Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
☦︎
☦︎

للسّيطرة على المال، وبه على اقتصاد العالم، كان لا بدّ، إضافةً إلى اللّعبة الماليّة، من تأمين الغطاء السّياسيّ والإعلاميّ لذلك. مال، من دون حماية، يُصادَر! ومالٌ، من دون سرّيّة ومن دون خداع للنّاس، يجعلهم يثورون على أصحاب المال! على هذا أخذ وحوش المال، منذ وقت مبكِّر، في التّسلّل إلى الأوساط السّياسيّة، وما إليها، في المدى الأمنيّ والمخابرات. كما وضعوا اليد على أبرز العصَب الإعلاميّ، هنا وثمّة. الأداة لتحقيق ذلك كانت، بصورة أساسيّة، المال! كلّ الموبقات، ابتغاء ذلك، كان محلّلاً! إذا كانت محبّة المال أصلاً لكلّ الشّرور، فإنّ شرور “النّخبة الماليّة العالميّة“، خلال ما بين المائتين والثّلاثمائة العام الأخيرة، فاقت بحجمها وعمقها ومداها وخباثتها كلّ شرور التّاريخ مجتمعة! هذا كان، بخاصّة، ثمرة تفتّح قوى العقل واستغلال العِلم من قِبَل المغرِضين المتهافتين على ابتلاع خيرات الأرض!!!

كيف فعلوا ذلك؟

1- على صعيد السّياسة:

استقطبوا إلى “المنظّمات السّرّيّة” وموّلوا مَن أمكن دفعهم إلى شغل المناصب الرّفيعة في الدّولة، أيّة دولة، هنا وهناك، ممّا ينفعهم. بعض الأسماء الغابرة، حتّى لا نذكر الحديثة: جورج واشنطن، روزفلت، ترومان، الرّؤساء الأميركيّون… دايزرايلّي، رئيس وزراء بريطانيا. ماركس، لينين، تروتسكي، ماوتسي تونغ… أرباب الثّورة الشّيوعيّة! لجأوا إلى الرّشوة، إلى التّهديد بالفضيحة، بالقتل… إلى الاغتيال، إلى إثارة المتاعب، والقلاقل، والأزمات الاقتصاديّة. حرّكوا وموّلوا الفئات الّتي تعاني حساسيّات فيما بينها، في البلد الواحد، أو بين بلد وبلد، ليقوم بعضها على البعض الآخر! هم أرباب الإرهاب بامتياز! وخبراء الابتزاز بلا منازع! الخطّة، دائمًا، كانت استعمال السّياسيّين لتحقيق سياستهم الماليّة تحت أيّ ظرف! والخطّة، أيضًا، كانت إثارة الحروب، حيث يلزم، لإغراق الدّول في الدّيون، وحملها على الاستسلام لهم! سنة 1791، في زمن الرّئيس الأميركيّ جورج واشنطن، أسّسوا أوّل بنك مركزي لهم في أميركا. سنة 1811 طلبوا تجديدًا لعشرين سنة إضافيّة. الرّئيس الأميركيّ أندرو جاكسون رفض. ناثان مائير روثشايلد هدّد: إمّا أن تجدّدوا الاتّفاق وإمّا الحرب! أجابهم الرّئيس جاكسون: أنتم حيّات ولصوص وأنا مزمع أن أستأصلكم! جواب روثشايلد كان: علّموا هؤلاء الأميركيّين درسًا! أعيدوهم إلى الانتداب الإنكليزيّ! العام 1812، بقوّة المال، أعلنت بريطانيا الحرب على الأميركا! استمرّت الحرب إلى 1816. الآلاف ماتوا من هنا ومن هناك. الضّغط الماليّ على الأميركا كان كبيرًا! استسلمت! حصل آل روثشايلد على ما يطلبون! عشرون سنة أخرى من السّيطرة على السّيولة الأميركيّة! سنة 1835، الرّئيس الأميركيّ أندرو جاكسون وقف في وجههم من جديد. جرت محاولة لاغتياله. أخيرًا تمكّن منهم. لمّا رقد، سنة 1837، طلب أن يُكتب على قبره: “قتلتُ البنك”!

الرّئيس الأميركيّ العاشر، جون تايلور، صدّهم، سنة 1841. انهالت عليه مئات رّسائل التّهديد بالقتل!

في زمن الرّئيس الأميركيّ السّادس عشر، أبراهام لينكولن، موّلوا الحرب بين الشّمال الأميركيّ والجنوب الأميركيّ. احتاج الرّئيس لينكولن إلى المال. اشترطوا استعادة السّيطرة على البنك المركزيّ وأن يدفع فائدة على المال تتراوح بين 24% و 36%! رفض. أصدر عملته الحرّة الخاصّة بالدّولة الأميركيّة! توعّد باستئصال أصحاب البنوك نهائيًّا متى انتهت الحرب الأهليّة. سنة 1865 انتهت الحرب! قال لينكولن أمام الكونغرس: لي عدوّان، الجيش الجنوبيّ أمامي، والمؤسّسات الماليّة ورائي. والّذي ورائي هو عدوّي الأكبر! بعد خمسة أيّام من انتهاء الحرب الأهليّة جرى اغتيال أبراهام لينكولن من قبل أحد أعضاء “المنظّمات السّرّيّة“. وهذا، بدوره، اغتاله عضو آخر من “المنظّمات السّرّيّة“!

العام 1963، الرّئيس الخامس والثّلاثون للولايات المتّحدة، جون ف. كندي، اتّخذ تدبيرًا ماليًّا يعيد للحكومة الأميركيّة حقّ إصدار الأوراق النّقديّة. في 22 تشرين الثّاني من السّنة عينها تمّ اغتياله!

وللنّخبة الماليّة العالميّة تاريخ في الثّورات والحروب. الثّورة الفرنسيّة. في 1 تمّوز 1904، في البرلمان الفرنسيّ، صرّح الماركي دو روزانبو (*)، وصفّق له الحضور: “الماسونيّة هي الّتي صنعت الثّورة الفرنسيّة”! الثّورة الإيطاليّة سنة 1830! الثّورات في باقي أوروبا! في 14 تمّوز سنة 1856 خاطب بنيامين دايزرايلي مجلس العموم البريطانيّ وتكلّم على المنظّمات السّرّيّة ونشاطها السّياسيّ في كلّ أوروبا. ممّا قاله في أهدافها: “لا يريدون حكومات دستوريّة، ولا إصلاح المؤسّسات، ولا تسجيل الأصوات… يريدون القضاء المبرم على المؤسّسات الكنسيّة”! الحرب العالميّة الأولى والثّانية النّخبة الماليّة العالميّة موّلتهما! الثّورة الشّيوعيّة صنعها أصحاب المال في أميركا وبريطانيا… شيء لا يُصدَّق؟! لكن المعطيات تؤكّده! مَن يطّلع يعرف، ومَن لا يشاء أن يعرف حرّ في أن يبقى أسير جهله!!!

في أوائل التّسعينات من القرن العشرين، كشف أشلي مُوت (Ashley Mote)، من الاتّحاد الأوروبّيّ، النّقاب عن وجود حساب خاصّ في بروكسل باسم GSF (Global Security Fund) برعاية يعقوب روثشايلد. ليس هو حسابًا عاديًّا. لا هو للتّجارة ولا هو داخل في القيود. يُستعمل، والكلام لأشلي مُوت: “لأهداف جيوسياسيّة، بإرشاد أجهزة المخابرات، فيما يبدو”! سأل السّائل رئيسَ الاتّحاد الأوروبّيّ المناوب عن علاقات الاتّحاد الأوروبّيّ بهذا الحساب (GSF). طبعًا لم يلق جوابًا! يُذكر أنّ قيمة هذا الحساب هي 65 ألف مليار دولار!!!

اليوم، بعد كلّ هذه السّنوات الّتي سعت فيها “النّخبة الماليّة العالميّة” للسّيطرة، لا فقط على السّاحة الماليّة الاقتصاديّة، لا بل على أكابر السّياسيّين من ذوي التّأثير في السّياسة العالميّة، أيضًا، اليوم، بعد كلّ هذه السّنوات، أصبحت السّلطة السّياسيّة الفعليّة في يد أصحاب المال، وبات السّياسيّون والدّول بمثابة واجهات وأدوات وساحات لها!

ما يعرف، في إنكلترة، بـ”الطّاولة المستديرة” هي الّتي هندست بناء الحرب العالميّة الأولى ودفعت إليها! في الولايات المتّحدة، في العام 1921، تأسّس ما يُعرف بـ”مجلس العلاقات الخارجيّة CFR “، وهو ما يقابل “الطّاولة المستديرة“! هذه وذاك مؤسّستان خاصّتان، من عمل آل روثشايلد وشركائهم! تُعرف الـ CFR بـ”الحكومة غير المنظورة” في الولايات المتّحدة الأميركيّة. أعضاؤها بضعة آلاف. في كتاب جايمس واردنر: “التّدمير المخطّط لأميركا” أنّ مستشار الأمن القوميّ ووزير الخارجيّة ووزير الدّفاع ووزير الخزانة والسّفير إلى الحلف الأطلسي، حتّى لا نذكر الكثيرين غيرهم، هم بصورة تلقائيّة من الّذين يُختارون من “مجلس العلاقات الخارجيّة CFR“! في زمن الرّئيس جورج بوش كان عدد المنتمين إلى الـ CFR، في إدارته، 387 شخصًا!

وإلى مجلس العلاقات الخارجيّة، الّذي هو الحكومة الكامنة وراء الإدارة الأميركيّة، كما يُبدي الدّارسون، هناك ما يُعرف بـ (Trilateral Commission TC)، أي الهيئة الثّلاثيّة الّتي تضمّ أميركا وأوروبا واليابان، وتحكم القرارات السّياسيّة الدّوليّة! هذه تأسّست سنة 1972 بجهد روكفلر وبريجنسكي! الهدف الأخير منها هو تأسيس اقتصاد عالميّ واحد وحكومة عالميّة واحدة ونظام ماليّ عالميّ واحد وديانة عالميّة واحدة!

أخيرًا، وليس آخرًا، كلّ الإيديولوجيّات السّياسيّة المتداولة، إلى اليوم، الدّيمقراطيّة والرّأسماليّة والشّيوعيّة والاشتراكيّة؛ وكذلك الشّعارات كالحرّيّة وحقوق الإنسان والمساواة والأخوّة وما أشبه، كلّها “بدع” استعملتها “النّخبة العالميّة الماليّة” و”المنظّمات السّرّيّة” لتقويض الأنظمة السّياسيّة وخلخلة الدّول وضرب الكنيسة وسائر الدّيانات الأخرى، ما عدا اليهوديّة (Adolphe Isaac Crémieux (1) )، من باب ذرّ الرّماد في العيون، لإثارة الشّعوب وضرب الحكومات، وتجيير المكاسب الاقتصاديّة والسّياسيّة لأصحاب المال وعملاء المنظّمات السّرّيّة!

2- على صعيد الإعلام:

يسيطر آل روثشايلد وشركاؤهم على 80% من أبرز الإعلام العالميّ! هدفهم أوّلاً: تأمين بقائهم يعملون في الخفاء دون تسليط أضواء الإعلام عليهم. دافيد روكفلر، في حزيران 1991، قال: “نحن ممتنون للواشنطن بوست والنّيويورك تايمز ومجلّة التّايمز وسواها… لم يكن ممكنًا لنا أن نطوِّر مخطّطنا للعالم لو كنّا عرضة، خلال الأربعين السّنة الفائتة، للأضواء السّاطعة للإعلام. أمّا الآن فقد بات عملنا أكثر تقدّمًا، وبتنا مهيَّئين للسّير قُدمًا صوب حكومة عالميّة. إن السّيادة العالميّة، للنّخبة العقلانيّة وأصحاب مال العالم، هي، بكلّ تأكيد، خير من السّيادة القوميّة الّتي كانت في الممارسة خلال القرون الماضية إلى اليوم”!

والهدف الثّاني من السّيطرة الإعلاميّة هو التّمويه والخداع وتدجين العقول وتجييش النّفوس وتعويد النّاس على أفكار ملتوية معيّنة واتّجاهات عدميّة محدّدة وأخلاق متفلّتة مُفسَدَة ومشروعات استعباد مموّهة يرغب أصحاب الإعلام الموجّه، من “النّخبة الماليّة العالميّة”، في بثّها بين النّاس باسم الحرّيّات وحقوق الإنسان…

هناك وكالتان أساسيّتان للإعلام العالميّ اليوم: رويترز والـ (Associated Press AP). رويترز تملك الـ AP، وآل روثشايلد يملكون رويترز منذ أواخر القرن التّاسع عشر!

سنة 1915 اشترت شركة تخصّ J.P. Morgan، وهي من الشّركات المرتبطة بـ آل روثشايلد، خمسًا وعشرين صحيفة من كبريات الصّحف، أو تمّت لها السّيطرة عليها!

اليوم، في الولايات المتّحدة، وحدها، ستّ شركات إعلاميّة ضخمة، بعدما كانت هناك ثمان وثمانون. هذه السّتة تملكها كلّها أو تسيطر عليها عائلة روثشايلد! وما يقال عن الولايات المتّحدة الأميركيّة يقال عن كلّ وسائل الإعلام البارزة في العالم!

على هذا، يكون وحش المال قد أحكم قبضته، إلى حدّ بعيد، على السّياسيّين والقرار السّياسيّ العالميّ، وعلى أكثر وأهمّ وسائل الإعلام، وعلى عقول النّاس واتّجاهاتهم! أميركا وأوروبا كانتا الحلقتين الأكثر بروزًا في مشروع “النّخبة الماليّة” و”المنظّمات السّرّيّة“، وقد تمّت السّيطرة، سيطرة وحش المال، على السّياسة والأمن والإعلام وما إلى ذلك، فيهما! بقيّة العالم اكثره دُجِّن، والقليل الباقي يُدجَّن بين مطرقة “النّخبة الماليّة العالميّة” وسندان الغرب! وما يحتاج إلى العنف ليرضخ تُسلَّط عليه منظّمةُ حلف شمالي الأطلسي (NATO) باسم ما يشاع أنّه “المجتمع الدّوليّ” و”الرّأي العام العالميّ”! ولمَن يسأل عن دول كالصّين والهند وروسيّا، يشار إلى أنّ “المنظّمات السّرّيّة” تسلّلت وترسّخت في الهند بدءًا من العام 1730، وفي روسيّا بدءًا من العام 1740، وفي الصّين بدءًا من العام 1767!

فماذا بعد؟

 

 


 

(*) بما أن قدس الأرشمندريت توما بيطار وضع فقط لقب الشخص وليس اسمه، قمنا بالبحث عن مصدر المعلومة، ووجدناها في: Mgsr. Henri Delassus, La Conjuration anti-chrétienne, vol. 1, 1910, p. 146; quoted in de Poncins, op. cit.,p.30… (الشبكة)

(1) ن كبار رجال “المنظّمات السّرّيّة”. اعتبر اليهود وحدهم الشّعب المختار، وهم وحدهم يستمرّون! عمل مع ماركس في إنكلترة على إعداد ثورة عالميّة باسم البروليتاريا!

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
arArabic
انتقل إلى أعلى