في كيفية تبادل العطاء أو المقايضة

الأسماء العامة والخاصة: لقد سبق وقلنا مرّات عديدة إن الجوهر غير الأقنوم، وإن الجوهر يشير إلى النوع المشترك والعام في الأقانيم المتساويي النوعية، مثلاً: إله، إنسان. أما الأقنوم فيدلّ على الشخص. كالآب، والابن، والروح القدس، بطرس، بولس. ومن ثمّ أعلم أن كلمة لاهوت وناسوت مختصة للجواهر والطبائع. أمّا كلمة إله وإنسان -مع استعمالها للدلالة على الطبيعة، كما لو قلنا: إن الله جوهر لا يدرك وإن الله واحد- فنستعمل أيضاً للدلالة على الأقانيم كما في باب تخصيص الاسم العام. وقد جاء في الكتاب: “لأجل ذلك مسحك الله إلهك” (مز44: 8). -إن في هذا لدلالة على الآب والابن- ويقول الكتاب أيضاً: “وكان رجل في أرض عوص” (أيوب1: 1). وبذلك دلالة على أيوب وحده.

استعمالها في الكلام عن المسيح: وعليه، لمّا كنّا نعرف في ربنا يسوع المسيح طبيعتين وأقنوماً واحداً مركباً من كلتيهما، فإننا عندما ننظر إلى الطبيعتين نقول بلاهوت وناسوت، وعندما ننظر إلى الأقنوم المركب من الطبيعتين نسميه المسيح -الذي هو منهما كليهما- ونسميه إلهاً وإنسانً معاً، وإلهاً متجسداً. وأحياناً نكتفي بتسمية الكل باسم البعض، فنسميه إلهاً فقط وابن الله وإنسانً فقط وابن الإنسان، متخذين اسمه تارةً من جزئه الأسمى فقط، وتارةً من جزئه الأدنى فقط. وبما أنّ ذاك وهذا في تساوٍ، فهما واحد، الأول كائن دوماً من الآب بدون علة، والثاني صائر حباً بالبشر.

لا محلّ للمقايضة في ما يتعلّق بالطبيعتين، بل في ما يتعلق بالأقنوم: إذاً عندما نتكلم عن اللاهوت لا نعني خواص الناسوت نفسه ولا نقول بلاهوت متألم أو مخلوق. وعندما نتحدث عن الجسد أو الناسوت لا نعني خواص اللاهوت ولا نقول بأن الجسد أو الناسوت غير مخلوق. أما إذا تكلمنا عن الأقنوم -إذا عنيناه بكلا الطبيعتين معاً أو عنيناه بإحداهما- فإننا ننسب إليه خواصّ الطبيعتين كلتيهما، لأن المسيح الذي هو كلاهما معاً يُقال له إلهاً وإنساناً، ومخلوقاً وغير مخلوق، ومتألماً وغير متألم. وعندما يُدعى ابن الله والله- من باب تسمية الكل باسم البعض- يتخذ خواص الطبيعة الموجودة معه أي طبيعة الجسد، فيسمى رب المجد المصلوب- ليس من حيث هو إله بل من حيث هو نفسه إنسان-. وعندما يُدعى إنساناً وابن الإنسان يتخذ خواص الطبيعة الإلهية ومفاخرها: طفلاً قبل الدهور، إنساناً لا بدء له- ليس من حيث هو طفل وإنسان بل من حيث هو إله قبل الدهور، وقد صار إنساناً في آخر الأزمان. وطريقة المقايضة هي هذه: كل طبيعة تقايض الأخرى خواصها، بسبب وحدة هوية الأقنوم ونفوذ كل طبيعة منهما في الأخرى. لذلك يمكننا القول عن المسيح: “هذا هو إلهنا… تراءى على الأرض وتردد بين البشر” (باروك3: 38). وهذا الإنسان غير مخلوق فلا يتألم ولا يُحصر.

arArabic
انتقل إلى أعلى