برفيريوس أسقف غزة

برفيريوس أسقف غزة

برفيريوس أسقف غزةوُلد القديس برفيريوس في تسالونيك/اليونان من أبوين غنيين بالفضائل والأموال. نال حظاً وافراً من العلوم، أشاح بوجهه عن نِعَم الأرض، وتطلّع إلى نِعَم السماء فترك بيت أبيه وقصد الصحارى المصرية حيث كانت الحياة النسكية في أبهى عهودها فقضى في مناسكها خمس سنوات كان فيها مثال التقوة والكمال الرهباني.

ذهب إلى الأماكن المقدسة في فلسطين فزارها ثم انحدر الى ضواحي الأردن ونسك هناك في مغارة موحشة. كان يصوم ويصلي فيها ويناجي الخالق في سكون تلك الفيافي الصامتة ولَم تمضِ عليه خمس سنوات حتى  ذبل جسمه وصار هيكلاً عظيماً وأشرف على الموت فحُمل إلى أُورشليم لكي يحصل على شئ من العناية. ولما كان قد ورث عن والديه أموالاً طائلة، أوفد الى بلده شاباً صديقاً له يدعى مرقس ليأتيه بحصته من الأموال فوجده صحيحاً معافى، فدهش من ذلك فقصّ عليه برفيريوس كيف شفاه الرب يسوع المسيح في إحدى زياراته لموضع الصليب وكيف ترآى له وهو مخطوف بالروح ووضع صليباً على منكبيه فشفى.

أخذ برفيريوس الأموال ووزعها على الفقراء والكنائس والأديرة وبدأ يشتغل في صناعة الخيام حيث كان يشتغل في النهار ويقضي الليالي ساجداً في الكنائس يصلي، فتنبه إليه البطريرك براييليوس ودعاه إليه ورسمه كاهناً وأقامه محافظاً على ذخيرة عود الصليب الكريم. ولم ينعم كثيراً بحياة النسك التي كان يهواها حيث ترملت مدينة غزة بفقدان راعيها فرسمه يوحنا رئيس أساقفة الأقاليم وأسقف قيصرية أسقفاً على مدينة غزة التي كانت مزدهرة وعظيمة الثروة واسعة التجارة وتسودها الوثنية وكانت فخورة بمعابدها، فتآمر عليه كهنة الأوثان وأثاروا الشعب ضده وأحاطوا بالاسقفية يريدون إهلاكه، فاختبأ في بيت حقير مع تلميذه مرقس وبقي هناك يصوم ويصلي ويبتهل إلى الله لكي يبارك عمله وينجح مساعيه فأسرع الله إلى معونته.

في ذلك الوقت عمَّ القحط بلاد فلسطين وكان الوثنيون في غزة يقولون إن برفيريوس هو السبب في غضب الآلهة عليهم، فتضرعوا كثيراً الى آلهتهم فلم يكن لها آذان ولم تستجب لهم، عندها اقام القديس صلوات حارة في الكنائس أتبعها بطواف في شوارع المدينة وإذا بالسماء تجود بالامطار وتحيى موات الأرض فآمن بالمسيح شعب غفير لدى رؤيتهم تلك الاعجوبة الباهرة.

أراد برفيريوس أن يضرب الوثنية في معقلها فكتب الى يوحنا ذهبي الفم بطريرك القسطنطينية للتوسط لدى الملك أركاذيوس ليأمر بهدم مذابح الأوثان في غزة. فاستصعب الملك الأمر ولم يفعل، فذهب برفيريوس بنفسه إلى القسطيطينية مع يوحنا أُسقف قيصرية وتوسلا في ذلك الأمر إلى القيصرة أفذوكيا التقيّة، فوافق الملك على طلبهما، وما هي الاَّ أشهر قليلة حتى دكَّ الجند معابد الشمس والزهرة وأبولون وجوبيتر وحطموا اصنامها في المدينة، وقد حظى برفيريوس بالتفات خاص من الملكة التي منحته مالاً وفيراً لبناء كنيسة كبرى في غزة فبناها ودعاها “أفذوكيّا” ولم يكن أعظم ولا اجمل منها ذلك الوقت.

وحدث أن سقط ثلاثة أطفال لا تتجاوز أعمارهم السابعة في بئر عميقة فتراكض الناس ولم يستطيعوا إسعافهم وإخراجهم من البئر فجاء الاسقف وجثا على ركبتيه وأخذ في الصلاة ثم أنزل رجالاً إلى البئر فأخرجوا الاطفال سالمين يحملون على اجسامهم ثلاثة صلبان مطبوعة باللون القرمزي على جباههم واكتافهم وأيديهم إثباتاً لهذه الأعجوبة فآمن الكثير من الشعب بالمسيح، وبقي برفيريوس أربعاً وعشرين سنة أُسقفاً على غزة ورقد بالرب حوالي سنة 450م.

تحتفل كنيستنا الرومية الأرثوذكسية بعيده في اليوم السادس والعشرين من شهر شباط.

طروبارية باللحن الرابع
لقد أظهرتك أفعال الحق لرعيتك قانوناً للإيمان وصورة للوداعة، ومعلماً للإمساك، أيها الأب رئيس الكهنة بروفيريوس، لأجل ذلك أحرزت بالتواضع الرفعة وبالمسكنة الغنى، فتشفع إلى المسيح الإله أن يخلص نفوسنا.

قنداق باللحن الثاني
لقد تعزينت بمناقبك الكلية الطهر، فاستترت بحلة الكهنوت الشريفة، يا ذا الغبطة الكلية برفيريوس المتأله العزم، فتلألأت بقوة الأشفية بغير فتور من أجلنا جميعنا.

arArabic
انتقل إلى أعلى