Bishop Suleiman Al-Ghazi, the poet

Arab history has known many Arab Christian poets who rarely referred to their Christian identity in their poems. As for Sulayman al-Ghazzi, the Orthodox bishop who lived between the tenth and eleventh centuries AD, he only touched on Christian topics in his poetry, explaining the Holy Bible, clarifying the doctrine and rituals, praising the life of asceticism and monasticism, singing the praises of Christian morals, and describing the customs of Christians in their feasts and religious celebrations. Bishop Sulayman did not forget to urge Christians to care for the poor and not to hoard money. Our poet also occupies the utmost historical importance in terms of his description of the conditions of Arab Christians in the Fatimid era, especially during the caliphate of al-Hakim bi-Amr Allah (1021), who persecuted Christians, forcing them to wear turbans, belts, black clothes, and to carry heavy wooden crosses around their necks.

هو سليمان بن الحسن الغزّيّ، ولد من أبوين مسيحيّين – وهنا يجب ألاّ نستغرب اسم والده، إذ إنّ أسماء العَلَم كانت آنذاك مشتركة بين كل ّ العرب مسيحيّين ومسلمين – وترهَّب في صباه، ثمّ ترك الرهبنة وتزوّج وأنجب أطفالاً، وانتهت أيامه أسقفًا أرثوذكسيًا بعد أن توفّيت زوجته. أمّا لقبه “الغزّيّ” فيشير إلى المدينة التي نشأ فيها وصار في فترة لاحقة أسقفا عليها، أي مدينة غزّة الفلسطينية. وانتماؤه الأرثوذكسي واضح في شعره، ففي إحدى قصائده “ما كلّ معتمد بالماء نصرانيّ” يكفّر سليمان أصحاب البدع كآريوس ومكدونيوس ونسطور ويعقوب البرادعي وأتباعهم، ويتابع ناظمًا:اظمًا:

“هذي مذاهب أقوام لكفرهم         ضلّوا الهدى عن طريقٍ، شبه عميانِ
فالفضل للأرثُذكسيين، إنهم        تمذهبوا مذهباً في الله حقّاني”.

يحثّ الأسقف الغزّيّ المسيحيّين في قصائده الزهديّة (التي تقارب ربع ديوانه الذي نشره المطران ناوفيطس إدلبي عام 1984) على التوبة والصلاة والابتعاد عن الكسل وأباطيل هذا العالم، كما يدعوهم الى الاعتراف بخطاياهم والاتضاع والعطاء، فيقول مثلاً:

“يا نفسُ توبي وقومي إلى الصلاة فما        يوافق النفسَ إن مالت إلى الكسلِ
ألا اهجري هذه الدنيا وزينتها                 تمّت لشيطانها بالمكر والحيلِ”.

يتطرّق سليمان في أماكن عديدة الى الإيمان المسيحيّ بالتوحيد والتثليث، فيقول ان الإيمان بالآب والابن والروح القدس لا يعني الإيمان بثلاثة آلهة أو ثلاثة أرباب. ويَعرض الشاعر أيضًا لمشكلة الشرّ، فيكفّر كلّ من يدّعي ان الله خالق الشرّ. كما يسهب الأسقف سليمان في التحدّث عن سرّ التجسّد والفداء والقيامة والخلاص، فيبيّن أن موت المسيح على الصليب قد منح الحياة للعالم:

“إن كان موتي من خطيئة آدمٍ        فمن المسيح قيامتي وبقائي”.

وفي ما يبدو ردًّا على المسلمين الذين يعتقدون أن المسيح لم يُصلَب أو يُقتل على الصليب، يؤكد شاعرنا أن سبب قيامتنا وحياتنا ليس سوى المسيح المائت والقائم من بين الأموات، فيقول:

“من قال مات مسيحُ اللهِ ما كذبا        يُنبيك إنجيلُه بالحق عنه نبا
لو لم يمت لم يكن أحيا طبيعتنا         وأشهر النور إشهاراً وما حجبا”.

ويقول أيضًا:

“زالت شكوك الناس والأوهام         في البعث، إذ قام المسيح، فقاموا”.

أعاد سليمان في قصائده سرد الكثير من قصص العهد القديم والعهد الجديد، كقصّة موسى وخروج العبرانيين من مصر، وقصة ولادة يسوع واعتماده وعجائبه. كما نظم شعرًا بعض الأمثال الواردة في الإنجيل، كمَثَل العذارى العشر، ولعازر والغني. وخصص شاعرنا العديد من المقاطع للتغنّي بمريم من طفولتها الى رقادها مرورًا بمختلف أحداث حياتها كالبشارة ودخول السيّد الى الهيكل، فيتوجّه إليها قائلاً:

“ومن بطن مريم نلنا الحياة        قد انهزم الموتُ منّا وفرّ
فطوباكِ طوباكِ يا من بها         تجدّدَ ما كان منا اندثر”.

يتحاشى الأسقف سليمان التعرّض للإسلام والمسلمين، بل يتجنّب حتّى ذكرهم، ذلك أنّ الوقت كان عصيبًا. إلاّ أنه كان محيطًا بالعقيدة الإسلامية وحافظًا بعض تعابير القرآن، وهذا ما نلمسه في قصائده كما في البيت التالي، حيث يقول في بشارة الملاك جبرائيل لمريم:

“فقالت لجبريل: من أين لي        وِلادٌ ولم يدْنُ مني ذَكَر”.

يبدو واضحًا في هذا البيت أن الشاعر يستعيد الآية القرآنية التي تقول: “أنّى يكون لي ولد ولم يَمْسُسني بَشَر”.

اهتمّ سليمان كثيرًا بالفقراء والمعوزين ودعا المؤمنين الى الاهتمام بهم، وقال مسترشدًا كلام يسوع في الإنجيل:

“ألا فاحفظوا المسكين حفظ كرامةٍ        فإكرامه فعلٌ الى الله صائرُ
ومَن يمنع المسكين بخلاً بما له           عليه ليبقى مالُه فهو خاسرُ”.

كرّس سليمان موهبته الشعرية في مكانها الحقيقي، أي في التعليم والإرشاد والوعظ والردّ على الهرطقات، فاستفاد المؤمنون واغتنت الكنيسة من نتاجه. معنى هذا ان المؤمن يستطيع أن يوجه موهبته، أيّا كانت، وجهتها الكنسية. ولا شكّ أنّ مواهب الرسم والنحت والتصوير والشعر والأدب وغيرها، إذا سلكتْ سلوك موهبة سليمان الغزّي، تؤدّي هي أيضًا إلى ملكوتٍ بهيّ لا يفنى.

From my parish bulletin 1997

Scroll to Top