ما يثير قلقنا بشكل خاص أن هذه الإرساليات التبشيرية التي تصدر الآن في الولايات المتحدة تتجه إلى سائر أنحاء العالم وخاصةً إلى الشرق الأوسط. في قبرص، هناك عددٌ كبير من المراكز لهذه الإرساليات كلها موجهة للشرق الأوسط. لكن الأخطر من هذا هو التوافق في النظرة بين اليهود الصهاينة والصهيونية المسيحية (1) التي تسيطر على أعداد كبيرة من بعض الفئات وخاصةً الإنجيلية في الولايات المتحدة. التحالف الفعلي القائم بين الطرفين يجعلنا نتساءل: ما هو الهدف من مجيء هذه الفئات إلى بلادنا؟
هناك مقالات كثيرة مكتوبة، في مجلة TIMES وغيرها، عن المسيحية الصهيونية وعن التحركات الكبيرة لهذه الفئات التي تنطوي تحت ما يسمى بصورة خاصة ال Fundamentalism أي “الحرفية” و”الأصولية”، ومنها بصورة خاصة الكنيسة التدبيرية Endespensationalism . وللأسف، هناك تلازم بين النظرة اليهودية والنظرة المسيحية لهؤلاء. فمثلاً عند اليهود هناك الحاخام “مناحيم شنيرسون” الزعيم الروحي لحركة “حباد”، والذي وجه نداء قبيل حرب الخليج قال فيه ان أزمة الخليج تشكل مقدمة لمجيء المسيح المنتظر. وكما نعلم، فاليهود يعتقدون أن المسيح لم يظهر يعد وأن ظهوره سيتم في إسرائيل. ويعتقدون أن من علامات ظهوره وقوع محنة عالمية كبيرة، فيأتي المسيح ليخلص الإنسانية ويجدد اليهودية التي تسود العالم. لاحظوا أن هذه النظرة تلتقي مع نظرة هؤلاء “المسيحيين” الأمريكيين الذين يقولون بأن العودة الثانية للمسيح لها شروط وهي قيام دولة صهيون وتجمع يهود العالم فيها، ثم تتعرض الدولة اليهودية إلى هجوم من غير المؤمنين خصوصاً من المسلمين والملحدين ثم تقع مجزرة بشرية كبيرة تدعى “هرمجدون” نسبةً لاسم السهل “مجدو” الذي يقع بين الجليل والضفة الغربية. في هذه المجزرة تستعمل أسلحة مدمرة كيماوية وبيولوجية و يقتل فيها مئات الآلاف من المهاجمين ومن اليهود معاً. بعد ذلك يظهر المسيح فوق أرض المعركة ليخلص بالجسد المؤمنين، فيرفعهم فوق سحب المعركة حيث يشاهدون بأم العين جثث القتلى و الدمار والخراب على الأرض، قبل أن ينزل “المسيح” إلى الأرض ويحكم العالم لمدة ألف سنة. الملفت للنظر في هذا أن الأشخاص الذين سيكونون مع المسيح سيكونون من المتجددين Born again.
من أتباع الكنيسة التدبيرية شخصيات أمريكية بارزة منها الرئيس الأمريكي الأسباق “رونالد ريغن”، أما أبرز وعَّاظَها وهم القِسّان “جيري فولويل” و”هول ليندسي”.
الغريب أيضاً أنه منذ عام 1970 م، والقس المعمداني (المتجدد) “بيللي غراهام”، المذكور أعلاه، يردد في مواعظه، التي تنقلها شبكات التلفزة الأمريكية، العالم يتحرك بسرعة كبيرة نحو”هرمجدون” وأن الجيل الحالي من الشباب قد يكو أخر جيل في التاريخ. هناك عدة كتب لهذا الواعظ وهو يتحدث بشكل واضح عن هذا الموضوع.
من المعمدانيين المعروفين الرئيسين الأسبقين “جيمي كارتر” و”بِل كِلينتون” لا نريد أن نتهم ونهاجم أحد، لكن لا نريد أن نكون أغبياء لدرجة أن الماء تجري من تحتنا دون أن ندري، وبكل بساطة وسذاجة كل من يغني لنا أغنية نرقص ونغني معه. من المفيد أن نعرف من هم أعداء الكنيسة والوطن كي نحتاط منهم. وكل الدلائل تشير إلى أن الفئات التي تأتينا من الخارج وخاصةً من الولايات المتحدة الأمريكية، لديها لون معين وارتباطات معينة و أهداف معينة خصوصاً إذا تذكرنا محطة “تلفزيون الشرق الأوسط” الدينية الممولة من أمريكا والتي بدأت من قبرص لكي تُلتَقَط في جنوب لبنان، تماماً بعد الإجتياح الإسرائيلي له سنة 1982 م، ومعها انتشرت العديد من البدع تحت الغطاء الإسرائيلي وخاصة المعمدانيين.
(1) لا يوجد مسيحية صهيونية ولكن يوجد صهيونية مسيحية أي ترتدي عباءة المسيحية فتكون كالذئاب بلباس الحملان… (الشبكة)