كان والد أفكسنديوس من المسيحيين الفارسيين الذين هربوا إلى بلاد سوريا سنة 360 بسبب إضطهاد سابور ملك الفرس. هناك تزوج من امرأة مسيحية ورزقا ولداً أسمياه أفكسنديوس كان ينمو ببركات الله. عندما بلغ العشرين قصد القسطنطينية لزيارة عمه الضابط في جيش الإمبراطور، وعندما وصلها كان عمه قد توفي. رغم ذلك بقي في المدينة. وبسبب نباهته وجودة عقله أٌدخل إلى حرس الملك الخاص في رتبة مرموقة، لكنه لم ينسَ إيمانه وشرائع الإنجيل، بل حفظها وطبقها بكل تقوى. كان يصوم كل يوم حتى غياب الشمس. أما قوته الروحي فكان قراءة الكتاب المقدس والكتب الروحية. ولم ينفك عن التردد على الأبرار والرهبان في القسطنطينية لمشاركتهم الصلوات والسهرانيات، وكان يتوج صلواته وأصوامه بأفعال الرحمة فيوزع علهم كل شيء يملكه.
عندما بلغ الثلاثين من عمره أيقن أن حياته في الإلتصاق الكامل بالله، فترك الجندية وقصد جبلاً مقفراً يبعد عشرة أميال عن القسطنطينية. هناك توحد وعاش سيرة ملائكية، مثابراً على الصلوات وعيشة النسك القاسية، لكن العناية الإلهية أنعمت عليه بموهبة الأشفية واجتراح العجائب، فتقاطر الناس من مختلف الأمكنة لمشاهدته وطلب الشفاء على يده أو الاستماع إلى إرشاداته الروحية. أما هو فقد لزم قلايته المغلقة وكان يمد يده من نافذة في باب القلاية ليلمس المرضى ويدهنهم بالزيت المقدس. وفي بعض الأحيان كان يستخدم الصليب المربوط في رأس عصاه لملامسة المرضى وشفائهم. وكان كل من استدعى عليه اسم الرب يسوع يبرأ من مرضه.
عندما انعقد المجمع المسكوني الرابع عام 451، في مدينة خلقدونية، للنظر في هرطقة أوطيخا الذي قال بطبيعة إلهية وحيدة في المسيح، أصر آباء هذا المجمع أن يحضر أفكسنديوس المجمع نظراً لقداسته، لكي يضع معهم حقيقة الإيمان. رفض المجيء لأنه يفضل النسك، فحمله الموفدون على سريره لأنه لم يكن يستطيع المشي بسبب ضعفه الشديد الناتج عن قساوة النسك. وهكذا حضر المجمع وشجب مع الآباء هرطقتي نسطوريوس وأوطيخا، وأعلن معهم الإيمان بطبيعتي المسيح الإلهية والبشرية كما علمها الآباء. وفي خلقيدون ذاع صيته فتقاطر الناس لسماع إرشاداته ونيل الأشفية. ويعتقد أنه سيم كاهناً في خلقيدون.
بعد المجمع لم يعد أفكسنديوس إلى جبله بل قصد جبلاً قرب خلقيدون أكثر علواً واشد قساوة في البرد واشد صعوبة في الوصول إليه، وصنع له داخل مغارة قلاية من خشب ونسك فيها. رغم ذلك قصده الناس فلم يبخل عليهم بالمعجزات. وكان يعظ ويرشد ويعلم طريق الخلاص لك من أتى إليه، حتى أن كثيرين قرروا النسك قرية في قلالي على نفس الجبل متبعين تعاليمه وإرشاداته وفضائله، فبُنيت الأديرة الكثيرة وبينها دير نسائي ناهز عدد راهباته السبعين، على رأسهن القديسة الفثاريا، وكنّ يأتين دوماً للاستماع إليه وتناول الأسرار المقدسة من يديه.
بقي البار أفكسنديوس على هذا السلوك إلى أن رقد بسلام في 14 شباط سنة 470 فانتقل إلى السعادة الأبدية ليأخذ أجر أعماله الفاضلة. أما جسده فدفن في دير الراهبات البتولات وصار قبره ينبوع أشفية لك مؤمن طالب نعمة الله.
تعيد الكنيسة المقدسة في الرابع عشر من شباط لتذكار أبينا البار أفكسنديوس الذي اشتهر في القرن الخامس بسيرته الفاضلة وبالقداسة السامية وبصنع العجائب.
فبشفاعته اللهم أرحمنا وخلصنا آمين.
طروبارية باللحن الأول
ظهرتَ في البرية مستوطناً وبالجسم ملاكاً، وللعجائب صانعاً، وبالأصوام والأسهار والصلوات، تقبَّلت المواهب السماوية، فأنت تشفي السقماء ونفوس المبادرين إليك بإيمان، يا أبانا المتوشح بالله إفكسنديوس، فالمجد لمن وهبك القوَّة، المجد للذي توَّجك، المجد للفاعل بك الأشفية للجميع.
Qandaq с втората мелодия
لما تنعَّمت أيها المتوشح بالله بالإمساك وألجمت شهوات الجسد, ظهرت مخصباً بإيمانك, فأزهرت كغرسٍ في وسط الفردوس, أيها الأب إفكسنديوس الكلي الطهر.