☦︎
☦︎

هذا الناموس روحي لان الروح يفعل كل شيء ويقوم بكل شيء، أما ذاك فحرفي لأنه يتمسك بالكلمات والأصوات وهو ظل الشريعة الجديدة، وهذه حقيقة واقعية والكلمات والأحرف هي بالنسبة للأشياء صورة ورمز، وقد أعلن االله بها الحوادث على ألسنة الأنبياء في العصور السحيقة، “سأعقد ميثاقاً جديداً لا يشبه الميثاق الذي عقدته مع آبائكم هوذا الميثاق…” ( ارميا :31 33).

لكي تكون لنا معرفة بهذه الشريعة يقول داود:” أنا اعرف أن الرب عظيم”، اعرف ذلك بالتجربة لا من الغير ويحضنا على فعل ذلك:” ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب”. ومع أن داود غنّى طيب الرب على أوتار كثيرة إلا أن أناشيده تعتبر عاجزة عن إعطاء فكرة صحيحة عن طيبه ويفرض على مستمعيه أن يدركوا ذلك بأنفسهم. المعمودية تحتفظ بهذه المعرفة للنفوس التي تقبلها. أنها توحي للخليقة الخلق وللذكاء الحقيقة وللقلب الكائن الوحيد المرعوب والرغبة التي توحيها حارة وملتهبة والحنان لا يوصف والمحبة تفوق الطبيعة. لا مجال لأي رغبة هنا. كل شيء مؤات، لا شيء يضاد. كل شيء غزير فلنفسر ذلك.

إن االله وضع في أعماق النفوس رغبة الوصول إلى الخير الذي تشتاقه وامتلاك الحقيقة التي تفتش عنها خلواً من كل خطأ. من يخدع لا يكون سعيداً ولا يفرح، من يضل أو من يصادف الشر بدلاً من الخير وبالرغم من هذه الرغبة الملحة لا يملك الخير ولا الحق نقيين من كل مزيج وكثيراً ما يكون ما نسميه خيراً وحقاً معكوساً. أننا لا نستطيع أن نتصور أيضاً قوة المحبة وعزم الفرح وهوس الرغبة وتأجج اللهيب ما دام غرض إيماننا وفرحنا غائباً، وغرض إيماننا لا يمكن أن يوجد في الأرض، أن المرغوب موجود لأولئك الذين يذوقون الرب والقلب وجد كدرج فسيح ليحوي المرغوب هذا الكنز الثمين، يحوي االله. فلا شيء يطفئ رغبتنا ولا شيء يشبعنا. أننا دائماً في حالة عطش دائم كأننا لا نصل إلى غرض تجلياتنا. النفس البشرية عطشى “من يشرب من هذا الماء فلا بد له أن يظمأ. وأما الذي يشرب من الماء الذي أعطيه إياه، فلن يظمأ أبداً” (يوحنا 4: 13-14) هذا ما قاله السيد للسامرية. أنها المياه التي تهدئ رغبات النفس” سأرتوي إذا رأيت مجدك” (مزمور 16: 15). خلقت العين للنور والأذن للسماع، ولكل شيء غاية. ورغبة النفس الانطلاق نحو المسيح.

لا تجد النفس راحتها إلا في المسيح لأنه الحقيقة والصلاح وكل ما يجب ولا حقيقة ولا صلاح غيـره ولا يجيز للنفس بقدر ما فيها من المحبة التي أعطيت لها منذ الخليقة أن تتمتع وتفتش عـن خيـرات غير الخيرات التي منحت لها بالمعمودية. إن خيرات هذا العالم لا تثير في النفس لا المحبة الحقيقيـة ولا الفرح لأنها خداعة ولا تتفق مع طبيعتها وكثيراً ما تكون الخيرات التي نراها فـي العـالم مقبـرة للخير. يحدث في عالم فوق الطبيعة المعكوس. لا شيء يتعارض مع الآخر. المحبة والفرح يظهـران بصورتهما الخلابة الرائعة واالله قد خصهما به لنحبه ونفرح به ويقاس عزم هاتين العـاطفتين فـي لا نهاية هذا الخير. لنقدر عظمة هذه المحبة ولنعترف بسمو درجتها. فاالله لا يطلب إلا محبتنا ليعتقنا من كل ديننا. كيف لا نعتبر االله الديان أسمى ما في السمو وهو الـذي بعدلـه يجعلنـا معـدلين للخيـر اللانهائي. بالفعل إن قمة المحبة تفرض قمة الفرح، فالفرح هو من فعل المحبة. والفرح العظيم يـأتي من المحبة العظيمة فلا مجال للشك بأن الأرواح تختفي في ذاتها إمكانية عظيمة وعجيبة مـن الفـرح والمحبة وتبتدئ ناشطة، منذ حضور السامي، في المجال المحبوب جداً فيها. وهذا ما يـدعوه يوحنـا بالفرح الكامل (يوحنا 15 : 11).

وهكذا عندما يحل الروح القدس فينا ينشر أول ما ينشره من المواهب المحبة والفرح” ثمر الروح هـو المحبة” (غلاطية 5: 22). ما هو السبب؟ لأن االله عندما يحل فينـا يـشعرنا بوجـوده ومـن يـشعر بحضور الصلاح يحبه ويفرح به ضرورة.

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
☦︎

information About the page

Titles The article

content Section

Tags Page

الأكثر قراءة

Scroll to Top