Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
☦︎
☦︎
☦︎

لدى “المنظّمات السّرّيّة“، منذ البدء، مشروع سياسيّ هو حكم العالم؛ وَلَدَيها، في إطار مشروعها السّياسيّ، موقف دينيّ راسخ ثابت ولو مموّه: إطاحة الكنيسة! لا الّذين ينظرون من الخارج يدركون هذا الأمر، لأنّه لا يطالعهم، في مَن يعرفون انتماءهم إلى هذه المنظّمات، من أصدقائهم ومعارفهم، سوى قناع دينيّ أو اجتماعيّ؛ ولا أكثر الّذين من داخل هذه المنظّمات يعرفون الحقيقة المخفيّة لما ينتمون إليه. فإنّ “المنظّمات السّرّيّة” جملة دوائر مقفلة الواحدة منها عن الأخرى. الدّوائر الدّنيا لا دراية لها بما في الدّوائر العليا. فقط النّخبة اليهوديّة ذات الصّلة بالنّخبة اليهوديّة الماليّة العالميّة تَعرف كلّ شيء وتَسوس كلّ شيء بطريقة خفيّة لا تعرفها إلاّ هي. وشيمة هذه النّخبة، في كلّ حال، السّرّيّة والمواربة!

ثمّة مؤلَّف يَظنّ قومٌ أنّه مزوّر هو “بروتوكولات حكماء صهيون(1). هذا نقله إلى العربيّة عجاج نويهض، وأصدرته دار الاستقلال والمؤسّسة العربيّة للدّراسات والنّشر، بيروت. الطّبعة الّتي لديّ هي الرّابعة، 1996. مَن يقرأ الكتاب، الّذي نُقل من العبريّة أو الفرنسيّة إلى الرّوسيّة سنة 1905، وإلى الإنكليزيّة في الثّلاثينات من القرن العشرين، أقول مَن يقرأه في خلفيّة ما يجري في العالم، اليوم، لا يمكنه إلاّ أن يُسلِّم بأمر من اثنين: إمّا أنّ الكتاب أصليّ لا شكّ في أصالته، وإمّا أنّ مَن كتبه كان يقرأ ما سيجري بعد أكثر من مائة عام بدقّة مدهشة تكاد تكون نبويّة!

ماذا ورد في البروتوكولات في الشّؤون الّتي أشرنا إليها أعلاه؟

المنتمون إلى “المنظّمات السّرّيّة”، من غير “النّخبة اليهوديّة“، يُعرَفون بـ”الماسونيّة الأمميّة“. هذه “الماسونيّة الأمميّة“، بتعبير أصحاب البروتوكولات، “تخدمنا خدمة عمياء بأن تكون ستارًا لنا نحتجب من ورائه نحن وأغراضنا وصور خططنا…” (البروتوكول الرّابع). البروتوكول الحادي عشر يُبدي أنّ مَن وراءه اجتذبوا الغوييم (الأمم) إلى القافلة الجرّارة من “المحافل الماسونيّة، فقامت هذه المحافل بذرّ الرّماد في عيون أعضائها”. ويُسأل لِمَ كثرة المحافل الماسونيّة الحرّة في جميع بلدان العالم؟ جواب البروتوكول الخامس عشر هو: “لتمتَصّ إلى جوفها الّذين يمكن أن يغدوا منذوي النّباهة والشّأن، أو هم هكذا في حاضر حالهم، في تعاطي الشّؤون العامّة. في هذه المحافل نجد طلبتنا من مكامن التّجسّس الرّئيسيّة وأسباب نشر نفوذنا. وهذه المحافل نضعها تحت إدارة مركزيّة معروفة لنا وحدنا. وأمّا غيرنا فلا يدري من ذلك شيئًا مطلقًا…”.

في شأن المشروع السّياسيّ لتلك “المنظّمات السّرّيّة“، يورد البروتوكول الخامس الخطوات التّالية المنوي تنفيذها:

  1. تفتيت وجود الأمم (الغوييم)
  2. ابتلاع طاقات الدّول
  3. إنشاء الحكومة العالميّة العليا

وفي مكان آخر من البروتوكول الخامس عينه، كلام على ملك إسرائيل، أي، عمليًّا، على المسيح اليهوديّ المنتظَر(!)، وصيرورته أبًا للعالم وتقديم أوروبا [يتكلّمون على أوروبا كواحدة EU قبل حدوثها بزمن بعيد] التّاج المقدّس له. بالصّيغة الّتي يعرضها هذا البروتوكول، الكلام بشأن ملك إسرائيل هذا ورد على النّحو التّالي: “متى وضع ملك إسرائيل على رأسه التّاج المقدّس الّذي تقدّمه إليه أوروبا فإنّه يصبح أبا العالم”.

إلى هذا الكلام أعلاه، يضيف البروتوكول السّابع عشر أنّه بعد القضاء على المسيحيّة، سيكون ملك اليهود، بتعبير البروتوكول عينه، “هو البابا الحقيقيّ للمسكونة كلّها وبطريرك كنيسة دوليّة عالميّة”. هذا ويكشف كاتب البروتوكول بصراحة أنّه “قد سبق لنا فيما مضى من الوقت أن بذلنا جهدًا لإسقاط هيبة رجال الدّين عند الغوييم [المقصود بهم هنا المسيحيّون] وقصدنا بذلك أن نُفسد عليهم رسالتهم في الأرض. وبتنا الآن لا يفصلنا عن رؤية الدّين المسيحيّ قد انهار انهيارًا تامًا سوى بضع سنين”.

في مقالنا الأوّل، في هذه السّلسلة، تكلّمنا على روح الضّلال المبثوث في العالم. في البروتوكولين الرّابع والثّالث عشر ما يوضح مادّة ما سيجري به تضليل النّاس فيما يكون أصحاب مشروع حكم العالم ماضين في تحقيق مراميهم. أمران لافتان بخاصّة، في هذا الشّأن:

1- تأكيد تحويل اهتمام المسيحيّين من الله والرّبّ والرّوح إلى المال والحاجات المادّيّة. القول الكامل هو: “من المحتّم علينا أن ننسف الدّين كلّه لنمزِّق من أذهان الأمم (الغوييم) المبدأ القائل بأنّ هناك إلهًا وربًّا وروحًا، ونضع موضع ذلك الأرقام الحسابيّة والحاجات المادّيّة” (البروتوكول الرّابع)

2- تأكيد إلقاء الجماهير في اللّهو. والقول هو: “لكي تبقى الجماهير في ضلال لا تدري ما وراءها ولا ما أمامها، ولا ما يُراد بها، فإنّنا سنعمل على زيادة صرْف أذهانها بإنشاء وسائل المباهج والمسلّيات والألعاب الفكهة وضروب أشكال الرّياضة واللّهو وما به الغذاء لملذّاتها وشهواتها… فتتوجّه أذهانها إلى هذه الأمور وتنصرف عمّا هيّأناه” (البروتوكول الثّالث عشر).

في خلفيّة هذا التّصوّر للأمور، يبدو واضحًا أنّ المنتمين إلى “المنظّمات السّرّيّة“، من غير النّخبة الماليّة اليهوديّة العالميّة، يُستَعمَلون استعمالاً! وهؤلاء لا تتعدّى معرفتهم بها حدود الظّنّ أنّها ضرب من الأخويّة الاجتماعيّة، ذات الشّعارات البرّاقة كالحرّيّة والأخوّة والتّعاون والمساواة، الّتي يؤمِّن فيها أعضاؤها بعضهم للبعض الآخر، في إطارٍ من السّرّيّة والطقوسيّات الخاصّة، خدمات تجعلهم يترقّون في وظائفهم وأعمالهم. أخدمك تخدمني! أبلِّغك إلى حيث ترغب تبلِّغني إلى حيث أَشتهي! مافيا مصالح! شبكة متنافعين خارج حدود الأَهليّة والقانون! الأكثرون، في حدود هذه الشّبكة، يَعتبرون الانتماء إلى “المنظّمات السّرّيّة” انتماءً إلى علّّية القوم أو المتنفّذين في البلد أو إلى أصحاب الثّروات، ما يسهِّل ترقّيهم في العمل والوجاهة والمكانة الاجتماعيّة! وثمّة مَن لا يجد غضاضة في الجمع ما بين انتمائه إلى “المنظّمات السّرّيّة”، حيثما تيسّر له ذلك، وإيمانه بالله وتردّدِه على الكنيسة! مَن تراه يخطر بباله، إذا ما كان من “إخوة” “المنظّمات السّرّيّة”، وصار وزيرًا، مثلاً، أو مديرًا عامًّا لإحدى الوزارات أو مدير شركة أو أستاذ جامعة أو حتّى رجل دين، ووصل إلى حيث وصل بفضل انتمائه إلى تلك المنظّمات، أقول مَن تراه يخطر بباله أنّ ثمّة مَن هو واقف وراء السّتار، يستغلّ موقعه، بطريقة خفيّة، ليدفعه إلى اتّخاذ تدابير أو مواقف تسيء أو تسيء جدًّا إلى الموقع أو إلى الطّائفة الّتي يمثِّل تحت جنح التّهديد بالإطاحة؟! هذا ربّما خطر ببال قلّة قليلة من القوم، فيما يتغاضى الأكثرون عن الأذى الّذي يتسبّبون به لصالح “المنظّمات السّرّيّة” غير مبالين بما ينتج عنه ما دام أنّهم ومصالحهم وكراماتهم وسلطتهم وصورة النّاس عنهم بخير!!! مَن يشدّون الخيوط من هناك يبيعوننا لحمنا ولحم إخوتنا وشركائنا في الكنيسة والمجتمع، ليوظّفوا فسادنا وإفسادنا بعضنا البعض في تحقيق مآربهم معتبريننا في مصاف البهائم! هذا، تمامًا، ما عبّر عنه البروتوكول الحادي عشر من “بروتوكولات حكماء صهيون” لما قال: “مؤسّساتنا الماسونيّة لا تعرفحيوانات الأمم (الغوييم) من أمرها شيئًا يُذكر، ولا من أغراضها الخفيّة إلاّ ما يؤخذ بالظّنّ والتّقدير”!

إلى ذلك، لا بدّ، ونحن في صدد الكلام على “المنظّمات السّرّيّة” ومشروعها السّياسيّ ودور النّخبة اليهوديّة العالميّة فيها، أقول لا بدّ من التّمييز بين فئة اليهود الّذين ينتمون إلى هذه النّخبة الماليّة، وفئة اليهود الّذين لا ينتمون إليها. هناك فئتان من اليهود: أصحاب المشروع الكتابيّ، أي ما له علاقة بالفكر التّراثيّ للنّاموس والأنبياء؛ واليهود أصحاب المشروع السّياسيّ، الّذي هو حُكْم العالم من خلال النّخبة الماليّة اليهوديّة العالميّة. الفئة الأولى هي اليهوديّة التّراثيّة، فيما الثّانية هي الصّهيونيّة العالميّة. الثّانية تستغلّ الأولى، والأولى ضحيّة الثّانية! إسرائيل السّياسيّة ولو قُدّمت، من هذا المنظار، باعتبارها الوطن القوميّ لليهود، فهي ليست، كذلك. اليهود الكتابيّون وطنُهم النّاموس والأنبياء! أمّا إسرائيل الدّولة فهي عاصمة العالم الّذي تعمل النّخبة الماليّة اليهوديّة العالميّة على التّسلّط عليه وحكمه! إسرائيل تُعَدّ لاحتضان الحكومة العالميّة الواحدة وملك إسرائيل الآتي!

على هذا ليس اعتماد النّخبة اليهوديّة، صاحبة المشروع السّياسيّ الصّهيونيّ، على الله ولا على ناموس موسى ولا على الأنبياء ولا على المزامير، إلاّ كغطاء وستار لمرامي الخباثة؛ اعتمادها هو على شيء آخر: على قوّة الذّهب! النّخبة الماليّة اليهوديّة العالميّة تسعى، منذ مئات السّنين، للسّيطرة على العالم من خلال السّيطرة على المال! من هنا مغزى القول الوارد في البروتوكول الثّاني والعشرين من “بروتوكولات حكماء صهيون“: “إنّ في يدنا أرهب قوّة في هذا العصر: الذّهب. ففي مقدورنا أن نُخرج من خزائننا منه أيّ مقادير نريد في بحر يومين”!

 

 


 

هذا هو الوجه الاقتصاديّ للوحش الآتي “666”(!)

(1) لتحميل الكتاب: عربي أو إنجليزي… (الشبكة)

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
arArabic
انتقل إلى أعلى