Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
☦︎
☦︎

دستور الإيمان النيقاوي القسطنطيني:

  1. الإيمان: أؤمن.
  2. الله الآب: بإله واحد، آب، ضابط الكلّ.
  3. الخلق: خالق السماء والأرض، كل ما يرى وما لا يرى،
  4. يسوع المسيح: وبرب واحد يسوع المسيح، ابن الله الوحيد، المولود من الآب قبل كل الدهور، نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، مساوٍ مع الآب في الجوهر، الذي به كان كل شيء، الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء،
  5. التجسد: وتجسّد من الروح القدس ومن مريم العذراء، وتأنّس،
  6. الفداء: وصُلِب عنّا على عهد بيلاطس البنطي، وتألّم، وقُبر، وقام في اليوم الثالث كما في الكتب، وصعد إلى السماء وجلس عن يمين الآب،
  7. الدينونة: وأيضاً يأتي بمجد ليدين الأحياء والأموات، الذي لا فناء لملكه،
  8. الروح القدس: وبالروح القدس، الرب المحيي، المنبثق من الآب،
  9. الثالوث القدوس: الذي هو مع الآب والابن، مسجود له وممجد، الناطق بالأنبياء،
  10. الكنيسة: وبكنيسة واحدة، مقدسة، جامعة، رسولية،
  11. المعمودية: واعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا،
  12. القيامة في اليوم الأخير: وأترجى قيامة الأموات والحياة الدهر الآتي.

هذا الدستور للإيمان وُضع على مراحل حسب ظهور الهرطقات واضطرار الكنيسة للدفاع عن إيمانها.

وقد سُمّي بالنيقاوي القسطنطيني لأن قسما منه وُضع في المجمع المسكوني الأول الذي انعقد السنة الـ 325 في نيقية، ثم اُكمل في المجمع المسكوني الثاني الذي انعقد السنة الـ 381 في القسطنطينية.

منذ العهد الرسولي تضمنت العبادة المسيحية الاعتراف العلني ببعض عناصر مقومات الإيمان وخاصة عند الاستعداد لسرّ المعمودية وإقامته.

وفي شرقنا المسيحي دخل دستور الإيمان النيقاوي القسطنطيني خدمة القداس الإلهي كجزء رئيسي منه في القرن الرابع، وتصدّر الكلام الجوهري.

يُستهل دستور الإيمان بكلمة ” أؤمن” وليس ” نؤمن” ليظهر للشعب المسيحي قيمة الالتزام الشخصي لكل عضو في الكنيسة. لذلك يجب أن لا نتلو دستور الإيمان تلاوة هامشية وأن نوكل ذلك إلى أي كان دون اشتراكنا الفعلي بذلك إذ المطلوب من كل مؤمن قبل اشتراكه في تناول القدسات أن يتبنّى إيمان الكنيسة وأن يلتزمه شخصياً. “أؤمن” هذا يعني أنّي أنا فلاناً الحاضر في هذه الكنيسة أؤمن أي أتبنى لا بشفتي فقط ولكن بكل كياني هذه الكلمات التي وضعها آباء الكنيسة وسكبوا فيها الحقيقة المعلن عنها، جاعلينها بعملهم هذا في متناول كل عقل مستنير بالإيمان بيسوع.

ولقد قال المطران ” فيلاريتوس”، مطران موسكو في القرن الماضي، في هذا الصدد: “ما دام إيمانكم محفوظا في الكتاب المقدس وفي دستور الإيمان فهو مِلْكٌ لله وأنبيائه ورسله وآباء الكنيسة، إنه ليس لكم ولن تبدؤوا في اكتسابه إلا عندما يتملك على أفكاركم وذاكرتكم…”.

ومن أجل الوصول إلى حالة كهذه علينا أن نسعى جهدنا لفهم الحقائق المُعبّر عنها في دستور الإيمان ونسمح لها بالتغلغل فينا فتؤثر الكلمات التي نرددها ونسمعها في القداس الإلهي فينا عميقا وتحولنا إلى أعضاء راشدين واعين لكنيسة المسيح.

وهذا ما هدفنا إليه في الكتاب الذي بين أيديكم.

ولكن لا بدّ قبل الغوص في ثنايا الكتاب من إبداء بعض الملاحظات التي نعتبرها هامة لفهم صحيح للعقائد المسيحية ولدستور الإيمان:

أولاً: إن تلاوة دستور الإيمان جزء لا يتجزأ من القداس الإلهي. هي تعبير عن قبول الجماعة للكلمة الإلهية وإعلان إيمانها بهذه الكلمة التي سمعوها عبر الرسالة والإنجيل في القسم الأول من القداس ( قداس الموعوظين ). وهي كذلك تأكيد لإرادة الجماعة في أن تصبح جسداً واحداً بتناولها الكلمة الإلهية في سرّ الشكر.

إذن، فتلاوة دستور الإيمان عمل ليتورجي، نشيد من أناشيد التسبيح في الحياة الطقسية.

العقدة والتسبيح مشدودان إلى بعضهما بعُرى لا تنفصم: “ن يصلي فهو لاهوتي، واللاهوتي هو الذي يصلّي” قال الآباء قديماً. إذاً لا يمكننا أن نتعرّف على الحقيقة الكامنة في عقيدة ما بالتحليل العقلاني الصرف – فالعقل لا يمكنه أن يحصر الألوهة وأسرارها. ولكن يمكننا ذلك بالتسبيح والتأمّل. بالرجاء الكلّي في رحمة الله وهو يكشف لنا حينئذ ذاته ويساعدنا على فهم سرّ محبّته. يقول أحد الآباء: ” ليس المهم أن نتكلّم عن الله وعن حقيقة الله، بلّ المهم الأهم هو أن ندع ذواتنا تتطهّر بالله فتمتلئ منه ومن حقيقته”.

اللاهوتي الحق، في المفهوم الشرقي، هو القديس، لأن القديس قد حقق شركته مع الله.

السعي إلى الله أساس الدين المسيحي. ودراسة دستور الإيمان ليست دراسة ما ورائية Métaphysique، بل هي سعي صامت محبّ ودؤوب يعبق بالتسبيح، سعي إلى الحقيقة المعلنة من الله والمُعَبّر عنها بالمسيح يسوع ابنه والمحيية لنا في الكنيسة بروحه القدوس.

ثانياً: دستور الإيمان يؤكد أن وحدة الكنيسة هي، في الأساس، وحدة في الإيمان، والجماعة التي يشدّها إيمان واحد إنما تعبّر عن إيمانها جماعياً مما يؤدي إلى صون وحدتها وإعلانها للملء.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن المؤمنين في القرون الثلاثة الأولى لم يكونوا في حاجة إلى التعبير عن إيمانهم بواسطة دساتير للإيمان. ولكن دفعهم إلى ذلك ظهور الهرطقات. يقول هيلاريوس (القرن الرابع): “إن شر الهراطقة والمجدّفين يدفعنا إلى القول بالمحرّمات، كأن نتسلّق القمم التي لا تُطال ونتكلّم في أمور لا يُنطق بها ونلجا إلى تفاسير ممنوعة. كان علينا الاكتفاء بأن نتمم بالإيمان وحده ما أمرنا به السيد: أن نسجد للآب ونكرم الابن معه وأن نمتلئ من الروح القدس. ويا للأسف فنحن الآن مضطرون لوصف الأسرار الفائقة الوصف. أن خطيئة الآخرين تسقطنا نحن في هذه الخطيئة: أن نُعَرّض الأسرار إلى متناقضات “قصور” لغة البشر، بينما هي وجدت لنخدمها في سكون قلوبنا”.

هذا يعنى أن تشويه الهراطقة للحقيقة المسلّمة إلى الرسل فرض على الكنيسة وضع معتقداتها في قوالب بشرية مع إدراكها تمام الإدراك أن الكلمات عاجزة كل العجز عن إحتواء الحقيقة كلها والتعبير عنها كلياً.

هذا الوضع جعل العقائد المسيحية تحوي – حسب الظاهر – تناقضات لا حصرلها. فمثلاً نقول بأن الله واحد وإنه في الوقت ذاته مثلث الأقانيم. ونعترف بأن الله لا يُدنى منه وندعو في الآن ذاته إلى حياة الشركة مع الله. ونٌقرّ بأن المسيح إله وإنسان في آن. ونقول عن الكنيسة أنها منظورة وغير منظورة كذلك إلخ…

كل هذه التناقضات – ظاهرياً – تعبّر مجتمعة عن الحقيقة. لكن الجمع بينها لا يتم على المستوى العقلي بلّ على مستوى الخبرة الروحية وهذا هو معنى السر في المسيحية. إنه ليس نظرية صعبة الفهم والادراك ولكنه حياة نحن مدعوون لاختبارها في جماعة المؤمنين الواحدة، أعني بها الكنيسة. وكلما ازداد اختبارنا لحياة الكنيسة وجدناها أكثر أعمقاً.

ثالثاً: وحدتنا في الإيمان ملتصقة بالمحبة وملازمة لها. وهذه الوحدة تؤهلنا للوصول إلى وحدة الحياة الحقة في اشتراكنا بالمسيح في سرّ الشكر.

وهذا واضح في القداس الإلهي إذ يأتي دستور الإيمان مباشرة بعد دعوة الكاهن جميع المؤمنين لممارسة المحبة قائلاً: ” لنحب بعضنا بعضاً، لكي بعزم واحد، نعترف مقرين بآب وابن وروح قدس ثالوثٍ متساوي في الجوهر وغير منفصل”. وهذا يعني أن جماعة المسيحيين المتحدة بالمحبّة على صورة الثالوث القدوس هي وحدها مؤهلة ومدعوة لإعلان الإيمان الواحد.

المحبة الحقيقية توأمان لا ينفصلان. لا حقيقة معاشة دون المحبّة وخارجها ولا محبّه حقة خارج الحقيقة.

رابعاً: أخيراً يذكرنا الالتزام الشخصي المنوه عنه في كلمة ” أؤمن” بدعوة دستور الإيمان لنا إلى الالتصاق بهذا التدبير الإلهي الذي يسرد أحداثه وإلى تغيير ذواتنا لكي نصبح سفراء للمسيح وشهوداً له في هذا العالم. وبذلك تصبح الكنيسة الجامعة خادمة للعالم الحاضر كما كان سيدها وهذا جليّ في تسلسل القداس الإلهي:

  • وحدتنا في المحبة تؤهلنا لأن نعبّر عن إيماننا الواحد..
  • تعبيرنا عن إيماننا الواحتد يؤهلنا للاشتراك في الكأس الواحدة.
  • اشتراكنا في الكأس الواحدة وسكنى المسيح في قلوبنا يؤهلنا للتفتيش عن المسيح وخدمته في كل مواضع سكنه، أي أيضاً في الإنسان الآخر وفي العالم، مؤكدين بذلك أن سرّ الشكر لا يكتمل فعله فينا إلا إذا أوصلنا إلى المناولة في “سرّ القريب” كما يقول القديس بوحنا ذهبى الفم.
Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
arArabic
انتقل إلى أعلى