي يتحدا إلى الأبد، بأسم “المحبوب” وهي اخت لشعب يهوذا. “حبيبي نزل” تشير إلى الواحد الذي نزل من أورشليم إلى جرش وسقط بين اللصوص. ويبع نزول الواحد الذي سقط بين الأعداء ويشير ذلك إلى نزوله من علياء جلاله الذي لا يمكن التعبير عنه إلى اِتضاع طبيعتنا البشرية. ونتعلم من رمز جنته، أن الراعي الحقيقي هو الذي يزرع ويرعى حقله بنفسه أى يرعانا نحن لنفسه. [لأننا حقله كما يقول (1 كو 9:3)]. في البدء خلق السيد المسيح الطبيعة البشرية في الجنة التي زرعها الله الآب. ولكننا هجرنا جنتنا التي امتلكناها لذلك نزل الله مرة ثانية لكي يُزيّن الجنة بنباتات الفضائل لأنها أصبحت صحراء ممهجورة. ورعى كلمة الله جنته وروى نباتاتها بواسطة النبع المقدس لتعاليمه.

تصف كلمة آناء العطور خدود العريس وتمجدها (ويستخدم الؤلف كلمة اناء لكي تعني خدود وفكوك) وهي تطحن القمح الروحي للتغذية. لذلك يُعلمنا مكان ومسكن العريس. أنه لايحل في النفس البعيدة عن الفضيلة, فإذا أصبح أى شخص أناءًا للعطور، يخرج منه مختارات من المرّ يصير كوب للحكمة التي تستقبل خمر الفرح النقية.

تعلمنا كلمات النشيد الآتية عن التغذية التي يُقدمها الراعي الصالح لرعيته فلا يدع غنمه تدخل الصحراء أو الأماكن الممتلئة بالأشواك لترعى بل يقدم التوابل العطرة بالجنة كغذاء. وبدلاً من مرعى العشب يجمع لها الراعي السوّسن لتغذيتها. يعلمنا كلمة الله الأمثلة لأننا نرى أن طبيعة القوة المهيمنة على كل شيء ترتب مكانا لهؤلاء الذين يستقبلونه بنقاء وطهارة. وهم يملكون حديقة مليئة بنباتات كثيرة مختلفة مزروعة بالفضائل. ويُنميهم العريس بقوة بواسطة السوّسن المزدهر ويمتلئون بثمار التوابل العطرة. يرمز السوّسن للفكر النقي المضئ ورائحته الجميلة لاتتفق مع رائحة الخطية الرديئة. تقول العروس أن السيد يعرف خرافه الروحية، ويغذيها في حدائقه ويجمع السوّسن ليغذي بع غنمه. ينقي لنا بولس العظيم السوّسن لغذائنا من بيت الغذاء المقدس: “كل ما كان حقًا، وكل ما كان شريفًا، وكل ما كان عادلاً، وكل ما كان طاهرًا، وكل ما كان مستحبًا وكل ما كان حسن السمعة، وكل ما كان فيه فضيلة وخصلة حميدة” (في 8:4). هذه في رأيى هي السوّسن الذى يغذي به الراعي الصالح والمعلم العظيم قطيعه.

قالت العروس النقية الغير ملوثة: “أنا لحبيبي وحبيبي لي” (نش 3:6). هذا هو مقياس رباط الكمال في الفضيلة. نحن نعرف هنا أن النفس النقية تتمسك بالله وحده ولا تنظر لأي شيء غيره. لذلك يجب أن تغسل نفسها من أي عمل أو فكر مادي وتتحول إلى الروحانية واللامادية. وهكذا تُصبح صورة من الجمال الأصلي الأبدي. عندما يرى شخص صورة على الوحة تطابق تمامًا نموذجها الأصلي يقر في الحال أن الشكل واحد في الاثنين: وهكذا يمكن أن نرى الجمال الأصلي في الصورة المقلدة للنموذج الأصلي. وتقول العروس ما يشبه ذلك: “أنا لحبيبي وحبيبي لي” ففي تطابقها مع المسيح تستقبل منه جمالها الأصيل، هذه البركة الأولى لطبيعتنا حسب صورة وشبيه بالجمال الأصلي الذي يستحق وحده التمجيد والحب. ويشبه ذلك مرآة مصنوعة بدقة ماهرة يدوية التي تعكس صورة مطابقة للوجه. لذلك عندما ترتب النفس أمورها وترفض كل تلوث مادي تُصبح مُمثلة لصورة الجمال النقي الخالي من الغش.

تقول النفس، المرآة الحيّة التي تملك الإرادة الحرة: “عندما أنظر إلى وجه حبيبي، ينعكس جمال وجهه عليّ”. يقلد بولس هذه الكلمات بوضوح بقوله: “وفيما بعد لا أحيا أنا بل المسيح يحيا في. أما الحياة التي أحياها الآن في الجسد، فإنما أحياها بالإيمان في ابن الله، الذي أحبني وبذل نفسه عني” (غل 20:2). وعندما يقول “فالحياة عندي هي المسيح” (في 21:1)، يصرخ بولس أنه نقي نفسه من أي هوى بشري مثل الحزن، الغضب، الخوف، الجبن، الأهواء القوية، الكبرياء، الحمق، الرغبة الشريرة، الحسد، الانتقام، حب التملك والمكسب أو أية عادة قد تؤدى إلى تخريب النفس. هو وحده الذي يملأ نفسي، وهو ليس أي شيء مما سبق ذكره. لقد نُزعت عني كل طبيعتي الخارجية الظاهرة، ولم يبق بداخلي أي شيء غير المسيح. حقيقة الحياة عندي هي المسيح” أو كما تقول العروس “أنا لحبيبي وحبيبي لي” هذا هو الطهر والنقاء وعدم التلوث والنور والحق الذي يغذي نفسي. أنه لا يغذي بالعشب الجاف أو بالشجيرات ولكن بروعة قديسيه. يوحى السوّسن ببهاء وإشعاع ألوانه الجميلة. مناجل هذا فالذي يتغذى بين السوّسن يقود قطيعه إلى مروج السوّسن حتى تكون: “نعمة ربنا علينا” (مز 17:90).

نحن نصبح مثل الطعام الذي نأكله. دعونا نأخذ مثال الإناء الأجوف من الكريستال فكل يوضع فيه بوضوح. ويشبه ذلك عندما نضع بهاء السوّسن في نفوسنا فإنها تشع وتظهر من الخارج الأشكال الموجودة بالداخل. ولتوضيح هذه النقطة. تُغذى الروح نفسها بالفضائل التي تُسمى رمزيًا بالسوّسن ويُصبح الشخص المكوّن بهذه ذا حياة طيبة مُشعا مُظهرا في حياته كل نوع من الفضيلة. لنفرض أن السوّسن النقي هو: ضبط النفس والاعتدال والبر والشجاعة والقدرة وكا ما يقوله الرسول حقيقي، ومشرف ومستحق للحب وعادل ومقدس، عطوف وفاضل ومستحق للتمجيد (في 8:4). تتكون هذه الفضائل جميعها في النفس نتيجة للحياة النقية وتزيّن النفس التي تمتلكها.

لذلك تهب العروس نفسها لمحبوبها وتُستقبل جمال من تُحب. وفي النص الذى يتلو سنسمع عن التكريم الذى يُنعم به الله على من يعظمونه. يقول كلمة الله لعروسه: “أنت جميلة يا حبيبتي كترصه حسنه كأورشليم مرهبة كجيش بألوية” (نش 4:6). يقدم الملائكة التسبيح والتعظيم لله قائلين “المجد لله في الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة” (لو14:2)، التي سمعها الرعاة عندما رأوا السلام يولد على الأرض، وأن مدينة الملك العظيم هي مدينة أورشليم التي سماها الله رب كل الخليقة ويتضح ذلك لكل من يقرأ الإنجيل. لذلك يجب أن نعرف أن تمجيد جمال العروس يمكن أن يُقارن بجمال تسبيح الله وأورشليم. ويكشف كلمة الله بهذه التعبيرات الطريقة الصحيحة للارتقاء حتى ترتفع النفس وتصل إلى أعمال الله العظيمة. لأنه إذا كان الله هكذا مرتفعًا، فإن الواحد الذى في حضن الآب اِتحد مع الإنسان بالجسد والدم لكي بعطى سلامًا للأرض ليُفرح به الله. تقارن العروس جمالها بمثل حنان الله القدوس فتقلد السيد المسيح في عملها، فتصبح للآخرين كما كان المسيح للبشر. قلد بولس السيد المسيح بالتضحية بحياته حتى يعطى بني إسرائيل الخلاص ازاء معاناته وضيقاته. “ف أني كنت أوّد لو أكون أنا نفسي محروما من المسيح لأجل إخوتى أنسبائى حسب الجسد” (رو3:9). يمكن تعديل هذه الكلمات لتناسب العروس كالآتي: هذا هو جمال روحك، وهذه هة محبة الله الذى أخلى نفسه وأخذ شكل العبد (في 7:2) وأعطى نفسه فداء عن العالم. فكان الغنى، الذى أصبح فقيرًا من أجلنا حتى نتمكن أن نحيا بموته ومن أجلنا افتقر لكي نغتنى وبعبوديته نملك. (2 كو 9:8).

يظهر جلال الله مثل جمال أورشليم السمائية، جمال حر وأم الحرية والنبل. لقد تعلمنا أن أورشليم هي مدينة الملك العظيم من أقوال السيد المسيح نفسه (مت35:5). أنها تحوى داخلها الغير محوى، فالله يسكن ويمشى فيها، وهو يُجملها بحضوره فيها. لذلك تستقبل أورشليم السمائية جمال الله، جمال مدينة الملك العظيم. يتكلم المز عن هذه الروعة كالآتي: “بجلالك اقتحم. اركب من أجل الحق والدعة والبر” (مز 4:45). لذلك يتميز الجمال المقدس بالحق والبر والدعة. فالنفس التي تتكون بهذه الصفات تظهر جميلة كأورشليم التي تزدان بجمال الملك.

نحن لا نشك أن النص يذكر مديح العروس، ولكننا لا نعرف بسهولة كيف يكتسب هذا المديح تشريفًا حتى لو عرفنا ارتفاع قيمته. يقرأ النص: “مرهبة كجيش بألوية” (نش 4:6). قد ترتفع قيمة مديح العروس بالنسبة لتفسيرنا السابق عندما قورنت بالقوى التي لاِتحد. هذه القوات المنتظمة في المعركة هي القوى الدائمة إلى الأبد والتي تمسك بزمام الأمور وتسيطر على كل شيء، فالعروس ثابتة والسلطات تبقى خالية من العبودية وتمجد هذه القوى الله دون انقطاع ولا تبقى السيرافيم الطائرة ثابتة ولا تتغير أماكنهم. ولا تتوقف الشاروبيم عن حمل عرش الله العالي، ويبارك جميع جنوده خدامه العاملين مرضاته (مز 21:103). أسس الله هذه القوى لذلك يظل الأرواح والقوى الغير محدودة واضح ومستمر وثابت، لأن الشر لا يفسده. وترتب النفس كل شيء حتى تقلد وتتعجب من هذه القوى ونظامها. يؤدي الخوف إلى الشلل والتوقف عن البحث ولكننا سوف لا نخطئ بالوقوع في حلقة الخوف.

يصعب معرفة من تكلم الكلمات الآتية ولمن وجهها: “حوّلي عنى عينيك فإنهما قد غلبتاني، شعرك كقطيع المعز الرابض في جلعاد” (نش 5:6). يظهر أن السيد المسيح هو الذى يوجه هذه الكلمات إلى النفس النقية، ولو أني اعتقد أنها يمكن أن تُوجه إلى العروس. على أية حال ف أني الآن سأعرض معناها كما يظهر لي. قرأت في الكتاب المقدس في عدة مناسبات أن الأجنحة تُنسب إلى الله كما يقول النبي: “احفظني مثل حدقة العين. بظل جناحيك استرني” (مز 8:17). وأيضًا: “بخوافيه يظللك وتحت أجنحته تحتمي” (مز 4:91). واقترح موسى ذلك في سفر التثنية: “كما يحرك النسر عشه وعلى فراخه يرف ويبسط جناحيه ويأخذها ويحملها على منكبيه” (تث 11:32). ويقول السيد المسيح: “يا أورشليم يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا” (مت 37:23). تتوافق هذه التعبيرات مع ما كنا نفترضه. فإذا قال النص المقدس الموحى به، لأي سبب سرِّي لا نعرفه، أن الطبيعة الإلهية لها أجنحة، لذلك يكون الإنسان الأول الذي خلق على حسب صورة الله، شبيها له في كل شيء (تك 26:1). أستنتج من ذلك أن الإنسان الأول خُلق بأجنحة حتى يكون شبيها بالطبيعة الإلهية. ويتضح أن كلمة “أجنحة” يمكن أن ترمز إلى الله. فهي قوة الله ونعمته وعدم فساده وكل شيءٍ آخر. وامتلك الإنسان جميع هذه الصفات طالما كان على شبه الله في كل شيءٍ، ولكن ميلنا إلى الشر سلب منا الأجنحة. (فلم نكن تحت حماية أجنحة الله، بل نُزعت منا أجنحتنا الخاصة). لذلك ظهرت لنا نعمة وبركة الله وأنارت عقولنا حتى تنمو لنا أجنحة من خلال الطهارة والبرً بعد أن ننبذ الرغبات الدنيوية ونتجه إلى الله بكل قلوبنا.

إذا لم تخرج هذه الكلمات عن نطاق الحق،فمن الصواب القول أن العروس ذكرت البركة والنعمة التي اِستقبلتها من العيون المقدسة. وبنفس الطريقة نظر الله إلينا بالحنان وزودنا بالأجنحة حسب نعمته الأزلية أصبحت هذه الكلمات واضحة في صلاة داود إلى الله، “غيناك تنظران المستقيمًات” أى إلى سلوكي، “جرّبت قلبي تعدته ليلاً. مّحصتنى. لاتجد في ذموما. لايتعدّى فمى” (مز 2:17-3). وكأن داود أراد أن يقول: “عيناك لاترى ما هو مضاد” لأن الشخص الذى يرى الصدق لايرى المعوّج والشخص الذى لايرى المعوّج يرى دائمًا الصدق. وبهذا يزيل ما هو مضاد، أشار داود إلى الحُسن في عيّن الله، والطريقة التي بها النفس أجنحتها التي فقدتها نتيجة لعصيان آباءنا الأولين. ونحن نفهم هذه الكلمات كما يأتي: “غندما تر أني عيناك تبتعد بعيدًا عن ما هو مضاد، لأنهما سوف لاتريان أى شيء من هذا في. لذلك فإن أجنحة مرة أخرى حسب ماتراه عيونك، وأخذت أجنحة الحمامة من خلال الفضائل التي منحتنى قوة الطيران. أني أتمكن من الطيران والراحة، نعم الراحة مثلما استراح االله بعد عمله. (التكوين2:2).

أُستؤنف وصف جمال العروس، ومجدت كل ناحية من نواحى جمالها بواسطة مقارنتها بشيء مناسب: فمدح شعرها، وانتظام صفوف أسنانها وأزدهار لون شفايفها وعذوبة حديثها وأحمرار خديها. يُساق لكل ناحية من هذه النواحى مقارنة مناسبة. فيقارن شعرها بقطيع ماعز على جلعاد، ويمدح أسنانها قطيع النعاج الصادرة من الغسل والحاملة توائم. وتُقارن شفتيها بخيوط قرمزية، وحديثها جذّاب وخدودها مثل جلد ثمرة الرومان. (نش 5:6-7).

أفضنا في فحص هذه الكلمات ولا داع لتكرار تفسيرها. وإذا كان بين الحاضرين من لم يستمع لها دعنا نوجز الإشارة إلى معانيها الرمزية. يتباين الشعر الموجود على الجسم في المواضع المختلفة. وتحكم قوى الحس كل أعضاء الجسد وبدونها لايستطيع أن يعيش (لذلك تعتمد حياة الجسد على اِستقبال الإحساس). وبالرغم من أن الشعر جزء من الجسد إلاّ أنه لايحس الألم إذا إحترق أو قُطع وفي هذا يختلف عن مُعظم مكوّنات الجسم. لذلك يقول بولس أن شعر المرأة هو مجد لها(1 كو 15:11) وتزينه في ضفائر. يعلمنا شعر العروس أن الأشخاص الموجودين حول رأس العروس يلزم أن يكون لهم قيمة أكبر من الحواس لأنهم يخفون الحواس بالحكمة. يعطى هؤلاء الأشخاص مجدًا للكنيسة. كما يقول سفر الأمثال “الحكماء يذخرون المعرفة” (أم 14:10).

لا يقدر الحكيم الجمال بالنظر،ولاالجيد بالذوق ولاالجمال بالرائحةأو اللمس أو أى عضو حسن آخر. تميل النفس إلى الخير بواسطة العقل، عندما تموت كل حاسة تمتلكها. ويُمجد مثل هؤلاء الأشخاص هذه السيدة،الكنيسة. إنهم لايُزيدون التمجيد إلى الحد الذى تنتفخ ولايُبخثون نفسها إلى أسفل بالحزن والاحتقار. حتى إذا كانوا مُعرضين للقتل بسبب الإيمان بالمسيح، أو تطلق عليهم الوحوش الجائعة، أو يُضعون في النار أو يُجبرون أن يتحملوا أى أذى أو ألم. يتصف هؤلاء الأشخاص بعدم الحساسية التي تظهر في الشعر عندما يتعرضوا للألم. كان هذا هو إيليا الذى آتي من جلعاد، جسده مغطى بالشعر وجلده جاف غير نظيف ويلبس رداء من جلد الماعز وكان مهدد بتوعدات الجبابرة. رفع الذين قلدوا نبل الآنبياء أنفسهم فوق هذا العالم بينما ظلوا فيه دون كرامة، مُضطهدين، مضروبين يعيشون في الجبال والمغاوّر وثقوب الأرض، كان العالم لايستحقهم (عبرانيين37:11-38). نراهم مثل قطعان على رأس هذا الكون، يمجدون الكنيسة ويرتفعون مع القادم من جلعاد (إيليا) إلى جمال السماوات.

تُمجد الماعز لأن شعرها الكثيف يُغطى صورة لجمال العروس. والسبب الثاني للتمجيد هو أنها تستطيع أن تسير على الصخور بأقدام ثابتة وتصعد بخفة على قمم الجبال، وتمر بشجاعة خلال الأماكن الصعبة خشنة التضاريس وأيضًا أن تسير بسلام على طريق الفضيلة. يعتقد البعض أن هذا الحيوان يناسب مقارنته بالعروس لأن موسى الذى سلم الناموس استخدمها في كثير من وظائف الشريعة المقدسة (لاويين23:4،3:9). وتُذكر الماعز، التي تقود القطيع على الطريق الصحيح، بين أربعة أنواع الحيوانات في سفر الأمثال (24:30-31). يمكننا أن نفهم من هذا أن أى عمل يبتدئه شخص ما يشارك معه الكثيرين. يقول الكتاب المقدس أن ثوبيل كان مكتشف للدوات المصنوعة من الحديد، وكل من يصنع الأدوات الحديدية يُرجع الفضل إليه. وهكذا الحال مع هابيل الراعي وقايين الفلاح ونيمرود أول من عرف الصيد ونوح أول مُنتج لعصير العنب وأخنوخ أول من أشتاق لله. يعلمنا الكتاب المقدس هنا أن نتبع خطى أحد الأمثلة. لذلك يُعتبر إيليا مثالاً عظيمًا ومُرشدًا في حماسة لله. ويُصبح الذين يُقلدون حماسه ويتبعون خطواته الشجاعة، قطيعا للماعز وراعيه هو سيد هذه الحياة. ويصيرون مجد وفخر الكنيسة، ويظهرون كحلية في الشعر وحياتهم بعيدة كل البعد عن الحواس الجسدية.

وتُمجد أيضًا أسنان العروس لأنها تغذى جسد الكنيسة. يرغب العريس دائمًا أن تكون هذه الأسنان نظيفة من القاذورات، ليس عليها شعر لأن شعرها قد تم قصه حديثا، وتحمل توائم حسب ميلاد الفضائل، وتظهر وكأنها حطمت بواسطة أسنانها كل عيب للنفس أو الجسد. ويرمز الخيط القرمزي على شفتيّ العروس إلى وظيفة الكلام الذي يُسميه النبي حارس وباب المعنى: “اجعل يا رب حارسا لفمي، احفظ يا رب شفتيّ” (مز 3:141). هكذا يكون الحال عندما يفتح الشخص فمه ليتكلم ثم يقفل حسب كل نشاط في وقته المناسب. نحن نعرف من النبي ذكريا أن هذا الخيط هو للقياس (ذكريا1:2)، الذي يمسكه ملاك على هيئة عصا. وخيط القياس هذا مُلائم بصفة خاصة لأن كان ذا لون أحمر، كرمز للفداء. فإذا كان المسيح يتكلم خلال أي شخص مثل بولس (2 كو 3:13). فإنه يقلد فداء المسيح لنا بدمه بواسطة هذا الخيط القرمزي على شفتيه كنوع من خيط القياس الذي اكتسب اللون الجميل في الدم.

تشرح الكلمات التالية ما قد تناولناه بالتفسير فيما سبق. فكلام العروس الجميل هو خيط قرمزي. أنه يُشير إلى القوة والمثابرة، لأن جمالها الناضج والمناسب لوقته يظهر في وقت اكتماله وقوته. وتزدان خدودها باللون الأحمر الذي يشبه جلد ثمرة الرومان. وهي تشهد لكمال العروس في الخير لأنها كنز لكل الخير. وكما يحيط الجلد بالجزء الذي يؤكل من فاكهة الرومان، فكذلك جمالها الخارجي يوضح كنزها الداخلي. لذلك يُحيط شيء يشبه جلد الرومان بالكنز المخفي لرغبات العروس، وهي ثمرة نفسها التي تنتج من الحياة الفاضلة.

يظهر لي أن الفقرة “خدك تحت نقابك” تعني أن تمجيد العروس لايحدد بالكلمات بل “سكوتها” تحت النقاب يجذب الآنتباه. يضاد السكوت الكلام لأننا نسكت عندما لانتمكن أن نعبر عن أى شيء بالكلمات. فإذا كان السكوت مضاد للكلام فالعكس صحيح: الكلام “خارج عن السكوت” لذلك يمكن قراءة النشيد هكذا “خارج عن سكوتك وهذا يعني بوضوح أن أى شيء غير ظاهر بالكلام وينتمى إلى السكوت هو جميل، وهو عظيم جدًا حتى لا يمكن التعبيرعنه وأجمل جدًا من الكلمات”

ى هيئة عصا. وخيط القياس هذا مُلائم بصفة خاصة لأن كان ذا لون أحمر، كرمز للفداء. فإذا كان المسيح يتكلم خلال أى شخص مثل بولس (2 كو 3:13). فإنه يقلد فداء المسيح لنا بدمه بواسطة هذا الخيط القرمزي على شفتيه كنوع من خيط القياس الذى اكتسب اللون الجميل في الدم.

تشرح الكلمات التالية ما قد تناولناه بالتفسير فيما سبق. فكلام العروس الجميل هو خيط قرمزي. أنه يُشير إلى القوة والمثابرة، لأن جمالها الناضج والمناسب لوقته يظهر في وقت اكتماله وقوته. وتزدان خدودها باللون الأحمر الذي يشبه جلد ثمرة الرومان. وهي تشهد لكمال العروس في الخير لأنها كنز لكل الخير. وكما يحيط الجلد بالجزء الذى يؤكل من فاكهة الرومان، فكذلك جمالها الخارجي يوضح كنزها الداخلي. لذلك يُحيط شيء يشبه جلد الرومان بالكنز المخفي لرغبات العروس، وهي ثمرة نفسها التي تنتج من الحياة الفاضلة.

يظهر لي أن الفقرة “خدك تحت نقابك” تعني أن تمجيد العروس لايحدد بالكلمات بل “سكوتها” تحت النقاب يجذب الآنتباه. يضاد السكوت الكلام لأننا نسكت عندما لانتمكن أن نعبر عن أى شيء بالكلمات. فإذا كان السكوت مضاد للكلام فالعكس صحيح: الكلام “خارج عن السكوت” لذلك يمكن قراءة النشيد هكذا “خارج عن سكوتك وهذا يعني بوضوح أن أى شيء غير ظاهر بالكلام وينتمى إلى السكوت هو جميل، وهو عظيم جدًا حتى لا يمكن التعبيرعنه وأجمل جدًا من الكلمات”

دعونا الآن نلتفت إلى التمجيدات التالية: يصف التكوين (تك 29) بئر على فمه حجر ثقيل فيصعب على راعية الأغنام أن تحرك الحجر لتسحب ماء من الئر. تمكن يعقوب من إزاحة هذا الحجر وملأ الأواني بالماء ومكّن الغنم من الرتواء. بماذا يمكننا أن نقارن هذا البئر؛ “هن ستون ملكة وثمانون سرية وعذارى بلا عدد. واحد هي حمامت كاملتى. الوحيدة لأمها هي عقيلة والدتها هي” (نش 8:6،9). من الذى سيدحرج الحجر لنا من على الممر الغامض؟ من الذى سيخرج لنا الماء الفهم الذى يقع بعيدًا عن قدرة فهمنا؟ يُخيّل لي أن معرفة هذه الأمور تتبع كلام الرسول: “إنكم في كل شيء استغنيتم فيه في كل كلمة وكل علم” (1 كو 5:1). لانستطيع أن نفهم الكنوز المخفية في كلمات النشيد هذه وذلك لفقرنا، ولكن لكي لانُدان نتيجة تكاسلنا، فسوف لا نتردد في شرح الكتاب كما يأمرنا الناموس (يو 39:5).

نحن نقول أن تمجيد العروس هي دروس لتعليمنا عن أمور أكثر رفعة. وهذا التعليم هو كما يأتي: لا تُخلق الأحياء ولا تتجدد حسب نفس الترتيب والنظام. يستمر الخلق منذ بدأ بواسطة القوة الإلهية، لذلك فنهاية كل كائن ترتبط ببداية، فكل شيء خُلق من لاشيء جاء إلى الوجود ببدايته. خُلقت أيضًا الطبيعة البشرية ولكنها لا تتقدم إلى كمالها مثل بقية المخلوقات لأنها منذ البداية خُلقت كاملة: “وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا على شبهنا” (تك 26:1). هنا توجد أعلى قمة في الكمال والرفعة. ماذا يُوجد أعلى وأرفع من التشبه بالله؟ لذلك آخر الخليقة الأولى هي في نفس الوقت بدايتها، لأن الطبيعة البشرية ابتدأت بالكمال. ولكن لما أصبحت الطبيعة البشرية خاضعة للموت لجنوحها إلى الشر تحطم الاِستمرار في الخير. فلم تأخذ الطبيعة البشرية كمالها للمرة الثانية مباشرة كما يحدث في البداية، ولكنها تدرجت في الخير بواسطة أمر الذي أزال عنا تدريجيًا ميولنا نحو الشر. لم يكن هناك عوائق مع ميلاد طبيعتنا البشرية لأنها كانت كاملة وخالية من الشر. ولكن في التجديد الثاني، لزم أن تكون هناك فترة من الزمن رافقت هؤلاء الذين ساروا في درب الخير الأول. ولما كانت عقولنا تميل إلى الشر، فارتباطنا ومشاركتنا للشر يمكن أن يُنزع منا مثل القلف الذي يغلف ساق الشجرة بواسطة سلوكنا في حياة الفضيلة.

علمنا أن في بيت أبينا منازل كثيرة (يو 2:14) يقابل هذا حد ما الحالة الخيّرة لكل شخص الذي يرفض الشر كعلاج. فمثلاً الشخص الوارث بعض المواهب الجيدة منذ بدء حياته وخروج من ممارسة الشر حديثا إلى السلوك السوي والحق، يقابل هذا شخص آخر وصل إلى السلوك السوي والحق بالمثابرة والتقدم فيها. بينما شخص ثالث نمى بواسطة رغبته في الخير، وأيضًا شخص آخر يبقى مستمرا بحزم في ارتفاعه إلى مستوى عال في الفضيلة، وقد يتمكن شخص آخر أن يتقدمه في الارتفاع إلى مستوى أعلى. وقد يسبق البعض هؤلاء، بينما يحاول آخرون بشدة في ارتفاعهم. يقبل الله كل شخص حسب إرادته الحرة، ويرتب الاختيار حسب اِستحقاق كل شخص فيمنح تعويضا للأشخاص الأكثر نبلاً ويعطى جوائز لمن هم أقل مستوى.

تعلمنا السطور السابقة عن المستويات المختلفة للنفوس التي تضع العريس نصب أعينها. يذكر العريس الوصيفات دون أن يحدد عددهن والبعض الآخر سرايا (خليلات دون زواج رسمى) وأخريات ملكات. ويوجد ثمانون سرية وستون ملكة وفوقهن تأتي العروس وهي الوحيدة “كالحمامة الكاملة” “وحيدة أمها” والمختارة الوحيدة لمن ولدتها. قد يرقد البعض في عمق الخطأ حتى وهم لايزالون في الرحم. لا يتمكن المولودون حديثًا من التعبير عن أى شيء. ولعدم قدرتهم على الارتفاع والصعود إلى مستوى عال، يُنظر إليهم كأنهم بلا عدد. ويعتقدون أن سرّ كلمة الله هي الخلاص، غبر أنها لاتُقيم الحق بداخلها بالمعرفة والتأكيد. يسمى مثل هؤلاء الأشخاص الوصيفات (العذارى) الصغار. لأنهم وصلوا إلى مرحلة الشباب الروحي. تبنتهم كلمة الإيمان لكنهم لم يتقدموا إلى الأمام للزواج أو ليصلوا إلى الكمال. وبدلاً من ذلك امتلأوا بالخوف من الله وحصلوا على روح الخلاص، غير أن فهمهم لازال في مرحلة الطفولة الغير كاملة أو الغير قادرة على الحكم السليم. غير إنهم سيكونون بين المُخلّصين حسب قول النبي: “الناس والبهائم تخلص يا رب” (مز 6:36). وهنا يسمى الغير منطقيين “بالبهائم” المخُلّصين.

يمكن تقسيم الأشخاص الذين وصلوا إلى مرحلة التي تلى مرحلة الطفولة إلى نوعين: ينمو البعض بواسطة الدراسة والتفكير بينما البعض الآخر ينموا باِتحادهم مع كلمة الله وارتباطهم بالحب العميق (مثل هذه النفوس تشبه داود وبولس). فيقولون: “أما أنا فالاقتراب إلى الله حسن لي” (مز 28:73) وأيضًا من سيفصلنا عن محبة المسيح؟ أنه لا الموت أو الحياة ولا الأمور الحاضرة ولا الآتية ولا أى شيء آخر يمكن أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا (رو 35:8،38-39). وعلى الجانب الآخر يوجد أشخاص آخرون وهؤلاء يهربون من خطيئة الزنا نتيجة لخوفهم من العقاب، فيبقون غير فاسدين وطاهرين، ولكنهم يرفضون الشر من خلال الخوف لا الرغبة. ولكن يوجد من هم أكمل، الذين يتحدون في عدم فساد مع طهارة الله، ويسمى هؤلاء “بالملكات” نتيجة لاتصالهم بالملك. ويُسمى الأشخاص الذين يزرعون الفضيلة نتيجة للخوف “بالسرايا”. فالسرايا وأم الملك لا يشاركن في عظمة الله ونبله. إذ كيف يمكن أن يفصل الشخص، الذي ينقصه العقل المدبر بالفضيلة، نفسه من الشر بخنوع العبيد ؟ تُشير كلمة “ملكات” إلى الأشخاص الذين اِستحقوا الوقوف إلى جانب اليمين من الملك. وهو يقول لهم: “تعالوا يا مباركي أبى رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم” (مت 34:25). ويقول لهؤلاء الذين هم أقل في المستوى: “خافوا من الذى بعد ما يقتل له سلطان أن يلقى في جهنم” (لو5:12).

يوضح الاختلاف في العدد بواسطة رمزية، الحد الفاصل بين المجاميع المختلفة. كيف يمكن التعبير عن هذا؟ يوجد ست وصايا تؤهل إلى الحصول على ملكوت الله. ويهب الله لكل خادم أمين وزنة لحفظ كل واحدة من هذه الوصايا. ويجب أن يضاعف الخدام هذه الوزنة عشر مرات من خلال العمل الطيب، حتى يتمكنوا من دخول فرح سيدهم بعد ما يرى امانتهم في القليل فيقيمهم على الكثير (لو17:19). فإذا ارتبطت النفس بالملك من خلال هذه الست وصايا، فالوزنة التي وُضعت للعمل تضاعف الوصايا عشر مرات. كما يقول الخادم الأمين وزنة واحدة تعمل عمل عشرة. لذلك نجد أن الملكة الواحدة تضاعفت إلى ستين ملكة. فهي مرتبطة بالمملكة من خلال المضاعفة عشر مرات للست وصايا. وتقسم الوصية حسب الأشكال المتباينة لطبيعة الوصايا إلى عدد كبير، ويتحدد الوصول إلى الكمال حسب كل وصية على حدة. لذلك فملكة واحدة تُصبح ستين حسب الأشكال المتعددة للوصايا. تربط العروس نفسها بمملكة المسيح، وبينما تكون واحدة من الملكات، تنمو من خلال هذه التمجيدات حسب الوصايا.

قد ترمز الست وصايا مضروبة في عشرة التي تُزرع في نفس واحدة إلى الستين ملكة. ويشبه ذلك عندما نقول أن الرقم ثمانية يرمز إلى السرايا. الثمانين، أو الأشخاص الذين تعلموا من خلال الخوف أن لا يشتركوا في فعل الشر. تحفزنا المزامير مثل مز 6 أو8 على الخروج من دائرة الخوف على الأشياء التي نأمل في الحصول عليها وأيضًا تُميل أذن الله إلينا لكي يرجمنا. يتكلم الرقم 8 عن القاضي المخيف” ارحمني يا رب لأني ضعيف اشفني يا رب لأن عظامي قد رجفت، ونفسي قد ارتاعت جدا وأنت يا رب فحتى متى عد يا رب نج نفسي. خلصني من أجل رجمتك” (مز 2:6-4). كذلك يقول داود: “لأنه ليس في عالم الموت من يذكرك أو في مقر الأموات من يسبحك لقد أرهقني تنهدي، فاغرق سريري في كل ليلة بدموعي” (مز 5:6،6). (لأن الذين أُدينوا يصرخون ويُسمع صرير أسنانهم ولا يمكن أن يشعروا بالسعادة عندما يتذكرون الله). وفي موضع آخر يقول النبي: “اذكر الله فأئن. أناجى نفسي فيغشى على روحي” (مز 3:77). يوضح النبي خوف الشخص من الرقم 8 بكلمات مشابهة عندما ينال بعضا من رحمة الله: “ابعدوا عنى يا جميع فاعلي الإثم. لأن الرب قد سمع صوت بكائي” (مز 8:6). يُعبر الوحي الإلهي عن أمثلة عديدة لمثل هذا الخوف، لذلك فلدينا عشرة أضعاف زيادة عن الست وصايا. لذلك فخوف الله قد ينجح في تحويل الشخص، الذي تعلم بواسطة كتاب المزامير، عن الشر ليعمل الخير. ويمكن أن يتضاعف خوفهم من خلال العمل الصالح مثل ما تتضاعف قيمة العملة. تحصل النفس على المركز الثاني بعد الملكة، ويظهر جمالها نتيجة للخوف، وليس الحب، ويتضاعف إلى الرقم ثمانين. وتظهر كل أعمال الشخص من خلال الخوف حسب العدد ثمانية الذي يتضاعف عشر مرات. يقارن الشخص بالسراري وليس بالملكة، لأنه يصل إلى الخير من خلال خوف العبودية الذي يظهره للعريس بدلاً من الحب يحصل هذا الشخص على الرقم ثمانين بواسطة الخوف من الرقم ثمانية الذي يتضاعف عشر مرات بواسطة الأعمال الصالحة.

تحكي قصة هاجر أن السارية ولدت من زواج غير شرعى ولا تليق بالزواج كم شخص عريق المولد. فلا يشارك مثل هذا الشخص الملكة ولا يستحق أن يرث في الميراث الملكي لأنه ولد كعبد: “فقالت لإبراهيم اطرد هذه الجارية وابنها، لأن ابن هذه الجارية لايرث مع ابني أسحق” (تك 10:21). إذا ظهر أن تحليلنا للأرقام في الفقرة السابقة أنه مبالغ فيه، فيجب على القارئ أن يتذكر أنه من الصعب أن نفهم الحق الوارد في كلمات النشيد. لقد فحصنا هذه الرموز بطريقة عامة فقط حتى لانتركها دون فحص.

إذا طرد الحب الخوف كما يقول الرسول: “لا خوف في المحبة، بل المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى الخارج لأن الخوف له عذاب وأما من خاف فلم يكتمل في المحبة” (1 يو 18:4). لكن إذا تغير الخوف إلى حب، يتبع ذلك الاِتحاد، نتيجة للخلاص. لأن الجميع يتحدون مع هذا الخير الوحيد من خلال الكمال الذي يرمز إليه بالحمامة: “واحدة هي حمامتي كاملتي الوحيدة لأمها. هي عقيلة والدتها هي” (نش 9:6). يشرح السيد المسيح هذه الفكرة في الإنجيل بوضوح أكثر. عندما منح التلاميذ كل القوة من خلال بركته، أعطى أيضًا بركات لقديسيه بواسطة صلاته للآب. وأضاف تاج هذه البركات حيث يُشير الرسول: “وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني ليكونوا واحدًا كما أننا نحن واحد” (يو 22:17). أي يجب ألا يختلفوا على الخير، بل يتحدوا في رأيٍ واحدٍ من خلال وحدة الروح القدس. وكما يقول الرسول بولس: “مجتهدين أن تحافظوا على وحدة الروح برابطة الوفاق فإنما هناك جسد واحد وروح واحد” (أف 3:4).

من الأوفق هنا أن أذكر كلمات الإنجيل: “ليكون الجميع واحدًا كما أنت أيها الآب في وأنا فيك ليكونوا هم أيضًا واحدًا فينا ليؤمن العالم أنك أرسلتني ” (يو 21:17). العظمة والمجد لرابطة هذه الوحدة. الروح القدس هو هذا المجد والعظمة، ولا يمكن أن ينكره أي شخص يفحص بدقة كلام السيد المسيح وهو يقول: “وأنا أعطيتهم المجد الذي أعطيتني” (يو 22:17). في الحقيقة أعطى السيد المسيح هذا المجد لتلاميذه عندما قال لهم “اقبلوا الروح القدس” (يو 22:20). لقد اِستقبل كلمة الله هذا المجد الذي كان عنده قبل تأسيس العالم عندما ألبس نفسه الطبيعة البشرية. لذلك تمجدت الطبيعة البشرية بالروح القدس ونتج عن تلك العلاقة توزيع مجد الروح القدس على كل واحد يتحد بالمسيح ابتداء بالتلاميذ. وهكذا يقول المسيح: “وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني ليكونوا واحدًا كما أننا نحن واحد. أنا فيهم وأنت في ليكونوا مُكملين إلى واحد وليعلم العالم أنك أرسلتني وأحببتهم كما أحببتني” (يو 22:17، 23). فالذي ينمو بسرعة من مرحلة الشباب إلى مرحلة الرجولة الكاملة يصل إلى مستوى هذا العصر الروحي (أف 13:4)، حتى لو كان المولود من عبد وإحدى أسراري، فإنه حصل على الاِستحقاق الملكي ومجد الروح القدس بالانفصال والنقاء. هذه هي الحمامة الكاملة التي يبحث عنها العريس عندما يقول: “واحدة هي حمامتي كاملتي الوحيدة لأمها هي عقيلة والدتها هي”.

نحن نعرف أم الحمامة لأن الشجرة تُعرف من ثمارها. وبالنسبة للإنسان فلا شك أنه ولد من إنسان. لذلك سنعرف أم الحمامة المختارة لأنها مثل هذه الحمامة المذكورة، لأن طبيعة الوالدين تظهر في الابن. وبما أن الذى يولد من الروح القدس هو أيضًا روح فالمولود هو حمامة. فحقيقة الأم هي حمامة التي نزلت من السماء عند نهر الأردن، وكما شهد يوحنا المعمدان(يو 32:1). هذه هي الحمامة التي يُسميها الوصيفات بالمجيدة والتي يمدحها كل من السرارى والملكات. ويبقى الطريق مفتوحًا لجميع النفوس من كل مستوى لهذا المجد. لذلك يقول النشيد: رأتها البنات ومجدتها ومدحتها الملكات والسرارى (نش9:6). يتمنى كل واحد أن يعرف ما يمجدنه ويمدحنه، لذلك يمدحن البنات الحمامة ويرغبن بكل الوسائل أن يُصبحن حمامات ويظهر حماسهن في أن يُصبحن مثل ما يمدحنه من مدحهن للحمامة. سنتظر الجميع إلى نفس الهدف وكل شر سوف يتحطم وسيكون الله الكل في الكل وسوف يتحد جميع الأشخاص مع بعضهم البعض في شركة مع المسيح يسوع ربنا له المجد والقوة الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور آمين.

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
☦︎

معلومات حول الصفحة

عناوين المقال

محتويات القسم

وسوم الصفحة

انتقل إلى أعلى