Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
☦︎
☦︎

32- الأيقونات المقدسة

الرسم ابداع – رسَّامو الايقونات المبدعون الابرار يدخلون في زمرة آباء الكنيسة ومعلّميها. هؤلاء علّمونا باللسان واولئك علَّمونا بالريشة. وصلاة الكاهن التي تقدس ماء المعمودية والخبز والخمر والزيت هي نفسها: تقدّس الايقونات، والكنائس، وأدوات الكنيسة وكل شيء يصلّون عليه. فبولس علَّمنا ان الاطعمة تتقدَّس بالصلاة.

الفن في خدمة الله – الفنّ قابل لأنْ يكون أداة لتمجيد الله وأداة للشر.

الترنيم عام في كل الأديان. والفرق بينه وبين الغناء الدنيوي نسبيّ.

الفِن والتصوف – وكذلك الرسم والنحت والشعر والأدب. بينها وبين التّصوف قرابات نفسية. فحذفُ الفن من الحياة هو حذف نشاط هامّ في حياة الانسان. نحن صورة الخالق. في الفنون نحن خلاّقون مثل خالقنا.

وما سفر المزامير في الكتاب المقدس وترانيم الكنائس إلا أحد جوانب الفن. وبدأ الناس في أوربا وأميركا يتهافتون على الايقونات ويدفعون الملايين ثمناً لها. وأسعارها في ارتفاع متواصل وفاحش (198).

33- وأرجو قيامة الموتى..

القيامة – الموتى سيقومون. قام المسيح كباكورة لنا. هو السابق ونحن اللاحقون. فنموت على رجاء القيامة. في المعمودية قمنا معه القيامة الاولى. في نهاية العالم سنقوم القيامة الثانية.

أَحَيَوانات – الحياة بعد الموت وحدها تعطي الانسان الاطمئنان الى مصير ما. ان كان القبر هو مثوانا الوحيد الى الأبد، فما الفرق بيننا وبين الحيوان؟ الفرق هو أننا نشقى بعلمنا بينما يسعد الحيوان بجهله. وما معنى السموّ الاخلاقي،ما دام المتهاونون أخلاقيا سعداء، بينما المتسامون يقمعون أنفسهم. لماذا يصلب الرهبان والنساك أنفسهم طيلة الليل والنهار دهراً: ان كانت نهايتهم مثل الحيوانات. هؤلاء الذين هم أقرب الى الله من سواهم يؤمنون بالخلود اكثر من ايمانهم بوجودهم الارضي. الله هو مصدر طمأنينتهم الى أنهم إليه راحلون يوماً ناجين من بؤس العالم الشرير.

تراب – الجسد يعود الى التراب. وهو – أصلاً – من تراب. العلماء المغرورون ظنوا انهم اكتشفوا ما يعجز عنه الناس. هو بديهية منذ آلاف السنين. فالجسم ينحلّ الى تراب، لانه من تراب. ومنذ آلاف السنين تقريباً قال فيه اليونان انه حيوان ناطق. عرفوا وعرف الناس قبلهم ان جسمه مثل جسم الحيوان الا أنه ناطق ذو عقل. القائلون بان الانسان حيوان فقط بؤساء يستحقون الشفقة ولو كانوا علماء. من يحتمل منهم ان اقول له: “يا كلب ابن الكلب” دون ان تثور كرامة الانسان فيه؟ وسبحان الذي صنعنا فجعلنا ابناءه بالروح القدس.

ما يميزنا – كل ما فينا بدون ان يكون متوفراً لدى الحيوان من ألوان النشاط المتعدّد الالوان – انما يصدر عن الروح . وبما انه هو الشيء الذي يميّزنا من الحيوان ويجعلنا ذا قيمة وجودية بينما وجود الحيوان وعدمه سيَّان فلا بد من ان تصدر ألوان هذه عن جوهر ما.

لا للمادية – فشلت كل محاولات ربط النشاط البشري العالي بكيمياء الجسم. وفشلت محاولات تحليلها ودرسها نفسياً وروحيّاً (199).

الروح غير مادية – هذه الروح مصدر هذه الالوان من الانشطة هي عنصر غير مادي، لا يمكن تحليله في المخابر. ترنو الى الله مصدرها. متى نفضت عنها غبار خطيئة آدم. فهو يحجب عن عيوننا رؤية الالهيات.

على رجاء – لذا أومن بان الله سينقل روحي الى نعيمه، لتنظر المجد الاكمل والنعيم الأوفر، يوم تقوم الاجساد، وتتحد بالأروح: لتنال الحساب عما فعلته في الجسد من خير أو شر. ولكن لا يسكن في جسدي المائت أي خير.

ملاقاة الرب – ففي اليوم الأخير تُنْشَر الأجساد من القبور لملاقاة الرب كما قلنا قبلاً. وتستعيد الأرواح مساكنها أي الأجساد، بعد أن تصير أجسادُ الصديقين نورانية. لا حاجات مادية. وقد قال الرب – كما ذكرنا سابقاً – أن البشر سيكونون في الآخرة مثل الملائكة: ليست لهم حاجات مادية من طعام وشراب وكساء وأزواج وأولاد. ملكوتنا ملكوت روحي لا مادي. غبطتنا روحية. فردوسنا روحي (200).

الأبدية – في لحظة الموت تنتقل الروح البارة الى مكان غبطة ما بينما تنتقل الشريرة الى مكان شتاء وذلك حتى النهاية العامة ( السلم الى الله 107:26). والآن تتخلى المراجع الكاثوليكية عن مفهوم المطهر (معجم Catholisisme  ودائرة معارف de la foie ). وقد صدر حديثاً كتابان ارثوذكسيان هامان عن الحياة بعد الموت: 1- المطران اليوناني ايروثيوس فلاغوس (يوناني وانكليزي وفرنسي). 2- Larchet j-L (فرنسي). وبعد القيامة يدخل الابرار ملكوت الحياة في الدهر الآتي. الحياة فيه أبدية أما الأشرار فإلى عذاب أبدي نجّانا الله جميعاً منه.

المقابر – أمام المقابر، حين التفكير في عذاب جهنم، حين رؤية اباطيل العالم، يرى الانسان أنه هزيل جداً وتافه ويتمنّى أن لا يكون موجوداً، ان كانت نهايته في جهنم. لذلك يبقى دمُ المسيح فسحة أمل في جحيم افكارنا المتصارعة، ووجودنا المنهوك، وعالمنا المستهلك بلا أمل حقيقي سوى انتحار الناس سعياً وراء سعادة وهمية يتوقعون القبض عليها في غرور الدنيا الفانية. كل ما يفتخر به الناس هنا باطل: المال، الزينة، الجاه،…

صلاة – اللهم ارفع عقولنا فوق توافه الدنيا وأباطيلها، وأصرف اليك عقولنا وقلوبنا بصمود القديسين العموديين. اللهم! اجعلنا نفتخر بك فقط، ونحتقر الدنيا.

عيد التجلي

إذ أنهي اليوم المراجعة النهائية لهذا الكتاب، لا أنسى ان يسوع حدَّث موسى وإيليا عن مصيره في أورشليم، أي عن آلامه وصلبه، كما لوقا الأنجيلي. فلوقا ركَّز على أورشليم كقبلة نظر يسوع (51:9 و22:13 و11:17).

ما علاقة الآلام بهذا التجلي العظيم؟

جبلان اتحدا في ضمير المسيح والمسيحية: الجلجلة وثابور. فالصليب آلام، وانما آلام مجد يسوع لانه بالصليب ختم على قلوبنا بخاتم أقصى حدود محبته، فكان الصلب مجده.

فمن توهَّم ان طريق السماء مفروش بالورود كان العوبة الشيطان. هؤلاء المبسِّطون للمسيحية يخدعون أنفسهم ويخدعهم الشيطان (201). المسيحية صليب، زهرة قيامة من أشواك.

 لا تجلّي الا بالصليب. لا يصل الى جبل ثابور الا الذي ارتقى جبل الجلجلة. بالصليب نصل الى القيامة والتجلي، لا بالتخاذل والتهاون والكسل. المسيحية نضال بطولي. المسيحي الحقيقي هو الذي يصلب نفسه كل يوم، هو الذي يستشهد في ضميره كل يوم. والا كان مزيَّفاً مثل كل المزيَّفين الذين فضحهم في كتاب “المزيَّفون”.

ولكن، ربَّاه! ألستُ أنا رأس لقافلة المزيَّفين، اذ أقول ولا أفعل؟ نعم. إنما أسالك أيها الثالوث القدوس، الآن كما منذ البداية، ان يكون نورك الساطع على جبل ثابور هو الذي قد قاد هذا الكتاب حتى نهايته.

فان كنتُ عاجزاً عن التلألؤ مع رسلك وموسى وإيليا، بسبب زحمة خطاياي الخانقة، فهل تمنع نورك من ان يعصمني من تضليل الغير بتعليم مشوب بالاخطاء؟.

فان كانت حياتي عجيناً من نجاسة، فاحفظ، على الأقل، فكري وقلمي من الزلل، لأعترف بك الاعتراف الحسن.

فيا نوري ومخلصي، الآب والابن والروح القدس، أدخلنا مجدك الثابوري لنعاين بنورك النور. فما عاين الرسل نورك إلا لأنَّك أنرتهم، وفتحتَ عيونهم لرؤية النور. فأنت النور. وأنت النور الذي اضاءهم ليعاينوك، فشاهدوك نوراً. دنياك كلها نور في نور.

اجعلنا أنواراً في ملكوتك لتسبيح مجد اسمك.

جلِّلنا بالنور أيها النور الثالوثي الضياء. فالآب نور والإبن نور والروح القدس نور. وكل نور آخر قبس من هذا النور الحقيقي أو ظلُّه. فكن نورنا أثناء تخبّطنا في هذه الحياة الزائلة. أصعدنا معك الى ثابور، لنعاين مجدك، ونسبِّح بحمدك. فبدون نور ثابور نحن أدنى من الجماد. وبنور ثابور نحن آلهة وابناء العلي. فالمجد لجودك، وسناء نورك.

فلا تحرمنا مجدك، ولا ترذلنا بسبب خطايانا. فلنا ملء الثقة بالخلاص بنورك، لا بضحالة أعمالنا التي ليس لها من البرِّ الا ظاهره. فان العمق هو صنعة يديك. ان ارتضيت ان نكون عميقين انارنا نورك. أما من تلقاء أنفسنا فنحن فراغ في فراغ. لا امتلاء إلا بالنور الثالوثي الضياء الى ان يتحنّن الله على تفجُّعنا ونوحنا وأنيننا القاطر دماً فيمسح بنوره دموعنا (202).

عيد التجلي 6/8/1984.

الخاتمة: نور الإنجيل بمجد المسيح (2 كور 4:4).

ماذا بعد هذا الملخص اللاهوتي العقائدي؟ العقائد الارثوذكسية ركيزة للحياة الروحية في المسيح ربنا. الصلاة عامود رئيس من أعمدة التقوى. والكنيسة الارثوذكسية مشهورة بصلواتها وطقوسها الزاهية. والمناولة عامود رئيسي آخر. وكتاب العهد الجديد عامود ثالث هام جداً لأن الروح القدس ينقُشه في القلوب. الأمر واضح في أرمياء (31:31) وفي رسالة بولس الثانية لكورنتس والفصل الرابع ورسالة بولس الى أهل أفسس حيث جاء ان كلمة الله هي سيف الروح (17:6). أما في الرسالة الى العبرانيين فقال: (12:4) فإن كلام الله حيّ فعال أمضى من كل سيف ذي حدين، نافذٌ حتى مفرق النفس والروح والاوصال والمخاخ، مُميّز لأفكار القلب ونياته. في الرسالة الى كولوس جاء:(16:3) “ولتحل كلمة المسيح فيكم بكل غناها”. أما الرب يسوع فقال لتلاميذه: “الكلام الذي كلمتكم به هو روحٌ وحياة”. (يوحنا 63:6). مكاريوس المنحول ويوحنا السلَّمي قالا ان الروح القدس ينقش كلام الله في القلوب. ديمتريوس روستوف قال ان الانجيل يعمل فينا فنلفظ الخطيئة كما نلفظ نواة الثمر. من كل هذا يبين انَّ كلام الله يحلُّ فينا بالروح القدس ويضحي حياةً لنا. يسوع قال: “ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله”. فكلام الله يمتزج بكل حياتنا فيتجسد في كل كياننا فيلهمنا الاعمال الصالحة، ويضحى غذاء ضميرنا وشريعة حياتنا وسلوكنا وفكرنا وكلامنا. فيصير فينا فكر المسيح (فيلبي 2).

العهد الجديد وتفاسيره الآبائية المقبولة كنسيّاً هي قواعد سلوك العهد الجديد المحفور في كل كياننا بالروح القدس يرشدنا الى الأعمال الصالحة التي أوصانا بها الله. لذلك على المؤمن ان يجسد في كل كيانه العهد الجديد لا بالحفظ غيباً، بل بالحفظ في كل مسالك الحياة. يسوع هو كلمة الله الحي المساوي للآب في الجوهر والانجيل رسالته الى القلوب لا للحفظ في الذاكرة فقط بل في كل ذرات النفس والجسد حتى تضحي فوتوكوبي عن يسوع.

قال كيرللس الاورشليني وسواه من الآباء: “هو المسيح ونحن المسحاء”. المسيحي صورة عن المسيح. نيقولاس كاباسيلاس أنشأ كتاباً اسمه: “الحياة في المسيح”. فالمسيحي يحيا في المسيح عبر الصلوات والمناولة والانجيل والاعمال الصالحة.

بولس الرسول علّمنا ان نقتدي به كما يقتدي هو بالمسيح. ويسوع نفسه علمنا “ان نكون كاملين كما انّ ابانا الذي في السموات هو كامل”، “وان نكون رحماء كما هو رحيم”.

ان الروح القدس ينسجنا نسيجاً جديداً في يسوع المسيح متلألئاً بالفضائل الإنجيلية. لا بد للإنسان المسيحي من ان يزرع الفضائل مكان الاهواء حتى تصبح الفضائل فيه طبيعة ثانية. أنئذٍ يشرق فيه نور الرب كما أشرق في جبل تجلي ربنا، فينتقل من هذا العالم الفاني إلى العالم الآخر في المجد الآبدي.

كتب للمطالعة

نيقولاوس كاباسيلاس: الحياة في المسيح، ترجمة البطريرك الياس الرابع معوض.

القديس أفرام: المزامير الروحية، ترجمة د. عدنان طرابلسي.

القديس افرام: ترجمة المطران افرام كرياكوس.

اسبيرو جبور: يا يسوعاه.

اسبيرو جبور: الطريق الى ملكوت السماء.

اسبيرو جبور: الظهور الالهي.

اسبيرو جبور: المزيّفون.

الذكرى الأربعون 2009/10/7.


(198) بعد انشاء الكناب، صدر في 1987 كتابنا “دمشق ولاهوت الايقونة” بما أن يوحنا الدمشقي هو بطل هذا اللاهوت. وسَّعت استشهاداته من العهد القديم وعرضت لاهوته ضمن الخط الشخصاني العام الممتد من باسيليوس الكبير حتى بالاماس فلوسكي.

(199) راجع كتابنا “قرد أم انسان”، المنشورات الجامعة، 1983.

(200) وان استعملنا الفاظاً مادية فالمعنى روحي. الجنة حديقة. السماء جلد. ولكن جنتنا روحية وسماءنا روحية. وجسمنا الترابي يتغيّر ويتحول الى روحي.

بعد سقوط امبراطورية الالحاد في الاتحاد السوفيتي على ايادي الرئيس ميخائيل غورباتشوف وزوجته البارّة ريسا وامه المفضالة ومناضلات نساء روسيا، سيدخل العالم عصراً جديداً من العداء للالحاد ومن العودة الى التمسك باهدابِ الدين.

(201) اللفظة اليونانية في (متى 16:10) تعني الفطنة لا الحكمة. الفطنة تتضمن الادراك والفهم والحذق. “كونوا فطناء كالحيات” اي كونوا فهيمين حاذقين. ان جرَّدنا اللفظة العامة “حربوق” من معاني الكذب والخبث والمكر والخداع والغش، كان المطلوب ان يكون المسيحي “حربوقاً” شريفاً صادقاً لا أبله معتوهاً. يجب تحرير مفاهيمنا ممّا علق بها في عهود الانحطاط. الاكليريكية والرهينة تحتاجان الى خبرة العناصر، الى أمثال باسيليوس والذهبي الفم ومكسيموس وبالاماس لا الى الجبناء الضعفاء العاجزين، بحاجة الى شهداء لا الى طواويس.

(202) بعد هذا الكتاب أنشأت في 1992 بحثاً عن عيد التجلي، ثم في تموز 1993 كتاباً عن سر الثالوث القدوس. انما هذا مكثَّف جداً جداً. انتظر الفرج لدمجهما بتوسُّع كافٍ مفيد، وبعده موت الشهادة ودفن على موجب الوصية المنسوبة الى القديس افرام: في الاهمال المطلق.

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF

معلومات حول الصفحة

عناوين الصفحة

محتويات القسم

الوسوم

arArabic
انتقل إلى أعلى