Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
☦︎
☦︎

أسس “شهود يهوه” واعظ أميركي اشتهر في أواخر القرن التاسع عشر اسمه شارل رسل. ولد في بتسبرغ سنة 1853 في عائلة تنتمي إلى الكنيسة المشيخية البروتستانتية. ترك المدرسة في الرابعة عشرة ليساعد والده العقاد في متجره. في الـ17 من عمره بدأ يشك بعدة حقائق ايمانية إلى أن حضر اجتماعاً للسبتيين وأعجب بالعظة وعاد يقرأ الكتاب المقدس. قوجد على حد قوله أن لا أساس لوجود جهنم في الكتاب وأن اليوم الأخير قريب وأن المسيحيين حرفوا معنى كلمة الله بشرحهم الكتاب وأن معظم العقائد المسيحية لا أساس لها.

جمع حوله بعض التلاميذ مع فرقة سبتية وبدأوا يعدون النشرات إلى ان اختلفوا وانفصلوا سنة 1878. وكان رسل قد باع متجره ليتخصص بالتبشير. سنة 1879 تزوج من ماريا فرانس اكلي التي بقيت معه وساهمت في أعماله مدة 18 سنة. وفي السنة نفسها أسس مجلة اسمها “برج المراقبة لصهيون” التي لا تزال تصدر حتى اليوم بعد أن حذفوا منها كلمة صهيون. وبدأ يصدر نشرات ليبث معتقده ويجند المتطوعين حتى توسع العمل وأسس رسل شركة سنة 1884 سجلها في ولاية بنسلفانيا باسم شركة النشر لبرج المراقبة لصهيون. وكان رسل يجوب الولايات المتحدة وكندا مبشراً وسافر أيضاً إلى بريطانيا وآسيا الصغرى بعد ان انتشرت مناشيره فيها، فصار يصدر ترجمات بلغات البلاد وينظم المؤتمرات للشهود زاعماً انها استمرار لتجمعات اليهود بعد تووقف دام 2000 سنة بسبب المسيحية. وكان يستعمل الدعاية في الصحف وينظم حملات التبشير من باب إلى باب التي تقوم حتى اليوم.

أدخل في جمعية شهود يهوه شركتين ماليتين للاستثمار، تملك رسل بواستطها العقارات والأموال واحتفظ دائماً باكثرية الأسهم. الموضوع الأساسي في نشرات شارل رسل هو موضوع مجيء المسيح ونهاية العالم. لما دخل في جماعة التبشير ورأى أن أملهم قد خاب بالتنبؤ بتاريخ نهاية العالم زعم أنه اكتشف مع بعض أتباعه أن المسيح سيأتي بشكل غير منظور وأنه فعلاً أتى سنة 1874 مبتدئاً مدة أربعين سنة سماها رسل فترة الحصاد يجمع فيها المسيح قطيعه بواسطة رسل نفسه وينهي زمن الأمم الأشرار ويعود يهوه قائداً شعبه المختار أي اليهود. ينتهي تدمير كل شيء في معركة هرمجدون (رؤيا 16 :14 ) وبها انتصر ملكوت يهوه مع مختاريه الذين جمعهم وذلك سنة 1914 . بعد ذلك تبدأ الألف سنة، ألف سنة من السعادة للمختارين في السماء وتأتي أرضاً أُخرى بعد فناء الأرض الحالية.

لا يزال شهود يهوه يبشرون بأفكار رسل الآخروية ويركزون على موضوعين: تقسيم البشر والحسابات النبوية.

يقسم رسل البشر إلى ثلاث طبقات:

  1. القديسون أي تلاميذه. هؤلاء فقط سيعيشون في الفرح السماوي وعددهم 144000. ومن بينهم قلة قليلة تحظى بالطبيعة الالهية وتؤلف جسد المسيح.
  2. الأخوة يخضعون لناموس الملكوت وتكون لهم حياة إنسانية مثالية وعلى رأسهم صدّيقو العهد القديم.
  3. الطبقة الثالثة مؤلفة من ذئاب متخفية بشكل خراف.هؤلاء رفضوا التبشير وسيفنون نهائياً.

تنبؤ رسل عن سنة 1914 أساس في تعليم شهود يهوه. يعتمد على لوقا 21 : 24 “وتكون أورشليم مدوسة من الأمم حتى تكمل ازمنة الامم”، وما لم يقله السيد في الإنجيل أضافه رسل من عنده فحدد الزمن استناداً إلى حسابات. متى بدأ زمن الأمم؟ كم يدوم؟ فإذا أجاب عن السؤالين وجد تاريخ نهاية العالم. قال : بدأ زمن الأمم مع احتلال نبوخذ نصر لأورشليم. أرَّخ رسل لهذا الحدث سنة 606 لأن الرقم ورد في سفر الرؤيا لكن احتلال أورشليم تم فعلاً سنة 586 قبل المسيح ومرة ثانية سنة 597 عند سبي اليهود إلى بابل. قرأ رسل في سفر اللاويين 18: 26 باللغة الانكليزية “وإن كنتم مع ذلك تسمعون لي أزيد على تأديبكم سبعة أضعاف حسب خطاياكم”، فهم سبعة أضعاف لا بمعنى اشتداد العقاب لكن بمعنى العدد أي سبع مرات ويبدأ حساباته للمرات السبع وأدّتْ إلى التنبؤ بنهاية العالم لسنة 1914، فهذه مع أنها كانت سنة الحرب العالمية الأولى لم تكن نهاية العالم.

في حياته الشخصية طلبت زوجته الطلاق بسبب الزنى وحصلت عليه وعلى نفقة من زوجها. أقامت عليه جريدة أميركية دعوى بتهمة الغش وبيع القمح “العجائبي” بـ 60 دولاراً الكيلو. ولما ادعى هو بدوره على الجريدة بالتشهير خسر دعواه. ثم خلف رسل في رئاسة الجمعية جوزف فرانكلين رذرفورد.

وكان رذرفورد محامياً مستشاراً لجمعية برج المراقبة منذ 1907. صار رئيساً للجمعية بعد وفاة رسل وتابع النشاط. بعد الحرب سجن مع عدد من رفاقه لأنه رفض التجنيد وحث على مقاومة الدولة. قال أن المسيح تنبأ بخبر سجنه هو عندما قال “يطردونكم ويسلمونكم إلى مجامع وسجون…” (لوقا 12: 21). عاود النشاط بعد خروجه من السجن: خطابات، مؤتمرات، مطبوعات بالاضافة إلى الإذاعة والاسطوانات الحديثة العهد. نشر له سنة 1917 كتاب “السر المنتهي”. وهو شرح لسفر الرؤيا ونشيد الأنشاد وحزقيال وأيضاً دراسات كتابية منه ومن سلفه رسل.

من تعاليمه أن للشيطان عملاء أهمهم الدين والسياسة والتجارة وأخطرهم الكنيسة لأنه اعتقد أن يوحنا يشير إليها في الرؤيا عندما يذكر العاهرة. ويظهر من اتهماته ضد الكنيسة أنه يجهل الوقائع والعقائد المسيحية.

حصلت تغييرات عقائدية وإدارية على الجمعية أيام رذرفورد:

  • تردد رذرفورد بتحديد أزمنة سنة الحصاد ونهاية العالم لئلا يفشل. قال أن سنة 1918 بدء نهاية العالم ثم غير رأيه فقال أنها حدث حصل في السماء. القاضي، كما يسمونه، انتظر عودة الأمراء (صدّيقو العهد القديم) لسنة 1925 ولم يأتوا فتوقف عن تحديد الأزمنة.
  • لم يبق إلا قلة ضئيلة على الأرض من أعضاء جسد المسيح الـ 144000. الأكثرية التي على الارض هي من الخراف الذين سينالون السعادة.
  • سنة 1931 وجد اسماً جديداً موفقاً للجمعية “شهود يهوه” اخذه من اشعيا 43: 10-12 واشعيا 2:62 والرؤيا 17:12 مؤكداً أنهم، اي شهود يهوه، دون سواهم معنيون بهذه الآيات.
  • ادارياً حوّل القاضي حركة رسل الديمقراطية إلى ثيوقراطية مركزياً يحكم فيها الخادم الأمين الحكيم باسم يهوه.
  • كان رذرفورد متسلطاً ديكتاتورياً صعب التعامل معه لا يتردد بتغيير مواقفه لخدمة مصالح شهود يهوه، كانت العقيدة تتغير. كان يحاول مثلاً البحث عن الاختراعات في الكتاب المقدس: اشعيا تنبأ بالطيارات وسفر ايوب بالتلغراف الخ… ومن تناقضاته الدين عميل الشيطان وهو ينشر آراءه باسم حرية الدين. ينتقد الدين المؤسسة ويخلق هو مؤسسة دينية.

بعد رذرفورد جاء ناتان كنور سنة 1942 وكان قد التحق بشهود يهوه منذ عشرين سنة ومسؤولاً عن المنشورات منذ عشر سنوات. بقيت مؤسسة شهود يهوه مركزية في عهده تصدر القرارات والتوجيهات والتعيينات والمنشورات كلها من المركز الرئيسي في بروكلين (نيويورك) وفتحت وكالات في بلدان عديدة مقسمة إلى أقاليم ومجموعات وكل المسؤولين عن المجموعات والأقاليم والبلدان يقدمون تقارير إلى المركز الرئيسي. كنور أميركي من بنسلفانيا من بيت بروتستنتي كلفيني، التحق أهله بشهود يهوه وهو في السادسة عشرة. وسّع عمل شهود يهوه وثبت التنظيم الإداري وأدخل وسائل تبشير جديدة مثل الافلام والمؤتمرات وأسس مركزاً لتدريب المبشرين على طرق الاتصال بالناس باللطف والتهذيب. نشر له سنة 1955 كتاب عنوانه “يمكن ان تعيشوا بعد هرمجدون وتدخلوا في عالم الله الجديد”. مع تثبيت المؤسسة في العالم بقي كنور يبشر أن نهاية العالم قريبة.

لا يزال شهود يهوه يعملون حتى اليوم حسب النظام الذي وضعه كنور وزملاؤه.

الأحد 26 كانون الثاني 1992، العدد4

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
arArabic
انتقل إلى أعلى