إليان الحمصي القديس الشهيد الطبيب

القديس الشهيد الطبيب إليان الحمصي

القديس الشهيد الطبيب إليان الحمصيولادتُهُ:

وُلد القديس إيليان في مدينة حمص، في عائلة تدين بالوثنية، وتُعدُّ من أشراف السكان القاطنين في حمص. زمن ولادته كان في القرن الثالث الميلادي. وليس معروفاً بالتحديد.

نشأَتُهُ:

نشأ إيليان على إيمان قويم، وعبادة حسنة. كان صواّماً قوَّماً، متصدِّقاً ورؤوفاً، راحماً للمساكين. وكان جميلاً في خلقته وزيِّه. هذه النشأة في الإيمان للقديس إيليان كانت سرَّاً عن أبيه، فهو قد تلقّنها سِرَّاً من أمِّهِ. كان يوزِّع على الفقراء ما تصل إلى يده من عطايا والده ويعالج المرضى بالمجان. يشفيهم باسم يسوع علانيةً. وإذ جاهر إيليان بمسيحيَّتِهِ ذاع صيتُهُ في حمص وسواها حتى صار الناس يأتونَهُ من أمكنة بعيدة. اقترن طبُّ إيليان بالبركة السماوية للرَّب يسوع طبيب النفوس والأجساد، وهذا ما جعل من إيليان الطبيب البشري طبيباً معروفاً لا للجسد فقط وإنَّما للأرواح أيضاً، وخاصَّةً أن الله منَّ عليه بنعمة طرد الأرواح الشريرة.

افتضاحُ أمرهِ كمسيحي:

هذه الضجة التي أثارها إيليان بلغت أسماع الأطباء وأثارت حفيظتهم. وإذ امتلأوا حسداً، قام بعضهم إلى أبيه واشين منذرين. وقالوا لهُ ابنك يكرز باسم إله المسيحيين ويهزأ بالآلهة، وأنت رجل شريف ولك عند الملك صوت مسموع وكذلك عند أهل المدينة. وقد أتتك وصية من الملك أن تساعد والي المدينة بملاحقة المسيحيين. أما نحنُ فقد ثبت لدينا أن ابنك ساحر وقد ضلَّل أكثر أهل المدينة.

ساء والد إيليان أن يسمع ما قيل له عن ابنه. كان لا بدَّ له أن يقوم بعمل ما يثبت من خلاله ولاءه للملك وغيرته على الآلهة. أول ردّ فعل كان لديه، الغضب الشديد على ابنه، بل على الذين يمكن أن يكونوا قد أفسدوا عقله. لذلك اتجه ذهنه شطر رئيس المسيحيين في حمص، أسقفها، سلوان، الذي استطلع خبره فعرف أنه يكرز بالمسيح علانيةً في المدينة، هو واثنان من تلاميذه، لوقا الشماس وموكيوس القارئ (أو مكسمس). فأرسل عمَّالهُ وألقوا القبض عليهم وشقوا ثيابهم وأوثقوهم وضربوهم، وجرّوهم في المدينة جزاءً لهم ليكونوا عبرةً لكل من يدين بالمسيحية. ثمَّ سلموهم للوالي ليضعهم في السجن. بقوا في السجن أربعين يوماً، ثمَّ أخرجوا للعذاب من جديد.

تعذَّب الثلاثة بالرَّجم والضرب والتجريح فيما أخذوا يسبحون الله ويسألونه القوة والصبر، وقد ذُكِر أنَّ الرَّب أيَّدهم بآيات من عنده جعلت الحاضرين يضجون تعجباً واستغراباً. وإذ بلغ إيليان خبرهم أسرع إليهم وقبَّل رباطاتهم وتوجَّع لهم. فقبض عليه عسكر الوالي وأخذوه إلى أبيه وأخبروه بما فعل.
وكان خسطارس أبيه في حضرة جلساء عديدين فخشي على نفسه وسمعته وأمر بسوق ابنه إلى الوالي بعد ما زوَّد الجند برسالة إليه قال فيها: وجَّهتُ إليك ابني بكري ووحيدي إيليان وقد لحق بالمسيح المصلوب ورفض أمر الملك. وقد أطلتُ روحي عليه ليرتدَّ فعاند وكفر فاحكم عليه بما يستوجب. فلّما قرأ الوالي الرسالة ردَّ إيليان إلى أبيه قائلاً: ابنك عزيز عندي فاحكم أنت عليه بما تشتهي. وقد وجَّهتُ لك صحبته سلوان الأسقف وتلميذيه، فأظهر فيهم حدَّ الشريعة لتنال من الآلهة الجزاء والسلام.

عامل خسطارس سلوان ورفيقيه كسحرة فيما أودع ابنه السجن. وبعدما عرَّضهم للضرب أمر أن يُلقوا للسباع، شرقي المدينة. هناك وقبل أن يتمِّم الآثمون فعلهم، رفع القديسون الصلاة لله. فلما فتح الجلادون الباب للسباع حدث ما لم يكن في الحسبان ظلَّلت الموضع سحابة من نار وعجَّ الهواء وسقط البرد فهربت السباع وسرى الفزع بين الناس. وقد قيل أنَّ عدداً كبيراً منهم آمنوا بالمسيح على الأثر. أما إيليان فتمكن من الخروج من السجن وانضمَّ إلى القديسين عساه يحظى معهم بنصيب من الشهادة. فلما حصل اضطراب ليس بقليل جاء الوالي بجند كثير وفتك بكل الذين جاهروا بإيمانهم إلا إيليان وهو واقف يصلي.

اسشهادُهُ:

عيل صبر خسطارس في هداية ابنه إيليان إلى عبادة الآلهة الوثنية. فأمر بعد تعذيبه وسجنه وضربه، وإنزال أقسى أنواع العذاب فيه بصنع مسامير أراد أن يغرسها في رأسه. وهذا ما فعله عندما أتاه الحداد بالمسامير. حيث غرزها في رأسه، ثم أمر الجند أن يطلقوا سراحه ليموت موتاً بطيئاً عبرةً لمن اعتبر. فخرج إيليان بالجهد، إلى مغارة شرقي المدينة يُصنع فيها الفخار. هناك صلَّى وأسلم الروح.

فلما كان الغد حضر الفاخوري، صاحب المكان، وكان مسيحياً في السر، فطالعه منظر إيليان ففرح لكنّه خشي أن يكون الوثنيّون قد نصبوا فخاً للمؤمنين بوضعهم الجسد هناك. فانتظر إلى اليوم التالي. فجاءه إيليان في الحلم ليلاً وطلب منهُ أن يحمله إلى كنيسة الأرشايا حيثُ يجتمع خراف المسيح بالسر. والأرشايا هي أول كنيسة تُعزى إلى الرسولين يوحنا وبطرس. والكنيسة أيضاً على اسم القديسة بربارة، وقد جُعلت في قصر امرأة آمنت بالمسيح بعد ما شُفي ابنها بيد الأسقف جراسيموس الذي أقامه الرسولان متلمِذاً لمدينة حمص وأعمالها أولاً. إلى هذه الكنيسة جاء الفاخوري حاملاً جسد القديس إيليان، فاستقبله المؤمنون بفرح، ولما أخذوا الجسد جعلوه “شرقي المذبح على سرير وصاروا يتبَّركون به”.

كذلك ورد أنه كان في زمن ثيودوسيوس الكبير (379- 395م) أسقف على مدينة حمص اسمُهُ بولس. هذا بنى كنيسة للقديس كانت عبارة عن هيكل واسع جميل مزيَّن مكمَّل بالرخام والأعمدة والفضَّة وفي داخله كنيسة صغيرة فيها قبر القديس وتحت المذبح ناووس مليح وله مدخلان من اليمين واليسار. فلمَّا اكتمل البناء نُقل جسد القديس بالقراءات والصلوات والكرامات وقد أظهر الله بجسده قوات وأشفية جرت بيد الأسقف المذكور بينها حادثة شفاء ابنة رجل يهودي من السرطان.

زمن استشهاده:

ليس واضحاً تماماً متى كانت شهادة القديس. البعض يقول في القرن الثالث، أيام الإمبراطور داكيوس قيصر، والبعض يقول لا بل في زمن مكسيمينوس قيصر في القرن الرابع.

إن كنيسة القديس إيليان قائمة إلى اليوم، وكذلك ضريحه الرخامي. الكنيسة قديمة العهد جداً وفيها بقية أيقونات حائطية ماثلة للعيان بوضوح والكنيسة الكبرى التي تحتضن الكنيسة الصغرى والضريح مرسومة بالأيقونات الحائطية منذ السبعينات من هذا القرن.

تعيّد له الكنيسة في 6 شباط.

طروبارية الشهيد باللحن الرابع
أيها القديس اللابس الجهاد والطبيب الشافي اليان، تشفع إلى الإله الرحيم أن ينعم بغفران الزلات لنفوسنا.

arArabic
انتقل إلى أعلى