Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
☦︎
☦︎

ولندخل الآن في صميم الموضوع بإيمان ومحبة ورعدة، لأن الكلام عن الثالوث ترتعد من هوله الملائكة.

1- “أومن بالإله الواحد”

الجهل قديماً – كان العالم غارقاً في العبادات الوثنية. توصّل العقل البشري قديماً إلى الإعتقاد بوجود خالق. إنما أظلمته الخطيئة فلم يهتدِ إلى الإله الحقيقي. هدانا الله أولاً في شخص أبينا ابراهيم. وهكذا غرس الله في الأرض غرسة عبادة الإله الواحد غير المادي وغير المنظور. ونمت الغرسة وسط العواصف العاتية، لأن ظلام الخطيئة أفسد العقول والقلوب. فليس الإيمان تصديقاً بل شركة. ابراهيم كان صديق الله، خليله.

نسل ابراهيم – وإنما، قبل ظهور ربنا يسوع، كان هناك قوم يؤمنون بإله هو روح لا مادة، وأنه غير منظور، وغير مدرك، وقادر على كل شيء، وأنه واحد، وأنه غير محدود في الزمان والمكان والقدرة: إنهم قوم العهد القديم.

في كتاب العهد القديم، تعلَّم البشر أن الله أحد لا شبيه له في المخلوقات. والعهد القديم عدو لدود لتعدّد الآلهة وعبادة الأصنام. فقد نزَّه مفهوم الله عن كل ما هو مادي ومخلوق ومحدود.

هذه الخطوة هي قفزة نوعية في تاريخ العالم، إن استعرنا هذا التعبير من علماء البيولوجيا: تحرّر العقل البشري من مفهوم الإله بالإعتماد على حواسّه وفكره الأرضي. قامت عملية تجريد ذهني تحرَّر فيها الفكر من تصوّر “الإله” كما يتصوّر المرء المخلوقات (29).

يسوع – إنها قفزة نوعية في تطوّر البشر نحو معرفة أكمل من ذلك، أي – يوماً – معرفتنا بالله بواسطة الله نفسه، بواسطة ربنا يسوع. فبماذا اتانا الرب يسوع؟

وحدة الله – لم يخرج عن تعليم العهد القديم في القول بوحدة الإله. الله أحد. لا يمكن أن يكون له شريك ينازعه السلطة أو يتقاسمها معه. ولا يمكن أن يكون مخلوقاً، وإلا بطل كونُه خالقاً أوحد، لا خالق سواه.

وليست وحدته عددية. فالإثنان أكثر من الواحد والثلاثة أكثر من الإثنين. عدد المليون أهم من عدد الألف، وهكذا دواليك.

أحدِيّةُ الله – أحديّة الله هي أحديّة نوعيّة: لا مثيل له. هو من نوعية خاصة، بل هو فوق التصنيف كله. هو أسمى من الوحدة والأحديّة وكل ما يستطيع عباقرة البشر أن يتصوّروه.

التواضع أمامه – هو فوق مداركنا. بعقلنا نصل إلى القناعة بأنه موجود وخالق أوحد. إن تجاسرنا على أكثر من ذلك هوينا، وسقطنا فريسة كبريائنا، وغطرسة عقولنا العاتية. فأقرب طريق إلى الله هو التواضع أمامه تواضعاً مطلقاً في لهفة الغريق للنجاة من عواصف البحر الهائج. آنذاك يشفق الله على تواضعنا ولهفتنا، فيطلق شعاعاً لطيفاً في عقولنا وقلوبنا لهدايتنا إلى معرفته. قال الشيطان مرة للقديس مكاريوس المصري: لم تغلبني بالصوم والسهر بل بالتواضع.

لا يمكن أن نعرف الله بدون الله. هو موضوع المعرفة وهو وسيطها. هو يكشف لنا عن ذاته، ولكن في التواضع لا في العنجهية، والغطرسة، والتفلسف، وخيلاء العلم والفلسفة، والتَلْهوت (30) الفارغ أو الكاذب..

الكبرياء عدو الإيمان – بدون التواضع، اشطبوا كل شيء: على الدنيا السلام. يرتبط الكفر والإلحاد والزندقة بالكبرياء بنسبة معيّنة تختلف بين البشر.. الفريسي المتكبّر سقط من رحمة الله مع انه عالم دين، ولكنّه أجوف مُراءٍ منافق. أما العشار (31) الخاطئ فامتلأ من رحمة الله لأنه تواضع. ما أبعد الفريسيين في كل زمان عن يسوع الإنجيل.

2- الله ثالوثي الأقانيم

أتانا يسوع المسيح بتعليم أكمل من تعليم العهد القديم. علّمنا أن الإله الواحد هو ثلاثة: الآب والابن والروح القدس.

هذا التعليم أثار حفيظة اليهود عليه، وما زالوا. هذا التعليم نسف بنية اليهودية، فعادت بعده ديانة تقوقع، بينما اكتسح المسيح فلسطين والدنيا. فالمسيح للعالم كله، بينما اليهودية هي ديانة عرقية ترتبط ببقعة من الأرض.

الله هو 1=3

يسوع صلب عقولنا بهذا التعليم. ومع هذا فقد قبلنا الصليب ولا نرضى عنه بديلاً، لأننا قبلنا يسوع نفسه، فقبلنا تعليمه تبعاً لشخصه.

قبولنا لشخص يسوع جعلنا نقبل رسالته، بالرغم من كل ما فيها من صلبان للعقل والرغبات والشهوات. كلها صلبان، كلها بطولات لتجاوز العالم. من السّهل جدّاً أن يشعر المرء في حضرة يسوع بأنه يدخل فرنا يحوِّله عن ذاته: 1- عقليّاً، يسلّمني يسوع تعاليم لا تثبت أمام كبرياء عقلي النقّاد المشرّح العاتي الذي لا يرحم. 2- إداريّاً، يطلب مني معاكسة رغباتي وإراداتي. 3- عاطفيّاً، يطلب مني أن أصلب نفسي، أن أحمل صليبي وأسير معه طوال النهار والليل كليهما، ما دمتُ على الأرض. 4- حياتيّاً، يطلب مني أن أبذل نفسي من أجله ومن أجل البشر. فهو يمجِّد – بالدرجة الأولى –موت الشهادة. أكمل عباده – بعد أمه العذراء ورسله – هم الشهداء. عصره الذهبي هو عصر الشهداء. يفضِّل الباردين على الفاترين المهملين المتقاعسين (رؤيا 15:3-22).كيف قبله الناس، كيف انتشرت ديانته؟ كيف رضي الناس بأن يصبحوا من أجله مجانين وشهداء وينحوا باللائمة على الجبناء والمتخاذلين والفارّين؟

هذا سر شخصه الإلهي. هذا سر يمينه القديرة. أتباعه المخلصون يفضّلون أن يضعهم الناس في النار على أن يضعهم سواه في الغبطة (32). فناره أحلى من هذه الغبطة الزائفة. جحيمه – إن سمحنا لأنفسنا بهذا التعبير – خير من نعيم سواه.

إن نجاح دعوة يسوع مرتبط بشخصه. بدونه تبقى الديانة المسيحية خالية من كل نكهة عملية، لأنها ديانة شنق الذات في الدنيا، لتحيا في الآخرة.

إذن: قبلنا يسوع، فقبلنا منه كل ما شاء أن يقول لنا. وهل من السهل أن يرفض إنسانٌ يسوع؟ فالكون بدونه فراغ وقوقعة. ما قيمة الإيمان بوجود إله إن لم نقبل يسوع؟ ومن هو الله إن لم نشاهده في وجه يسوع؟ فلنقل له مع بطرس: “يا رب، إلى من نذهب؟ إن كلام الحياة الأبدية عندك” (يوحنا68:6. الترجمة الأرثوذكسية منقَّحة).

قبلنا يسوع، فقبلنا أن نؤمن بأن الله هو الآب والابن والروح القدس، له السجود من كل ذرات الكيان المنسحق الخاشع، إلى الأبد.

فمن هو هذا الإله الثالوثي الذي لا يمكن أن يدركه العقل؟

إن الكنيسة الأولى آمنت بأن الله هو أحد وثلاثة، وعمَّدت الناس باسم الآب والابن والروح القدس. ولم تزل على ذلك حتى يومنا هذا وإلى الأبد (متى 19:28).

ولكن حاول علماء الكنيسة تقريب هذا التعليم من الافهام. وكانت المهمة شاقة، لأن أمور الله أبعد عن مدارك البشر.

فليس النسك فقط سهراً، وصوماً، وشظفاً، ونوماً على الأرض، ومكافحة للرغبات، للذات، للشهوات وللميول وللأهواء. إنه نسك عام يشمل الإنسان برمّته.

العقل أيضاً هو بحاجة إلى النسك. عليه أن يتخلّى عن مفاهيم الأرض، وأن يتواضع أمام الله، وأن يتطهّر من كل فكر دنيوي، وأن يصلي إلى الله صلاة بارّة طاهرة خاشعة تستغرق كل كيانه، لكي يدنو من الله. لا نستطيع أن نعرفه إلاّ بالقدر الذي يكشف لنا هو نفسه عن ذاته. نحن مدينون له بذلك، ليكون الفضل لله لا لنا.

ولم تكن اللغة اليونانية – لغة العلم والفلسفة آنذاك – صالحة لنجدة رجال الفكر المسيحي. هذا مع العلم أن اللغات الأوروبية ما زالت حتى اليوم تستعير منها تركيب المصطلحات اللاهوتية والفلسفية والعلمية.

المصطلحات اللاهوتية – توصّل الآباء الملهمون إلى نحت مصطلحات جديدة. شرحوها لنا. وهكذا قلّدونا ثوباً لاهوتياً فضفاضاً نورانياً. عقيدتنا نور إلهي. استعمل الآباء القديسون لشرح سر الثالوث القدوس، الألفاظ التالية: جوهر، طبيعة، أقنوم، شخص، المساوي في الجوهر.

قالوا: إن الله جوهراً واحداً. واستعملوا “طبيعة” بمعنى “جوهر”.

وقالوا: إن الألوهة واحدة. وهي جوهر الله.

وقالوا: إن وحدة الله هي وحدة الجوهر، وحدة الألوهة.

وقالوا: إن للآب والابن والروح القدس جوهراً واحداً وألوهة واحدة.

وقالوا: بما أن الجوهر واحد، فالإله واحد.

وقالوا: لو كان جوهر الآب هو غير جوهر الابن، وجوهر الروح القدس هو غير جوهر الآب وغير جوهر الابن، لكان لهم 3 جواهر.

وقالوا: لو كان لهم 3 جواهر لكانوا 3 آلهة مستقلين. فتعدّد الجواهر يعني تعدّد الآلهة. وهذا شرك ووثنية.

إذن: المسيحية بقيت محافظة على التوحيد اليهودي القائل بأن الله أحد لا شريك له.

وحدة الجوهر – ما هي الوحدة إذن؟ وما هي أهميتها؟ وكيف نفهمها؟ إنها وحدة الجوهر. ما دام جوهر الثالوث واحداً فالإله واحد والألوهة واحدة. ولا يغيّر التثليث شيئاً في الوحدة لأن الجوهر واحد بلا انقسام. ولكن كيف الإله ثلاثة؟

أقنوم وشخص – آباء الكنيسة استعملوا لفظة “أقنوم” ولفظة “شخص”. ثم جعلوا اللفظتين مترادفتين. فكل إنسان شخص. ولكن هل في العالم خمسة مليار طبيعة بشرية على عدد أفراد الجنس البشري؟ كلنا من نسل آدم. وفوارقنا الشخصية لا تبلغ حدّاً يسمح بأن نقول أن طبيعة أحدنا هي غير طبيعة باقي أفراد البشر.

إنما اشخاص البشر منفصلون. وكل منهم يملك الطبيعة البشرية على وجه الاختصاص. يملكها كلها في شخصه منفصلاً عن الأشخاص الأخرى. ليسوا رؤوساً لجسم واحد. المعوَّل عليه هو شخصي. الطبيعة موجودة في الشخص. الشخص هو مستند الطبيعة. الطبيعة تقوم في الشخص لا خارجه. ولكن كيف الأمر بالنسبة لله؟

الآب والابن والروح القدس 3 أشخاص (أي 3 أقانيم) يملكون معاً كل الجوهر الإلهي أي الطبيعة الإلهية أي الألوهة موجودة معاً برمّتها في كل واحد منهم.

الآب يملكها برمّتها. الابن يملكها برمّتها. الروح القدس يملكها برمّتها. لا يملكها أحدهم على انفراد كما الأمر لدى البشر. الجوهر الإلهي هو برمّته للآب والابن والروح القدس دون انفصال ولا اقتسام ولا انقسام (33).

البشر أشخاص. إنما أيضاً أفراد.

ليس من فردية في الله. ليس من جوهر إلهي خاص بالابن مثلاً. الجوهر واحد. هو برمته للآب وبرمته للإبن وبرمته للروح القدس.

بين البشر، لي انا امتياز على طبيعتي البشرية. وأنت لك امتياز على طبيعتك البشرية. في الثالوث الأقدس، هذا مفقود. لا ينفرد أحد الأقانيم بشيء ما بالنسبة للجوهر، كما أنفرد أنا بطبيعتي البشرية.

المساوي في الجوهر – ولذلك استعمل الآباء لفظة “المساوي في الجوهر”. في اللغة اليونانية تعني اللفظة أن للأقانيم جوهراً واحداً بعينه. فإن قلنا أن الابن أو الروح القدس مساوٍ في الجوهر للآب عنينا أن لهم الجوهر الواحد بعينه.

الإله واحد، الجوهر واحد، الألوهة واحدة، الآب واحد، فلماذا الثلاثة إذن؟ أو ماذا يميّز أحدهم من الآخر؟

الولادة والانبثاق – الآب وَلَدَ الابن. الابن صادرٌ من الآب بالولادة. الروح القدس بالانبثاق، الابن والروح القدس صادران من أقنوم الآب.

الولادة والانبثاق أمران يتعلقان بأقنوم الآب لا بجوهر الآب. لو كان الابن مولوداً من جوهر الآب لكان مولوداً من نفسه أيضاً، ولَكان ابن نفسه. ولو كان الروح القدس منبثقاً من جوهر الآب لكان منبثقاً من نفسه أي يكون الروح القدس منبثقاً من الآب والابن والروح القدس.

بعبارة أخرى: لو كان الابن مولوداً من جوهر الآب لكان مولوداً من الآب والابن والروح القدس، وكذلك الروح القدس لكان منبثقاً من الآب والابن والروح القدس.

الآب هو العلّة في الثالوث. منه يصدر الابن بالولادة، الروح القدس بالإنبثاق. هو عنوان الوحدة ومصدرها.

ولا تمييز بين الثلاثة إلا بهذه الخاصيات الثلاث: 1- الأبوة خاصية الآب. 2- البنوة خاصية الابن. 3- الإنبثاق خاصية الروح القدس (34).

ما عدا ذلك، كل شيء مشترك بين الثالوث القدوس دون قسمة. والمساواة بين الأشخاص تامة. لو كان الإبن أو الروح القدس أنقص من الآب لكانا مخلوقين، وكانا دون الآب. لا تفاوت بين الثلاثة أبداً. إنما الآب وحده العلة فصدر منه الإبن والروح القدس.

كل واحد منهم يحوي الإثنين بدون امتزاج أو اختلاط. لا انفصال ولا انقسام بينهم. كل واحد منهم قادر على كل شيء وحاضر في كل مكان. لا يمكن أن نسجد للآب بدون الإبن ولا الإبن بدون الروح القدس.

عندما يقول المسيحي: “اللّهم، يا رب ارحمني”. يقول: “أيها الآب والإبن والروح القدس إرحمني”. لا إله إلا الثالوث القدوس.

ليس الله شيئاً والآب والإبن والروح القدس شيئاً آخر. لا يتألّف الله من الثلاثة. الله هو الآب والإبن والروح القدس.

كل واحد منهم إله. ولكن ليسوا آلهة. هم إله واحد.

ليسوا إلهاً واحداً منغلقاً. إله المسيحيين يختلف عن صورة الله لدى الفلاسفة اليونان ولدى اليهود. فليس الله بمفهوم فلسفي مجرّد وليس إلهاً واحداً وحيداً قابعاً في الأعالي والعزلة.

إله منفتح – إله المسيحيين ثالوث، إله واحد في 3 أشخاص. إنه هو إله منفتح. عالمه هو عالم الأشخاص المنفتحين. ليس ماهية نظرية مجرّدة كما الفلسفة اليونانية. هو 3 أشخاص يحتوي كل منهم الآخرين في شركة محبة.

والشخص عالم منفتح على الغير. عالمه هو عالم “أنت ونحن”.

 الله محبة .الأرثوذكس يميّزون في الله بين الجوهر الغير المدرك والقوى الإلهية، بالاماس اعتبر كل الاسماء الالهية قوىً. اذاً: الصلاح، المحبة، النور، الحياة، الحكمة، البر، العدل، النعمة قوى الهية جوهرية صادرة من جوهر الله بدون ان تكون هي الجوهر. نتحد بالله بالنعمة. نصير آلهة بالنعمة لا بالجوهر (بالاماس، الدفاع عن الهدوئيين).

إله محبة – الآب يحب الابن. الابن يحب الآب. الآب يحب الروح القدس. الروح القدس يحب الآب والابن. الابن يحب الروح القدس.

يوحنا الإنجيلي قال: “الله محبة” (رسالة يوحنا الأولى 8:4 و16).

بالمحبة المطلقة يحتضن كل أقنوم من الثلاثة الشخصين الآخرين.

وبالمحبة أيضاً أستطيع أنا الشخص البشري أن أنفتح للأشخاص الإلهيين وأن اقتحم عالمهم الشخصي، وأن انتمي إليه.

الفارق بيني وبين الله فارق غير محدود. هو الله وأنا دويبة. إلا أني شخص. وهو أيضاً شخص. عالم الأشخاص هو عالم الإنفتاح، عالم الشركة، عالم التنافذ والتناضح. بمعنى آخر، إن الشخص يتغلغل في الشخص (35). يتحاور الآب والإبن والروح القدس ويقولون: لنصنعنّ الإنسان على صورتنا ومثالنا (تكوين 26:1-27). يسوع ناجى الآب.

بولس الرسول علّمنا أن الروح القدس الساكن فينا ينادي فينا الآب السماوي: “أبَّاً” أي يقول الروح القدس فينا للآب: “أبّاً” (رو 15:8 وغلا 6:4).

عالم “نحن” – عندما يكون ارتباطي بالإخوة في أي مسألة نقول عنها: “نحن”. مثلاً نحن صلّينا معاً، نحن اعترفنا معاً بالله…

عالم ال”نحن” هو عالم الأشخاص الإلهيين. وهو أيضاً – بنسبة أضعف جدّاً – عالم الأشخاص البشريين. الحميمية تقوم بين الأرواح لا بين الأجساد والحجارة.

لاهوت شخصاني – هذا اللاهوت الشخصاني هو فوق المدارك البشرية وإنما يسدّ فراغاً هائلاً في حياة البشر. يجعل الله أدنى إلى الإنسان من نفسه. فلا غرابة إن قرأنا لدى الذهبي الفم ونيقولاوس كاباسيلاس هذين القولين الخالدين المتعلّقين بيسوع:

إنه “أقرب إلينا من قرب الجسم من الرأس” (الذهبي، العظة، 3:19 على يوحنا). إنه “أقرب إلينا من نفسنا ذاتها” (من اليوناني 712:150 كاباسيلاس).

صلاة – فيا ثالوثنا، يا ثالوث المحبة، اغمرنا بحنانك، وأدخلنا إلى عمق شركتنا. أخرجنا من محدوديتنا المفروضة علينا لسببين : 1- لكوننا مخلوقين . 2- لكوننا خاطئين، مظلمين، تائهين، حائرين، هالكين. بعد خطيئة آدم وحواء، فقدنا الرشد والهداية.

أخرجنا من محدوديتنا  وضمّ  اشخاصنا  الى أنوار أشخاصك الالهين. حطّمْ أنانياتنا، حطّمْ أثرتنا، لننطلق الى رحابة عالمك الشخصي المشرق بالضياء والبهجة. اجعلنا شفّافين لنعمتك، فتتراءى فينا من كل جانب ، لتظهر فينا من كل جانب.

3- الضابط والخالق

في الكنيسة وفي الكتاب المقدس والتعليم – نخص أحياناً الآب ببعض الصفات، والإبنَ بالبعض الآخر. والروح القدس بالبعض الثالث. ولكن ليس­­ من حصر. فالصفات نفسها تعود في مكان آخر لتظهر خاصةً بالابن أو الروح القدس.

عادة، نقول: “نعمة الروح القدس”. ولكن في العهد الجديد ترد أيضا “نعمة ربنا يسوع المسيح”، “نعمة اﷲ مخلصنا”. ونقول في يسوع أكثر من سواه “مخلصنا”، بينما نرى بولس يقول هنا: “نعمة اﷲ مخلصنا”. واستعمل العهد الجديد لفظة “رب” ليسوع عادة. ﺇلا أنه أطلقلها أيضاً على الآب والروح القدس.

الدستور قال : “الآب  الضابط الكل خالق السماء والأرض….”

قدرة واحدة – ليس الآب وحده الضابط الكل اي القادر على كل شيء (36)­. الإبن والروح القدس هما شريكاه التامان في هذه القدرة. القدرة هي واحدة بينهم مثل الجوهر. فكل ما هو للآب هو للابن، على ما قال يسوع.

خالقون معاً – وهم خالقون معاً. الخلق فعلهم الواحد. يصدر عنهم كفعل واحد لهم.

ولم يصدر الخلق عن جوهرهم بل عن ارادتهم. لذلك كان الخلق قابلاً لان يكون حادثاً في الزمن، لا سرمدياً لا بداية ولا نهاية له.

لا يطرأ… اي شيء أو تبدّل على جوهر الثالوث. لو صدر الخلق عن الجوهر لكان الخلق ازلياً سرمدياً مثل الجوهر.

انما الخلق حدثٌ صدر في الزمان عن الارادة الاهية.

وليس اﷲ بحاجة ﺇلى وسيط. خلق كل شيء منظور وغير منظور بموجب ارادته الالهية.لم يتوسط أي وسيط.

من العدم – وقد خلقه من العدم. لم تكن هنالك مادة موجودة قبلاً قد خلق اﷲ منها العالم. الفلسفة اليونانية قالت بأزلية العالم. الكتاب المقدس قال بان العالم حدث في الزمن. اﷲ خلق الزمان والمكان. الزمان والمكان يحدّان عالم الخليقة أما عالم اﷲ فهو عالم السرمدية الذي لا بداية ولا نهاية له. للعالم بداية ونهاية. اﷲ بلا بداية ولا نهاية.

خلق الآبُ والابنُ والروح القدسُ الملائكةَ والعالمَ المادي والحيوان واﻹنسان من العدم المطلق. سقطت فئة من الملائكة، فصارت شياطين (37).

مخلوق وسط – أما اﻹنسان “فمخلوقٌ – وسطٌ” بين الملائكة (الأرواح غير الهيولية) وبين العالم الحيواني والمادي. فيه روح (38)، والملائكة أرواح. فيه جسد شبيه بأجساد الحيوانات. بالموت يعود بجسده إلى أصله الترابي، يعود تراباً، يعود مادة قد فقدت الحياة وانفكّت عن الروح.     

منظور وغير منظور – هناك – اذن – عالم غير منظور هو الأرواح، وعالم منظور هو كوننا المرئي. واﻹنسان شبيه بالأول بروحه وشبيه بالثاني بجسده. في شخصه الواحد يحوي العالمين: الروح والمادة، العالم الروحي والعالم المادي.

وكل خليقة هو خلقة اﷲ، ملائكةً كان أم بشراً أم موادَّ أخرى. لم يكن شيى الا بفعل ارادته الالهية.

صورة الله – وخلق اﻹنسان على صورته، ليحذو حذوه ويصير على مثاله. قلنا ﺇن الله ثلاثة اشخاص واﻹنسان شخص. شخصنا هو على صورة الثالوث القدوس. شخصنا برمته – روحاً وجسداً – هو على صورة الثالوث. ولذلك نستطيع ان نناجي الله مثل اصدقاء وأبناء بتدلل واسع. نعلّم أطفالنا ان ينادوا آباءهم “ابَّا” (39). بولس قال إنَّ الروح القدس ينادي الآب فينا: “أبَّا”.

ما هي هذه الصوة؟ القديس غريغوريوس النيصصي أخو باسيليوس قال أنها مجهولة كما أن أصلها أي الله مجهول أو بالأحرى غير قابل لأن نعرفه. وأمرها كذلك: لا نعرفها. مهما حلَّلنا الإنسان تبقى معرفتنا به محدودة جداً. وهذه المعرفة ناقصة جداً لان الخطيئة أضعفت قوانا الروحية.

4- محيط إنسان

وضع الله الإنسان في فردوس مغروس بالأشجار، لينمو روحياً إلى ملء قامة الله. جعله حراً طبيعته تميل الى الخير. إلا أن الحرية تفسح له مجالاً للخيار. بحريته يبلغ ذرى القداسة، وبحريته ينحدر إلى مقر النجاسة. حسده الشيطان وأغراه بالتألّه، فصوّر له الله حسوداً غيوراً. طلب آدم التأله بدون الله، فسقط من رحمة الله.

السقوط – رواية الكتاب المقدس للخلق والسقوط موجزة، ولكنها رائعة في تصورها للإنسان: كان على صورة الله فسقط: 1- اشتهى التأله بدون معونة الله، فاتكل على ذاته وتكبّر. 2- اشتهى ثمراً محرماً بعينيه، فذاقه، فانفسدت حواسه. 3- دخلت المعصية الى جوفه، فمات روحياً قبل ان يموت جسدياً. كان الموت الجسدي نتيجة للموت الروحي. 4- انفصل من الله فألقاه الله إلى مصيره الذاتي في الفساد والشر والهلاك الى ان يحين أوان الرحمة. 5- أظلمت قواه، فغرق في الوثنية والانحلال الأخلاقي. 6- تمزَّق داخلياً في صراعات وانقسامات. هذا يستحق عنواناً خاصاً ومعالجة فنية بايجاز معقول ومبسَّط (40).

5- الانقسام والتمزق الداخليان

بلبلة الألسنة في بابل صورة عن تبلبل الإنسان في داخله وتبلبل الأفراد والشعوب فيما بَيْنَ بعضهم بعضاً.

بولس الرسول صوّر الأمر في رومية (7) وفي غلاطية (5) صراعاً بين ارادتين أو بين ما تشتهي الروح وما يشتهي الجسد. يوحنا فم الذهب شرح رومية (7) بما يوضح ان الخطيئة تسكن في أعضائنا ولكنها ليست أعضائنا. وهذا يتفق مع تقليد الآباء في القول: ان اساءة الاستعمال هي التي تجعل اعضائنا وقوانا أدوات للشر. ولهذا ذهب مكسيموس المعترف و غريغوريوس بالاماس إلى أن اساءة استعمال الأهواء هي التي تجعلها أدوات للشر. اي ان الهوى ليس فاسداً بذاته بل بسوء استعمال ارادتي له. وهذا معنى جديد للهوى بعد أن ساد (وما زال) معناه كهوى فاسد.

إيفاغريوس اهتمَّ في كتابه “الراهب” (41) بمداواة النفس البشرية. فالنسك ضروري لشفاء القسم الاهوائي من النفس، بتطبيق وصايا الانجيل للخلاص من الاهواء الفاسدة. وقد سمّاها أحياناً “أرواحا”. وسمّاها أيضاً “أفكاراً” مستعيراً من يسوع في الانجيل (42). ومع هذا فالانتصار عليها والوصول إلى حالة عدم الهوى (43)، لا يؤتيان أُكُلُهُما ان لم يتمتع المرء بالمعاينات الالهية (44).

في مقدمتي “لقانون يسوع” لم أفرّق بين الفضائل والصلاة. هما توأمان ملتصقان، لا يفترقان. منسكٌ بدون صلاة عناء ومشقة. وصلاة بدون نسك طائر ذو جناح لا جناحين تامين.

يوحنا فم الذهب، من بعد باسيليوس، تعرّض للموضوع باسهاب ما. ذهب الى ان حالة آدم وحواء في الفردوس كانت حالة بتولين. ولكن سقوطهما طوَّح بالبتولية. وهكذا انتقلت البتولية من الجنة ومن الأرض. إلا أن يسوع المسيح  أعاد البتولية الى الارض (45). وكان آدم وحواء في الجنة مثل ملائكة (46)، فكان الانسان سيّد أعماله، وكانت أعضاء الجسد فيه خاضعة لارادة النفس (47).

ولكن بعد السقوط تبدّل الموقف.

الحرب الداخلية – فصارت الطبيعة البشرية منقسمة ضد ذاتها، وقامت حرب في الانسان يتعذر تسكينها (48)، فصارت الاهواء تعلن الحرب عليه. وهي أخطر بكثير جداً من الوحشية الضارية الهائجة. فيواجه ثورة عليه هائلة جداً يرى نفسه عاجزاً عن السيطرة عليها في داخله (49). وقبل مجيء المسيح كان الجسد مطواعاً للإثم يخضع له بسهولة. فلما خضعت طبيعة الانسان للفساد والموت اندسّ عليها عشّ من الاهواء العديدة. ولهذا لم يعد الانسان رشيقاً جداً ليجري في سباق الفضيلة. وقبل المسيح لم يكن الروح القدس قد حلّ بعد كما حلّ في يوم العنصرة ليساعده، ولم تكن بعدُ، المعموديةُ لتميت فيه شوكة الخطيئة. فكان مثل حصان شامس (أي جموح)، يركض، بلا شك، وانما يقع غالباً ويكبو. ومع أن الناموس كان ينير السبيل، الا أنه كان عاجزاً عن المساعدة إلا من قبيل النصائح للمحاربين (50)، كان الحصان قد أُثقل وصار شامساً (51). فلولا يسوع لما كان رجاء خلاص.

وهكذا أسمعنا الذهبي هذه الصخرة الخالدة:­­

“ولو بذلنا الف جهد، فلن نستطيع أبداً ان ننجز أي شيء صالح، اذا لم نكن نتمتع ايضاً بالقوة التي من­­ العلى” (52). ويستفيض الذهبي في الكلام عن تزامل يد الله ويد الانسان، وعن احترام الله لحريتنا، فلا يأخذها قسراً بل يدعم نياتنا الطيبة واختيارنا للخير، ليدعمنا في مسيرة الفضيلة (53). فالذهبي خلقيدوني قبل مجمع خلقيدونية (العام 451) وذيووثوليتي (القائل بالمشيئين) قبل مكسيموس المعترف(662) والمجمع السادس المسكوني(680-681).

الصراع الروحي – وهكذا وجد الذهبي الفم نفسه مسوقاً الى الكلام عن الصراع الروحي بعبارات خاصة. فاعتبر هجمات الاهواء أعنف من هجمات في الحروب. ولذا اعتبر الذين يحاربون الاهواء مناضلين في صفوف الشهداء، يحملون “سمات” المسيح (غلاطية 6:17)، واعتبر الرهبان خلفاء الشهداء والمقتدين بالمسيحيين الاولين (54).

ذياذخوس قال ان “حمام” عدم الفساد (أي المعمودية) يطرد الحية المتعددة الأشكال من كنوز النفس. ولكن تبقى ثنائية ارادتنا، ويبقى الشياطين يحاربوننا بواسطة الجسد (55). وسنعود إلى رأي ذياذخوس في حل المعضلة.

مكسيموس المعترف طرق الموضوع. أوردت نصه في مقدمتنا لقانون يسوع (56).

التناغم: بولس الرسول قال ان الاعتراف بكون يسوع رباً يصدر عن الروح القدس (كورنتوس الأولى3:12). مكسيموس ذكر الحالة المثالية في التناغم. ويتم التناغم بزوال الفرقة بين قوى النفس. فكيف يزول الانشقاق بين قوى النفس الثلاث العاقلة والشهوانية والغضبية؟ يزول عن طريق: أ- القراءات والتأمّل والترتيل والصلاة بالنسبة للقوة العاقلة. ب- السيطرة على النفس والاصوام والاسهار وو… بالنسبة للقوة الشهوانية. ج- المحبة والوداعة والتواضع وطول البال وو… بالنسبة لقوة الفضيلة. د- الصبر ضد الكسل الروحي الذي يخلخل هذه القوى الثلاث (57).

وحشية الناس – فالخطيئة شقَّقت الناس. قال مكسيموس: “نحن الذين نؤلف طبيعة واحدة، يلتهم بعضنا بعضاً بالمقابلة، مثْلَ الحيات” (58). “انما المحبة وحدها تعلو انشطار الطبيعة البشرية” (59). آباء كثيرون تحدَّثوا عن فساد الانسان. أحد أواخر القدامى ثيئوذوروس ابو قرة أسقف حرّان (المتوفي 825 ) قال: إن تسعة اعشار الناس اشرار، وان الامم كانت سباعاً تبتلع الناس وتسحق عظامهم، وتأكل لحومهم بلا رحمة ولا مرثية (60). هذا قديماً. في عصر السلاح الذري نعجز عن الوصف.

التشتُّت – “خاتم الخطيئة هو عليَّ”. إن عادة التفكير بالاشياء الارضية هي سبب تشتتي. أبقى بدون قوى لان الروح (القدس) لا يأتي إليَّ، مساعداً أياي. (أي الروح القدس الذي يعيد وحدة الذهن والقلب والجسد المفترقين بسقطة الانسان الرهيبة. بدون مساعدة الروح (القدس) القادرة على كل شيء الخلاَّقة، قواي وحدها تبقى فارغة (61). وأيضاً: “انه لامر طبيعي ان تطلع جمهرة من الافكار والصور من الكائن الساقط…” (62). “الاغراء والعيوب تكاثرت إلى اللانهاية. فالحب الاجرامي ذو الاشكال المتعددة يسود المجتمع البشري مثل طاغية قادرة على كل شيء” (63). وأيضاً: “حالتنا الاعتيادية، حالة كل البشرية هي حالة سقوط ووهم وضياع” (64). وقال أيضاً القديس ثيؤذوروس :”ان الطبيعة الساقطة تولِّد الخطيئة في أشكال شتّى بالافعال والافكار وعواطف القلب واحساسات الجسم (65)“.

لدى الوجوديين والشخصانيين عبارات تدور على هامش هذا التفكير الآبائي دون نجاح كبير. مارتن هايدغر اتى بفكرة حالة الترك Dereliction . هي لديه: الانسان موجود هكذا متروكاً. هذا موقف فلسفي سلبي لا روحي، بعيد عن مفهوم الآباء الروحي. الآباء تحدثوا عن إهمال الله لهم بعد انعامات غزيرة، ليزيدهم تواضعاً، وتدريباً، وتفجعاً، ونحيباً، وحنيناً، وبطولة، وخبرة، وحنكة، ومهارة، وحكمة (66).

لا أود أن اخوض في البحث حتى نهايته. الآباء نصحوا بعدم طرح الامور قبل النضوج لها (67). المحللون يقولون ان التفسيرات المعطاة للمرضى قبل صعود الافكار المكبوتة من اللاشعور إلى “ما قبل الشعور” تبقى بلا نتيجة لان المريض لا يقبلها عن فهم على الاقل. الرب يسوع علمنا ان لا نعطي القدس للكلاب وان لا نرمي الدرر امام الخنازير.

الاثرة، التضاد – مكسيموس المعترف جعل “الأثرة” أم الخطايا جميعاً التحليل النفسي قال بوجود غريزتين (جنسية وعدوانية). وقد أولى التضادَّ (68) Ambivalence اهتماماً: ففي اللاشعور يتعايش الحب والكراهية. ما يجري من صراعات في نفوس البشر هائل. تكالب الناس على الكسب واستعداداتهم للعدوان بمليارات المليارات من الألوان والأسباب الضارية والمعتدلة والبسيطة تعيي كل عقل وفهم عن تحليليها وإدراكها.

عدم الإستقرار – الآباء تحدَّثوا مطوَّلاً عن سرعة تحوّل النفس، عن عدم استقرارها. التضاد يتسبّب بما تعجز عن ان تحصيه الأدمغة الالكترونية من التقلبات المتناقصة في حياة الفرد والجماعة. والحديث ذو شجون.

الانشغال بالله – ما الحل؟ ديادوخوس طرق ازدواجية النفس وكيف تتجاذبها الرغبات المتضاربة المتضادة (69)، وأتى على ذكر الذهن. فالذهن لا يتوقف عن العمل. فلا بد من تشغيله بعمل ما. فإذا حاربنا الافكار الشريرة وسددنا منافذنا الى الذهن، فماذا يبقى من عمل له ان لم نشغله ببديل أصيل يُبقي الافكار الشريرة والشياطينَ حلفاءَها مطرودين؟ باسكال قال: “الانسان هو قصبة، وانما قصبة مفكرة”. وديكارت قال: “أنا افكّر إذن، انا موجود” (70). الحل لدى دياذوخوس هو أن ندفع اسم الرب يسوع الى الذهن (71). والله نار آكلة (تثنيه 24:4). يسوع المسيح يملأ الفراغ، ويحرق الخطايا، ويكوي الشياطين، ويلهب حرارة النفس وحبَّها لله، ويرفعها درجة درجة الى عليائه. يوحنا السلمي وكالستوس واغناطيوس اكسنثابولي وسيرافيم ساروف نصحوا بان نجلد الشياطين بالصلاة (72). وفي نهاية المطاف، الى أين؟

لو شئت ان أحلّل البشر والمجتمعات واستطعت الكتابة لأنشأت عشرات المجلدات الضخمة، فيها من التفاصيل عن دقائق تلافيف نفوس البشر ما يقلب العقول حيرة.

ولكن كل هذا لا يعادل في نظري شيئاً ما يُذكر على طريق السماء. انه مضيعة للوقت. الصلاة أهم من هذه الاهتمامات الفارغة.

انتقال الشوق – اللاهوت كله محصور في انسان نجح في نقل أشواق عقله وقلبه وحواسه وجسده نقلاً تاماً في اتجاه الله. هذا الانسان – كما قال آباء – قد مات وقام قبل ان تدركه الوفاة. هذا شهيد حيّ. قد يكون هذا الانسان أمَّياً لا يفقه إلا الهتاف في اليقظة والحلم والنوم: “ربي يسوع المسيح ابن الله ارحمني أنا الخاطىء”. وقد يكون أكبر العلماء: يسوع يقود الاثنين في التواضع والمحبة والصلاة. علم اللاهوت ليس اطروحات دكتوراه. كل انسان يستطيع ان يضع نفسه في مدرسة الصلاة، مدرسة استدعاء الرب يسوع، من أكثر الناس سذاجة إلى أوسع الناس فكراً وعلماً.

صلاة يسوع – لا تحتاج صلاة يسوع الى فلسفة وكيمياء وفيزياء وعلم فلك ورياضيات و… و… من أتقنها صار أكبر لاهوتي، لانه يكون قد احتضن في قلبه الاب والابن والروح القدس الاله الواحد أي مصدر كل علم ومعرفة وقدرة ووجود.

آباء عديدون – منذ باسيليوس حتى بالاماس – أسفوا على الوقت الذي اضاعوه في علوم الدنيا. فانّها لا تُدنينا من الله.

كل علم باطل إلا علم صلاة يسوع الكاملة قائدة جوقة الفضائل. وإذا كان قالبي التعليمي التبشيري قد دفعني الى انشاء الكتب والدفاع عن الايمان، فإن كل ابتهالي إلى الله هو ان يقطع ذهني عن الدنيا ويحصره في اسم يسوع انحصاراً تاماً. هذه غبطة الانسان على الارض.

وما تبقّى باطل الاباطيل. ما النفع ان ربحت العالم وخسرت يسوع …؟ فليستجب الله هذه الرغبة التي ينخر عظامي عجزي عن تحقيقها، لان اهوائي ديكتاتور يجلدني بسبب التراخي والتقاعس والتشتُّت. ما العمل؟ مكسيموس قال ان الطبيعة تمزقت الف قطعة – انها مرآة سقطت ارضاً فتهشمت. يسوع انتهر مرتا المشتتة، وامتدح مريم التي اختارت النصيب الصالح الذي لا يُنْتَزعُ منها.

الانسلاخ عن الدنيا – فلا بدّ من عملية هجر جذرية، ليلتصق المرء برمته بيسوع. لا بدّ من انسلاخ مطلق عن الدنيا لنلتصق بالآخرة. لا بدّ من القضاء على بعثرة الافكار، والرغبات، والمشتهيات، والتذوقات، والاهتمامات، والآمال، والاحلام، والمقاصد، والاهداف، والتطلّعات، وكل لون من ألوان شرود الفكر والعواطف والميول. لا بدّ من إغلاق جميع منافذ تعلُّقِنا بذاتنا وبالعالم، لنجمع قدرة عشقناكلها، لننقلها برمتها إلى يسوع.

آنذاك افقد الاهتمام حتى بصحتي. الشهداء فقدوا الشعور بألم التعذيبات. تحمَّلوا فوق طاقة البشر: بفرح عظيم.

اشتهاء الاستشهاد- وما دام المسيحي الكامل هو الشهيد، فان انتفت ظروف الاستشهاد فعلاً، كان عليّ ان استشهد بفكري، بنيتي، بقولي، باشتهائي ميتة الشهداء استشهاداً صادقاً حارّاً. عليّ أن أكون في كل لحظة شهيداً بالنية والاستشهاد.

الضمير الحيّ – فهناك ما أسماه الآباء “استشهاد الضمير”. الضمير الحي مكواة حامية مثل قرص الشمس: يكوي شري وخطاياي.

هذا الضمير الحي هو مسكن نار الروح القدس. منه يقود الروح القدس افكاري وعواطفي وميولي وافعالي ويكبح جماح اهوائي . ضميري هو سلطاني الموضوع في نار الروح القدس.

متى قولَبَ الروح القدس كل كياني من موقع برجه الحصين في ضميري صارت ارادة الله هي ارادتي، صار الله كل شيء في حياتي، فقدت امتلاكي لنفسي، فقدت شعوري بنفسي، تعطلت مشاعري وحواسي وسيطر الروح القدس عليها (73).

الزهد الكامل – في النتيجة: لا اعود انا فلان ابن فلان وفلانة. ولذلك علّم الرب يسوع ان لانتعلق لا بالمال ولا بالاهل ولا بالخلاَّن ولا بالذات. علمنا ان نزهد حتى في النفس، وان نتقدم ببطولة الى محرقات الاستشهاد.

اقول ولا افعل – ولكن بين هذا الكلام وواقعي المرّ بون شاسع. فانا فصيح في الكلام، ولكن مجرم في الافعال والافكار والنسيان والرغبات. ولو كشف الروح القدس لي كل مساءاتي لأصابني اغماء الموت. انما اتحصّن بالهرب من رؤية نفسي على حقيقتها السافرة. ما ان يبدأ ضميري في التنقيب عن جرائمي حتي اطمره لئلا يصيبني الاغماء من شدة شعوري بالنقص والخزي والعار الشنيع والفضيحة.

قبل ان أصل مع القديسين إلى القناعة التامة باني شرّ (أي “أشرّ”) الناس قاطبة أبقى معلقا بالشياطين. علي الاقتناع باني منحلٌّ فاسد: فيا يسوع، يا ابن الله! لماذا اتيت الى الأرض ان لم تنقذني من هذا الغلاف المتحالف مع اهوائي الشريرة؟ كلامي اثم. صلواتي اثم. أنا الإثم، أنا الشر بعينه، أنا قعر الخطيئة النهائي.

ولكن اقول هذا باللسان والقلم، ويبقى قلبي صخرة صلدة فاقدة الشعور بذلك. ربي أنسْني فصاحة القول والقلم، وعلِّمني فصاحة المشاعر الجيّاشة. ربي إكوِ لساني وقلمي وانتقل الى جوفي. خلّصني من الظاهر، واستقرَّ في الباطن. ظاهري متوجه الى الناس رياءً. ربي اسلخه بل احرقه، لتبقى وحدك قائماً وحيداً في جوفي. إفضحْ شروري أمام باصرتي، بكل أبعاد قذارتها ونجاستها.

ليس في الدنيا حلاّن. هناك حلّ واحد: اما أن يمتصّني يسوع برمتي حتى نقيّ (مخيخ) العظام، وأما ان اكون أبناً لجهنم.

آباؤنا القديسين الذين أورثونا منذ القدم التحصّن بإسم الرب يسوع هم بين ملائكتنا الحارسين والمرشدين.

الصلاة أهم من الدراسة – هذا التراث العظيم الذي يمثّله رهبان جبل آثوس منذ قرون هو جدير بان يعمّ كل العالم المسيحي. ظروف الكاثوليك والبروتستانت التاريخية والثقافية أولت المعرفة أهمية شبه مطلقة على حساب الصلاة. تأثير ديونيسيوس السوري على الروحانية الغربية كان عقلانياً، بينما عدّلت الروحانية الارثوذكسية تأثيره بصوفية مكاريوس السوري المنحول. ان مدرسة صلاة يسوع هي وحدها مدرسة. وكل مدرسة اخرى سراب خدَّاع. حنية رأس عند قدمي يسوع تبلّل الارض بدموع من دم. بعرق من دم – كالمسيح في الجسمانية – أقوى بمليارات المرات من كل مكتبات الدنيا.

صلاة – فيا يسوع، يا ابن الله! أعطني سيولاً من دم أرحض بها دنس نفسي القذرة التي تدّعي محبتك، بينما هي العوبة ابليس. امنحني ان أُصاب بالخرس والصمم ليكون حديثي معك في القلب فقط حيث لا اسمع ولا اناجي سواك. ربي، ربي، ربي، أنا فصيح كسيح، فصيح في الكلام، كسيح في الاعمال. إجعل أعمالي قويمة لئلا يعود كلامي سيف دينونة حاراً يكويني يوم الحساب. فالأفعال هي الاساس والا كان الكلام فارغاً وخداعاً للنفس والاخرين. تجسَّد في افعالي لتأتي اقوالي من فضلتها.

في النتيجة، على المرء ان يفرِّغ نفسه من ذاته ليملأها بالمسيح. هذا هو الدين كله. يتناقص المرء شيئاً فشيئاً حتى يصبح ثوباً أبيض شفافاً لا يبين منه أي شيء سوى يسوع، حتى يصبح بلّوراً يظهر منه يسوع من كل جهة.

كتب الأوروبيون والأمريكان ألوف الكتب في الديانة المسيحية. ما نفعها لو حفظتها برمتها إن لم يكن المسيح شمساً منيرة تقيم فيّ وأنا فقط ثوب شفَّاف لا يحجب أي قبس من نوره مهما كان ضئيلاً؟.

يوحنا السلّمي وسواه نبَّهوا إلى خطر استفحال الدراسات على الحياة الروحية. بعضهم طالب بأن نقطعها دائماً بفترات من الصلاة.

ليس الدين علماً (74) ليس الدين علماً، بل صلاة بارّة ترتفع سهاماً ناريّة قدسيّة من نفس لا تحيا هي … بل يحيا فيها يسوع.

راعٍ تقيّ – ما يعتري المسيحيين من ضعف ناتج عن انحراف عن هذا الطريق الملوكي. فراعٍ  أميٍّ في أعالي الجبال جعل حياته مزماراً يسبّح الثالوث القدوس خير من مليارٍ من حملة شهادات اللاهوت لا ينسجون الحياة من تمجيد الثالوث القدوس، ولو كانوا ذروة المجتمع المسيحي وسادته. والباقي قشور.

فيا يسوع! حوّل خلايا كياننا جميعاً إلى نيران من الصلاة. دع الصلاة تخرج حتى من شعر رؤوسنا، وأطراف أظافرنا، وجفون أعيننا، وخلجات صدورنا، وحركات تنفّسنا. دعنا نتنسّم اسمك أكثر من تنسّمنا الهواء. كن أنت هواء رئتينا المنعش وحدك لحياتنا.

خالصين ليسوع – إن لم يخترقنا يسوع كما تخترق السهام الجسم كنا تافهين. إن بقي لنا من أنفسنا مقدار ذرّة كنا مزيفين، لا أصلاء. إني أعجز عن تصوير الحقيقة. الله نار آكلة (ثنية 24:4 ). المسيحي هو ملقىً في هذه النار لاستخراج المعدن. هو كتلة مظلمة حلّت فيها الشمس فتحوّلت الى نور.

حذف الذات – المسيحي هو كائن حذف نفسه وأقام مكانها يسوع.

الزهد في المال – وهذا مستحيل بدون الزهد والنسك والتواضع. فالمتقلبون على موائد الطعام والشراب، والسابحون في جهنم اللذات، والغارقون في بحر الذهب والمقتنيات يدورون خارج فلك يسوع. يسوع ما سمح لنا أن نهتم بالقوت اليومي واللباس، لكي ينشغل ذهننا عنه بسواه. فكيف نضع رجاءنا في المال والطعام؟ وكيف نخشى الموت، والموت من أجل يسوع هو وحده يحيي؟ ربَّنا! نلتمس لطفك بنا.

6- هل تبدل معدن آدم …؟

ولكن لم يتبدّل معدن آدم. إنما وَهَنَتْ قواه، وغَشِيه الظلام. أظلمتْ قواه. تشوهت صورة الله فيه. مكسيموس قال إنها تقطعت ألف قطعة.

لمّا كان في حماية الله في الفردوس فشل (آدم) في البقاء مع الله. لمّا كانت قواه سليمة للاتصال بالله خسر قدرتها، وعاد عاجزاً عن أن يصل نفسه بالله.

ما العمل؟ لم يعد من حلّ إلا ان يتدارك الله النقص.

هذا ما سيجري حين يتجسد ابن الله.

بؤس آدم – وطرد الله آدم من الجنّة، ليعيش وحواء بائسين. كانا في الجنة ناجيين من الألم والفساد والانحلال، وخالدين بنعمة الله. كانا بتولين بريئين. خارج الجنة أصبحا بائسين تعيسين. وتعارفا فولدا نسلا ورث عنهما الموت والبلى، فغرق في الظلام والعبادات الوثنيّة والشرور والهمجيّة. ما هي الضمانات في الانسان؟ انه خائن غدّار سفّاح إلا إذا بدّله يسوع.


(29) لما مرّ بولس الرسول عى أثينا، رآها مملوءة أصناماً (أعمال الرسل 16:17).. فلا فلسفة سقراط وأفلاطون وزينون وابيكور ولا سواها رقَّتم دينياً، فكثرت أصنامهم. وأخلاقيّاً: ذكرت في كتاب “المرأة في نظر الكنيسة” نبذة عن الإنحلال الأخلاقي في الفكر اليوناني القديم. قبل الإنجيل – كما نرى في الكتاب المذكور – المرأة أدنى من الحيوانات. مع المسيح تسامت النساء والأخلاق. فلا الفلسفة ولا سواها رقيا البشر بل الإنجيل.

(30) التلهوت هو ادّعاء التكلّم باللاهوت بدون أصالة ولا مسوّغ لاهوتي أصيل. كأنما المسألة عادية، بينما هي سماوية.

(31) هو في أيامنا “جابي المالية” جمعها “جباة”.

(32) السنكسارات اليوناني واللاتيني والفرنسي الكبيرة (وقريباً العربي) حافل بالشهداء الذين فضّلوا الحريق على النعيم الزائف.

(33) اللغة الحقوقية واضحة في الكلام عن المالك والمملوك والملكية المشتركة، إنما هنا نجد قابلية للانفصال، للفرز والقسمة والإنقسام. باسيليوس استعمل أيضاً مصطلحي العام “للجوهر” والخاص “للأقنوم” (راجع سر التدبير).

(34) نلفت الأنظار إلى أن التمييز بين الأقانيم يقوم على العلاقة لا على التعاكس والعزلة والإنفراد. الآب مصدر الإبن بالولادة، والروح القدس بالإنبثاق. الإبن إبن الآب، مولود. الروح القدس منبثق من الآب. غريغوريوس اللاهوتي والدمشقي وسواهم علّمونا أننا لا نعرف ما الفرق بين الولادة والإنبثاق في الثالوث. الموضوع برمّته فوق مداركنا. إن قلنا أن الآب ولد الإبن فهمنا أن جوهر الإبن هو جوهر الآب. ولكن حقيقة الله أسمى من مداركنا. نزل الإلهام المسيحي إلى مستوى نفهم معه بعض الفهم، كما أراد الإبن أن يكشف لنا: بقدر ما (متى 27:11).

(35) ابراهيم هو خليل الله. في “المزيفون” شرحنا معنى “المخاللة”. يتداخل الخليلان أحدهما في الآخر. وفي لاهوت الثالوث القدوس نقول ان الأقانيم يتساكنون أحدهم في الآخرين. هذا هو العمق المطلق للمخاللة التي لا تُحدُّ ولا توصف ولا تُدرك. ولذلك فالثالوث القدوس اله انفناح كلّ من الأقنومين على الثالوث انفتاحاً مطلقاً. اله اليهود اله مخيف لا يدنى منه. الهنا هو الآب الذي أرسل الروح القدس ليصنع من أحشاء مريم ناسوتاً لابنه المسيح. المسيح الهنا المتجسد هو اله وانسان معاً في أقنوم واحد. اله اليهود إله قابع في العزلة والانفراد والتعالي عن البشر. الهنا شخص يحتكّ باشخاصنا.

(36) في رؤيا 1 : 8 يسوع هو الضابط الكل Pandocrator (باليونانية).

(37) الكتاب المقدس قال بان الشياطين موجودون. وقد جرَّب الشيطان يسوع نفسه. وقال يسوع لبطرس ان الشيطان سيغربلهم. وقال أنه رئيس هذا العالم. فهو قوّة شريرة تضلِّل الناس وتغريهم على عمل الشر. وهو يحسد الانسان فيضرُّ به.

(38) قال يسوع: “لا تخافوا ممن يقتل الجسد ولا يستطيع أن يقتل النفس” (متى28:102). فأين تخرّصات نظرية التطوّر؟ هوذا النفس في كلام يسوع عنصر غير مادي أي لم تصدر عن الجسد. وقال أيضاً: الروح هو الذي يحيي، أما الجسد فلا يفيد شيئاً” (يوحنا 64:6). وقال يعقوب الرسول: “الجسد بغير الروح ميت” (26:2). وسواه كثير.

(39) أبَّا لفظة سريانية نلقّنها للأطفال الصغار لينادوا أباءهم. نلفظها بالتشديد appa انما أوردها بولس باليونانية abba .

(40) في العربية راجع: 1- الدكتور عدنان الطرابلسي: آ- الرؤية الارثوذكسية للانسان. ب- وسقط آدم. 2- آ- اسبيرو جبور: سر التدبير الإلهي وسواه. مكسيموس المعترف وأَمسية جبل آنوس: “تقطع الإنسان ألف قطعة. مرآة سقطت فتهشَّمت. في النظرة الأرثوذكسية، تصارع الروح والجسد (رو7 وغلا5) ، وانما يبقى المرء شخصاً في روح وجسد. لم تنفرط وحدة الاقنوم اي الشخص. ديكارت الفرنسي فصل الروح عن الجسد وعمي عن مفهوم الشخص فكان – وهو مؤمن – ابا سقوط الفكر الغربي في المادية والالحاد. والانسان واحد لا إثنان”. الروح هي المحرك لا الجسد. القوة تكمن في الروح. ليس الجسد المادة، والنفس الصورة كما لدى اتباع ارسطو ومنهم فلاسفة وعلماء الغرب بما فيه النهاية حتى كارل ماركس. ليس الانسان حيواناً إلا بجسده. قيمته في شخصه الروحاني الخالد.

(41) Practicos, Sources chrétiennes, p666…, Centuries II.19 (in Clément,Sources, p123).

(42) متى 19:15 ومرقس21:7 .

(43) عدم الهوى (باليونانية apatheia  ) . استعمل الرواقيون هذه اللفظة بمعنى انفعالي – سلبي-  غريغوريوس النيصصي أعطاها معنى الانتصار على الأهواء، فساد معناه هذا.

(44) قال ايفاغريوس: “جسد المسيح، انما هو الفضائل المكتسبة. ومن يأكلها يجد الحرية الداخلية. ودم المسيح، انما هو معاينة الكائنات، ومن يشربه يستنر به (أي ينيره يسوع). وصدر المسيح، انما هو معرفة الله، ومن يسترحْ عليه يصرْ لاهوتياً” (مرآة الرهبان، 118-120 عن كليمان ص 120).

(45) الذهبي، مين اليوناني 350:51 . علي بن أبي طالب قال ببتولية آدم وحواء في الجنة (ص23 من نهج البلاغة وشروحه لمحمد عبدو).

(46) الذهبي، المواعظ على التكوين 5:15 ، مين 123:53 و 247:43  ب.

(47) الذهبي، المواعظ على التكوين 5:12 ، مين 104:53 آ.

(48) الذهبي في البتولية 83، مين اليوناني 594:48 .

(49) الذهبي المواعظ على المزمور 3:148 ، مين اليوناني 460:55 آ.

(50) الذهبي المواعظ على رومية 3:11 ، مين اليوناني 487:60 – 8 .

(51) الذهبي المواعظ على رومية 3:12 ، مين اليوناني 498:60 ث .

وكرّر شيئاً من ذلك في موضع آخر: “لما خطى آدم صار جسده مائتاً وخاضعاً للألم، أصاب في طبيعته ألواناً عديدة من النقص (القصور)، فوُجد الحصان مثقلاً وعسير الانقياد” (المواعظ على رومية 3:12 في مين اليوناني 490:60 ) .

(52) الذهبي، المواعظ على التكوين 5:58 ، مين اليوناني 513:54 . انظر المواعظ على متى 4:82 ، مين اليوناني 742:58 .

(53) أيضاً مواعظه على العبرانيين 3:12 ، مين اليوناني 99:63 .

(54) مين اليوناني 677:50 و 124:60 و 478:63 و 52 و 267:49 .

(55) المئوية 78 و 79 في ترجمة دير الحرف والينابيع المسيحية.

(56) قانون يسوع، المنشورات الارثوذكسية 1984 . وعليه نيكيتاس ستيثاتوس المئويات الثلاث 14:1 و 52 .

(57) مكسيموس المئويات 52:2 و 54 و 57:4 و 58 . وأيضاً 70:2 و 20:3 . وأيضاً 79:1 و 80 و 47:2 ، الكتاب النسكي، 19-27.

(58) مكسيموس، مين اليوناني 260:90 . نعم: البشر افاعٍ في حقدهم وأذاهم.

(59) مكسيموس، مين اليوناني 396:91 .

(60) حران مدينة سورية اغتصبها الأتراك. تقع شمالي محافظة الجزيرة. راجع كتابه “ميمر في وجود الخالق والدين القويم”، المكتبة البولسية جونية 1982، ص 188 و 252–253 و 256 و 265-267.

(61) Emile Simonod, La Priére de jésus, edition Présence, p137.

(62) Idem. P130. 

(63) Idem. P126.

(64) Idem. P100

(65) Ignance Briantchaninov. Introdection a la tradition ascécétique de l’Eglise d’Orient. Éd Présen. Paris 1978. p.137.

(66) دياذوخوس، المئوية:77 و87 و90 و94 و95 ومكسيموس، المئويات في المحبة 96:4 .

(67) عن برينتشانينوف، صلاة يسوع ص109 : “ليس صحيحاً بالنسبة اليك ان تعرف ما سيجيء قبل ان تقتني معرفة تجريبية عما سبق. فضول كهذا هو علامة بلادة وعقل معجب بنفسه”.

(68) سبق لي ان طرقت موضوع التضاد بالفرنسية في كتاب مشترك.

Jacques Berque et divers, L’anbivalence dans la culture arabe. Éd Anthropos, Paris 1967.

(69) المئوية 24 و25 .

(70) ديكارت وباسكال عقلانيان. الوجودي الارثوذكسي بردياييف عكس قول ديكارت فقال: “انا موجود، اذن، انا أفكر” .

(71) المئوية 69. لدى اسحق السرياني ما يشبه ذلك، النسكيات، ص161 من الترجمة العربية.

(72) قال السلمي: “أبسط يديك واجلد محاربيك باسم يسوع، فانه ليس من سلاح أقوى في السماء وعلى الارض (منه) (7:21 ص161 ) وأيصاً: هؤلاء الانجاس سيهربون من صلاتك لانها تجلدهم كما بنار (السلم إلى الله ، 63:28، ص265 ). “اضرب خصومك (بواسطة) اسم يسوع”. فما من سلاح في السماء وعلى الأرض أقوى منه. ولا تزد أي شيء آخر (كاليستوس واغناطيوس، المئوية 49 ). وروى برينتشنينوف عن سيرافيم ساروف: “كان يشهد بان صلاة يسوع هي مقرعة ضد الجسد والرغبات الجسدية”. (سيمونود، ص115 ). من الواضح ان الاخرين جميعا متأثرين بالسلّمي العظيم.

(73) في كتابنا “الإعتراف والتحليل النفسي” تحليل للأثرة واستشهاد الضمير واستشهاد النساك. الاثرة عدو المحبة الصافية. شكا ناصيف اليازجي من ندرة الخلّ (الصديق) الوفيّ. الأثرة هي ام عدم الوفاء للأصدقاء وسواهم. الطفل أثر. انقاذه من الاثرة يحتاج الى تربية روحية خاصة. الشهيد وحده طاهر من الاثرة (أي الأنانية البغيضة). ما عدا الوان واجناس. الأثرة عدو اللمعان الروحي البارز في إيمان الشهداء ومحبتهم ورجائهم. أنه سرطان كل مولود حتى يشفيه الله.

(74) طبعا، لا ادعو الى الأمية والجهل والغباوة وإنما احارب الذين جعلوا من اللاهوت المسيحي دراسات على طريقة تحليل النصوص الأدبية والفلسفية والتاريخية، فخنقوا روح الدين المسيحي. القلوب تهتز لذكر يسوع. في الدراسات لا تهتز القلوب. نترك الصلاة من أجل البحث والمباحث. لا بدّ من تطعيمها بالصلاة والسجود والرهبنة.

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF

معلومات حول الصفحة

عناوين الصفحة

محتويات القسم

الوسوم

arArabic
انتقل إلى أعلى