Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
☦︎
☦︎

“ثقي يا امرأة أنه من المستحيل أن يهلك ابن هذه الدموع”.

في تاجست

في 13 نوفمبر 354م بمدينة تاجست من أعمال توميديا بأفريقيا الشمالية وُلد أغسطينوس، وكان والده باتريكس وثنيًا فظ الأخلاق شريرًا، لذلك لم يكن يهتم بحياة ابنه الروحية ولا بسلوكه الخلقي، بل كانت آماله جميعًا تنصب في رؤيته رجلاً عظيمًا ذا جاه وغنى عظيم.

أما والدته مونيكا المسيحية فقد احتملت شرور زوجها ووالدته – التي كانت تسمع لوشايات الخدم – بصبرٍ عجيبٍ دون أن تشكي لأحدٍ منها، بل على العكس كانت تلوم النساء اللواتي يشكين من أزواجهن، ناصحة إياهن على طاعتهم. وبذلك استطاعت بصبرها أن تجذب حماتها إليها، التي عرفت وشايات الخدم، فعاقبتهم على ذلك، أما زوجها فقد اكتسبته أيضًا، إذ اعتنق المسيحية قبيل انتقاله إلى السماء.

أما عن جهادها مع أولادها الثلاثة فلسنا نعلم كثيرًا عنه، إلا عن جهادها مع ابنها الأكبر “أغسطينوس” الذي يعتبر من كبار قديسي الكنيسة ومعلميها ومن أعظم فلاسفة العالم. أما ابنتها التي لا نعرف اسمها فقد صارت رئيسة دير للراهبات، وابنها الآخر تفيجوس فقد صار أبًا لأسرة تقية خرج منها راهبتان تحت إرشاد عمتهما(1).

هذبت مونيكا ابنها أغسطينوس وأرضعته لبن الإيمان ومبادئه وكما قال إن تعاليمها كانت راسخة في ذهنه حتى في أسوأ أحواله.

شب أغسطينوس فأدخله والده إلى المدرسة. وهناك التقى بمعلمين كانوا في ذلك الوقت لا يهتمون بسلوك الإنسان وحياته، حتى ولو أساء التلميذ في حق زملائه وفي حق معلميه أنفسهم، بل كانوا يهتمون بنبوغهم العلمي المجرد، لذلك تدهورت حالة أغسطينوس وساءت حياته، وأخطأ في حق زملائه ومعلميه ووالديه. أما عن دراسته فكان رغم ذكائه محبًا للعب ميالاً إلى الكسل، لذلك كانت توقع عليه عقوبات كثيرة، مما جعلته يكره اللغة اليونانية التي كان يُجبر على تعلمها، ويحب اللاتينية التي تعلمها ممن حوله.

جاء عنه أنه مرض يومًا فأرادوا عماده، غير أنه شُفي سريعًا، فأرجأت والدته عماده(2)، ولعل ذلك يكون خطأ منها أو لعلمها بشرور ابنها واستهتاره بحياته، خاصة وأن والده هو المشجع له على الشر.

لما بلغ أغسطينوس من العمر ستة عشر عامًا أراد والده أن يرسله إلى قرطاجنة ليتمهر في البيان، فأخذ يعد له ما يلزمه لسفره عامًا كاملاً، فزج الفراغ بأغسطينوس إلى الاصطحاب بجماعة من الأشرار، فاقتدى بهم وسلك على منوالهم، حتى صار يفخر بالشرور، وينسب إلى نفسه شرورًا لم يرتكبها. ومما يرويه عن نفسه أنه اتفق مع شرذمة من أصدقائه على سرقة شجرة أجاص (كمثري)، وفي نصف الليل قادهم إليها وقطعوا منها ما قطعوا وهو يعلم بأن الكمثري لم تنضج ولا تصلح إلا للخنازير، كما يعلم أن بمنزله شجرة أجود منها، لكن هدفه كان قيادة جماعة من الناس إلى السرقة والتزعم عليها.

حزنت مونيكا لما رأت ابنها ينجرف إلى هذه الهوة العميقة فأخذت تنصحه، أما هو فكان يزدري بنصائحها إذ يقول في اعترافاته “ولكن أمي التقية قد تكلمت، وصوتها على ما أرى صدى صوتك فإنها كانت تلح عليَّ بشديد التحريض لاعتزال الغواني وكل أسباب الفجور. وأما أنا فما كنت أعيرها أذنًا صاغية، ولا اكترثت بأقوالها، لأنها أقوال امرأة، حال كونها صادرة من لدنك…”

في قرطاجنة

أما في قرطاجنة فقد وجد المجال الخصب لصنع الشرور، فالتقت به الشريرات، وأحب المسارح وصنع الشرور حتى في الأماكن المقدسة.

أما عن دراسته، فقد عكف على دراسة الفقه والقوانين، لعله يرتقي إلى القضاء أو المحاماة، وإذ كان ممتازًا بين زملائه راح يتمايل تيهًا ودلالاً بخيلاء وعظمة. إلا أنه كان أكثر منهم تأدبًا، فلم يكن يلقي الشقاق بين زملائه مثلهم، وقد تضلع في اللاتينية حتى افتتح مدرسة لتعليم البيان وهو في سن التاسعة عشر.

أعجب أغسطينوس بمذهب شيشرون، فقد قرأ كتاب “هورطانسيوس”(3) لشيشرون الذي ضاع فيما بعد، فكاتبه يقرظ فيه الفلسفة ببلاغته المعهودة فيصورها مدرسة علم وفضيلة، ووسيلة الحياة السعيدة، مما جعل أغسطينوس يشتاق إلى حياة العفة، وإلى البحث عن الحقيقة، فبدأ يدرس الكتاب المقدس لعله يجد فيه ما يبغيه، ولكن قرأه كما يقرأ أي كتاب فلسفي ظانًا أنه يستطيع بحكمته وعلمه أن يصل إلى الحقيقة. درس الكتاب في كبرياء، فأغلق الباب في وجهه، حتى ظنه دون كتب شيشرون، فلم تعجبه لاتينية الكتاب (لأنه كان متشبعًا بالأدب اللاتيني)، ولم تهزه مبادئه السامية، إذ كان متعلقًا بملذات العالم وشهواته. فأدى كبرياؤه إلى ظلام قلبه وعقله حتى سقط في المانوية ظانًا أنه قد وجد فيها العفة التي يبحث عنها، والحقيقة التي يترجاها.

أما مونيكا، فإذ رأت انحراف ابنها الخلقي وانحرافه إلى بدعة ماني، وكيف أنه سرق نفوسًا كثيرة من حظيرة الإيمان ليبتدعوا مثله، وذلك لعلمهم بأن أغسطينوس ليس بالشخص الذي يسهل جذبه إلى المانوية لو لم تكن معتقداتها سليمة. لذلك طردته أمه من منزلها، غير أن محبتها له جعلتها ترده إليها مرة أخرى. أما عن جهادها فقد سكبت دموعًا غزيرة في صلوات حارة كل يوم من أجل خلاصه. وإذ مرت أعوام كثيرة على هذا الجهاد رأت حلمًا وهو إذ بها واقفة على قطعة من الخشب (ترمز للإيمان) والكآبة تشملها، وإذ بفتى يلمع بهاؤه أمامها ويشع الفرح من ملامح محياه، نظر إليها وقال لها: ما بالكِ تبكين والغم لا يبرح من قلبك؟ أجابته: إني أبكي أسفًا على هلاك ولدي. قال لها: تعزي ولا تخافي، فها ولدك هنا وهو معك. التفتت مونيكا فرأت ابنها واقفًا معها على الخشبة. فتأكدت مونيكا من استجابة صلواتها.

ومن شغفها بخلاص ابنها كانت تطلب من رجال الله الأتقياء أن يصلوا من أجل ابنها، ومن هؤلاء أسقفًا جليلاً كان يطمئنها قائلاً “اتركيه كما يشاء، فقط صلي إلى الله كثيرًا من أجله، إذ أنه من المحال إقناعه أنه شرير مع كونه من أعظم فصحاء العالم. اتركيه فسوف يقف على حالته بنفسه، وسوف يلمس بنفسه نتيجة شروره: فقد كنت أنا يومًا مانويًا ولم أكن أقرأ فقط كتبهم بل كتبتها بيدي، ولكن عرفت أخيرًا غباوتهم وتركتهم”.

ورغم هذه الكلمات المشجعة كانت تذرف الدموع بغزارة أمامه، قائلة: “صل من أجل ابني”. فقال لها تلك العبارة الوحيدة التي وجدت فيها عزاءًا، لأنها وثقت أنها من قبل الله “ثقي يا امرأة أنه من المستحيل أن يهلك ابن هذه الدموع”.

في وسط هذا الظلام الدامس كانت يد الله تصنع أمورًا عجيبة في حياة أغسطينوس، فإذ كان له صديق ملازم له دائمًا. فلا يفترقان عن بعضهما البعض، إذ به يجذب صديقه إلى المانوية مما جعل والدته (مونيكا) تحزن على ذلك، غير أنه لم ينقضِ عام تقريبًا إلا ويد القدير قد ثقلت على الشاب صديقه، فمرض مرضًا شديدًا حتى شارف على الموت، فعمده أهله خشية موته. أما أغسطينوس فلم يبالِ بالعماد، حاسبًا إياه مجرد غسل جسدي، عالمًا أن صديقه سرعان ما يعود إلى المانوية بعد شفائه. وإذ شُفي الصديق جاءه أغسطينوس يهزأ بالعماد، وكم كانت دهشته حين سمعه يقول: “إن أردت أن تضع حدًا فاصلاً لصداقتي بك فكلمني في شأن المعمودية بالطريقة الهزلية التي كلمتني بها قبلاً”. لم يجادله أغسطينوس منتظرًا تمام شفائه. لكن سرعان ما سمحت العناية الإلهية بانتقاله مما أحزن أغسطينوس. فكان نظره لا يهدأ قط بل يجول في كل مكان لعله يجد صديقه. حتى كره كل شيء واسودت الحياة في نظره وفقد كل تسلية وطاب له البكاء. سئمت نفسه كل شيء حتى النور. وبالجملة كره الحياة والموت. فالتجأ إلى إله أتباع ماني فازدادت مشاكله، واضطربت حياته.

بقي أغسطينوس في ظلام عقله تسع سنوات مخدوعًا بالمانويين، ظانًا أنهم ينادون بالعفة التي طالما اشتاق إليها، إذ كثيرًا ما ترنم قائلاً: “يا رب أعطني الوداعة والعفة، ولكن ليس الآن”. إلا أنه بالبحث عرف بطلان معتقداتهم، فالتقى برئيسهم فوستوس الذي كان يميل إلى الحديث إلى الجماعات، فيستأثر قلوبهم ببلاغته وحلاوة حديثه، لأنه كان مطلعًا على مؤلفات شيشرون وسينكا والشعراء. أخذ يسأله فوجده فارغًا لا يستطيع أن يجيبه على أسئلته، وبذلك بدأ يكتشف خداع المانوية، ومع ذلك فلم يعد بعد مسيحيًا مؤمنًا إيمانًا مستقيمًا بل مترددًا في آرائه منجذبًا نحو الشهوات.

في روما

في عام 382 م أوعز أصدقاؤه إليه بالسفر إلى روما لينال مجدًا وغنى أعظم، فلما شعرت والدته بهذا حاولت أن تصده عن ذلك فلم يرتد عن قصده، فعزمت على السفر معه، إذ كان زوجها قد توفي عام 371م. أما هو فقد احتال عليها بقوله لها إنه ذاهب لتوديع صديق له على السفينة، وأنه لا يمكن مفارقته حتى تبحر السفينة. وبالجهد رضيت أن يبقيًا معًا تلك الليلة في مكان قريب من السفينة بالقرب من كنيسة القديس كبريانوس. وفي الليل ذهبت للصلاة من أجله في الكنيسة ففر مسرعًا إلى السفينة وسافر تاركًا إياها تبكي من أجله.

وفي روما مرض مرضًا خطيرًا أوشك فيه على الموت لولا عناية الله وصلوات أمه لأجله، فشفي من مرضه دون أن تشفي روحه.

قيل عنه إنه نزل في روما ضيفًا عند أحد المانويين المعتقدين بجبرية الخطية وعدم التوبة عنها مما جعله يحتقر المانوية ويزدري بها.

في ميلان

أرسل حاكم ميلان يطلب من حاكم مدينة روما أستاذًا للبيان فأرسل له أغسطينوس. وهناك دبرت له العناية الإلهية الالتقاء بأسقف المدينة القديس أمبروسيوس (أمبروزو)، الذي شمله بعطفه وحنانه حتى أحبه أغسطينوس، كما أعجب بعظاته. فكان مداومًا على سماعها لما فيها من قوة البيان، دون أن يهتم بما احتوته من معانِ جليلة وغذاء دسم للروح. لكن سرعان ما بدأ النور ينبعث وتتجلى المعاني أمامه، إذ أعجب أغسطينوس من تفسير الأسقف للعهد القديم، الذي يحتقره المانويين، بطريقة روحية رائعة. كما كان يسمع ردوده على أتباع ماني وغيرهم من المبتدعين. فانكشفت أضاليل المانوية أمام أغسطينوس ووضح خداعها له فقطعها بعد أن قضى تسعة أعوام سماعًا فيها(4). ويذكر الأستاذ يوسف كرم أن المغبوط أغسطينوس لم يعرف أين يتوجه إذ كان مضطربًا بحجج الشكاك بسبب ما كان قد قرأه في كتاب “المقالات الأكاديمية” لشيشرون، فوقع في أزمة. غير أن شكه لم يتناول وجود الله أو عنايته بالخليقة. فعاد ونظر إلى الكنيسة التي وجد فيها أربع علامات تدل على أنها من الله، هي أن فيها تتحقق نبوات العهد القديم، وفيها يتصل الكمال الروحي، وتصنع المعجزات، وقد انتشرت رغم ما لاقته من عنت شديد. فاعتقد أن النجاة في الكنيسة، غير أن اعتقاده هذا لم يبدد شكوكه، بل كان مترددًا في امكان اليقين وحل المشكلات الأكاديمية.

نعود إلى مونيكا التي سمعت بسفره إلى ميلان، فقامت تخوض البحار وتجوب القفار مسرعة إلى ميلان، لتحيا مع ابنها لعلها تستطيع بنعمة الله أن تهديه إلى الحياة. ويذكر أغسطينوس عنها أنه بينما كانت آتية إليه هبت عاصفة شديدة في البحر فلم تضطرب، مع أنه لم يسبق لها أن ركبت سفينة، بل كانت تشجع ربان السفينة والبحارة.

قابلها أغسطينوس بذلك الخبر السار ألا وهو تركه المانوية تمامًا غير أنه لم يؤمن بعد بالإيمان المسيحي المستقيم. فالتفتت إليه بهدوء، وقالت: “إن لي رجاء بالمسيح بأن قبل مفارقتي هذه الأرض أراك مؤمنًا”، وأخذت تحثه على معاشرة الأسقف واستماع عظاته ونصائحه. كل هذا ودموعها لم تنضب بعد لأجل توبته ورجوعه، لأنه إلى ذلك الحين لم يكن مؤمنًا بالمبادئ المستقيمة بل كان منجذبًا بالشهوات حتى كان يقول إن حفظ العفة يعتبر أمرًا مستحيلاً.

بدأ أغسطينوس يقرأ بعض كتب الأفلاطونيين المنقولة من اليونانية بواسطة فيكتريانوس، التي استفاد منها الكثير، على أنها لم تقُده إلى المسيحية، بل كان قد آمن بالمسيحية (عقليًا) وقد أفادته هذه الكتابات في حل مشكلات عقلية، كانت تحول بينه وبين فهم المسيحية. ويعلل الأستاذ يوسف كرم ذلك بأن أغسطينوس فرح بالفلسفة الأفلاطونية لأنه ظن أن فيها العقائد المسيحية الكبرى رغم عدم وجود هذه العقائد فيها، مما يدل على أنه كان قد آمن بالمسيحية قبل قراءته لهذه الكتابات.

عاد أغسطينوس إلى الكتاب المقدس مرة أخرى وبخاصة رسائل بولس الرسول التي أعجب بها كل العجب، كما أعجب بتوفيقها بين العهد القديم والجديد. قرأ الكتاب المقدس في هذه المرة فرأى ما لم يره قبلاً عند قراءته الأولى، ولا في كتب الفلاسفة، رأى مخلصًا جاء ليمحو كل آثامنا ورأى النعمة الإلهية تعيننا على فعل الخير والانتصار على الشر.

دبرت العناية الإلهية أن يزوره سمبليانس حيث بدأ يخبره عن قراءته في كتب الفلسفة الأفلاطونية التي عنى بنشرها فيكتريانوس(5)، فأظهر له سمبليانس سروره من مطالعته لهذه الكتب. ثم أخبره عن اعتناق فيكتريانوس للمسيحية وسلوكه في حياة الفضيلة. فلما سمع ذلك شبت فيه نيران الغيرة راغبًا في الإقتداء به، غير أنه كان لا زال أسيرًا للعادات الشريرة المرة.

توبته

ما أبعد أحكام الله عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء. ما أعجب تدبيره وأعظم محبته. فقد هيأ لابن مونيكا التي لم تكف عن الصلاة بدموع ليلاً ونهارًا حوالي عشرين عامًا لأجل رجوعه وتوبته. هيأ له أن يستعد قلبه للتوبة الحقيقية.

فسمح له بأن تعلمه أمه بذور الإيمان التي رسخت في ذهنه حتى في أسوأ أحواله.

وسمح له بموت صديقه الشاب ليحتقر أمور هذا العالم، ويبحث عن الحياة الفضلى.

وسمح له باحتقاره للمانوية بسماعه فستوس رئيسه،م واستضافته لدى ذلك الشخص الذي يؤمن بجبرية الخطية وعدم التوبة عنها.

وسمح له بالذهاب إلى ميلان ليلتقي بأمبروسيوس أسقفها فيعجب بعظاته.

وسمح له بالالتقاء بسمبليانس ليخبره عن اعتناق فيكتريانوس الوثني بالمسيحية ليشتاق هو أيضًا إلى الإيمان المستقيم.

أما توبته فكانت عجيبة، فقد كان له صديق حميم يدعى أليبوس، وإذ كانا معًا ومعهما كتاب رسائل بولس الرسول، إذا برجل من كبار رجال الدولة، من المؤمنين الحقيقيين، يدعى بنسيانس يدخل عليهما. رأى ذلك الشريف كتاب رسائل بولس الرسول، فظنه أحد كتب الفلسفة، إلا أن أغسطينوس أخبره أنه من مدة لم يشغله شيء سوى مطالعة هذه الأسفار. دار الحديث بينهما إلى أن أخبره عن خبر القديس أنطونيوس المصري ورهبنته وكيف أن اثنين من أشراف البلاط تركا كل شيء وسارا على منواله بعد قراءتهما سيرته(6). فلما مضى الصديق بنسيانس جال بفكره كيف أنه بحث عن الحكمة طوال هذه السنوات ولم يستطع اقتنائها. وتواردت أمام عينيه حياته جميعها بما فيها من صور مخزية، فلم يجد مفرًا سوى الالتجاء إلى الله، وعندئذ نظر إلى أليبوس وصرخ إليه.

ماذا نعمل نحن؟

ما هذه الأحوال؟ أما سمعت؟ أتشب النهضة بالسذج الأميين، فيتسارعون لاختطاف ملكوت السماوات، ونحن معشر العلماء الحكماء نتمرغ في وحول النجاسة والرجاسة؟! حقًا صدق الكتاب أن العرج نهبوا نهبًا (إش 23:33). ولماذا يأخذنا الحياء من اللحاق بهم، لأنهم تقدمونا، ولا يأخذنا الخجل لعدم إقتدائنا بهم؟!

وإذ قال هذا وجد نفسه يندفع إلى بستان مجاور لمنزله بدون شعور، حتى تعجب أليبوس مما بدا على ملامح وجهه، ومن تلك الثورة التي اجتاحت قلبه. ذهب إلى البستان فلحق به أليبوس. وهنا بدأ الصراع بين الماضي والرغبة الجديدة. تمثلت أمامه شروره وقبائحه، وصارت فيه عاصفة عاتية، وتفجرت ينابيع الدموع من عينيه، فانفرد عن أليبوس لأن الانفراد أوفق للبكاء.

غُلب أغسطينوس على أمره، فارتمى على جذع شجرة تين، وإذ زاد الصراع قال: “عاصفة شديدة… دافع عني”. ثم نطق في حزن عميق: “وأنت يا ربُّ فحتى متى؟ (مز 3:6) إلى متى يا رب؟ أتغضب إلى الأبد؟ لا تذكر علينا ذنوب الأوَّلين (مز 5:79، 8). فإنني أشعر بأنني قد استعبدت لها. إلى متى؟ إلى متى؟ إلى الغد؟ ولما لا يكون الآن؟ لما لا تكون هذه الساعة حدًا فاصلاً لنجاستي؟” وبكى بعد ذلك بحزنٍ عميقٍ، وإذ به يسمع صوت ترتيل طفل – لا يعلم إن كان ولدًا أو بنتًا – جاءه من منزل مجاور مرددًا مرارًا “خذ وأقرأ – خذ وأقرأ”. تذكر أغسطينوس كيف أن أنطونيوس قبل كلمات الكتاب المقدس التي سمعها في الكنيسة على أنها موجهة إليه شخصيًا، إذ سمع “فأذهب وبِعْ أملاكك وأعطِ الفُقَرَاء،َ فيكون لك كنز في السماءِ، وتعال اتبعني” (مت 21:19) توجه للحال إلى حيث ترك رسائل القديس بولس وفتحها وقرأ، وإذ به يجد لا تسلكوا طريق الشراهة والسكر والفواحش، بل البسوا الرب يسوع المسيح، ولا تهتموا بشهوات أجسادكم” (رو 13:13، 14).

كان ذلك في عام 386م بالغًا من العمر اثنان وثلاثون عامًا حيث تغيرت حياته وتجددت بنعمة الله، فتحولت القوة المحترقة شرًا إلى قوة تلتهب حبًا. أضاء النور على عقله وقلبه فبدد ظلمتهما. وشعر القديس بذلك، فقال: “قد نظرت إليَّ يا رب بعين رحمتك، ولما رأيت نفسي على شقاءٍ دائمٍ، طهرتها بنعمتك، واستأصلت منها انعطافها الدنس. فما أعمق الهوة التي انتشلتني منها في لحظة من الزمن، وما أسعد هذه اللحظة التي حنيت فيها عنقي لنير شريعتك. وكم فرحت نفسي في ترك كل ما كانت تميل إليه شهوتي”.

عاد أغسطينوس إلى أليبوس الذي أخبره بعزمه على التوبة مثله، فذهب كلاهما يخبران تلك الأم التي جاهدت ما يقرب من 20 عامًا من أجل هذه اللحظة. لا أدري يا أخي كيف أعبر لك عن فرحة تلك الأم التي كلما اشتاقت إلى تلك اللحظة، ولو كانت على فراش الموت. ولو باعت كل ما لديها، وتحملت كل ضيق وألم. يا لفرحتها ويا لسرورها عند سماعها بتوبتهما. لقد عاد الضال إلى أبيه، ورجعت النفس لتستريح في أحضان النعمة الأبوية. عاش ابنها بعد أن مات، وصار وارثًا معها في الحياة الأبدية. أي شيء تطلبه بعد ذلك؟!

هذه فرحة الأم التي جاهدت سنوات من أجل ابنها، أما فرحة الأب السماوي يسوع الذي تنازل وأخذ صورة عبد وصار مثلنا في كل شيء ما عدا الخطية ومات موت الصليب، ففرحته عند رجوع أولاده إليه لا تُقدر.

عزم أغسطينوس بنعمة الله على ترك تدريس البيان وعدم الزواج وتكريس بقية حياته لله، والتفرغ للتأمل في الوصايا الإلهية وخدمة الله، فاعتزل هو ووالدته وصديقه أليبوس وابنه أدياتس وبعض أبناء عمه وبعض أصدقائه في كاسيكاسيوم Cassiciacum بجوار ميلان، حيث أقام ستة شهور ليتأهب لنوال سرّ العماد. وقد كتب إلى القديس أمبروسيوس يبشره بالخبر طالبًا منه إرشادًا.

وفي ابتداء صوم الأربعين سنة 387م ذهب إلى ميلان، واعتمد على يد الأسقف أمبروسيوس، هو وصديقه أليبوس وابنه أدياتس.

نياحة القديسة مونيكا

سافر المغبوط أغسطينوس مع ابنه ووالدته وأخيه وأليبوس إلى أوستيا منتظرين السفينة للعودة إلى وطنهم. وفي أوستيا كان القديس يتأمل مع والدته في ملكوت السماوات ومجازاة المؤمنين وسعادتهم، حتى شعر بأنه قد لمس السماويات ناسيًا الأرضيات. وقد قالت له أمه “يا ابني، لا شيء يسعدني في الحياة ثانية. ماذا أعمل؟ ولماذا أبقى؟! لا أعرف… لأنني كرهت الحياة. وأنا أعتقد أن الله قد أمّد من أجلي لسبب واحد، وهو أن أراك مؤمنًا مخلصًا ومسيحيًا بالحق قبل أن أموت، والله الغني أبقاني لأراك خادمه الأمين تحتقر الماديات… وما هو عملي أو بقائي بعد ذلك؟”
وبعد خمسة أيام مرضت مونيكا بحُمى شديدة وأغمى عليها، ولما أفاقت وجدت ابنيها بجوارها وهما في منتهى الحزن والألم، فقالت لهما: “أين كنت أنا؟… هنا تدفنان والدتكما” مع أنها كانت قد أعدت مقبرتها في أفريقيا لتُدفن بجوار زوجها، غير أن هذه الرغبة كانت قد زالت عنها.

أظهر تافيجوس أنه يطلب من الله أن يكون انتقالها في بلدها، أما هي فإذ لم تهتم بدفن جسدها، قالت لأغسطينوس: “أنظر يا أغسطينوس ما يقول أخوك تافيجوس”. ثم أوصتهما الوصية الأخيرة “يا بني لا تهتما أبدًا بأمر جسدي، بل ادفناه أينما كان، فذلك ليس له عندي أهمية. لكن أسألكما شيئًا واحدًا وهو أينما كنتما اذكرا والدتكما على مذبح الرب”. قالت هذا وفاضت روحها الطاهرة إلى خالقها وهي في السادسة والخمسين من عمرها، وكان أغسطينوس في الثالثة والثلاثين من عمره.

حزن أغسطينوس جدًا لانتقال والدته، فكانت دموعه تجري رغم إرادته. وإذ حاول أن يمنع دموعه لعلمه بأن هذا خطأ، إذ لا يليق الحزن على مفارقة الجسد، لم يستطع ذلك. أخيرًا قال لنفسه: “لا يليق بي أن أسلم نفسي للدموع ساعة لأجل تلك التي لأجلي كانت تعوّم فراشها كل يوم بالدموع ساعات”.

في روما وأفريقيا

بعد نياحة القديسة قرروا العودة إلى روما، حيث سعى أغسطينوس إلى دحض بدعة ماني ورد أتباعه إلى حظيرة الإيمان. ثم عاد بعد ذلك إلى أفريقيا حيث ذهب إلى قرطاجنة ثم إلى تاجست، فوزع كل ممتلكاته، واختلى مع بعض أصدقائه ثلاث سنين منقطعًا فيها للصلاة والصوم والتأمل في شريعة الله ليلاً ونهارًا، وتأليف كتب كثيرة.

رسامته كاهنًا

في أثناء ذلك طلب رجل شريف من مدينة هيبو (تدعى حاليًا إيبونا من أعمال نوميديا) أن يزوره، ولما كان فاليريوس أسقف المدينة يطلب رجلاً يتوسم فيه العلم والقداسة ليكون كاهنًا مساعدًا له، لذلك جمع الشعب، وأخبره بقدوم أغسطينوس، ورغبته في رسامته كاهنًا. فقبل الشعب مشورة أسقفه، وإذ دخل القديس يومًا إلى الكنيسة لحضور القداس الإلهي أمسكه الشعب لرسامته. رفض القديس بدموعٍ طالبًا إعفائه من هذا المنصب الخطير، إلا أنه تحت إلحاح الشعب علم أن الرب قد اختاره، فرُسم كاهنًا.

سكن في بستان مِلْك للكنيسة، وجعله ديرًا حيث امتلأ بالرهبان الأتقياء، فوضع لهم قوانين يسلكون عليها، كما أنشأ ديرًا للراهبات تحت رئاسة أخته.

لما عرف الأسقف بعلم القديس كلفه بالوعظ حتى أثناء حضرته، فامتنع أولاً ثم رضخ بعد ذلك. فأخذ يعظ الشعب، وكان يتعطش لسماع كلمات النعمة الخارجة من فمه بالرغم من أنه كان يعظ في أكثر الأيام.

وقد ذكر صديقه بوسيديوس الذي أرّخ له أنه كان يخرج الشياطين بالصلاة.

تنصيبه أسقفًا

طُعن فاليروس في السن، فأقام أغسطينوس أسقفًا مساعدًا له عام 395م برضا أوريليوس أسقف قرطاجنة وبقية أساقفة الإقليم، فعّمت الشعب موجة من الفرح والتهليل، وإن كان الهراطقة قد حزنوا جدًا لذلك، مما جعلهم يحركون قومًا يدعون سمرقسلبوس أي طوافو البيوت لقتل المسيحيين بالسيوف، كما حاولوا قتل القديس لولا عناية الله التي حفظته من أيديهم.

امتاز الأسقف أغسطينوس بتواضعه العجيب وحرصه التام على عفته ومحبته للفقراء والمحتاجين، فكان يوزع كل ما لديه وما بالكنيسة حتى كان يبيع أواني الكنيسة المقدسة لأجل حاجاتهم، وإذ لم يكن يجد شيئًا كان يقول لأصحاب الشأن في الدولة: “لم يبق شيء لأتصدق به على المساكين، فأعطوهم أنتم الآن، أو أعطوني فأعطيهم أنا”. كما كان يجمع ليَفي عن المسجونين ويخلصهم.

أما عن محاربته للبدع، فكان عجيبًا، فقد أعاد الكثيرين إلى حظيرة الإيمان، كما كتب كتبًا كثيرة للرد على الهراطقة. وفي عام 421م أمر الملك أونوريوس بعقد مجمع يحضره الدوناتيون والمسيحيون، فحضر 275 أسقفًا مؤمنًا و279 من أساقفة الدوناتيين وحضر الجدال مرسلينوس نائبًا عن الملك، فقام القديس وجادلهم ورد الكثيرين إلى الإيمان المستقيم.

نياحته

إذ بلغ من العمر 72 عامًا رأى أن قوته قد خارت، فاستعان بأحد الكهنة في تدبير شئون الكنيسة، راغبًا في أن يكون خليفته، وقد بقي أربعة أعوام يستعد للانتقال، وبينما هو على هذا الحال، إذ بعسكر الواندليين الأشرار حاصروا المدينة، فصلى القديس إلى الله أن يُنقذ شعبه، أو يعطيه صبرًا على رؤيته شقاء الشعب أو يسمح فينقله إليه. وفي الشهر الثالث من الحصار سنة 430م (وقد بلغ من العمر 76 عامًا) سمحت العناية الإلهية بمرضه حتى عرف أنه أوشك على الانتقال، فتناول من الأسرار الإلهية كما طلب أن تكتب مزامير التوبة على الحائط المجاور لسريره فكان يقرأها ودموعه تسيل كالمطر. وبينما هو على هذا الحال انتقلت روحه إلى خالقها. لقد جاءت الساعة التي طالما اشتاق إليها إذ كتب في تأملاته His Mediations.

“آه ما أعجب وما أجمل وما أحلى السكنى في بيتك، أيها الرب القدير! إنني ألتهب شوقًا إلى التمتع بجمالك في مكان العرس… يا أورشليم، يا مدينة الله المقدسة، عروس المسيح العزيزة، إن قلبي يحبك، إن روحي تتلهف شوقًا لأجل جمالك!…

ملك الملوك نفسه في وسطك وأطفالك في داخل جدرانك. هناك جوقة المسيحيين من الملائكة زملاء المواطنين السمائيين. هناك وليمة العرس المعدة لجميع الذين يبلغون مباهجك بعد هذه الرحلة الأرضية المحزنة.

هناك جوقات الأنبياء بعيدي النظر؛ هناك صحبة الاثنى عشر رسولاً؛ هناك الجيش المنتصر من الشهداء الذين لا حصر لهم والمعترفين(7) القديسين. المحبة الكاملة تملك هناك لأن الله يكون الكل في الكل. يحبون ويسبحون، يرتلون له ويحبونه إلى الأبد… طوبى لي أنا أيضًا تطويبًا كاملاً أبديًا، متى انحل جسدي الفقير… قد أقف أمام ملكي وإلهي، وأراه في مجده، لأنه بنفسه تنازل ووعد.

“أيها الآب أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا لينظروا مجدي الذي أعطيتني لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم” (يو 24:17)(8).

لم يترك أغسطينوس ميراثًا، لأن ميراثه كان سماويًا، غير أنه ترك مكتبة، وهبها للكنيسة وقد حفظها الله من يد البرابرة الأريوسيين.

بعد نياحته أخذ الونداليين هيبو وخربوها، إلا أنهم لم يستطيعوا تخريب أعماله، حيث بذرت أفكاره في بقاع العالم وأتت بثمار كثيرة حتى في تلك البلاد التي لم يسمع هو عنها.

كتاباته

امتاز قديسنا بكتاباته الكثيرة، وبعمق هذه الكتابات، خاصة تلك التي بعد تجديده. وله رسائل عديدة وجهها إلى أشخاص من طبقات متباينة، يتحدث فيها عن أمور متفرقة مثل نهاية العالم والصلاة على الموتى والشهداء والتبرك منهم، وقد بلغت كتاباته حوالي 232 كتابًا أهمها:

أولاً: كتبه التاريخية (تاريخ حياته)

من هذه الكتب “اعترافاته”، وهي تحتوي 13 كتابًا (فصلاً)، كتبها سنة 397م أي بعد توبته بعشرة أعوام وهي من أروع ما كتب. هدفها أن لا ينتفخ ويتكبر بسبب ما بلغه من شهرة فائقة، إذ جاء في اعترافاته بشرور صباه وزيغانه عن الحق وعمل النعمة فيه.

وقبل وفاته بثلاث سنوات (سنة 427م) كتب “الاستدراكات” فيها يأسف على إسرافه في الثناء على الأفلاطونيين وينسحب عن أخطائه النظرية، وهي خير شاهد لمحبته العجيبة للحق ولتواضعه.

ثانياً: مقالاته الفلسفية

كتب جميعها في بداية حياته في كاسيكياكوم قبل عماده أو عند عودته إلى روما أو بمجرد عودته إلى أفريقيا. فكتب سنة 386م “الرد على الأكاديميين”، معالجًا فيها مسألة اليقين (عدم الشك)، و”الحياة السعيدة” التي قال عنها شيشرون إنها غاية الفلسفة، وفي 387 كتب في “خلود النفس” و387-389م كتب في الموسيقى 8 كتب، 389 كتب De Magistre في محاورة مع ابنه الذي مات عقب عودته إلى أفريقيا، موضحًا أهمية كلمة الله وصلاحه، كما يوضح المسيح كسيد منزه عن الخطأ، وكتب فلسفية أخرى كثيرة فُقد بعضها.

ثالثاً: أعماله الجدلية ضد اليهود والوثنيين

من أروع كتاباته وتدعى “مدينة الله” وفيها رد على المعتقدين بأن آلهة الوثنيين غضبى لانتشار المسيحية مما جعلها تتخلى عن مدينتها (روما) وتنهزم من البرابرة. وقد بدأ في كتابته سنة 413م حتى سنة 426م. احتوي على 22 كتابًا (مقالة) منها 10 مقالات ضد الوثنية و12 مقالة للتاريخ العام ومغزاه.

رابعًا: كتاباته اللاهوتية (ضد أتباع ماني)

منها “فائدة الثقة” سنة 392م. الإيمان والمبادئ المسيحية سنة 393م، أربعة كتب عن التعليم المسيحي سنة 397 (أضيف الكتاب الرابع سنة 426م). وكتب سنة 400م عن التعاليم الأساسية و421 عن الإيمان والرجاء والمحبة…

خامسًا: مباحثاته الجدلية واللاهوتية

1- ضد أتباع ماني: أهمها كتاب في مبادئهم سنة 388م، فائدة الثقة سنة 392م، في الروحيين (ضد أديمانتس) سنة 392م، وضد رسالة الأساس سنة 397م، و23 كتابًا ضد فستوس (رئيسهم) وكتابين ضد فيلكس وكتابًا عن طبيعة الله وكتابًا ضد سيكيندس وآخر ضد فورتوناتس.

2- ضد الدوناتيين: كتب ضدهم سنة 392م، ورسالة ضد الدوناتس سنة 400م، وضد بارمينيان، وسبعة كتب عن المعمودية و3 كتب ضد رسالة بتيليان، وفي سنة 402م كتب في اتحاد الكنائس، وفي سنة 406 كتب 4 كتب ضد كريسكونيوس وكتابًا عن المعمودية الواحدة، وفي سنة 411م كتب 3 كتب عن المجمع الذي عقده الدوناتيين، وفي سنة 420 كتابًا ضد قودانتياس.

3- ضد البيلاجيين: كتب سنة 412م عن الخطيئة وغفرانها وعماد الأطفال، وفي سنة 413م عن الروح والحرف، وفي سنة 415م عن الطبيعة والنعمة، وفي سنة 417م عن نعمة المسيح والخطيئة الأصلية، وفي سنة 419 عن الزواج وفي سنة 422 كتب كتابًا إلى فالنتيوس وسنة 426 كتب ضد الغيب، وفي سنة 429 كتابًا عن نعمة المثابرة وكتابًا ضد بيلاجيوس وكوميستوس وكتابًا عن أعمال إيميرتيوس.

4- كتب أيضًا ضد الوثنيين.

5- كتب أيضًا ضد أتباع أوريجينوس.

6- كتب ضد الأريوسيين، إذ من أهم كتبه كتاب “الثالوث” في 15 مقالة كتبه من سنة 400 إلى سنة 416م. كما كتب كتابين ضد مكسيمين.

سادسًا: كتبه التفسيرية

أهم هذه الكتب كتابًا عن سفر التكوين في 12 مقالة (كتابًا) وهو شرح مطول للثلاثة أصحاحات الأولى من سفر التكوين كتبه من سنة 401م إلى سنة 410م، كما كتب في تفسير المزامير (أغلبه عظات). وفي سنة 417م كتب 12 عظة عن الرسالة الأولى ليوحنا، وفي سنة 393م كتب كتابين عن الموعظة على الجبل، وفي سنة 400م كتب عن اتفاق الإنجيليين، وفي سنة 394 الرسالة إلى الغلاطيين، وتعليقات كثيرة عن الرسالة إلى أهل رومية وفي سنة 426 كتب عن إنجيل يوحنا.

سابعًا: كتب أخلاقية ونسكية

منها 396 عظة – أغلبها عظات قصيرة، وهي على آيات الكتاب المقدس أو بمناسبة الاحتفال بأعياد القديسين أو لمناسبات أخرى مختلفة بعضها كتبه أغسطينوس والآخر كتبه سامعوه، وسنة 390 كتب عن الكذب، وفي سنة 395م عن الاكتفاء، وفي 396م عن المسابقات المسيحية وكتابًا عن البتولية، وفي سنة 400م عن عمل الرهبان (ضد كسل الرهبان) وكتب أخرى كثيرة (أنظر مجموعة آباء نيقية وما بعد نيقية)(9).

الحوادث الرئيسية في حياة المغبوط أغسطينوس(10)

  1. 354م    وُلد أغسطينوس في تاجست في 13 نوفمبر – رغب في عماده بعد فترة قصيرة.
  2. 370م    عاد إلى منزله بعد دراسته البيان وذلك بعد طفولة. امتازت بالكسل – سقوطه في الدعارة والخطيئة.
  3. 371م    مات والده باتريكس – ذهابه إلى قرطاجنة مع والدته وصديقه رومانيوس – أنشأ علاقات غير شرعية.
  4. 372م    ولد ابنه أديوداتوس “Adeodatus”.
  5. 373م    قراءته لكتاب شيشرون التي أيقظت فيه الرغبة القوية نحو الحكمة الحقيقية.
  6. 374م    سقوطه في بدعة ماني وبكاء أمه عليه.
  7. 376م    تعلم النحو في تاجست، إلا أنه عاد للحال إلى قرطاجنة يدرس البيان. فوزه بجائزة خاصة بالبيان.
  8. 379م    رجوعه عن دراسة التنجيم – كتب كتابه De pulchro et apto
  9. 382م    اكتشافه ضلال المانوية. سقوطه في الشهوات – ذهابه إلى روما لتعليم البيان.
  10. 385م    ذهابه إلى ميلان – إزالة أخطائه تدريجيًا بواسطة الأسقف أمبروسيوس.
  11. 386م    دراسته رسائل بولس الرسول – رجوعه وتوبته – تركه مهنته واعتزاله – كتاب “ردًا على الأكاديميين” استعداده للعماد.
  12. 387م    عماده هو وابنه أديوداتس بواسطة الأسقف أمبروسيوس. نياحة والدته في سن الـ56 عامًا في ميناء أوستيا.
  13. 388م    عودته إلى روما ثم ذهابه إلى أفريقيا – موت ابنه.
  14. 391م    رسامته كاهنًا بمدينة هيبو رغم إرادته بواسطة أسقفها فاليروس.
  15. 392م    كتب ضد أتباع ماني.
  16. 396م    تنصيبه أسقفًا مساعدًا لفاليروس (في نهاية العام).
  17. 397م    نياحة الأسقف فاليروس.
  18. 398م    كتابته “الاعترافات”.
  19. 402م    كان حاضرًا المجمع الرابع بقرطاجنة.
  20. 404م    دحضه رسالة بتيليانوس الدوناتي.
  21. 408م    التماسه من كاسليانوس الحماية من قسوة الدوناتيين.
  22. 411م    كتب “De urbis Ramce obsidione”.
  23. 413م    موقفه الرائع من مناقشة الأساقفة المسيحيين للدوناتيين.
  24. 426م    بدأ في كتابة كتابه الرائع “مدينة الله” التي أكملها سنة 426م.
  25. 428م    تنصيب هيراقليوس خلفًا له.
  26. 439م    كتب “الاستدراكات” يصحح فيها أخطاءه الماضية.

تنيح في 28 أغسطس في الشهر الثالث من حصار الفنداليين لهيبو.

المراجع

1- The Confessions of St. Augustine.

عن مجموعة “كتابات آباء نيقية وما بعد نيقية”.

2- Schaff’s Church History.

3- The writings of Niciene & Post Niciene Fathers.

4- اعترافات المغبوط أغسطينوس، مراجعة الأب برسوم الفرنسيسكاني سنة 1957م.

5- قطف الأزهار من مروج الأخيار جزء 2.

6- سيرة المغبوط أغسطينوس… لمعي شفيق هوري.

7- تاريخ الفلسفة الأوربية في العصر الوسيط للأستاذ يوسف كرم.


(1) عن مجلة مدارس الأحد السنة الخامسة عشر عدد 4.

(2) يبدو أن مرضه هذا والرغبة في عماده كانت في طفولته.

(3) عن تاريخ الفلسفة الأوربية في العصر الوسيط للأستاذ يوسف كرم.

(4) السماعون في المانوية هم معتنقو المذهب غير العاملين به، أما الصديقون أو المختارون فهم أتباعه الأوفياء علمًا وعملاً.

(5) فيكتوريانوس هو معلم البيان في روما، ذاعت شهرته حتى نصب له تمثالاً في روما. وقد ترجم بعض كتابات أرسطو وبعض رسائل أفلاطين كما ترجم بعض كتابات الأفلاطونيين الجدد. وقد اعتنق المسيحية، وألف كتب لاهوتية عديدة.

(6) وهي السيرة التي كتبها القديس أثناسيوس الرسولي، وهي معربة وقد طبعتها جمعية أصدقاء الكتاب المقدس.

(7) المعترف هو الشخص الذي أصابه ضرر جسماني في الاضطهاد دون أن ينتقل.

(8) مترجمة عن مجوعة كتابات أباء نيقية وما بعد نيقية… التي جمعتها ونسقتها من أماكن متفرقة.

(9) منها كتاب عن العفة أو ضبط النفس Continence وقد ترجم وطبع سنة 1968.

(10) مترجمة بتصرف عن مجموعة كتابات آباء نيقية وما بعد نيقية وهي مأخوذة من الطبعة البندكتية.

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
PDF
arArabic
انتقل إلى أعلى